الصندوق السعودي للتنمية يسلم تونس 129 مسكنا    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي واليورو    المملكة مجددا رئيسا لمعهد المواصفات الإسلامي    51 شهيدًا بغزة اليوم وحصيلة العدوان بلغت 59,029 شهيدًا    انطلاق الدورة 56 للجنة العربية لحقوق الإنسان بالقاهرة    الدكتور الربيعة: استقرار حالة التوأم الملتصق السعودي (يارا ولارا) بعد 4 أيام من إجراء عملية فصلهما الناجحة    دول الخليج تدعو لتحرك دولي عاجل لفك الحصار عن غزة    القبض على (12) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (216) كيلوجرامًا من "القات"    بارتفاع طفيف.. قطاع البنوك يدعم تعاملات سوق الأسهم السعودية    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير دولة الإمارات لدى المملكة    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيد مناشطه الدعوية ضمن برنامج الأمن الفكري في المملكة العربية السعودية    مفردات من قلب الجنوب 5    أمير جازان يستقبل مدير فرع إدارة المجاهدين بالمنطقة    دمج 267 منصة حكومية ضمن "الحكومة الشاملة" لتحسين الخدمات الرقمية    السفارة السعودية في الفلبين تحث المواطنين على البقاء في مساكنهم خلال فترة هطول الأمطار    القيادة تهنئ ملك بلجيكا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    مركز التنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "تعرف علينا"        جمعية نجوم السياحة وفريق "صواب التطوعي" يوقعان اتفاقية تعاون    جمعية عين لطب العيون تطلق مشروع "اعتلال الشبكية    فريق EVOS Divine الإندونيسي يفوز بلقب بطولة Free Fire    توزيع أكثر من 1.3 مليون وجبة إفطار صائم في المسجد النبوي    ارتفاع أسعار النفط    أنهار قديمة تحت الجليد    طريقتان سريعتان لتخفيف التوتر    الثقافة العلاجية: بين التمكين والمبالغة    تأثير القهوة على نشاط الدماغ    قائد يصنع المستقبل    الردّف.. عبق التاريخ وجمال التطور    "اتحاد القدم" يتلقى اعتذاراً رسمياً من الهلال عن المشاركة في كأس السوبر السعودي 2025    خادم الحرمين يتلقى رسالة من ملك إسواتيني    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الوليد بن خالد    فهد بن سلطان يشيد بأعمال "الأمر بالمعروف"    الأمن الداخلي ينتشر والمساعدات تتدفق.. عودة تدريجية للاستقرار في السويداء    دراسة: الهواتف الذكية تساعد في الكشف عن الزلازل    مكافحة التعصب الرياضي    محمد بن عبدالعزيز يتسلم تقرير التعليم    المرور: 300 ريال غرامة قيادة الدراجة الآلية بدون رخصة    "قبول" تكشف مزايا الفرص الإضافية ل"تسكين الطلاب"    إدانة نائبة أمريكية في قضية سرقة قطة    الإكوادور تسلّم الولايات المتحدة زعيم أخطر عصابة لتهريب المخدرات    رصد 18 مكتب استقدام مخالفاً في الربع الثاني    تفقد مشروع صفوى- رأس تنورة.. وزير النقل يقف على مستوى تقدم المشاريع بالشرقية    «قصبة المضمار»    نجوم الغناء العربي يشاركون في موسم جدة    أرملة محمد رحيم تتهم عمرو دياب بسرقة لحن    " الثقافة" تطلق منحة الأبحاث المرتبطة بالحرف اليدوية    تقرير "911" على طاولة نائب أمير الرياض    جمعية "واعي جازان " ومركز مسارات يسلطان الضوء على ظاهرة الطلاق العاطفي    بعد غيبوبة طويلة مؤثرة في المشاعر.. الأمير الوليد بن خالد بن طلال إلى رحمة الله    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    الكابتن عمر الثاقب ل«الرياض» بعد فوزه بالذهبية: تنظيم بطولات البادل بالمملكة يرفع مستوى الوعي بها ويشجع على ممارستها    ريال مدريد لا يمانع رحيل روديغر للدوري السعودي    صفقتان فرنسيتان تعززان دفاع نيوم    أمير تبوك يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    61 ألف مستفيد من الإرشاد بالمسجد النبوي    مطلقات مكة يتصدرن طلبات النفقة المستقبلية باستقطاع شهري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموقف الإسرائيلي من الحدث السوري
نشر في الحياة يوم 13 - 06 - 2013

هدفان متضافران يحددان السياسة الاسرائيلية تجاه الصراع المحتدم في سورية، لا يخفيهما تصنع تل أبيب الصمت والحياد ولا حتى تصريحات بعض قادتها عن فقدان النظام شرعيته وأنه غير قادر بعد الذي جرى على الحكم.
