حذّر متخصصان من أن الدعم المفتوح للسلع الاستهلاكية له الكثير من المخاطر والسلبيات على سلوك أفراد المجتمع، إضافة إلى تأثيره السلبي في الاقتصاد على المدى البعيد، مشيرين إلى أن أفضل طرق محاربة عمليات تهريب السلع المدعومة تتمثل في رفع الدعم في شكل تدريجي، وحصر أعداد ذوي الدخول الضعيفة والفقراء من طريق الضمان الاجتماعي، وصرف إعانات لهم من خلال بطاقات استهلاكية تستخدم في شراء السلع الاستهلاكية. وحدد هذان في حديثهما إلى «الحياة» عدداً من سلبيات الدعم المفتوح والمطلق للسلع الاستهلاكية، أهمها الإسراف في استخدام السلع وبكميات أكبر من حاجة الفرد، وتهريب السلع المدعوة لدول الجوار. وقال عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالعزيز طاهر إن الهدف الرئيس من دعم السلع، تخفيف العبء على المواطن، وهذا الدعم يستفيد منه الغني والفقير، مشيراً إلى أن دعم سلع معينة يؤدي إلى الإسراف في استخدامها، وهذا يُعد هدراً لموارد الدولة الاقتصادية. ولفت طاهر إلى أن المشكلة الأكبر التي تعاني منها السعودية تكمن في تهريب السلع النفطية المدعومة إلى دول الجوار، «السلع النفطية تُهرَب بطرق عدة يصعب اكتشافها إلى دول الجوار»، مشيراً إلى أن «الدعم الحكومي للسلع له خطورة كبيرة على المدى البعيد، إذ يمكن الاستفادة من تلك الموارد المالية وتوجيهها لقطاعات أخرى منتجة تمثل إضافة إلى الناتج المحلي، أو استخدام تلك الموارد لدعم احتياطات الدولة على المدى البعيد». ورأى طاهر أن أفضل طرق محاربة الإسراف في الاستخدام وعمليات تهريب السلع المدعومة خصوصاً المنتجات النفطية، رفع الدعم في شكل تدريجي، إضافة إلى حصر أعداد ذوي الدخول الضعيفة والفقراء من طريق الضمان الاجتماعي وصرف إعانات لهم من خلال بطاقات استهلاكية تستخدم في شراء السلع الاستهلاكية بحسب حاجة الأسر إلى تلك السلع. وأضاف: «من الناحية الاقتصادية أفضل أسلوب بيع السلع بسعر كلفة إنتاجها، وتقديم إعانات نقدية على شكل بطاقات استهلاكية لمستحقي الدعم، وهذه تجربة الولاياتالمتحدة الأميركية»، مؤكداً في الوقت ذاته أن رفع الدعم عن السلع مهم لبناء اقتصاد قوي، إضافة إلى تعديل بعض السلوكيات الخاطئة التي تمارس من بعض أفراد المجتمع في الوقت الراهن. وأشار طاهر إلى أن السعودية تتمتع حالياً باقتصاد قوي، وهناك فوائض في الموازنة بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وهذا يتطلب أخذ الحيطة والحذر لعدم تكرار ما حدث في ثمانينات القرن الماضي، عندما انخفضت أسعار النفط عالمياً وأصبحت الدولة تعاني من عجز مالي في موازنتها بسبب انخفاض إيراداتها المالية. من ناحيته، أشار عضو مجلس الشورى سابقاً أسامة كردي إلى أن تقنين الدعم أفضل الطرق لمواجهة سلبيات الدعم المفتوح للسلع، وقال: «الهدف الرئيس من الدعم الحكومي للسلع، مساعدة المواطنين ذوي الدخول البسيطة للحصول على السلع الاستهلاكية بسعر مناسب لهم». واعتبر أن «الدعم المطلق للسلع له مخاطر وسلبيات عدة تؤثر في الاقتصاد المحلي، منها سوء استخدام السلع المدعومة من ذوي الدخول المرتفعة عبر الإسراف في استخدامها، إضافة إلى إشكال تهريب السلع المدعومة إلى الدول المجاورة وبيعها بسعرها الأساسي من دون دعم». وذكر أن إعطاء الدعم للشرائح المستفيدة منه أفضل على المدى البعيد اقتصادياً، ويساعد في القضاء على السلبيات المترتبة على الدعم المطلق للسلع، معتبراً أن «أفضل سبل تقديم الدعم للسلع يكون من طريق حصر الشرائح المستفيدة منه من خلال الضمان الاجتماعي، وتقديم فارق دعم السلع مادياً». ورأى كردي أن منح الدعم عبر بطاقات التموين غير مجدي على المدى البعيد، مؤكداً أن هناك تجارب ناجحة في كثير من الدول يمكن الاستفادة منها محلياً، بحيث يتم إيصال الدعم للمستفيدين في شكل مباشر. غير أنه استدرك بالقول: «يمكن تطبيق تجربة شركة الكهرباء في ما يخص التسعيرة بحسب الاستهلاك، وهذا يمكن أن يقنن من استخدام السلع، بحيث يحصل المواطنون على أسعار مخفضة للسلع الاستهلاكية، لاسيما المنتجات النفطية في حال كان استخدامه لها منخفضاً، أما في حال ارتفاع معدلات استهلاك السلعة الاستهلاكية، فيعني أن الأشخاص من ميسوري الحال، وهنا يتم تسعير السلعة بكلفة الإنتاج من دون دعم».