تراجع أسعار الذهب في تعاملات اليوم    آسيا والمحيط الهادئ على الخط الأمامي لأزمة المناخ    معالي أمين منطقة عسير يزور معرض صنع في عسير    أمسك.. حرامية المساجد!    خريجو «خالد العسكرية»: جاهزون للتضحية بأرواحنا دفاعاً عن الوطن    التعادل الإيجابي يحسم لقاء الأخدود مع الوحدة في دوري روشن    القرار الصعب    ارتفعت 31.5 % في الربع الأول    متى القلق من آلام البطن عند الطفل ؟    قد لا تصدق.. هذا ما تفعله 6 دقائق من التمارين يومياً لعقلك !    5 أطعمة تعيق خسارة الوزن    «رحلة الحج» قصص وحكايات.. «عكاظ» ترصد: كيف حقق هؤلاء «حلم العمر»؟    السلاحف البحرية معرضة للانقراض    الفتح يتغلب على الحزم بهدفين في دوري روشن    الاتحاد يتغلب على ضمك برباعية في دوري روشن    مصدر هلالي ل "الرياض": إصابة مالكوم غير مقلقة    هزة أرضية بقوة 3.9 درجات تضرب نيو ساوث ويلز الأسترالية    توقف الخدمات الصحية في أكبر مستشفيات جنوب غزة    لندن: تقديم رجل مسن للمحاكمة بتهمة مساعدة روسيا    مواجهة الهلال والوحدة بين الطائف والرياض    البليهي: تبقى لنا مباراة لإنهاء الدوري بلا هزيمة    الدكتوراه لفيصل آل مثاعي    القمر يقترن ب «قلب العقرب» العملاق في سماء رفحاء    «الثقافة» و«التعليم» تحتفيان بالإدارات التعليمية بمختلف المناطق    سفارة المملكة في إيرلندا تحتفي بتخرج الطلبة المبتعثين لعام 2024    الاستثمار الثقافي والأندية الأدبية    نمو الجولات السياحية ودعم الاقتصاد الوطني    «الحونشي»    حظي عجاجه والحبايب (قراطيس) !    هل بقيت جدوى لشركات العلاقات العامة؟    د. رائد الحارثي: الذكاء الاصطناعي هو الحل للجدولة    جدول ترتيب الدوري السعودي بعد نهاية الجولة 33    تنوع أحيائي    مجدٌ يعانق النجوم    ثانوية السروات تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من نظام المسارات    نزاهة: حادثة التسمم الغذائي بأحد مطاعم الرياض لن تمضي دون محاسبة    فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية يكرم موظف سوداني    إثراء يختتم قمة الاتزان الرقمي "سينك" بنسختها الثانية    فيلم "نورة"يعرض رسميا في مهرجان كان السينمائي 2024    فيصل بن خالد يرأس اجتماع الجهات الأمنية والخدمية المشاركة في منفذ جديدة عرعر    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للربو"    مستشفى الحرجة يُنظّم فعالية "التوعية عن ارتفاع ضغط الدم"    القبض على وافد بتأشيرة زيارة لترويجه حملات حج وهمية ومضللة    دفعة جديدة من العسكريين إلى ميادين الشرف    السعودية تدعم عمليات الإنزال الجوي الأردني لإغاثة الفلسطينيين في غزة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة    أمير حائل يشكر جامعة الأمير محمد بن فهد    السعودية تفوز بعضوية مجلس منتدى النقل الدولي ITF    رفع كسوة الكعبة المشرَّفة للحفاظ على نظافتها وسلامتها.. وفق خطة موسم الحج    أدبي الطائف يقيم الأمسية السودانية ضمن لياليه العربية    تمكين المرأة.. وهِمة طويق    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 142 مجندة من الدورة التأهيلية    الاستعداد النفسي أولى الخطوات.. روحانية رحلة الحج تبعد هموم الحياة    توريد 300 طن زمزم يومياً للمسجد النبوي    الكاتب العقيلي يحتفل بتخرج إبنه محمد    معرض «لا حج بلا تصريح» بالمدينة المنورة    آل مجرشي وآل البركاتي يزفون فيصل لعش الزوجية    الخريجي يقدم العزاء بمقر سفارة إيران    دشن هوية «سلامة» المطورة وخدمات إلكترونية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد سير العمل في الدفاع المدني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياحة في بيت
يا سهيل اليماني لا تغيبي!
