رجال الأمن: لدينا مساحة لتقديم الحس الإنساني على الأوامر العسكرية

جلست الحاجة المصرية العجوز على ناصية الطريق متعبةً من المسافة الطويلة التي مشتها، ومترددة حين رأت رجل السير ببزته العسكرية، بين الدعاء له أو التنفيس عن غضبها على أحد زملائه، الذي أجبر سائق الحافلة على الوقوف وإنزال الركاب بعيداً عن مخيمهم، وتوجهت إليه قائلة: «فضل يخبط على الباص لحد ما عصب السواق وقام منزلنا، الله يوفقكم لكن أنا حقيقي تعبت والسبب هوه صاحبك».
تضع الجهات الأمنية في كل عام خطة تنفيذية عليا تتكامل مع بقية الخطط التنفيذية لباقي الجهات العاملة في موسم الحج، وتسعى إلى تنفيذها على المستويات كافة بنجاح ليُعلن موسم الحج «ناجحاً»، فيما يبقى تقويم مستوى الخدمات رهين انطباعات ضيوف بيت الله الحرام والقدرة على التعامل معهم.
الجانب الإنساني في تنظيمات العمل الأمني مرهونٌ، بحسب ما يلاحظه الحجاج، بتفهم رجل الأمن العامل في الميدان للموقف وعدم تأثيره على سير الخطة المتبعة، يقول رجل السير الذي توجهت له السيدة المصرية بكلامها (فضل عدم ذكر اسمه): «صدقني، يسير الحس الإنساني جنباً إلى جنب مع الحس الأمني، وفي أحيانٍ كثيرة لا نطبق الأوامر العسكرية إلا إذا استدعى الموقف. هناك مساحة للحركة في عملنا».
ويشير إلى أن الحس الأمني يقع على رأس قائمة الضروريات في موسم الحج، وتُسلط عليه كل الاهتمامات إلى جانب زيادة وعي الأفراد العاملين في الميدان، ويتم تدريب وتأهيل قبل قدوم الحجاج إلى منى على تفعيل جوانب الرصد والاشتباه والإبلاغ وأخيراً التحقق.
وعن مساحة حرية اتخاذ القرار في الميدان يقول: «لو رأيت عاملاً في وسيلةٍ إعلامية يعكس الطريق، فحتماً سأوقفه وأمنعه من المواصلة، ربما لن يتفهم سبب المنع، ولكني أحرص في هذه الحالة على مصلحته ومصلحة من سيواجهه عند عكس الطريق على رغم أهمية عمله وأهمية كسب الوقت».
في المقابل، كل المظاهر الفوضوية مرفوضة حتى وإن أخذت طابعاً إنسانياً، فالبعض يسعى إلى تسيير أموره بحسب ما هو مناسبٌ له، وعندها فلن يستقيم النظام، إذ ستصبح الحركة فوضى كاملة.
يعود فيؤكد على أن الخطط التنفيذية العليا تبلغ للجميع، كلٌ بحسب موقعه في الميدان، وهناك حرص من كبار الضباط على التواصل مع العاملين معهم بروح مرحة وبدون البروتوكولات الرسمية، ولن يشكل على أحد السؤال عما يريد، وبالطبع «إذا أراد».
وفي زمن توافر خدمة GPS على الهواتف النقالة، تبقى الإشكالية الوحيدة التي تواجه رجال الأمن في عدم معرفتهم بتفاصيل المكان، مع عدم توافر خرائط ورقية تساعدهم، إلا أنهم يتغلبون على ذلك بتثبيتهم في مواقعهم طوال فترة الحج، ما يساعدهم على استيعاب المنطقة المحيطة.