إيداع مليار ريال لمستفيدي «سكني» عن سبتمبر    المملكة والصين تعزّزان شراكتهما الإستراتيجية في الصناعة والتعدين    تصعيد متبادل بالمسيرات والهجمات.. والكرملين: لا بديل عن استمرار الحرب في أوكرانيا    بيان عربي- إسلامي- أمريكي مشترك: إنهاء حرب غزة يفتح آفاق سلام عادل ودائم    بزشكيان: طهران لن تسعى أبداً لصنع قنبلة.. إيران تتعهد بإعادة بناء منشآتها النووية المدمرة    القادسية إلى دور ال16 في كأس الملك    في الجولة الرابعة من دوري روشن.. صراع القمة يجمع الاتحاد والنصر.. والهلال يواجه الأخدود    سجن لاعب مانشستر يونايتد السابق لعدم دفع نفقة أطفاله    « البلديات والتجارة»: أبلغوا عن مخالفات السكن الجماعي    العمران والغراش يحتفلان بزواج مهدي    «راشد» يضيء منزل اليامي    أشرف عبد الباقي بطل في «ولد وبنت وشايب»    لجهوده في تعزيز الحوار بين الثقافات.. تتويج (إثراء) بجائزة الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري    المركز السعودي للموسيقى بجدة يحتفل باليوم الوطني    كوب «ميلك شيك» يضعف تدفق الدم للدماغ    الرياض تستضيف مؤتمر العلاج ب«الجذعية»    الخطاب الملكي صوت الدولة ورؤية الحزم والعزم    جودة الحياة.. نحو مستقبل يليق بالإنسان    المملكة.. القضية الفلسطينية أولوية    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    مكتبات المستقبل    الشرقية منجم الصناعات والرافد الأقوى في الاقتصاد السعودي وجلب الاستثمارات    الإبداع النسائي.. حكاية وطن    الملك سلمان.. نبضُ وطنٍ وقلبُ أمة    وزير الدولة للشؤون الخارجية يلتقي المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة    كيف يستخدم الناس ChatGPT فعليا    عزّنا بطبعنا: التعليم ركيزة القيم الوطنية    فهد العجلان: ذكرى البيعة تجسد التحولات العظيمة وتمكين الإنسان في عهد الملك سلمان    تداول يكسر الهبوط ويرتفع 5.06%    241 عقدا سكنيا يوميا    «كلاسيكو» الاتحاد والنصر.. مقارنة القيمة السوقية بين الفريقين    إنزاغي: سأعالج مشكلة الكرات الثابتة    305 حرفيين في معرض الحرف والأعمال اليدوية    طرح تذاكر دورة ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض    لوحات تشكيليين تزين اليوم الوطني    تسعيني ينافس الشباب باحتفالات الوطن    وزير الخارجية: السعودية ستواصل جهودها بلا كلل من أجل دولة فلسطينية مستقلة    اتحاد الكرة يدشن أخضر الفتيات تحت 15 عامًا    إيران تعيد بناء مواقع الصواريخ وسط عقوبات مرتقبة    أهالي الدوادمي يحتفون باليوم الوطني    مستشفى سليمان الحبيب بالتخصصي يعيد زراعة أصبع مبتور بنسبة «100» بعملية دقيقة    أمير جازان ونائبه يشاركان منسوبي الإمارة الاحتفاء باليوم الوطني للمملكة ال95    أمير منطقة جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي والفائزين بجوائز محلية ودولية    وطن شامخ    اليوم الوطني المجيد 95    القبض على (6) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (90) كجم "قات"    البعثة الروسية لدى منظمة التعاون الإسلامي تحتفي باليوم الوطني السعودي ال95    هيئة جائزة الملك سلمان العالمية لأبحاث الإعاقة تعقد اجتماعها الأول للدورة الرابعة    أبناء وبنات مجمع الأمير سلطان للتأهيل يزورون مرضى مجمع الدمام الطبي    إنطلاق فعاليات الاحتفاء باليوم الوطني ال95 بمدارس تعليم جازان    رحيل المفتي العام السابق الشيخ عبدالعزيز آل الشي "إرث علمي وديني خالد "    "هيئة الأمر بالمعروف" تشارك في فعاليات اليوم الوطني 95    (الهفتاء ) يتلقى تكريمًا واسعًا من إعلاميي السعودية والعالم العربي    فقيد الأمة: رحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وعطاء لا يُنسى    القيادة تتلقى تعازي قادة دول في مفتى عام المملكة    الملك سلمان: نحمد الله على ما تحقق من إنجازات في بلادنا الغالية    المشي يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    الدفاع المدني يشارك في فعالية وزارة الداخلية "عز الوطن" احتفاءً باليوم الوطني ال (95) للمملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعاً عن أردوغان ... دفاعاً عن تركيا؟!
