القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    الذهب ينهي الأسبوع مرتفعا    تطوير الصناعة الوطنية    ولي العهد يرعى القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    بمشاركة المملكة.. اختتام أعمال قمة الشركات الناشئة في جوهانسبرج    27.9% من الإنفاق على البحث والتطوير للصناعة والطاقة    %70 من الشركات اللوجستية تعرضت لهجمات إلكترونية    مصرع 3 أشخاص وإصابة 28 في البرتغال بسبب العاصفة كلوديا    المملكة تدين الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني    المملكة ترحب باتفاق الدوحة للسلام بين الكونغو و«حركة 23 مارس»    الحربي هنأ القيادة على الإنجاز.. والمشرف يعانق فضية التضامن الإسلامي    الرميان رئيسًا للاتحاد العربي للجولف حتى 2029    الفارس المبطي ينتزع ذهبية قفز الحواجز بالدورة الإسلامية "الرياض 2025"    أمسية البلوفانك    شتاء درب زبيدة ينطلق بمحمية الإمام تركي    الشتاء يفتح جبهة جديدة على النازحين في غزة    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة ( وعيك أمانك ) في مقر إدارة مساجد محافظتي الدرب وفرسان    نيابة عن وزير الداخلية.. الفالح يرأس وفد المملكة في مؤتمر لتعزيز التعاون الأمني    أمير الرياض يتوج (الطيار) بكأس الأمير محمد بن سعود الكبير    تهنئة ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده    رينارد يريح الصقور    "دوريات جازان" تُحبط تهريب 33 كيلو جراماً من القات المخدر    حائل الفاتنة وقت المطر    ترحيل 14916 مخالفا للأنظمة    السودان بين احتدام القتال وتبادل الاتهامات    المرأة روح المجتمع ونبضه    "الشريك الأدبي".. الثقافة من برجها العاجي إلى الناس    ملامح حضارة الصين تتنفس في «بنان»    وزير الثقافة: الاستثمار الثقافي رافد الفرص الواعدة في المملكة    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل وزير الشؤون الدينية في بنغلاديش    وزير الحج: إنجاز إجراءات التعاقدات لأكثر من مليون حاج من مختلف الدول    "الحج والعمرة" وجامعة الملك عبدالعزيز توقعان مذكرة تفاهم لخدمة ضيوف الرحمن    تدشين صندوق دعم الأطفال المصابين بالسكري    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُجري جراحة متقدمة بالروبوت لإنهاء معاناة ثلاثينية مع ورم بالمبايض بطول 10سم    دور ابن تيمية في النهضة الحضارية الحديثة    السعودية ترحب باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس    الملك وولي العهد يعزيان رئيس العراق في وفاة شقيقه    جمعية القطيف الخيرية تطلق أول سيارة لخدمة ذوي الهمم وكبار السن    مكانة الكلمة وخطورتها    إنسانيةٌ تتوَّج... وقيادة تحسن الاختيار: العالم يكرّم الأمير تركي بن طلال    لكل من يستطيع أن يقرأ اللوحة    علاقة الإبداع بضعف الذاكرة    انتصار مهم لنادي بيش في الجولة الرابعة أمام الخالدي    هطول أمطار في 8 مناطق ومكة الأعلى كميةً ب58,6 ملم في رابغ    أمانة جدة تباشر جهودها الميدانية للتعامل مع حالة الأمطار    ابتدائية مصعب بن عمير تفعل اليوم العالمي للسكري عبر إذاعة مدرسية تثقيفية    أمير منطقة الجوف يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الصحي الشمالي    تجمع الرياض الصحي يبرز دور "المدرب الصحي" في الرعاية الوقائية    قسم الإعلام بجامعة الملك سعود يطلق برنامج "ماجستير الآداب في الإعلام"    شواطئ منطقة جازان تجذب العائلات… وأجواء نهاية الأسبوع تصنع لحظات ممتعة للجميع    بمشاركة 15 جهة انطلاق فعالية "بنكرياس .. حنا نوعي الناس" للتوعية بداء السكري    معهد البحوث بجامعة أم القرى يطلق 13 برنامجًا نوعيًّا لتعزيز مهارات سوق العمل    مجمع هروب الطبي يفعّل مبادرتين صحيتين بالتزامن مع اليوم العالمي للسكري    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    آل الشيخ ورئيسا «النواب» و«الشورى» يبحثون التعاون.. ولي عهد البحرين يستقبل رئيس مجلس الشورى    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخي مشرّف لم تخسر .. ولن نحزن عليك

مشرّف بن عبدالرحمن بن راشد آل مشرّف «تغمده الله بواسع رحمته»، ابن أختي «رحمها الله» وابن عمي «رحمه الله» وأخي وصديق الطفولة والشباب، كانت بالنسبة لي ولكثير من محبيه فاجعة مؤلمة أن نسمع بوفاته رحمه الله في حادث انقلاب عندما كان في طريقه ليؤدي عمله في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدوادمي.
