استمرار التوقعات بهطول الأمطار مع انخفاض في درجات الحرارة ب3 مناطق    نائب أمير مكة المكرمة يستقبل منسوبي الإمارة    أمير تبوك يستقبل وزير الحج والمهنئين بالعيد    «البنك الدولي»: %5.9 نمو اقتصاد السعودية في 2025    تحرك مشترك وآليات للتنسيق الخليجي لمواجهة التطورات    الهلال يتحصن من «العين»    تركي آل الشيخ يعلن أسماء أبطال العالم المشاركين في بطولة العالم للملاكمة    وزير الخارجية: تعزيز مصالح «الخليج» وآسيا الوسطى يجعل منطقتنا آمنة ومستقرة ومزدهرة    سعود بن جلوي يستقبل منسوبي محافظة جدة    «رافد» تدعو أولياء الأمور للتسجيل في خدمة النقل المدرسي    ورود وحلويات للعائدين لمدارسهم بعد إجازة العيد    المرور: لا حاجة للتسجيل لخفض قيمة المخالفات 50 %    الموافقة على تشكيل مجلس أمناء جامعة المؤسس    اقتصاد حائل يولد 28 مليار ريال في السياحة والتصنيع    كيف تصبح أكثر تركيزاً وإنتاجية في حياتك ؟    5 أكلات تريح القولون    ثلث النساء يعانين من صداع نصفي أثناء الدورة الشهرية    أمانة جمعية الكشافة تقيم حفل معايدة لمنسوبيها    القوات الجوية تُشارك في التمرين الجوي المختلط «علَم الصحراء» في الإمارات    الحزام    انخفاض قياسي للسلع والخدمات    إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية على انخفاض    يتنكر بزي كيس قمامة لسرقة المنازل    «إمكان التعليمية» تواصل دعم طلاب منهج «كامبريدج»    ارتفاع أسعار العقارات السكنية وانخفاض التجارية    شاهد | أهداف مباراة تشيلسي وإيفرتون (6-0)    تعزيز التبادل الثقافي واستلهام التجارب الناجحة.. انطلاق المهرجان السينمائي الخليجي    أحد الفنون الشعبية الأدائية الشهيرة.. «التعشير الحجازي».. عنوان للفرح في الأعياد    الكشف المبكر لسرطان الثدي    ماذا بعد العيد ؟    الأخضر الأولمبي يواجه طاجيكستان في كأس آسيا    «ماسنجر» يتيح إرسال الصور بجودة عالية    السراب وراء غرق «تيتانيك»    مراحل الوعي    البكيرية يتغلب على هجر بهدف في دوري يلو    القيادة تُعزّي سلطان عُمان في ضحايا السيول والأمطار    أكثر من 380 ألف طالب وطالبة بتعليم جازان ينتظمون في 2,659 مدرسة    قوة الاقتصاد السعودي    25.187 ترخيصا للأجهزة السلكية الخاصة    المنطقة الشرقية تستضيف منتدى التكامل اللوجستي    بيع 40 ألف تذكرة "لكلاسيكو" الأهلي والهلال    فيلم «شباب البومب» الأول في السعودية والأردن    الوضع في منطقتنا.. خياران لا ثالث لهما    وزارة الحج والعمرة تكمل استعداداتها لإطلاق النسخة الأولى لمنتدى العمرة والزيارة    13 فكرة من آداب استخدام «الواتساب».. !    تكتيك الحرب عند ترمب !    أزمة نقل ركاب الجوف.. !    الخليج بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للطائرة    السلام.. واتس !    جراحة دقيقة تعيد بناء وتصنيع المريءالأولى من نوعها بالقصيم..    وسط أجواء احتفالية.. أكثر من 30 ألف طالب وطالبة ينتظمون في مدارس مكتب تعليم بيش بعد العيد    زعماء العالم لا يؤيدون التصعيد بين إسرائيل وإيران    انطلاق فعاليات مهرجان محمية الملك سلمان بالقريات    أمير نجران: أعزّ الله الدولة وولاة أمرها بالإسلام وخدمته    نائب أمير مكة يستقبل المهنئين    فهد بن سلطان ينوه بدعم القيادة لقطاع الحج والعمرة    فهد بن سلطان يستقبل وكلاء ومنسوبي الإمارة بمناسبة عيد الفطر المبارك    أمير تبوك يواسي أبناء الشيخ علي بن احمد بن رفادة في وفاة والدهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا يتلاعب التلفزيون باقتناعات الأطفال
نشر في الحياة يوم 23 - 05 - 2013

تنتاب أناس كثر رغبة قوية في تحطيم جهاز التلفزيون حين يشاهدون أطفالهم يحملقون بشاشته، مشدوهين أمام مشهد غرامي حاد يعتدي على طفولتهم، أو منشدين متابعة سلسلة مثيرة عن الجريمة وكيفية القيام بها، وأسلوب تنفيذها.
السلبيات الفكرية التي تتسرب من بعض البرامج والأفلام التلفزيونية لا تكاد تخفى على أحد، وآثارها جلية وملموسة على الأفراد، وتكبر ويتسع قطبها وفق انفتاح المجتمع أو انغلاقه.
