«عكاظ» ترصد.. 205 ملايين ريال أرباح البنوك يومياً في 2024    المجرشي يودع حياة العزوبية    القضية المركزية    وزير الدفاع يبحث مع نظيره البوركيني التطورات    توجيه بسحب الأوسمة ممن يفصل من الخدمة    تدخل عاجل ينقذ حياة سيدة تعرضت لحادث مروري    وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    فيصل بن نواف: جهود الجهات الأمنيّة محل تقدير الجميع    السعودية وأميركا.. صفحة علاقات مختلفة ولكنها جديدة    الهلال يتطلع للحسم أمام الأهلي    القادسية لحسم الصعود أمام أحد.. الجبلين يواجه العين    هدف لميسي وثلاثية لسواريس مع ميامي    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على بدر بن عبدالمحسن    صندوق البيئة يطلق برنامج الحوافز والمنح    هيئة الشورى تقر إحالة عدد من التقارير والموضوعات    تقويم لائحة الوظائف والنظر في المسارات والفصول الثلاثة.. ماذا تم..؟    ثلاثة آلاف ساعة تطوعية بجمعية الصم بالشرقية    أمير الرياض يحضر افتتاح مؤتمر «المروية العربية»    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    وزير الموارد البشرية يفتتح المؤتمر الدولي للسلامة والصحة المهنية    الذكاء الصناعي ركيزة في الرؤية    فيصل بن مشعل: يشيد بالمنجزات الطبية في القصيم    شاركني مشاكلك وسنبحث معاً عن الحلول    القيادة تهنئ ملك هولندا    "جاياردو" على رادار 3 أندية أوروبية    القيادة تهنئ ملك هولندا بذكرى يوم التحرير لبلاده    إبعاد "حكام نخبة أوروبا" عن روشن؟.. القاسم يردّ    (800) منتج وفرص استثمار.. الرياض تستضيف أكبر معرض لصناعة الدواجن    مهرجان الحريد    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    "سلمان للإغاثة" يُدشِّن البرنامج الطبي التطوعي لجراحة القلب المفتوح والقسطرة بالجمهورية اليمنية    البحث عن حمار هارب يشغل مواقع التواصل    أمراء ومسؤولون وقيادات عسكرية يعزون آل العنقاوي في الفريق طلال    فلكية جدة : شمس منتصف الليل ظاهرة طبيعية    باسم يحتفل بعقد قرانه    تأملاّيه سياسية في الحالة العربية    60 طالباً وطالبة يوثقون موسم «الجاكرندا» في «شارع الفن» بأبها    أبها تستضيف أول ملتقى تدريبي للطلاب المشاركين في برنامج الفورمولا 1 في المدارس    الدور الحضاري    رحيل «البدر» الفاجع.. «ما بقى لي قلب»    المعمر، وحمدان، وأبو السمح، والخياط !    ورحل البدر اللهم وسع مدخله وأكرم نزله    عزل المجلس المؤقت    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    انطلاق تمرين "الموج الأحمر 7" بالأسطول الغربي    محافظ الطائف يناقش إطلاق الملتقى العالمي الأول للورد والنباتات العطرية    حتى لا نفقد درراً !    إستشارية: الساعة البيولوجية تتعطَّل بعد الولادة    وصول التوأم السيامي الفلبيني "أكيزا وعائشة" إلى الرياض    على واقع المظاهرات الطلابية.. أمريكا تعلق شحنة أسلحة لإسرائيل    آل معمر يشكرون خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    رونالدو يسجل أرقام قياسية بعد الهاتريك    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل ويشهد حفل التخرج    النملة والهدهد    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الافتراء في كتاب الإبراء
نشر في الحياة يوم 08 - 05 - 2013

وإذا أراد الله نَشْرَ فضيلةٍ طُويت أتاحَ لها لسانَ حَقود
نظريات وأساليب جوزف غوبلز وزير الدعاية السياسية في الحركة النازية معروفة ومشهورة ومتداولة، بسبب اعتمادها على تسويغ تكرار الأضاليل والتلفيقات مرة بعد أخرى كوسيلة للسيطرة على عقول الجماهير، وهو القائل: اكذب، اكذب، ففي النهاية لا بد أن يصدق الناس شيئاً من ذاك الكذب.
ويتبدى للمتابعين في هذه الآونة لهذه المسائل، أنّ أُسلوب غوبلز ومنهجه لم يسقط بسقوط هتلر، بل هو مستمر إلى أيامنا هذه، حيث إنّ بعض الدول، والقيادات والحركات السياسية ما زال يلجأ إلى هذا الأسلوب في الدعاية الجماهيرية أو الترويج للآراء السياسية.