نشر في الحياة يوم 01 - 01 - 2014

فضائح الفساد التي أطاحت ثلاثة وزراء في حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي، ومسؤولين كِباراً آخرين، وأجبرت رئيس الحكومة، رجب طيب اردوغان، على الإسراع في إجراء تعديل وزاري جديد غيّر بموجبه 10 وزراء، وباتت هذه الفضائح تهدد نجله، فضلاً عن تهديدها مستقبل أردوغان نفسه...، كل ذلك هو رأس جبل الجليد للصراع الدائر بينه وبين جماعة «الخدمة» التابعة للداعية الإسلامي التركي المقيم في أميركا، فتح الله غُولَن.
تكتّم هذه الجماعة وزعيمها عن الفساد، طيلة هذه السنوات، وتفجيرها هذه «القنبلة» الآن، بعد إعلان حكومة أردوغان إغلاق المدارس الخاصة التابعة للجماعة، يشير إلى أن الأخيرة لا تريد من وراء فضح حكومة أردوغان الدفع بتركيا نحو الشفافيّة والنزاهة وحماية المال العام والحكم الرشيد، وإلاّ لكان غُولَن قد سحب تفويضه ودعمه أردوغان منذ اللحظات الأولى لكشف هذه الفضائح، ولَما انتظر إغلاق مدارسه الدينيّة، كي يكشف هذا الكم الهائل من الفساد في حكومة حليفه؟!. وعليه، فأقلّ ما يقال في تصرّف وتعاطي جماعة غُولَن مع حليفها السابق أردوغان، أنه «كلام حقّ يُراد به باطل». وأن جوهر الإشكال الحاصل بين الحليفين الإسلاميين السابقين، هو الصراع على السلطة، بعد الإجهاز تقريباً على الدولة الخفيّة - العميقة التابعة للكماليين.
ذلك أن كلاً من غُولن وأردوغان يريد تثبيت دولته الخفيّة في تركيا محلّ الدولة الخفيّة للكماليين التي كانت تحكم تركيا الحديثة منذ تأسيسها عام 1923. وعليه، فجماعة غُولَن هي أيضاً متورّطة في فساد حكومة العدالة والتنمية، عبر صمتها كل هذه السنوات. بل إن هذه الجماعة، تظهر للعلن مدى انتهازيّتها، عبر الصمت والتغطية على هذا الفساد، ثم تفجيرها «قنبلة الفساد» بعد إغلاق مدارس غولن. وعليه، لو لم يقم أردوغان بذلك، ولو منح رئاسة الاستخبارات التركيّة للجماعة، وسكت عن تغوّلها اقتصاديّاً وأمنيّاً وإعلاميّاً في مؤسسات الدولة، لحافظ غُولن على صمته، ولبقي ذلك الفساد المريع طيّ الكتمان. وعطفاً على كشف فضائح الفساد هذه، فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إذا كانت حكومة اردوغان وما حققته من نهضة اقتصاديّة في تركيا (شهد لها القاصي والداني) متورّطة بملفّات فساد، فما هي حال الحكومات العلمانيّة السابقة التي حكمت تركيا؟!.
بكل تأكيد، إن الحكومات العلمانية الأتاتوركيّة السابقة كانت أكثر فساداً. وعليه، ففي حال مقارنة المواطن التركي بين السيّء والأسوأ، سيختار السيّء. يعني حكومة أردوغان.
