وزير "البيئة" يعقد اجتماعات ثنائية على هامش المنتدى العالمي العاشر للمياه في إندونيسيا    الجامعة العربية تؤكد أن أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    استمطار السحب: حديث الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد حول مكة والمشاعر يمثل إحدى فرص تحسين الطقس    نائب وزير الخارجية يشارك في اجتماع رفيع المستوى بين مركز الملك الفيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وتحالف الحضارات للأمم المتحدة ومركز نظامي جانجوي الدولي    اتحاد كرة القدم يحدد روزنامة بطولاته    غرفة أبها تدشن معرض الصناعة في عسير    يايسله يوضح حقيقة رحيله عن الأهلي    "الإحصاء": 1.8% معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان في المملكة    علامة HONOR تعلن عن رعايتها لمسابقة إجادة اللغة الصينية بعنوان "جسر اللغة الصينية" في المملكة العربية السعودية    ملتقى النص المعاصر: احتفالية شعرية وفنية تُضيء سماء نابل    الجمعية العليمة السعودية للصحة العامة ساف تشارك في مؤتمر يوم الابحاث    سفير إندونيسيا لدى المملكة: "مبادرة طريق مكة" نموذج من عناية المملكة بضيوف الرحمن    وزير الصحة الماليزي: نراقب عن كثب وضع جائحة كورونا في سنغافورة    مستشفى دله النخيل ينهي معاناة عشريني يعاني من خلع متكرر للكتف وكسر معقد في المفصل الأخرمي الترقوي    الديوان الملكي: تقرر أن يجري خادم الحرمين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة    رياح مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من الشرقية والرياض    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    شهداء ومصابون في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    السفارة السعودية في تشيلي تنظم حلقات نقاش بعنوان "تمكين المرأة السعودية في ظل رؤية المملكة 2030"    لقب الدوري الإنجليزي بين أفضلية السيتي وحلم أرسنال    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    مقتل 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    محتالة تحصل على إعانات بآلاف الدولارات    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    الماء (2)    جدول الضرب    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    طبخ ومسرح    اطلع على مشاريع التطوير لراحة الحجاج.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يتفقد المشاعر المقدسة    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    زيارات الخير    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    وزير التعليم: تفوّق طلابنا في «آيسف 2024» يؤسس لمرحلة مستقبلية عنوانها التميّز    الهلال يحبط النصر..    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    قائد فذٌ و وطن عظيم    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    بتوجيه الملك.. ولي العهد يزور «الشرقية».. قوة وتلاحم وحرص على التطوير والتنمية    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيضة من الحجاب... أم الحجاب من البيضة؟
نشر في الحياة يوم 19 - 06 - 2013

اقتبست عنوان مقالتي هذه من الجملة المشهورة، التي تدور على ألسنة جماعة الجدل البيزنطي «البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة؟». في عام 2006 صدر في المملكة قانون يحظر عمل الرجال في متاجر الملابس النسائية، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ، ثم بعد بضعة أعوام صدر قرار ملكي بالسماح بعمل المرأة في المحال الخاصة ببيع المستلزمات النسائية، استفادت على إثره الكثير من النساء المعيلات لأسرهن، بالمقابل صدرت الكثير من الفتاوى الدينية تُحرِم عمل المرأة في المحال؛ بل ألغت محكمة في الرياض ترخيص الحكومة، والقرارات التي أصدرتها وزارة العمل بالسماح للنساء بالعمل مع الرجال في مكان واحد، وأيد الحكم أيضاً ديوان المظالم، ما أثار جدلاً واسعاً ولغطاً كبيراً بين أوساط أصحاب الشركات والمؤسسات، ومنهم من فصل الكثيرات من العمل خوفاً من جماعة هيئة الأمر بالمعروف أو المحتسبين.
قبل شهرين اجتمع الطرفان الديني والسلطي، وتوصلا إلى حل وسط، مفاده أن يوضع جدار عازل بين النساء والرجال في المحال التجارية، بارتفاع 160سم، هذا القرار كان عبئاً إضافياً على أصحاب المحال؛ لأن ديكورات المحال يجب أن تتغير وفقاً للنظام الجديد، ومع هذا كله بقي بعضهم يحمل راية استخدام «الفيتو» على عمل المرأة، فقرروا شن حرب على النساء العاملات، لإرهابهن، لكي يعدن إلى بيوتهن، بالتهديد، بالتحرش بهن في أثناء عملهن، متكئين في تحليل فتياهم تلك على قصة الزبير حين أراد منع زوجته من الذهاب إلى المسجد.
قضية الحجاب من أكثر القضايا إثارة للخلاف والجدل في المجتمع السعودي، فهي محور الخلاف الرئيس في عمل المرأة، وقيادتها السيارة، وممارستها الرياضة، وبطاقتها الشخصية، وخروجها من المنزل... إلخ.