حين يتابع المرء الأسلوب الدعائي للتيار الوطني الحر الذي يقوده العماد ميشال عون، يلاحظ تأثره بشكل كبير بأسلوب غوبلز المشار إليه، والدليل الساطع على ذلك، هو كتاب ما يسمى ب «الإبراء المستحيل» الذي انطلق واضعه من جملة افتراءات كان قد أطلقها بعض غلاة المعارضين للرئيس الشهيد رفيق الحريري خلال مراحل عمله في الشأن العام، للتصدي له ولمواجهة ما حققه من إنجازات في لبنان. والتيار المذكور قد أضاف على تلك الافتراءات الكثير من بنات أفكاره ليكتمل تحقيق الهدف الذي ما فتئ يسعى إليه في تشويه إنجازات الرئيس الشهيد والذي يعبر عنه قول مشهور «إذا أردت أن تقتل إنساناً أطلق عليه شائعة». وعلى ذلك فقد قام التيار العوني بتجميع كل تلك الافتراءات والتلفيقات، في كتاب ليسهل تداولها وكأنها حقيقة ثابتة.
فليتخيل القارئ العزيز، المشهد الحالي الذي نحن فيه اليوم، الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي حمل على أكتافه مهمة إعادة إعمار ما دُمّر بالحرب وعمل على تعزيز الوحدة الوطنية وإقدار لبنان على التلاؤم مع متطلبات المستقبل، بعد أن كان للعماد عون نصيب كبير في ما تعرض له لبنان من تدمير وتراجع وانحسار في الدور. الرئيس الحريري الذي قام بإعمار ما ساهم العماد عون في تدميره، ينتهي الأمر به، مُتهَماً ومُهاجَماً، هو وفريقه من قبل العماد عون نفسه! فيا للعجب ويا لسخرية القدر!
في تلك الفترة التي تولى فيها العماد عون مقاليد الحكومة العسكرية، تعرض الجيش اللبناني لدمار كبير وكذلك البنية التحتية في بيروت الكبرى. طبعاً، كانت حصة المناطق الشرقية من بيروت من الأذى أكثر من غيرها. كذلك، فقد تعرضت كل مؤسسات الدولة لدمار هائل، بما فيها مكاتب وزارة المالية، مع قسم من مستنداتها التي احترقت بفعل القصف الذي أمر به العماد عون.
كذلك، فقد تسبب العماد عون بتدمير إضافي للقصر الجمهوري، وفي انتهاك حرمته، وكذلك في وزارة الدفاع. هذا إضافة إلى أن العماد عون عَرَّضَ لبنان واللبنانيين إلى تراجع وتدهور كبيرين على أكثر من صعيد اقتصادي ومعيشي واجتماعي ووطني، إلى أن كانت المبادرة العربية لحل الأزمة في لبنان والتي أنتجت اتفاق الطائف الذي وضع حداً للمأساة اللبنانية المديدة والتي شارك العماد عون في صنع مراحلها الأخيرة.
جاء الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ومن عمل معه في محاولة جادة وطموحة لإعادة إعمار هذا الكم الهائل من الدمار ولإعادة بناء الدولة اللبنانية في ظل ظروف شديدة الصعوبة، محفوفة بالمخاطر والعراقيل ومحاولات التفشيل والاستغلال، من أكثر من فريق محلي وإقليمي. وتكون النتيجة بعد كل تلك التضحيات، أنّ العماد عون ذاته يأتي ليقول اليوم إنّ الطائف «مزبلة» ولينفث أحقاده من خلال محاولة بائسة لتشويه صورة من سعى وقام بإعادة الإعمار وإعادة بناء الدولة، وهنا المفارقة الغريبة.
كتاب «الإبراء المستحيل» الذي وصفه العماد عون بأنه: «أهم كتاب في العالم»! هو في الحقيقة توليف وتركيب لمجموعة من الافتراءات والتلفيقات بهدف تشويه صورة تيار المستقبل وإنجازات الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن ثم تشويه صورة القيادات التي اعتمدت المسارات ذاتها التي اختطها الرئيس الشهيد.
