لم تفلح الكتابات عن فوضى شركات الاتصالات، لا أتحدث عن الخدمة ولا عن الفواتير مع إشاعات عن مشكلات معلوماتية لدى بعض منها بل عن مسائل أخرى، فمنذ أن ظهرت شرائح الجوال المسبقة الدفع تم التنبيه عن خطورتها لأن أغلبها دون أسماء حقيقية، ولم يتحقق تقدم يذكر رغم كارثة مساهمات «سوا» المالية الشهيرة، وتجاوز الأمر للمشغلين في رسائل تنهمر من كل حدب وصوب على المشتركين دون استئذان منهم، رسائل «حلب الجيوب» من كل لون وفئة، حتى دخلوا حلقة التمصلح التجاري من الدين استغلالاً للعاطفة الدينية. وقد كتبت هنا قبل فترة عن رسائل تصل للهواتف الجوالة تطالب بنصرة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، تحت عنوان «انصر نبيك... وخلينا نسترزق»، وتوقعت أن ينتج عن طرح الموضوع اهتمام أو صدى لكن لا فائدة، ثم بادر بعض الإخوة الغيورين وأرسلوا خطاباً لهيئة الاتصالات عن الموضوع، فجاء الرد بالشكر على غيرتهم وطلب معلومات كانت متوافرة أصلاً، ووفرت في خطاب لاحق... دون نتيجة تذكر حتى الآن. ووصل الأمر بالرسائل أن محلات «أبو ريالين» أصبحت ترسل هي الأخرى، وقنوات مكافحة «الحسد والمس» وإصلاح الخلافات الزوجية بزيادة الأرصدة البنكية استمرت في الإرسال مع غيرها في حراج الاتصالات. ومن الواضح أن لا سيطرة هناك على هذه الأنشطة لسبب غير معروف لي على الأقل. اعتقد أن هناك قدرة تقنية على ذلك واستغرب التراخي، مع انتهاك واضح لخصوصية المشتركين، إذ أصبح الجوال في جيبك مثل مسمار جحا الشهير تزوره الإعلانات قسراً، ومن الطريف ذكر أن بعض سكان الدول المجاورة يأتون إلى محافظات سعودية حدودية للحصول على شرائح جوال مسبقة الدفع، لأنها بدون اسم صريح وهو ما لا يتوافر في بلدانهم، وهناك شوارع معروفة في المدن الكبرى تباع فيها الشرائح بالجملة تسيطر عليها عمالة أجنبية في الظاهر والله وحده أعلم بالخافي؟ هذا الوضع الهلامي بحاجة إلى إعادة نظر وإصلاح، وقد لاحظ الجميع أن الهاتف الجوال استخدمه الإرهابيون وسيستمرون في استخدامه، وبلغ ذروة الاستخدام في حادثة محاول اغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية. وما الذي يمنع من استغلال حصيلة الرسائل المنهمرة لتمويل الإرهاب، وبخاصة مع تراخٍ واضح من شركات لا يهمها سوى تحقيق أكبر عائد، وجهات مشرفة تكتفي بالتحذير من خلال أخبار صحافية ويستمر الوضع على ما هو عليه. www.asuwayed.com