أمين منطقة جازان يتفقد المشاريع والخدمات البلدية في محافظة أبو عريش    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على غزة إلى أكثر من 68 ألف شهيد    اللجنة الإعلامية ترفع جاهزيتها لانطلاق فعالية البلوت بنجران.. استعدادات حماسية وتنظيم استثنائي    سوريا إلى أين؟    ضبط مُواطِنَيْنِ شَرَعا في الصيد دون ترخيص داخل محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إصدار أول علامة جودة للخرسانة المعالجة بثاني أكسيد الكربون    2 % تراجع أسعار النفط وانخفاض قيمة العقود الآجلة للبرنت    منصة "مُعين" الرقمية تشهد أكثر من 23 مليون زيارة و1.3 مليون جلسة قضائية رقمية    "إثراء" يطلق فعاليات "موسم الشتاء" بأكثر من 130 برنامجًا ثقافيًا    وزير الخارجية يُجري اتصالًا هاتفيًا بوزير خارجية ماليزيا    "التخصصي" ينجح في استئصال ورم دماغي باستخدام الروبوت لأول مرة في العالم    نائب أمير حائل يطلع على خطط مركز إتمام    ترتيب الدوري السعودي بعد نهاية الجولة الخامسة    جمعية شفيعًا تنظم رحلة تكريمية لطلاب الحلقات الحافظين لكتاب الله من ذوي الإعاقة للمدينة المنورة ومكة المكرمة    «التعاون الإسلامي» تُرحّب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    تخصصي الملك فهد بالدمام يطلق مؤتمر "الابتكارات المتقدمة في الطب المخبري"    إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال مدينة القدس    فريق جراحة مستشفى صبيا ينقذ شابًا من تمزق خطير في الكبد    انطلاق المؤتمر العالمي لإنترنت الأشياء 2025 في الرياض    بلدية الخفجي تطرح 36 فرصة استثمارية متنوعة للمستثمرين ورواد الأعمال    سيرة من ذاكرة جازان    بدء التشغيل التجريبي لمبادرة إلغاء إشارة الكربوس بجازان    مدرب نيوم : كنا نعلم ان المباراة ستكون صعبة    شموخ وطن يكرم الدكتور أحمد حمود الغامدي    سماء السعودية تشهد زخة شهب الجباريات من 2 أكتوبر حتى 7 نوفمبر    تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    تكريم الكلية التقنية للبنات بشرورة لمشاركتها في اليوم الوطني 95    بالتعاون مع الشريك الأدبي نادي ثقات الثقافي يُفعل الثقافة الأدبية في مدارس القلعة الحجازية    جمعية رعاية الأيتام بنجران تواصل ‏برامجها ‏التوعوية    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    مناورات عسكرية إسرائيلية على حدود لبنان    ترمب يهدد بنزع سلاح حماس    العليمي: الانتهاكات تهدد الإغاثة وتعمّق معاناة اليمنيين.. الحوثيون يقتحمون مجمعاً أممياً بصنعاء مجدداً    سعود بن نايف يشدد على التعاون لخفض الحوادث المرورية    عُقل الزلفي.. الأطلال والذكريات    «المساحة» : زلزال الخليج العربي بعيد عن أراضي السعودية    سعود بن بندر يستقبل مشرف البعثة التعليمية في البحرين ومدير تعليم الشرقية    شراكة مع الخزانة الأمريكية وصندوق أوبك لإعادة البناء.. سوريا تعزز التعاون مع واشنطن والمجتمع الدولي    نائب أمير نجران يُدشِّن أسبوع مكافحة العدوى    طالبات جامعة نورة يتألقن في مسابقة الترجمة الصينية    الأزياء الجازانية.. هوية تنسجها الأصالة وتطرّزها الذاكرة    حين تسرق الثمرة.. ويبقى الجذر صامداً    دعوة إلى استعادة نعمة الملل في زمن الضجيج    مهرجان البحر الأحمر يكشف أفلام دورته الخامسة    محافظ الأحساء يستقبل مساعد قائد قوة أمن المنشآت في الشرقية    بهدف تعزيز الشفافية والحوكمة في جمع التبرعات.. لائحة جديدة لتنظيم إنشاء وتمويل الأوقاف    التعاون يمطر شباك ضمك بسداسية تاريخية    المنتخب السعودي.. من «منتخب النتائج» إلى «منتخب المنهج»    ميسي يتوج بالحذاء الذهبي    ولي العهد يعزّي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    بطاقة الأولوية لم تعد أولوية !!    الرياض تحتضن ختام مؤتمر رؤساء وأمناء الاتحادات الآسيوية لكرة القدم 2025    رئيس الشورى يرأس الاجتماع التنسيقي العربي    نائب أمير جازان يزور الأديب إبراهيم مفتاح للاطمئنان على صحته    لا مال بعد الموت    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسات الشرق الأوسط رمال متحركة
