ينظر كثيرون إلى «الاقتصاد الأخضر» بصفته حلاً عملياً لمواجهة التغيّر في المناخ، لكن اعتماد الاقتصادات على طاقة تعطي كميات أقل من غاز الكربون المُلوّث، ما زال يواجه تحديات جمّة. وفي العالم العربي، تخصّص لهذا الاقتصاد النظيف مشاريع واعدة يصل حجم الاستثمار فيها إلى 2.6 بليون دولار، مقارنة باستثمارات مماثلة ب 24.2 بليون دولار في آسيا و12.3 بليون في أميركا الجنوبية. ففي قطر مثلاً، أعلن العام الماضي عن استثمار قرابة 240 مليون دولار في مشروع مشترك مع بريطانيا عن الطاقة النظيفة. وأطلق «المنتدى العربي للبيئة والتنمية» في صيف هذا العام، مبادرة «الاقتصاد العربي الأخضر» التي تهدف إلى المساعدة في الانتقال إلى ممارسات تؤمّن التوازن بين اعتبارات البيئة ومتطلبات الاقتصاد. وبالتعاون مع «برنامج الأممالمتحدة للبيئة»، نظّم المنتدى وُرَش عمل في سبع دول عربية، بمشاركة من القطاعين العام والخاص. ويهدف برنامج «الاقتصاد العربي الأخضر» الى مساعدة الحكومات وقطاع الأعمال على التحوّل إلى اقتصاد أكثر تلاؤماً مع البيئة. وتسعى المبادرة إلى تكوين الشروط الاقتصادية الملائمة لهذا التحوّل، خصوصاً في قطاع الأعمال. خطة طريق ل «الأخضر» بهدف تطوير «خطة طريق» لمبادرة الاقتصاد العربي الاخضر، وضع المنتدى برامج تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية للمنطقة العربية. ويعتقد المنتدى أن توفير المعلومات الدقيقة والبرامج العملية يشكّل الخطوة الأولى لإقناع أصحاب القرار بالتحوّل إلى الاقتصاد الاخضر، ما يساعد على تكوين مناعة اقتصادية ضد الانهيارات وحفظ مصالح المجتمعات العربية. وتشتمل عناصر المبادرة على مقترحات للسياسات الوطنية، واقتصاد الاستثمار في الانظمة الطبيعية، والمسؤولية البيئية لقطاع الاعمال، إضافة إلى نماذج جديدة لاستدامة قطاع الاعمال، ومتابعة حياة المنتجات من المهد إلى اللحد، مع وجود دليل عملي للادارة البيئية داخل المؤسسات، ووضع تقارير الاستدامة البيئية للمؤسسات، إلى جانب التربية البيئية للمستهلكين عبر الانترنت. لكن غنى المنطقة العربية بمصادر الطاقة وبخاصة النفط، يجعل من التحوّل إلى استخدام الطاقة المتجددة تحدياً كبيراً، ما يُصعّب سلوك الطريق باتجاه خيار الاقتصاد الأخضر. إذ قد يدافع البعض عن استخدام النفط كمصدر طاقة على اعتبار أنه متوافر، فيما تعاني الطاقة المتجددة بأشكالها المختلفة المائية والشمسية والهوائية والبيولوجية، من أنها تُنتج بكميات ضئيلة لا تكفي للاستهلاك العالمي. إذ أشار سليمان الحربش المدير العام ل «صندوق أوبك للتنمية الدولية» (يُعرف باسم «أوفيد») إلى أن تلك الطاقات تشكّل أقل من 5 في المئة من إجمالي الطاقة حاضراً. ويذهب بعض المتطرفين في تبني هذا الرأي إلى حدّ المناداة بحماية المناخ، ولو على حساب الاقتصاد والمصالح والتنمية ومستقبلها. ولا يتورع بعض هؤلاء عن اتهام بعض الدول العربية بأنها من المعرقلين لمسار المفاوضات للوصول إلى اتفاقية في كوبنهاغن، على رغم أن المعارضة الأساسية للمقترحات حول تلك الاتقافية جاءت من دول آسيا والمحيط الهادئ، إضافة الى دول صاعدة مثل البرازيل. ومارس ناشطو منظمة «إندي آكت» العالمية نشاطاً احتجاجياً خلال افتتاح المؤتمر السنوي الثاني للمنتدى، الذي اختتم في بيروت أخيراً، رُفِعت خلاله لافتة كُتِب عليها «العرب أكثر من بؤرة نفط». وركز مدير حملة «إندي آكت» في لبنان وائل حميدان على أن «حرق النفط كله سيحرم الأجيال من مصدر مهم وسيدمر حضارة الإنسان بسبب تغير المناخ». ويشار الى أن معظم النفط العربي يستهلك في الدول الصناعية التي تستعمله في الصناعة والمواصلات، فيما لا يستهلك العرب سوى نسبة ضئيلة منه.