كرديّاً، ما كسبه وحققه كرد تركيا وحزب العمال الكردستاني في زمن العدالة والتنمية (الإسلامي)، يفوق بسنوات ضوئيّة ما حققه الكرد والكردستاني من مكاسب في عهد الحكومات العلمانيّة الأتاتوركيّة السابقة. مضافاً إلى ذلك، فالعلاقات بين تركيا وكرد العراق انتعشت في فترة حكم العدالة والتنمية. لكنْ قياساً بحجم الأزمة التي يعانيها أردوغان، فخيارات التحالف لديه محدودة للغاية، هي التي يملأ بها الفراغ الذي سيحدثه توقّف جماعة غولن عن تأييده في الانتخابات البلديّة والبرلمانيّة القادمة. فلا مناص أمامه إذاً إلا التحالف إما مع أصدقائه القدامى (المتبقّين من حزب السعادة - الرفاه سابقاً)، وهذا صعب جداً، أو التحالف مع المعارضة العلمانيّة، المتمثّلة بحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القوميّة المتطرّف، وهذا أيضاً من سابع المستحيلات. ويبقى خيار وحيد أمام حزب أردغان، هو التحالف مع حزب السلام والديموقراطيّة الموالي للعمال الكردستاني. فتلاقي المصالح يجب أن يدفع الكردستاني للتحالف مع أردوغان، إلى الحدود القصوى. وبكل تأكيد، لن يكون ذلك، ولا يجب أن يكون، مجّاناً ومن دون مقابل. ولقد فعلها العمال الكردستاني، مطلع التسعينات، حين تحالف مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي SHP، بقيادة أردال إينونو (نجل عصمت إينونو، الذي سحق كل الانتفاضات الكرديّة بالتعاون مع أتاتورك)، واستطاع الكردستاني الحصول على 17 مقعداً في البرلمان التركي وقتئذ.
وما يعزز افتراض ضرورة هذا التحالف، أن جماعة غُولن، و»الشعب الجمهوري»، و»الحركة القوميّة» المتطرّف، يشتركون كلهم في معاداة ورفض التسوية السلميّة بين الحكومة التركيّة والكردستاني. زد على ذلك أنه إذا أطيح أردوغان، فغالب الظنّ أن من سيحلّ محلّه من خصومه، سيعيد الكرد والكردستاني إلى المربع الأوّل، سواء على صعيد المكاسب أو المفاوضات مع الدولة.
والتاريخ يؤكد أن ثمرة تحالف السلاجقة مع الكرد، كان الانتصار في معركة ملاذكر، وثمرة تحالف العثمانيين مع الكرد، كان الانتصار في معركة تشالديران ضدّ الصفويين الفرس. وثمرة تحالف أتاتورك مع الكرد كانت الجمهوريّة التركيّة. وفي كل هذه الأحداث المحوريّة والانعطافيّة، كان الأتراك الرابحين، والكرد الخاسرين. هذه المرّة، وفي حال حدث تحالف بين أردوغان والكردستاني، يجب أن يكون المنتصر هم الكرد والترك وتركيا في آن. وهذا يعني أن اردوغان أمام تحدٍّ تاريخي، يمكن اختصاره في نقاط عدّة:
1- الكفّ عن قيادة البلاد بمنطق وذهنيّة الجماعة الإسلاميّة.
2- مكافحة الفساد الى الحدود القصوى، حتّى لو كان نجله متورّطاً فيه.
3 - الإسراع في إبرام تسوية نهائيّة مع الكردستاني، تملي عليه التخلّي عن السلاح نهائيّاً، والتحالف معه في الانتخابات البلديّة والبرلمانيّة القادمة.
فتركيا لا يمكنها أن تحلّق بجناح واحد. يلزمها تحريك جناحيها، أي الكرد والترك وبقية مكوّنات المجتمع. وهذه الحقيقة آن للنخب السياسيّة والثقافيّة التركيّة والكرديّة أن تدركها، وتسعى لتمثيلها وتطبيقها في الواقع العملي.
* كاتب كردي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.