نشر في الحياة يوم 08 - 01 - 2014

تم توقيع صفقة موقتة، لها ما بعدها، تتيح تفتيشاً دائماً على طموحات إيران النووية، من السهل تصوره، وإن ظل من الصعب تحقيقه. تلك الصفقة المبرمة في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بين ست قوى عالمية وإيران، هي أفضل كثيراً مما يسمح به منتقدوها مقابل ستة شهور من رفع موقت ومحدود للعقوبات قابل للرجوع عنه. وقالت إيران إنها لن تكتفي بتجميد تقدمها نحو قنبلة نووية ممكنة، بل ستتراجع خطوات فعلية، وذلك أيضاً محدود وموقت وقابل للرجوع عنه. فلا شيء تم استبعاده. وليست ستة شهور إلا فترة قصيرة. ولكن إذا استطاعت مفاوضات لاحقة تثبيت المكاسب فستكون نقطة تحول في الجهود لوقف الانتشار النووي وفي السياسة داخل المنطقة بأكملها. لقد تحقق الاتفاق بواسطة عملية متعددة الأطراف في جنيف، ومناقشات سرية موازية بين إدارة أوباما وإيران بدأت في آب (أغسطس) الماضي عند تولي رئيس إيران الجديد حسن روحاني الشهير إعلامياً باعتداله، ومورست المفاوضات جميعاً في جو شديد الابتعاد عما طبع الماضي من تصريحات عدائية وشكوك متبادلة.
وتفرض شروط الصفقة على إيران التخلص من مخزون اليورانيوم المخصب وتجميد التخصيب بقدر أكبر، والخضوع لنظام تفتيش أعمق دقة. وفي مقابل هذه الخطوات تسترجع إيران 4.2 بليون دولار كانت جُمدت من حسابها، وتفوز بتخفيض القيود على تجارة البتروكيماويات والمعادن النفيسة وقطع غيار الطائرات والسيارات مما تصل قيمته إلى 7 بلايين دولار. ولكن العقوبات التي تكلف إيران 30 بليون دولار في المدة نفسها تبقى ثابتةً في مكانها وإن لم تكن كل إيرادات إيران من البترول. وهناك نقد أقوى للصفقة يتعلق بأنها لا تقول شيئاً عن حق إيران المزعوم في التخصيب الذي تراه لا يقبل التنازل عنه وفقاً للإتفاقية الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية، التي تعطي الدول كافة الموقعة عليها ومنها إيران، في التخصيب لأغراض سلمية.
ومن المتوقع أن تكون لتلك الصفقة أصداء، فنهاية عداوة عميقة طويلة البقاء يشير إلى تغييرات أوسع مدى، يمكن على سبيل الاحتمال أن تؤدي إلى استعادة علاقات ودية قريبة مما كانت أيام الشاه بين إيران والولايات المتحدة، وهو ما ينذر بأن يكون لإيران دور ملموس في المنطقة. ويعني هذا الأمر أكبر القوى في المنطقة وهي السعودية ومصر وتركيا في هذه الرمال المتحركة. ويبدو للسعودية أن الولايات المتحدة تخلت عنها مراراً. فالسعودية لم ترتح لعلاقة الصداقة بين واشنطن و «الإخوان المسلمين» الذين لا تتفق معهم، كما كانت تؤيد ضربة عسكرية سريعة تطيح نظام الأسد في سورية بدلاً من الرجوع عن ذلك.
وفي ما يتعلق بالاتفاق الحالي مع إيران تستاء السعودية من حقيقة أنها أبعدت عن المفاوضات الخلفية التي أسهمت في نجاحه، لأن أميركا ظنت أن حضور ممثلي الرياض قد يجعل الاتفاق متعذراً. ومن المفهوم خشية السعودية من إيران بعد أن تصبح في حال صداقة مع الولايات المتحدة، فذلك يجعلها أفضل وضعاً في محاولاتها المتكررة للسيطرة على المنطقة. فمن الملاحظ من زمن طويل أن نوري المالكي الشيعي الذي يحكم العراق على أسس طائفية متزايدة منذ أن صار رئيساً للوزراء في 2006 ظل على علاقات حميمة مع إيران. ومن المزعج أن إيران قد تكثف جهودها المريبة لإثارة الشيعة الذين يشاركونها المذهب الديني في المحافظات السعودية الشرقية، كما في البحرين ولبنان واليمن.