بالعودة إلى موضوع الجدار العازل بين النساء والرجال في المحال، أقول: يُعرّف هذا الفعل لغة وشرعاً بالحجاب؛ لأن الحجاب معناه الساتر، يقال: حجب الشيء يحجبه حجباً وحجاباً. ستره، إذا اكتن من وراء الحجاب. حجب بينهما: حال. والحجاب: ما حال بين شيئين. أي أن الحجاب لغة هو التعبير عن بعد مكاني، يميز عتبة بين منطقتين مميزتين، وحجب الشيء هو عملية تقسيم الحيز أو الفضاء إلى قسمين اثنين يتم إخفاء أحدهما عن الآخر. قال الراغب الأصفهاني: «الحجب والحجاب هو المنع من الوصول»، إذاً الأصل في الحجاب أنه جسم حائل بين جسدين، ويمكن الاستنتاج أن كلمة «حجاب» لا تعني الفصل بين جنسين مختلفين، بل هو لفظ مطلق، وربما يكون بين ذكرين اثنين.
مصطلح الحجاب بات مصطلحاً مطاطياً يندرج تحته أمور لم يأتِ بها نص شرعي، والخلط بين معاني الحجاب، والخمار، والجلباب أصبح شائعاً؛ حتى أن كلمة حجاب أصبحت تُطلق على هذه المفاهيم الثلاثة من دون تفريق، في القرآن الكريم توجد ثلاث آيات عن هذا الموضوع؛ آيتان في سورة النور، وآية في سورة الأحزاب. الأولى وردت بلفظ الحجاب، والثانية بلفظ الجلباب، والثالثة بلفظ الخمار، ولكن مقصد اللفظ في كل آية مختلف تماماً عن المقصد في الأخريين.
الآية الأولى والوحيدة التي وردت فيها كلمة حجاب: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب)، أجمع العلماء أن المقصود فيها نساء النبي، صلى الله عليه وسلم، فحسب، إذ يجب عليهن أن يحجبن وجوههن فضلاً عن بقية البدن، أي أن المعنى الأصلي للاحتجاب هو حماية نساء النبي، صلى الله عليه وسلم، من لقاء الرجال الأجانب من دون حجاب، والابتعاد بشخوصهن تماماً عن أبصار الرجال، وهذا ما فهمه عمر، رضي الله عنه، من المقصود بالحجاب، فعندما توفيت حفصة ابنته زوجة الرسول، صلى الله عليه وسلم، سترها النساء عن أن يرى شخصها، وأن زينب، رضي الله عنها، جعلت لها قبة فوق نعشها ليستتر شخصها.
أكد ابن حجر خصوصية الرسول، صلى الله عليه وسلم، عن بني البشر بقوله: «وفي الحديث – يقصد حديث نزول آية الحجاب - من الفوائد مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين. قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به - يقصد أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، - فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين... والحاصل أن عمر، رضي الله عنه، وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي، فقال له: يا رسول الله لو اتخذت حجاباً، فإن نساءك لسن كسائر النساء، وذلك أطهر لقلوبهن»، وهو دليل على أن الحجاب نزل في نساء الرسول، صلى الله عليه وسلم، خاصة.
ثم إن التطرق لقضية عادة فصل النساء عن الرجال مهم جداً، وكنت قد تكلمت عنها في مقال سابق بتفصيل، بأنها بدأت منذ عهد البابليين، إذ كانت البيوت في بابل بها أجنحة خاصة للنساء، ثم انتقلت إلى اليونانيين القدامى، بعدها دخلت هذه العادة الكنائس المسيحية للفصل بين الرهبان والراهبات، أما في البلاد العربية والإسلامية فمذ دجا الإسلام لم تُعرف إلا في عهدي العباسيين والعثمانيين.
ثم إن هناك لبساً حاصلاً بين مفهوم الاختلاط المبتدع وبين الخلوة، فالشرع سمح للمرأة أن تتحدث للرجل شريطة وجود أناس غيرهما، فعن أنس بن مالك قال: «جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فخلا بها». وقال الإمام ابن حجر في «فتح الباري» بجواز ذلك شريطة ألا يغيبا عن الأعين، وأسقط شرط سماع حديثهما، أما المحظور في الشرع فهو الخلوة غير الشرعية، التي يمكن أن نعطي مثالاً لها زيارة رجل واحد لزوجة غاب عنها زوجها (مغيبة).
بناء على ما تقدم فإننا إذا اتفقنا على معنى الحجاب بأنه ذلك الستر أو الستارة التي أرخاها الرسول «صلى الله عليه وسلم» فحجز بين نسائه وبين أصحابه، هو نفسه الجدار الذي سيرفع بين النساء والرجال. فإن القول بأن على النساء المسلمات الاقتداء بنساء الرسول، صلى الله عليه وسلم، لا يصح على إطلاقه؛ ولا يمكن أن يؤخذ حكماً عاماً على النساء، ولا يمكن الاتكاء عليه، أو إسقاطه على حال الفصل بين الجنسين في المحال؛ ولا يصح أن يقاس عليه.
* باحث في الشؤون الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.