واحدة من العادات المتأصلة في جهات حكومية عندما ينشر عن أخطاء أو فضائح تعشعش في جنباتها، هي طرح السؤال من أكبر مسؤول «من الذي سرب الخبر؟»، لأن الأولوية للتستر على الأخطاء وحفظ ماء الوجه ولو موقتاً عملاً بحكمة «أنا ومن بعدي الطوفان». لاحقاً يصدر تعميم لكل إدارة وقسم يشدد فيه على مسؤولية كل موظف عن المعلومات التي بين يديه، وتتوعد فيه الإدارة بالضرب بيد من حديد على أصابع كل من يسرب. ثم يأتي دور خطاب النفي للصحيفة. في أحسن الأحوال يقال إنها حالة فردية، مع مطالبة بعدم التشويش على الجهود الوطنية أو تضخيم القضايا الصغيرة. وتنصح رسالة النفي بعدم الإنصات لأحاديث المجالس والإشاعات، في حين يبقى أصل الموضوع على حاله يتجمع ويتضخم مثل بحيرة الصرف الصحي في جدة. أما خارج دائرة الجهة التي نشر عنها أخطاء أو فضائح، فلا أحد يبحث ويتقصى ويحقق. في المقابل تعمل جهات التحقيق الحكومية وفي مقدمها هيئة الرقابة والتحقيق بتقنية هاتف «أبوهندل»، وإذا انزعج مسؤول في هذه الهيئة من كلامي هذا لعله يبحث عن ملف اللحوم الفاسدة في هيئتهم الموقرة إن وجد، وهو نموذج مثله مثل ملفات قضايا مخططات واختلاسات. «الدفان» ولله الحمد متوافر في كل مكان مثلما هو متوافر في مخططات الأودية، المشكلة في كارثة جدة أن السيول هي التي سربت الخبر محملاً بالجثث وبقايا المنازل والسيارات. *** حديث رئيس هيئة الرقابة والتحقيق الذي علقت عليه أمس، يستلزم أن يوضع في شروط التأهل أو الترشيح للمناصب الحكومية شرط جوهري ومثله لرجال الأعمال الذين يعتزمون جمع المال من الجمهور للاستثمار، الشرط يقول: «أن يكون مقطوعاً من شجرة»، حتى يمكن التعامل معه قانونياً إذا استلزم الأمر. *** بعد إشارتي إلى إخفاق إدارة الخطوط السعودية في كارثة جدة، وظهور عدم التخطيط والتحسب للأزمات وحشر الركاب في المطارات - لمزيد من التواصل الاجتماعي - أرسل أحد موظفيها نداء استغاثة يخبر فيه عن حال تخزين إطارات جديدة للطائرات في مواقع الخطوط وأرفق صوراً لها وهي في العراء، قائلاً انها تحت الشمس الحارقة. أخونا هداه الله «متحمس حبتين»، لأن المخطط الاستراتيجي لصيانة الخطوط لا شك كان يتوقع أمطار جدة، من المؤكد أن درجة حرارة الإطارات انخفضت الآن أو «تشت»، وللوقوف على أصل القضية زرت منتدى موظفي الخطوط فوجدت الصور نفسها وتعليقات مضحكة على إدارة الصيانة، مؤكد أن لا أحد من المعنيين يقرأ، من هنا لم استغرب خبراً نشر أخيراً عن طائرة لها أقلعت من مطار أميركي ثم عادت لاكتشاف باب مفتوح وهي في الجو، وبهذا الوضع هي مؤهلة أن تكون أول خطوط تسير رحلات طائرات من دون سقف. www.asuwayed.com