تعتقد سوسن خالد، من جامعة الملك فيصل، بأن متابعتها المسلسلات والأفلام منذ الطفولة أدت إلى تشويه قناعاتها: «كنت أسمع وأنا طفلة في الثامنة من عمري أن أخي الكبير يعاني من مشاكل في المدرسة. وعلى رغم أنني كنت في الصف الثاني الابتدائي، فإنني أوشكت أن أقوم بفكرة جريئة بسبب تأثري بالمسلسلات التي توحي بأن الرجل يخاف من المرأة ويلبي لها كل رغباتها لأنها أنثى وجميلة».
وتضيف: «هذا ما قاله لي عقلي الصغير: اذهبي وكلمي أساتذة أخيك وسيرتجفون منك ويعاملونه معاملة حسنة، ويكفّون عن مضايقته وسينقلونه إلى صف جديد. وكنت عازمة على التوجه إلى مدرسة الذكور بعد نهاية الدوام. ولولا أنني أفشيت المهمة لأحد أخوتي قبل التنفيّذ، لحدث ما لا تحمد عقباه».
وتفصح مريم عبد الله عن صدمتها من طفلتها، ابنة السنوات الست، حين وصفت «القرقيعان» ب»عيد الهالووين»، أثناء زيارتهما إلى بيت زميلتها في المدرسة للمرة الأولى: «ماما! جئنا إلى هنا في عيد الهالويين»! وتسأل الأم في صدمة: «كيف نسيت طفلتي عادة القرقيعان وقلبته إلى عيد غربي لم تسمع عنه إلا في التلفزيون؟».
ويمتعض كثيرون من الآباء والتربويين مما يعرض للصغار من برامج، لكون غالبيتها لم تعدّ أصلاً لهم. «فهي برامج أجنبية، مؤدلجة بقيم أجنبية لها خطورتها على ثقافتنا الإسلامية. ولا شك في أن تكرار البرامج التي تقدم الفكرة ذاتها بتنويع بسيط تحدث تأثيراً عميقاً وقوياً»، يقول احدهم.
وأكثر ما يخيف الآباء هي الأفلام والمسلسلات المليئة بالجرائم والقتل والعنف والتدمير والإرهاب والتمثيل بالجثث والانتقام البشع والعدوان الشنيع، باعتبارها مولدة لشخصيات منحرفة، وتسهل التفكير بالتقليد والمحاكاة. ويحذر المتخصص النفسي أحمد حسن آل سعيد (من برنامج الرعاية النفسية الأولية بالشرقية) من مشاهدة أفلام العنف والأفلام التي تدس المعلومات المغلوطة، باعتبار أن التلفزيون مربٍ رابع بعد الوالدين والمدرسة والمسجد.
ويضيف: «تعلق الأطفال بالتلفزيون في شكل جنوني، وإدمانهم عليه منذ الاستيقاظ من النوم حتى يناموا، يأكلون ويشربون أمامه، من شأنه أن يؤثر سلباً في ذهنية الطفل الذي يكتسب سلوكه بالتقليد والمحاكاة بحيث تلتقط عينه وعقله كل ما يمر بهما».
وفي هذا السياق، تؤكد دراسة صادرة عن جامعة «جونز هوبكنز» الأميركية أن «الأطفال الصغار الذين يقضون ساعات طويلة في مشاهدة التلفزيون، يصبحون أكثر عرضة للاضطرابات السلوكية في مراحل لاحقة من حياتهم».
وغالباً ما يرافق الجمود الجسدي جمود ذهني، وفق رأي آل سعيد الذي يرى أن «التلفزيون يتسبب في حبس الطفل وتعطيل مهاراته الاجتماعية وقطع تواصله مع الآخرين، كما يجمد نشاطاته ومواهبه».
المسلسلات الخليجية
وتقول المتخصصة الاجتماعية النفسية سهام علي الياسين، التي تحمل شهادة الماجستير في تربية الموهوبين، إن «أخطر مرحلة عمرية تتعرض للتلفزيون هي من عمر سنتين إلى خمس سنين، بحيث يتسبب فيها التلفزيون بتعطيل عضلات العين وكل مهارات الطفل، ويعطيه تصوراً مختلفاً عن الدنيا».
وتشير الياسين إلى أن الطفل يمتلك الكثير من المهارات من خوف ورعب واكتئاب، معتبرة أن «المسلسلات الخليجية تسبب تفككاً أسرياً، ما يجعل الطفل يفتقد إلى الاستقرار وتشعره بالاكتئاب، فضلاً عن احساسه بأن مصيراً أسود ينتظر أحد أبويه».
ووصفت الياسين التلفزيون ب «المعلم الأول، والأداة الأكثر تأثيراً في الأسر السعودية»، وتعتبر وسائل الإعلام أدوات مسيطرة وآسرة لعقول الأطفال. وتقول: «ثمة آباء يضعفون أمام رغبات أطفالهم، ويوفرون جهاز ال»آيفون» لمن هو في عمر الخامسة».