نشر في الجزيرة يوم 14 - 10 - 2012


تشوفه كقلب الذيب يلعج بنوره
مويق على غرات حدب الجرايد
راشد الخلاوي
ليس هذا هو المقال الأول عن نجم سهيل, وحتما لن يكون الأخير, فالحديث في سهيل اليماني حديث شهي للروح, مطرب للفؤاد, سواء أكان حديثا فلكيا أم حديثا أدبيا, أما الفلكي فله رجاله المختصون وعند حلول الرابع والعشرين من شهر أغسطس في كل عام, وهو موعد ظهوره, يستفيض الفلكيون في الحديث في سماته وما يصاحب ظهوره من تغيرات مناخية. لذلك سيكون الحديث هنا أدبيا وإن كان لا يخلو من توضيحات فلكية.
سهيل أشهر الأنجم, وأوسع الطوالع ذكراً, وأكثرها معرفة وأهمية لدى العرب, فهو نجم منتظر, محبوب, يُستبشر بطلوعه, لأنه آخر نجوم الصيف, وبطلوعه (أي ظهور نجمه) تنكسر الحرارة وخصوصا في الليل, وهذا وحده كفيل بخطف القلوب, وفيه يجنى الرطب, وكان الغواصون في السابق يتوقفون عن الغوص عند دخول سهيل, لأن الماء فيه يبرد. وبدخوله يبدأ موسم الصيد, ويقال إنه أنسب الأوقات لاصطياد الصقور. ومن عقائد البدو -كما يقول الأستاذ خالد الفرج- وخرافات السابقين أن (سهيل اليماني) أول ما يطلع يقتل الذي يراه من النعم.. قال محمد العبد الله القاضي مشيرا إلى هذه الفكرة:
يا شوق عطّفت الشقاوي وصرّفت
رايٍ بدا لك يا سهيل اليماني
يقول إنك قتلتني بتغيير رأيك وانصرافك بعد ما أطمعتني, فكأنك سهيل اليماني.
ويسمونه (البشير اليماني) وكذلك (نجم اليمن) كما يسمونه (سهيل اليماني), وهي أشهر تسمياته. ونُسب إلى اليمن لأنه نجم جنوبي أي يظهر من جهة الجنوب. والنجوم (الطوالع) الثمانية والعشرون قسمان: شامية, ويمانية. والشام في عرف العرب قديما وحديثا, يطلق على الشمال, واليمن على الجنوب, والعرب في وسط الجزيرة العربية, بين اليمن والشام. قال عمر بن أبي ربيعة محتجا على زواج سهيل بن عبدالرحمن بن عوف, من الثريا بنت علي بن عبدالله بن الحارث بن أمية، وكانت نهاية في الحسن والكمال وسهيلاً غاية في القبح والدمامة, قال مشيراً إلى مدى التفاوت بينهما, ومورّيا باسميهما:
أيها المنكح الثريا سهيلا
عمرك الله كيف يلتقيان!
هي شامية إذا ما استقلت
وسهيل إذا ما استقل يماني
وقال الأعمى التطيلي:
وجُنّ سهيل بالثريا جنونه
ولكن سلاه: كيف يلتقيان؟
وهيهات من جور القضاء وعدله
شاميّة ألوت بدين يماني
وسهيل نجم نيّر خفاق, واضح يُرى قبل أوانه، ولهذا جاء في المثل: سهيل مكذب العداد. قال راشد الخلاوي:
وإلى مضى خمس وعشرين ليلة
يطلع سهيل مكذّب الحسّيب
وهو نجم أحمر مضيء, وإضاءته قوية, فهو أقوى النجوم نورا بعد الشعرى, قال ابن المعتز يصف نوره القوي:
وقد لاح للساري سهيل كأنه
على كل نجم في السماء رقيب
فهو لوضوحه وتميزه بين النجوم كأنه رقيب عليها. وقال المتلمس الضبعي:
وقد ألاح سهيل بعد ما هجعوا
كأنه ضَرَمٌ بالكف مقبوس
أي كأنه نار مشتعلة من وضوحه, وفي حمرته قال محمد الهلالي:
وبدا سهيل بالنجيع مضرّجًا
يحكي فؤاد الصبِّ بالخفقان
والنجيع الدم, أي كأنه قتيل مضرج بدمائه, وفي خفقانه يشبه قلب المحب. وسهيل متفرد واضح بين النجوم, قال المحبي:
كأنما سهيل راعي نعمٍ
أو فارس يقدم جيشا للوغى