أولهما، رغبة دفينة في بقاء النظام الحاكم بصفته نظاماً مجرباً حافظ على جبهة الجولان آمنة ومستقرة طيلة عقود، وهي رغبة قوية لم تضعفها الاشتباكات والمعارك التي اشتعلت بينهما بالأصالة مرة وبالوكالة مرات في جنوب لبنان وغزة، وأكدتها إعلانات تل أبيب المعروفة في أزمات سورية سابقة، عن ضرورة الحفاظ على السلطة القائمة، على أن تبقى ضعيفة للجم اندفاعاتها المؤذية، ويرجح ألا تتبدل هذه الرغبة إلا في حال تيقنت إسرائيل من قدرة حلفائها الغربيين على التحكم بعملية التغيير في سورية والسيطرة على مجرياتها بما في ذلك ضمان حكومة انتقالية تقودها معارضة معتدلة غير متعجلة لفتح ملف الجولان المحتل.
وثانيهما، تغذية استمرار الصراع حتى يستنزف أطرافه ويمتص طاقة المجتمع ويأخذه نحو المزيد من التفسخ والاهتراء كي تأمن جانبه موضوعياً لعشرات مقبلة من السنين، والرهان الاسرائيلي أن ينشغل السوريون حتى آذانهم في ما حصل من خراب ودمار وأيضاً بصراعاتهم وتشرذماتهم الداخلية، ربما كي ينسى الجولان المحتل ويغدو مصيره كمصير لواء إسكندرون.
من هذه القناة، يمكن النظر إلى تباين سياسات حكومة تل أبيب المعلنة، ويصح تفسير بعض الإجراءات العملية المتناقضة التي تقوم بها.
إسرائيل التي لا تتأخر في الرد على أية مصادر للنيران، يطلقها وإن خطأ، الجانب الآخر من الحدود، ووجهت ضربات جوية متكررة ضد أهداف عسكرية في العمق السوري، طاولت منذ شهر، مباني ومنشآت مهمة في ريف دمشق، بهدف معلن هو منع وصول أسلحة متطورة إلى «حزب الله» قد تبدل الستاتيكو القائم، وربما بهدف مستتر هو تدمير بعض أماكن تخزين الأسلحة الإستراتيجية، هي إسرائيل ذاتها التي لا تخشى لومة لائم حين تعلن صراحة أنها تخشى من وصول الاسلام السياسي إلى سدة السلطة في سورية ومن انتعاش التيارات الأصولية وما يمكن أن يحمله ذلك من تهديد لأمنها واستقرارها.