إلى ذلك، تؤكد الياسين أن التلفزيون يتسبب بالبدانة لدى أطفال كثر، وأحياناً يكون وراء هزالهم وضعفهم حين يفقدهم الشهية والرغبة في الأكل، «كما يؤدي إلى تعطيل الجانب العصبي عند الطفل، ما يجعله عصبي المزاج، متوتراً، ويساهم في إفساد ودّه بأبويه وتخريب ثقافته».
ورأت أن «من الحلول أن على الأم أن تكون واعية وتسعى لأن تشغل أوقات طفلها، وتبني علاقة ود بينها وبينه فتبتعد عن الصراخ والضرب وكل ما يجعلها متسلطة في نظره، وتوفر له مساحة للعب ويوم للخروج والنزهة وتنمي مهارته الاجتماعية، ومن أجل كل هذا لا بد من أن يضع الأبوان برنامجاً يكون فيه اللعب والحوار مدروساً وهادفاً وبينت أن باللعب يستطيع الأبوان توجيه طفلهما بالطريقة لتي يريدونها ومن خلاله أيضاً يمكنهما رسم مستقبله المهني والثقافي والديني أيضاً بتوفير الأدوات الصناعية المتعلقة بتلك المهنة واللعب على أساسها، مشيرة إلى أن الطفل يشاهد التلفزيون ليستمتع فإذا شغل فراغه بما يحب لم يعد يحتاج إلى التلفزيون. ومنه يخلق الأبوان علاقة وطيدة مع الطفل ولا يجد من يحبه أكثر منهما».
وتشدد الاختصاصية النفسية على ضرورة عدم المبالغة في المنع باعتبار كل ممنوع مرغوب ولأنه يجره إلى الفضول وحب الاستطلاع، مؤكدة ضرورة الحوار الهادئ «حتى لو صدر عنه سلوك خاطئ». وتلفت إلى أن «العائلات التي تشاهد برامج تلفزيونية جيِّدة وهادفة، تستفيد مما هو إيجابي من التلفزيون، وتقلل من تأثيراته السلبية فيها. لذا يجب الحرص على مشاهدة برامج تلفزيونية ثقافية غنية بمحتوياتها، كما يجب تجنيب الطفل مشاهدة البرامج التجارية التي لها تأثير سلبي فيه وفي صحته. فإذا لم تبد الأُم قلقها من كثرة مشاهدة الطفل للتلفزيون، ولم تبذل جهداً للسيطرة على أوقات المشاهدة، يصبح الجهاز من أكثر المؤثرات سلبية في حياة الطفل».
400 مليون مصاب بالسمنة المفرطة
يساهم التلفزيون في انتشار البدانة التي تجتاح العالم حالياً. ووفق تقديرات «منظمة الصحة العالمية»، هناك 22 مليون طفل دون سن الخامسة مصابون بالبدانة. وتقدر المنظمة أن أكثر من بليون ونصف البليون شخص فوق سن الخامسة عشرة يعانون زيادة الوزن، بينهم 400 مليون مصاب بالسمنة المفرطة.
ويؤكد متخصصون وباحثون أن الأطفال الذين يقضون وقتاً أطول أمام شاشة التلفزيون هم أكثر عرضة للإصابة بالبدانة من الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون لفترة أقل. ويعزون الأمر إلى إعلانات الطعام التي تدفعهم إلى اختيار أصناف الطعام الغنية بالدهون والسكر، إضافة إلى سكونهم وعدم ممارسة النشاطات الجسدية التي تساعد على حرق الدهون، من لعب أو جري أو قفز.
ووفق أطباء العيون، فإن الجلوس إلى مسافة قريبة جداً من التلفزيون وتركيز البصر على الشاشة والمشاهدة في حجرة مظلمة، يزيد من حدة الضوء الذي تستقبله العين، وبذلك يعرضها للإرهاق والضعف.
وكشفت دراسة بريطانية أن ضعف قدرات الأطفال اللغوية عند وصولهم إلى سن الدراسة هو نتيجة احتواء برامج الكبار على ألفاظ كثيرة وعبارات متنوعة لا يفهم الطفل معناها ولا تفي بها قدراته اللغوية.
ويؤخذ على كثير من البرامج هبوط مستواها اللغوي، واعتمادها في شكل رئيس على اللهجات العامية، وإغراقها في الخيال المطلق بعيداً من قدرة الطفل ومستواه العقلي ومقدرته على التصور والتخيل. وهي سبب مباشر في شرود الذهن عند الطلاب، تنعكس لا شعورياً في أعماقهم وترتد في خيالاتهم على صور من السرحان.
وتخلص دراسة صادرة عن مستشفى الأطفال في مدينة سياتل الأميركية إلى أن مشاهدة التلفزيون من جانب الأطفال الرضّع، تحدث تغييرات في التركيبين الوظيفي والتشريحي لأدمغتهم، ما يجعلها عرضة لاضطراب فقدان التركيز نتيجة الإيقاع السريع للصور والأصوات التي تتلاحق على الشاشة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.