فشبهه بالراعي بين الغنم, والفارس الذي يقود الجيش. وهو خافق يضيء ويخفت كأنه قلب محب أو قلب مهموم أو قلب خائف, قال ابن قلاقس:
وسهرت أرقب من سهيل خافقًا
متفرّدًا فكأنه قلب الشجي
أي مضطرب كقلب المهموم, وقال التهامي:
فقمت مناديا فإذا سهيل
من الخفقان كالقلب المروع
وقال المفتي فتح الله:
فيبدو سهيل خافقا مثل قلبه
إذا اهتاج فيه وجده وهيامه
وقال جران العَود النمري:
أراقب لوحًا من سهيل كأنه
إذا ما بدا من آخر الليل يطرف
ومعنى (لوحا) في البيت: ظهورا, من لاح يلوح إذا بدا وظهر.. واستفاض الشعراء بتشبيه خفقانه, قال راشد الخلاوي:
تشوفه كقلب الذيب يلعج بنوره
مويق على غرات حدب الجرايد
شبه خفقانه بخفقان قلب الذئب, وخص الذئب لأنه كثير الحركة لا يهدأ, وكثرة الحركة تنشط خفقان القلب. وقال محمد العبد الله القاضي:
ويظهر لك النجم اليماني وطرفه
يقلّب كدرة خاتم بيد مايق
شبه بريقه وخفقانه ببريق فص الخاتم بيد مغرور معجب بنفسه وخاتمه, وخص المغرور لأنه من شدة إعجابه بخاتمه يقلبه في يده. وقال إبراهيم العبد الرحمن الطريف:
أربع معه عشرين أغسطس وتنتهي
طالع سهيلٍ يوم تشرف مراقبها
يزحف على بطنه يوايق ويختفي
كالذيب يدرق صيدته يوم يضربها
شبهه بالمتسلل الذي يزحف على بطنه فيطل برأسه تارة ويختفي أخرى ويختل مثلما يختل الذئب صيده. وسهيل نجم تعلقت به العرب, وصار عندها كأنه رمز لها ولبلادها, قال مالك بن الريب التميمي, راثيا نفسه, بعد أن لدغته حية وهو في الطريق إلى خراسان مجاهدا:
أقول لأصحابي ارفعوني فإنني
يقرُّ بعيني أن سهيل بدا ليا
قال محقق جمهرة أشعار العرب أستاذنا الدكتور محمد علي الهاشمي, شارحا المعنى: وقوله «يقر بعيني أن سهيل بدا ليا» يريد: أن سهيلا لا يُرى بناحية خراسان, فيقول ارفعوني لعلي أراه فتقر عيني, لأنه يُرى في بلده. وورد في بعض روايات القصيدة, بيت بعده, هو:
بأن سهيلا لاح من نحو أرضنا
وأن سهيلا كان نجما يمانيا
ورؤية سهيل تذكر العشاق بأحبابهم.. قال العباس بن الأحنف:
طربت إلى أهل الحجاز وقد بدا
سهيل اليماني واستهلت مطالعه
وفي الماضي كان الناس في الحر ينامون في سطوح المنازل أو في العراء, ولذلك كان سهيل رفيقا للعشاق الساهرين من شدة الوجد, واشتغال القلب, فكأنه نديمهم الذي يسامرهم إلى الصباح, والساهر يطلق نظره في السماء, ولذلك فإن عينه تنجذب نحو سهيل, لأنه الأوضح والأجلى نورا بعد الشعرى كما ذكرنا من قبل, قال عبد الله العليوي:
يا ما كتبت اسمه على نجمة سهيل
آصل بنور العين عالي سماها
لأن قلبه مشتغل بمحبوبه وعينه متعلقة بسهيل, وكتابة الاسم في صفحة النجم البعيد دليل على شدة التعلق, ودليل على شدة التقدير والتبجيل. وسهيل رفيق لكل ساهر وليس العشاق وحدهم, قال أحد الشعراء في محاورة قديمة:
يا سهيل اليماني لا تغيبي
ودي أسري وأبي دربي عدال
وسهيل نجم بعيد جدا, يقال إنه يبعد عن الأرض مسافة 313 سنة ضوئية.. لذلك ضُرب به المثل في التبعيد والتيئيس, قال علي الغراب الصفاقسي:
فقل لفتى يحاول منه وصلا
أتطمع في البلوغ إلى سهيل!
وقال علي بن يحيى المنجم:
جفاني أبو أيوب نفسي فداؤه
فعاتبته كيما يريع ويعتبا
فوالله لولا الضنُّ مني بوده
لكان سهيل من عتابية أقربا
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.