لم يكتفِ العماد عون وتياره في إطلاق هذه الجملة من الافتراءات والتلفيقات في كتابهم هذا، بل ذهبوا بعيداً في كونهم تجاهلوا وعن قصد، على ما يبدو، تناول ما شهدته البلاد من مظاهر فساد في ظل الحكومة التي يشارك تياره فيها بعشرة من الوزراء، وهي كثيرة وكثيرة جداً. هذا التيار الذي يدّعي أنّ قضيته الأولى وشغله الشاغل هو محاربة الفساد، تجنبَ الحديث بالطبع عن فضائحَ بالجملة راوحت بين حماية المطلوبين للعدالة والسكوت عن الترويج لحبوب الكبتاغون إلى فضيحة المازوت الأحمر إلى غض النظر عن الدواء المزور والمغشوش، إلى السكوت عن الجمارك السائبة والمباريات الرياضية المباعة، إلى الفضائح التي تزكم الأنوف والتي يرتكبها وزراؤه ولا سيما في قطاعي الكهرباء والاتصالات والإمعان في مخالفة القوانين وعدم تطبيق بنودها الملزمة.
كل ذلك لم يجعل العماد عون وتياره يتوقفون أمامه أو يرفعون الصوت استنكاراً وشجباً له. بل بقوا عملياً مصرين على مكافحة الفساد فقط بالقول وليس بالفعل وفي أحيان كثيرة باقترافه.
المفارقة الغريبة أنّ الفساد بنظرهم هو كل ما يقوم به خصمهم السياسي وأن كل ما يقومون به هو الصلاح بعينه! ويا ليت ذلك كان صحيحاً، وهذا دليل كاف على ضعف حجتهم وفساد شعاراتهم وسوء مقاصدهم.
سأتركك عزيزي القارئ مع صفحات هذا الرد على الافتراءات لأكرر ما كنت أعلنته سابقاً: من يرِد فعلاً كشف كيف أُنفقت الأموال في لبنان، وأين كان الفساد وأين كانت الشفافية وكيف طبقت وكيف حجبت، فليوافق على إقرار مشروع القانون الذي تقدمنا به في أيار (مايو) من عام 2006 للتدقيق في حسابات الدولة اللبنانية منذ عام 1989 وحتى الآن وذلك باعتماد الآليات الدولية التي تعتمد هذا الأسلوب بحيادية وموضوعية وبعيداً عن الغرضية وحسب ما أصبحت تعتمده كبريات الدول في العالم. تعالوا نترك السجالات والحروب الإعلامية بأساليب غوبلز أو أساليب العماد عون ولنذهب بموضوعية نحو المحاسبة الشفافة والحيادية. ترى لماذا يهرب التيار العوني من هذه الأساليب ويصر على اعتماد الافتراء والتشويه؟
خطورة ما لجأ إليه العماد عون وتياره من أسلوب يتعمد التشويه ومجانبة الحقيقة بكونه يثبط همم الساعين بصدق وإخلاص إلى العمل في خدمة الشأن العام اليوم وفي الغد أيضاً.
وهذا ما ينطبق عليه قول الإمام علي في رسالته إلى أحد الولاة: «لا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان، وتجرئةً لأهل الإساءة على الإساءة».
لقد أردْنا للمرة المئة التوجه إلى اللبنانيين لأننا نحترم عقولهم ونحترم ضمائرهم ونعرف اهتمامهم بحاضر بلادهم ومستقبلها. لا يستطيع الجنرال عون وتياره الاستمرار في الافتئات على الحقيقة وعلى اللبنانيين وعلى الناس أجمعين. فمع الإمعان في الغي الذي يمارسه العماد عون، يصبح الإبراء مستحيلاً بالفعل على العماد عون وتياره.
لكم كنا نتمنى أن يتوجه النقاش نحو الجانب الاقتصادي لمعالجة تحديات المستقبل، وأن يكون الهم الأساسي أولويات الناس والبحث عن حلول حقيقية ومستدامة للمشاكل الكثيرة والمتعاظمة التي تواجهنا كلبنانيين.
ولكم كنا نتمنى أن نتحاور مع تكتل التغيير والإصلاح حول الخيارات المتاحة من أمام لبنان للعبور بالوطن نحو شط الأمان، ولكن يبدو أن اهتماماتهم كانت في مكان آخر.
لكن، على رغم كل ما تقدم، فنحن ننظر إلى المستقبل بعيون كل الشعب اللبناني، لن نلجأ إلى السباب والشتائم ولن نتحدث بلغة لا علاقة لها بتاريخنا. وهذه أمورٌ التزمناها في هذا الكتيب كما سيتبين للقراء الكرام، فالرد يستند إلى الوثائق والحجج، ووراء ذاك الأخلاق، والأمانة للمصلحة الوطنية العامة.
* رئيس وزراء لبنان السابق والنص هو مقدمة كتاب «الافتراء في كتاب الإبراء» كتبها الرئيس فؤاد السنيورة والكتاب من إعداد كتلة المستقبل النيابية وإصدار وتوزيع الدار العربية للعلوم ناشرون، وأصبح اليوم في متناول القراء في المكتبات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.