زراعي عسير: أكثر من 6 ملايين ريال عائد اقتصادي للعمل التطوعي    انطلاق ملتقى أسر ذوي الإعاقة بعسير    تركي آل الشيخ يطلق النسخة الثانية من مبادرة "ليلة العمر"    "يوم الصفقة".. منصة استثمارية تتجاوز قيمتها مليار ريال في مؤتمر الابتكار في استدامة المياه    الفارسي: الفراغ عدوّك الأول.. والعمل مدرسة الحياة    مدينة الملك سعود الطبية تنجح في إنقاذ مريض توقف قلبه 25 دقيقة    افتتاح متحف البحر الأحمر في جدة التاريخية    مساعد مدرب المنتخب السعودي: مواجهة المغرب تنافسية ونسعى لنتيجة إيجابية    الجوازات تضع شرطا للسفر لدول الخليج بالهوية الوطنية    أمير منطقة تبوك يتابع الحالة المطرية التي تشهدها المنطقة    نائب أمير الشرقية يطلع على أعمال فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بالمنطقة    إنه عمل غير صالح    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    سوق الأسهم السعودية ينهي تعاملاته مرتفعا بدعم من 3 قطاعات قيادية    زين السعودية و KoçDigital" شراكة إستراتيجية لتسريع التحول الرقمي الصناعي    الهلال الأحمر بجازان ينفّذ برنامجًا تدريبيًا للإسعافات الأولية بمدرسة إبتدائية مصعب بن عمير    مدرب يوسف أكتشيشيك يتحدث عن موقف اللاعب    عودة ثنائي النصر في معسكر أبوظبي    المنظومة الثقافية تدشّن مشاركة المملكة في معرض "أرتيجانو آن فييرا" بمدينة ميلانو الإيطالية    البرلمان العربي يدين مخططات كيان الاحتلال لفتح معبر رفح باتجاه واحد محاولة لتهجير شعب غزة    تتويج المنامة كأفضل وجهة عالمية لسياحة الأعمال في حفل جوائز السفر العالمية 2025    الصين تطلق قمرا صناعيا يعمل بالفحم    استشهاد فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي جنوب الضفة الغربية    مبابي يتطلع لكسر رقم رونالدو    قمة الدوري الإيطالي تجمع نابولي ويوفنتوس    الفيفا يعتذر لسكالوني بعد إلزامه بارتداء قفازات لحمل كأس العالم    المجلس العالمي لمخططي المدن والأقاليم يختتم أعماله.. ويعلن انضمام أمانة الرياض لعضوية المنظمة العالمية "ISOCARP"    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. "التخصصات الصحية" تحتفي ب 12,591 خريجًا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يكرّم الفائزين بجائزة الملك خالد لعام 2025    حماس توافق على لجنة «تكنوقراط»    رغم الانتقادات التي تضمنتها «الوثيقة الأمريكية».. واشنطن الحليف الأكبر لأوروبا    البلوي يحتفل بزواج سامي    موظف يسرق ذهب محكمة إسطنبول    صليب العتيبي في ذمة الله    الجيش اللبناني يوقف المعتدين على «يونيفيل»    نائب أمير الرياض يواسي رئيس مركز الحزم في وفاة والدته    «توكلنا» يحصد جائزة أفضل تطبيق حكومي عربي    يسرا اللوزي تستعد بمسلسلين لرمضان    إعلان العروض المسرحية لمهرجان الرياض    إطلاق استوديوهات بلاي ميكر في القدية    شركة طيران تنفذ نظاماً جديداً تجاه « البدناء»    تتم عبر تصريح «نسك» للرجال والنساء.. تحديد زيارة الروضة الشريفة ب«مرة» سنوياً    موجز    التعادل يحسم مواجهة مصر والإمارات    مجمع الدكتور سليمان الحبيب الطبي بالعليا يستخرج شظية معدنية من قاع جمجمة بعملية منظار دقيقة    هجوم على روضة يفتح ملف استهداف المدنيين في السودان    التماسيح تثير الرعب في قرية مصرية    6886 شخصا يعانون من الصداع ومكة تسيطر ب39%    أغاني فيروز تغرم مقهى    جلسات سوق البحر الأحمر تناقش مستقبل صناعة السينما    الرئيس الموريتاني يزور المسجد النبوي    تكلفة العلاج السلوكي المعرفي    جمعية أرفى تُقيم فعالية "قوتك وقايتك" بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة    أكثر من (39) ألف مهمة تطوعية و(19) ألف متطوع في الحرمين الشريفين خلال عام 2025    رئيس البرلمان المقدوني يستقبل إمام المسجد الحرام الدكتور المعيقلي    فضيلة المستشار الشرعي بجازان يلقي كلمة توجيهية لمنسوبي الدفاع الجوي بجازان    أمير منطقة جازان يؤدى واجب العزاء والمواساة لإبراهيم بن صالح هملان أحد أفراد الحماية (الأمن) في وفاة شقيقته    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالعزيز بن صالح الحميد*
الصبر
نشر في الجزيرة يوم 16 - 09 - 2011

الصبر خلق فاضل من أخلاق النفس يمنع صاحبه من فعل ما لا يحسن ولا يجمل وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها.
يقول ابن القيم رحمه الله: هو منع وحبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي والجوارح عن المعصية.
والصبر فضله عظيم وأجره كبير ومنزلته عالية، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وجعل الله - عزَّ وجلَّ - في معيته: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، وهو خير ما أعطي المؤمن قال صلى الله عليه وسلم: «...... ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر».