منذ أن كان مشرّف «أبو عبدالله» صغيراً كان يتسم بكل صفات الخلق الكريم، ويلتزم بالقيم السامية ويتحلى بالأخلاق الفاضلة، ولم نعهد عليه في صغره صبوة الشباب ونزواتهم. غير أن أخي «أبا عبدالله» بالإضافة إلى ما سبق كانت تميزه خصال ثلاث قلما تجتمع في شخص إلاّ كان له شأن. الأولى: كان يتسم بسماحة وسعة بال وبساطة تجعل كل من يتعامل معه يحبه ويأنس بقربه ويأمن جانبه، ولم أعلم طيلة معرفتي به التي تجاوزت الأربعين عاماً أنه اعتدى على أحدٍ أو ظلم أحداً، والسمة الثانية الشجاعة والنخوة، فقد كان يرحمه الله شجاع لا يهاب وذو نخوة عالية، فلا يمكن أن يسمح لكائن من كان أن يتجاوز حدوده، ولا يقبل أن يُظلم شخص في حضرته، وكم كانت تدهشني جسارته وإقدامه بلا خوف عندما كان صغيراً، لكنها لم تدهشني عندما رأيته محتسباً يبذل وقته وعمره ونفسه في سبيل الله خدمة لوطنه ودينه، وأما الخصلة الثالثة فهي الابتسامة التي لا تفارق وجهه السمح الطيب فيا لله يا لله ما أسمح وجهه وما أطيب ابتسامته التي لا تفارق محياه ولا تكاد تراه إلاّ مبتسما حتى وهو يفارق الحياة كانت الابتسامة مرتسمة على وجهه «برحمة الله أخي مشرّف إلى جنات ونهر ومقعد صدق عند مليك مقتدر» لتلك الخصال الثلاث لم يكن غريباً أن يختار أخي مشرف طريقة الحسبة والنصح والصبر في الإصلاح، ولم يكن غريباً أن يكون حكيماً في دعوته وأن يمضي أكثر من ربع قرن بتأريخ يشهد له الجميع فيه بأنه كان مثلاً يحتذى به في الخلق والسماحة والدعوة بالحكمة والانضباط فرحمك الله أبا عبدالله.
أخي مشرف:
لم تخسر عندما ودعتنا وسافرت إلى ربك لأنك في ضيافة الكريم المنان، ولأنك «برحمة الله» سوف تلقى محمداً وصحبة وخير الأحبة، ولأنك «إن شاء الله» سوف تفرح بما أتاك الله من فضله وتستبشر بمن يلحق بك من خلفك ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ولم تخسر لأنك علمتنا كيف يكون العبد التقي الخفي مثالاً للصدق والصبر والبذل، وكيف أن الله يكرم عباده الأتقياء الأخفياء بأن ينشر فضائلهم على الملا، وأن يشهد جنازتهم الآلاف المؤلفة وأن يتردد ذكرهم ويفوح عطرهم في كل مكان، وأن يدعو لهم القريب والبعيد، فأنت يا أخي لم تخسر.
