محافظ الخرج يرأس الإجتماع الدوري لرؤساء المراكز بالمحافظة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34.789 شهيداً    طيران الإمارات توسّع اتفاقية الإنترلاين مع طيران ناس لتوفير رحلات ربط أكثر سلاسة من السعودية إلى العالم    آدم جونز يكشف إستراتيجيات ماستركارد لدعم التحول الرقمي في المملكة    أمير الشرقية يستقبل ضيوف الاثنينية و يدشن مقر الجمعية التعاونية الاستهلاكية    نائب أمير الشرقية : صعود القادسية سيضيف لرياضة المنطقة المزيد من الإثارة    استثمارات مليارية وفرص وظيفيّة كبيرة بملتقى المستثمرين الباكستاني- السعودي    تطوير المدينة تستعرض مواقع التاريخ الإسلامي في معرض سوق السفر 2024    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    أرامكو السعودية تعلن عن النتائج المالية للربع الأول من عام 2024    الموارد البشرية تطلق خدمة "أجير الحج" لعام 1445    اهتمام عالمي بصعود القادسية إلى دوري روشن السعودي    تعليم الطائف يحقق المركز الأول في دوري الفيرست ليغو 2024    تعليم الطائف يكرم الطالبات الموهوبات    المملكة توزع 6.500 سلة غذائية للمتضررين شرق خان يونس    وغاب ضي البدر وضيّ الحروف    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    مركز التنمية الاجتماعية في حائل يُفعِّل اليوم العالمي للإبداع والابتكار 2024    مركز الحماية الأسرية وحماية الطفل في حائل يقيم مأدبة عشاء لمنسوبيه    الأرصاد: لاتزال الفرصة مهيأة لهطول الأمطار بعدد من المناطق    الهلال يحسم الكلاسيكو على حساب الأهلي    مالكوم: حققنا فوزاً ثميناً.. وجمهور الهلال "مُلهم"    "آيفون 15 برو ماكس" يحتل صدارة الأكثر مبيعاً    العُلا تنعش سوق السفر العربي بشراكات وإعلانات    ولي العهد يعزي رئيس الامارات بوفاة الشيخ طحنون    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    حظر ممارسة النقل البري الدولي بدون بطاقة التشغيل    المملكة وتوحيد الصف العربي    لصان يسرقان مجوهرات امرأة بالتنويم المغناطيسي    فهد بن سلطان يقلّد مدير الجوازات بالمنطقة رتبته الجديدة    «الدون» في صدارة الهدافين    عقوبات مالية على منشآت بقطاع المياه    «ستاندرد آند بورز»: الاقتصاد السعودي سينمو 5 % في 2025    مؤتمر لمجمع الملك سلمان في كوريا حول «العربية وآدابها»    «أحلام العصر».. في مهرجان أفلام السعودية    استقبل أمين عام مجلس جازان.. أمير تبوك: المرأة السعودية شاركت في دفع عجلة التنمية    هل تتلاشى فعالية لقاح الحصبة ؟    اختبار يجعل اكتشاف السرطان عملية سريعة وسهلة    وزير الحرس الوطني يستقبل قائد القطاع الأوسط بالوزارة    أنسنة المدن    ريادة إنسانية    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة من الهلال    الهلال يتغلب على الأهلي والاتحاد يتجاوز الابتسام    اختتام "ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم المشروعات الفائزة والجهات الشريكة    فنون العمارة تحتفي بيوم التصميم العالمي    لاعب الهلال "الشهري" يحصل على جائزة أفضل هدف في الجولة 30    افتتح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي.. الصمعاني: ولي العهد يقود التطور التشريعي لترسيخ العدالة والشفافية    أبو الغيط يحذّر من «نوايا إسرائيل السيئة» تجاه قطاع غزة    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    بكتيريا التهابات الفم تنتقل عبر الدم .. إستشاري: أمراض اللثة بوابة للإصابة بالروماتويد    جواز السفر.. المدة وعدد الصفحات !    الحرب على غزة.. محدودية الاحتواء واحتمالات الاتساع    أكذوبة «الزمن الجميل» و«جيل الطيبين»..!    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستفزاز والنهي عن المنكر
نشر في الحياة يوم 07 - 11 - 2013

قبل أسبوعين استوقف أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيدة منقبة كانت تشتري لأولادها في إحدى الأسواق، وطلب منها أن تضع عباءتها على رأسها. فقالت له: «لا تستفزني»، تعبيراً عن غضبها من تصرفه غير المبرر.