ويقول الحسن رحمه الله: الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده.
والصبر له أهمية كبيرة في حياة المسلم فهو نصف الإيمان، يقول علي رضي الله عنه: ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له.
وهو من أعظم أركان الخلق الحسن فهو يشتمل على أكثر مكارم الأخلاق فيدخل فيه الحلم فإنه صبر عن دواعي الانتقام عند الغضب، ويدخل فيه الأناة وهي صبر عن إجابة دواعي العجلة، والعفو والصفح صبر عن إجابة دواعي الانتقام، والجود والكرم صبر عن إجابة دواعي الإمساك وغير ذلك من شمائل الأخلاق.
وهو لازم من لوازم الدعوة والاحتساب وسر نجاحهما، فهذا لقمان الحكيم عندما أوصى ابنه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قرن ذلك بالصبر {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}, فهو عندما أمره أن يكمل نفسه بطاعة الله أمره أن يكمل غيره وأن يصبر على وما ينزل به من الشدائد والابتلاء مما قد يعترض سبيل دعوته.
والإنسان أبداً محتاج إلى الصبر ليبلغ آماله وتنجح مقاصده فمن صبر ظفر فكل الناجحين في الدنيا والآخرة إنما حققوا آمالهم بالله ثم بالصبر يقول أحد الشعراء:
إني رأيت وفي الأيام تجربة
للصبر عاقبة محمودة الأثر
وكل من جد في أمر يحاوله
واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
والصبر واجب في حق كل مسلم، وهو بهذا عبادة يتقرب بها إلى الله وهذه العبادة حتى تقبل ويؤجر صاحبها لا بد من استصحاب أمور ثلاثة: أولها: أن تكون خالصة لله تعالى: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}. ثانيها: عدم الشكوى إلى العباد. ثالثها: أن يكون الصبر في أوانه عند الصدمة الأولى.
ويقسم أهل العلم الصبر إلى ثلاثة أقسام: الأول: الصبر على طاعة الله وأداء الواجبات، حيث إن الطريق إلى الله مليئة بالعوائق فالنفس بطبعها تنفر من القيود والعبودية لله تعالى تعتبر قيداً لشهوات النفس، ولذلك فالنفس لا تستقيم على أمر الله بيسر وسهولة فلا بد من ترويضها وكبح جماحها وهذا يحتاج على اصطبار قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}، وهذا إنما يتحقق بمعرفة العبد بما تجلبه الطاعة من العواقب الحميدة والآثار الجميلة.
القسم الثاني: الصبر عن المعاصي والمحرمات وهو ما يحتاجه العبد للفرار من النار، ففي الحديث»... حفت النار بالشهوات « فحاجته هنا لكبح جماح شهوات النفس وتطلعها إلى ملذات الدنيا، وكبحها عن التطلع إلى دنيا الآخرين والاغترار بما ينعمون به من مال وبنين وهذا يتحقق بأن يعلم العبد قبح هذه المعاصي ورذالتها ودناءتها وأن يستحي من الله -عزَّ وجلَّ- وأن يراعي نعمه عليه وإحسانه إليه ويستحضر الخوف من الله تعالى وخشيته.
والقسم الثالث: الصبر على المصائب وأقدار الله المؤلمة، فلا أحد من البرية يخلو من آلام النفس وأمراض البدن وفقدان الأحباء وخسران المال، والمؤمن الصابر هو من يتلقى هذه المصائب برضى وطمأنينة تفعم قلبه لأنه يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، قال تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، وهذا يتحقق بمعرفة العبد جزاء هذه المصيبة وثوابها وأنها من أسباب تكفير السيئات ومحوها والإيمان بأنها مقدرة وان الله ارتضاها واختارها، وأن يعلم بترتبها عليه بذنبه، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }.
إن ما نشهده في الوقت الحاضر من كثرة الاعتداءات والاشتباكات بالأيدي والألسن وارتفاع نسبة القتل العمد حتى أصبحت وللأسف ملموسة في مجتمعنا إنما هو بسبب العجلة وعدم التسلح بخلق الصبر، كذلك زيادة حالات الاكتئاب والذهاب إلى العيادات النفسية هو أيضاً بسبب عدم التسلح بخلق الصبر، فما أعظم هذا الخلق لمن ينشد الحياة المستقرة وما أعظمه لمن ينشد النجاح والسعادة في الدنيا والآخرة.
هذا بيان للصبر وفضله ومنزلته وأقسامه، وإذا كان الصبر بهذه المنزلة العظيمة وأن الإنسان في هذه الحياة من ذكر وأنثى بحاجة إليه فإن التثقيف به وإرشاد الجيل الجديد مطلب كبير خاصة مع هذا التغير الكبير في المثل والأخلاق وخاصة أيضاً مع هذه الضغوط النفسية التي أصابت الناس.. إن هذا الخلق مطلب في تعامل الإنسان اليومي مع الزميل والجار ومطلب لهم في الحياة الزوجية للحد من الخصومات التي تحصل بين الزوجين التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الطلاق وانهيار الكيان الأسري من جذوره إنما ذلك بسبب عدم تسلح الزوج والزوجة بهذا الخلق العظيم.
نسأل الله أن يجعلنا من الصابرين الشاكرين وأن يسترنا بعافيته ولا يفضحنا بابتلائه بمنه وكرمه.
* عضو المحكمة العليا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.