نعم لم تخسر، لأنك علمتنا أن الإنسان الذي يطالب بحق واضح يطرق كل الأبواب، وهكذا فعلت أنت، وعندما لم تجد الأذن الصاغية، ما كان منك إلاّ امتثال الرجال الكرام والجنود الأوفياء، لتثبت لغيرك بأنك مطيع ومحب لوطنك في السراء والضراء وفي الشدة والرخاء ولقد عرضنا عليك أماكن أخرى لكنك رفضت وقلت «إن فرج الله قريب» نعم وما أعظم أن يفرج الله عنك بأن يختارك إلى جواره ليواسيك ويرفع قدرك وذكرك، فوالله ثم والله لم تخسر بل نحن من خسرك،
نعم نحن من خسرك، ونحن من خسر مصداقيتنا في الوفاء لأمثالك المخلصين، ونحن من خسر النور الذي كنت تحمله في قلبك لتضيء لغيرك، ونحن من خسر السماحة والشهامة والحكمة التي كنت تسهم به في علاج أو إصلاح عيوب مجتمعك، نعم أخي مشرف لقد خسرناك ولكن سلوانا أنك لم تخسر.
أخي مشرف
إنّا على فراقك لمحزونون، لكننا لن نحزن عليك فأنت في رحمة الله وشهد لك أهل الأرض بأنك من خيارهم، وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم أنتم شهداء الله في أرضه، فهنيئا لك يا أخي شهادة أهل الأرض بالخير والصفاء، وهنيئا لك أخي كرم أهل السماء بالفضل والعطاء في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
لن نحزن عليك يا أخي فقد أوصلت رسالتك قوية مدوية للعالم كله يوم علمتنا كيف يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكيف يتعامل الإنسان بالحكمة واللين، وكيف يكون الصبر والاحتساب والطاعة في المنشط والمكره، وكيف يبشر الله عباده الأتقياء بمقدم كريم عليه سبحانه.
لن نحزن عليك أخي مشرف لأنك حققت جزءا كبيراً من رسالتك وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياتك يوم كشفت لنا عن واقع لم نكن نعلمه، وأظهرت لنا أن من يطالب بالحق عليه أن يطرق كل الأبواب الممكنة، وعرّفتنا أن بعض المسميات الرنانة قد لا تعكس بالضرورة تطبيقات صحيحة، لقد علمتنا واستفدنا فلن نحزن عليك لأنك حققت هدفك ولأنك أرسلت رسالة صريحة واضحة لنا جميعاً.
لكننا سوف نحزن على أنفسنا وحالنا، لأننا تعلمنا منك متأخرين، ولأننا انخدعنا بمسميات كبيرة وتطبيقات لا تتواكب مع طموحاتنا وتطلعاتنا، نعم سوف نحزن على أنفسنا التي سمحت لمثلك أن يفارقنا بهذه الصورة، ونحزن على أنفسنا التي لم تنصفك في حياتك، ولعلها تقدر على ذلك بعد فراقك.
أخي مشرف
سوف يكون حزننا مريعاً، وألمنا كبيراً، وإحباطنا شديداً إذا لم ينصفك المجتمع، وإذا مرت قصتك عابرة لم تستوقف العقلاء والمخلصين، وإذا تكررت مثل هذه المواقف ولم يتحرك المجتمع ليضع الأمر في مكانه، وليعيد الحق إلى نصابه.
إننا على ثقة كبيرة بأن قادتنا حفظهم الله وبارك فيهم وسدد خطاهم، كعادتهم لن تمر عليهم قصتك مرور الكرام، بل سوف تدرس وتدرس وتقيّم لأنها تنبئ عن احتمال وجود خلل كبير متراكم في مؤسسات الأصل فيها أن تكون مصدر التشريع والثقة، وملاذا آمناً للمظلوم والمقهور، وهذا مؤشر لا ينبغي تجاهله أو السكوت عنه.
اللهم اغفر لأخي مشرف وأسكنه فسيح جناتك، واكتب اللهم التوفيق والسداد لكل من يعمل في صلاح المجتمع وخدمة الوطن والأمة، ووفق قيادة هذه البلاد إلى كل خير وسداد ورشاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.