هي إسرائيل التي واجهت بالحديد والنار محاولات بعض المتسللين الفلسطينيين والسوريين اختراق الخط الفاصل في ذكرى هزيمة حزيران (يونيو) العام الماضي، وبادرت الى بناء سور عازل يمتد على طول الجبهة، والتي قال وزير دفاعها وهو يتابع بعض المعارك بين قوات النظام ومجموعات «الجيش الحر» على مشارف هضبة الجولان: «إن ما يحصل لا يقدر بثمن، وهي إسرائيل ذاتها التي راقبت عن كثب استيلاء مجموعات من «الجيش الحر» على مناطق وقرى في الجانب المقابل من هضبة الجولان، بينما غضت الطرف عن القصف بالطائرات والاختراقات بالأسلحة الثقيلة التي قامت بها قوات النظام في مدينة درعا مع بداية الثورة، ثم سمحت بدخول الدبابات السورية إلى معبر القنيطرة، لإعاقة سيطرة «الجيش الحر» عليه، مغفلة عن عمد الحظر المفروض على تحليق الطيران أو دخول السلاح الثقيل إلى المناطق الحدودية تبعاً لاتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974.
وهي إسرائيل التي تعرض في شكل فضائحي الانتهاكات المروعة والارتكابات الخطيرة التي تجرى في سورية، والتي يشاع أنها قدمت تقارير توثق استخدام السلاح الكيماوي في بعض المناطق، هي ذاتها التي بذلت ولا تزال تبذل جهوداً نوعية عبر النصائح والتحذيرات وعبر تشجيع الشرق على التشدد في تمكين النظام، وعبر الضغوط كي تمنع الغرب من الاندفاع نحو تقديم دعم جدي للمعارضة السورية يمكّنها من تغيير موازين القوى القائمة، معتمدة على اللوبي اليهودي ليس فقط في أميركا وأوروبا والمؤثر في سياساتهم الشرق أوسطية، وإنما أيضاً في روسيا وقد تنامى وزنه وبات دوره مؤثراً أيضاً في قرارات الكرملين المتعلقة بالمنطقة والحدث السوري.
وبهذه السياسة تضع حكومة تل أبيب عينيها على غرض إستراتيجي، ربما يندر الحديث عنه ويعتبره البعض انجراراً إلى ميدان التحليلات التآمرية، هو مصلحتها المضمرة في الإبقاء على محور «المقاومة والممانعة» لكن ضعيفاً، كي تستمر هذه الفزاعة في تهديد العرب، وتشغلهم عنها، ما يفسر المماطلة في التعامل مع الملف النووي الإيراني على رغم التهديدات النارية، ويفسر من جانب آخر صمتها عن الدخول الكثيف ل «حزب الله» في الصراع السوري، فلا ضير في أن يستفيد النظام من دعم حلفائه على أساس مذهبي، وثمة فائدة بأن يفضي تورط «حزب الله» إلى ضرب أهم كوادره ومقاتليه والإجهاز على ما تبقى من سمعته السياسية كحزب مقاوم.
وبهذه السياسة تعالج تل أبيب أيضاً مخاوفها من وصول الاسلاميين إلى الحكم في سورية، والذين طالما توسلوا في تعبئتهم، شعارات مناهضة إسرائيل وتحرير الجولان والمقدسات في فلسطين، وهي مخاوف تضاعفت اليوم مع وصول الاسلام السياسي إلى السلطة في عدد من البلدان العربية ومع التحسب الشديد من احتمال تشكل طوق خطير من قوى وأنظمة إسلامية تحيط بإسرائيل من مصر إلى سورية مروراً بحركة حماس، من دون إغفال تنامي دور الجماعات الاسلامية في الأردن ولبنان.
عادة ما يوضع اللوم على إسرائيل في كل أزمة أو محنة وطنية نمر بها، وعلى رغم وضوح دوافع الثورة السورية ووضوح أسباب العنف السلطوي المفرط الذي قوبلت به، تشي أحاديث الكثيرين باتهامات للعدو الصهيوني بأن له أصابع خفية في ما يحصل، وتسمع البعض يردد العبارة النمطية، بأن ما يتعرض له الشعب السوري هو مؤامرة تديرها إسرائيل، ربما لإحساسهم بأن تل أبيب تقف وراء المواقف السلبية للغرب والمجتمع الدولي من الانتهاكات المروعة بحق المدنيين السوريين، وربما لأن إسرائيل تبدو الرابح الأكبر من رحى العنف والفتك والتدمير التي تطحن البلاد.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.