كنت أظن أن موضوع إلزام النساء على تغطية وجوههن، تعللاً بأنه واجب شرعي عفا عليه الزمان، لكن على ما يبدو أن تطبيق الشرع عند بعض إخواننا في الهيئة يختلف من مدينة إلى أخرى في المملكة هذا من ناحية. من ناحية أخرى من المستغرب أن الرئاسة العامة للهيئة لا تزال مصرة على إرسال بعض أعضائها أصحاب الفقه المتواضع إلى الطرقات. فقد أجمع العلماء أنه لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا العالم بالمسألة التي يأمر بها وينهى عنها، قال سفيان الثوري: «لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كانت فيه خصال ثلاث: رفيق بما يأمر رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر عدل بما ينهى، عالم بما يأمر عالم بما ينهى». وقال الضحاك والطبري: «لإن الدعاء إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يصلح إلا لمن علم المعروف والمنكر، فإن الجاهل ربما أمر بمنكر ونهى عن معروف، وربما عرف حكماً في مذهبه مخالفاً لمذهب غيره، فينهى عن غير منكر ويأمر بغير معروف». ثم إن موضوع جواز كشف وجه المرأة في الشريعة الإسلامية خلافي ومحل اجتهاد منذ أمد بعيد. وإن حَمْل المسلمين على التقيد بمذهب من دون غيره من المذاهب الأربعة لا يجوز شرعاً. كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يصح في هذه المسألة، لأن الأمور الاجتهادية ليست محلاً للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها، وإنما محلها ما كان متفقاً عليه من الواجبات والمنهيات الشرعية، والنهي لا يكون إلا عن منكَر محرَّم، فأين المنكر الذي وجده عضو الهيئة في امرأة منقبة؟
أجمع معظم العلماء أن تغطية وجه المرأة خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم. إذ كان يجب عليهن أن يحجبن وجوههن فضلاً عن بقية البدن، أي إن المعنى الأصلي للاحتجاب هو حماية نساء النبي صلى الله عليه وسلم من لقاء الرجال الأجانب من دون حجاب، والابتعاد بشخوصهن تماماً عن أبصار الرجال. وأكد الإمام ابن حجر خصوصية الرسول صلى الله عليه وسلم عن بني البشر، بقوله: «وفي الحديث، يقصد حديث نزول آية الحجاب، من الفوائد مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين، قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به، فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، والأدلة على أن الحجاب نزل في نساء الرسول صلى الله عليه وسلم بخاصة كثيرة. منها: عن أنس بن مالك: «أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما اصطفى لنفسه من سبي خيبر صفية بنت حيي قال الصحابة: ما ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد؟ فقالوا: إن يحجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد... الحديث». وحديث زواج الرسول، صلى الله عليه وسلم، من ريحانة بقوله: «فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، وكانت من نسائه، يقسم لها كما يقسم لنسائه، وضرب الرسول صلى الله عليه وسلم عليها الحجاب». نلاحظ في هذه الأحاديث وغيرها الكثير التركيز على جملة «وضرب عليها الحجاب»، لأنه لو كان هذا الفعل اعتيادياً في بقية النساء لما كرره الرواة كثيراً في أحاديثهم عن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم. وإذا تتبعنا الأحاديث الصحيحة في من ضُرب عليهن الحجاب لا نجد إلا أسماء زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم. ولا يوجد حديث واحد يشير إلى أن النساء عامة كنّ يحجبن وجوههن عن الرجال، وإذا علمنا أن الأحاديث الشريفة السالفة الذكر وغيرها تبين بجلاء خصوصية حجب وجوه نساء الرسول صلى الله عليه وسلم عن الرجال، ففي المقابل هناك أحاديث كثيرة تشير إلى أن النساء عامة كنّ سوافر الوجوه. فمعظم الأحاديث النبوية تشير إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرف وجوه النساء اللاتي يكلمهن، ويناديهن بأسمائهن. وأحصيتُ 86 حديثاً كلها تتضمن كشف النساء لوجوههن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلافة الراشدة.
أما القول أن الخمار الذي إذا أرادت المرأة أن تدنيه من رأسها إلى نحرها يجب أن يمر على وجهها مردود، لأن جمهور العلماء اتفقوا على أنها من الزينة التي يتضمن إبداؤها، الكحل في العين والأقراط وهما ممن يسلتزم رؤية محلهما من البدن. وموضع الكحل في العينين، وموضع الأقراط في الأذنين. ولو أن المرأة زينة من أعلا رأسها إلى أخمص قدميها لما احتاج الأمر إلى استثناء الظاهر حتى يصح إبداؤه ورفع الحرج عن ذلك، ولا ريب أن المقصود من الظاهر الوجه والكفين
والدليل على جواز رؤية الكحل في عين المرأة ما ورد في «الصحاح» من حديث سبيعة بنت الحارث: «تجملت للخطاب». وهذه الحادثة وقعت بعد حجة الوداع. ولو أراد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن ينهاها، فما الذي منعه من ذلك؟ بل على العكس فقد أيّدها ووافقها، وهذا الحديث لم يطرأ عليه نسخ ولا اجتهاد، وهو ما يجعل الحكم ثابتاً، وأجمع العلماء على أن استنباط الأحكام الشرعية إنما تؤخذ من الأحاديث المتأخرة لا المتقدمة، عملاً بأحكام الناسخ والمنسوخ. ولو أراد الله تعالى أن يجعل ضرب الخُمُر على الوجه فريضة على النساء لأنزلها صراحةً في كتابه العزيز، فمعنى الوجه في اللغة يختلف عن معنى النحر. أما آية الجلباب فلا دلالة فيها على أن وجه المرأة عورة يجب عليها ستره، بل هو أمر مطلق. فالإدناء على الزينة ومواضعها التي لا يجوز لها إظهارها. وحينئذٍ تنتفي الدلالة المذكورة عند القائلين بها. وجدير بنا أن نتوقف عند معاني مفردات قوله تعالى: «أدنى أن يعرفن». فالدنو هو «القرب»، ولا يمكن تفسير الآية بأنها تعني: «لكي لا يعرفن» بل على العكس، فهي تعني: «لكي يعرفن فلا يؤذين». ولا يمكن أن يعرف الإنسان من دون رؤية وجهه، فينتفي بذلك حجة القائلين بأن الجلباب هو لتغطية الوجه.
* باحث في الشؤون الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.