وجاء الاتفاق (الصفقة) وقت علاقات حرجة بين أميركا ومصر أيضاً. إن قادة القوات المسلحة المصرية الذين انضموا إلى الثورة الشعبية الهادفة إلى الإطاحة بعام من حكم «الإخوان» في تموز (يوليو) يلومون الولايات المتحدة بشدة على مؤازرة «الإخوان» طيلة مدة حكمهم كما تفعل الكثرة من الشعب المعادية ل «الإخوان»، أما جانب «الإخوان» الذي انحسرت شعبيته كثيراً فيدعي كاذباً أو متوهماً أن أميركا تغاضت عن إطاحة مرسي، وربما تصل الأكذوبة إلى حد الزعم بأن أميركا نسقت وقادت بتوصية من اسرائيل جهود تلك الإطاحة. ولن تجد الصفقة مع إيران ترحيباً من جانب القيادة العسكرية أو «الإخوان المسلمين». ولكن الصفقة وجدت ترحيباً في تركيا وصفقت لها الحكومة، وإن جاءت في وقت فقدان تركيا الأرض المشتركة مع الأنظمة العربية وإخفاقها في اجتياز الرمال المتحركة في مصر وسورية، وتغير الوزن النسبي للقوى المؤثرة في منطقة الشرق الأوسط وبروز دور القوى غير العربية، إسرائيل وتركيا وإيران.
ويمكن أن تكتسب إيران حضوراً يدعي الشرعية بعد الصفقة الأخيرة والتفاهم مع واشنطن مما قد يؤدي في الظاهر إلى تراجع دور مصر والسعودية موقتاً. ومن المنطقي أن تنزعج السعودية ودول الخليج من صفقة أميركا مع إيران، فقد حصلت طهران بنفوذها المتوسع على مساحة إضافية وما يشبه شرعية إسهام في خريطة تغير توازنات المنطقة، مثل حل الأزمة السورية والحصول على وضع يقترب من وضع المشارك للولايات المتحدة في إدارة بعض شؤون المنطقة. والآن لم يعد زعم إسرائيل أن إيران تمثل خطراً على وجودها يلقى من الناحية العملية تصديقاً واسع الانتشار. ولن نجد في المؤسسة العسكرية المصرية ترحيباً بالنموذج التركي في تماثله مع «الإخوان» أو تحجيم دور المؤسسة العسكرية ذات التوجه الوطني المصري والقومي العربي.
وبعد كل ذلك يثار تساؤل حول حدوث صخب كبير حول صفقة صغيرة، فمنتقدو الاتفاق مع إيران يزعجهم أنه قد يكون استهلال صداقة قديمة. ولكنه في الواقع ليس كذلك. وهناك من يأخذون على إدارة بوش الابن أنها لم تتفاوض أو تستجب لعرض إيران حول برنامجها النووي لأن تلك الإدارة اعتقدت واهمة أن نظام إيران ضعيف جداً أنهكته العقوبات وليس أمامه إلا الاستسلام أو السقوط إذا بقيت واشنطن حازمة أمامه. ولم يكن هناك اتفاق أو تعامل أو صفقة من أي نوع. فماذا كانت النتيجة؟ في 2003 كانت إيران قد ركبت 160 جهاز طرد مركزي فقط والآن لديها حوالى 19 ألفاً من تلك الأجهزة. والحقيقة أن إيران طيلة العقد الماضي طورت مهارة تقنية خطيرة في الطاقة النووية بآلاف من العلماء والخبراء. وبالنسبة الى قُطر غني بالنفط تكون تكاليف برنامج نووي متواضعة نسبياً لأن إيراد إيران السنوي من البترول حتى تحت وطأة العقوبات يبلغ حوالى 69 بليون دولار. وكل ما هنالك أن اتفاق جنيف بعد كل الصخب المحيط به لا يقدم على الأكثر إلا فرصة لاختبار نيات إيران اختباراً حقيقياً.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.