هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية تصدر تقرير إنترنت السعودية 2024    سمو ولي العهد يستقبل سمو وزير الرياضة ورئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ورئيس وأعضاء مجلس إدارة النادي الأهلي والجهازين الفني والإداري ولاعبي فريق كرة القدم بمناسبة تحقيقهم بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة 2025    ٦٠ مراقبا ومراقبه في ورشة عمل مشتركة بين الأمانة وهيئة الغذاء    حفل ختام وحدة الثقافة والفنون بكلية الآداب في جامعة الإمام عبدالرحمن    المطلقة غير صالحة للزواج    ضبط مواطنًا لارتكابه مخالفة التخييم في محمية الملك عبدالعزيز الملكية    محافظ الطائف يكرّم الجهات المشاركة في برامج وفعاليات أسبوع المرور    المدينة في عيون الأدباء: أمسية أدبية تحتفي بجمال المدينة المنورة    "مبادرة طريق مكة".. تأصيل للمفهوم الحقيقي لخدمة ضيوف الرحمن    الصندوق الكشفي العالمي يثمّن تمديد دعم المملكة لمبادرة "رسل السلام"    المعرض السعودي للدهانات Saudi Arabia Coatings Show يفتتح أبوابه غداً في الدمام    ولي العهد يعلن إطلاق شركة "هيوماين" كرائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي    الدكتور عبدالعزيز الهلالي يحصد الميدالية الفضية في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2025    تخصصي تبوك يحتفل باليوم العالمي للتمريض    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحقق صافي ربح قدره 67.4 مليون ريال في الربع الأول من 2025 بنمو 11%    أمانة الشرقية تكثف الاجتماعات مع البلديات لتحقيق الاستدامة المالية وتحسين جودة الحياة    القصيم: انتاج طائر الكرك الاكحل المهاجر    ورشة "قرح الفراش" ترفع الوعي وتعزّز جودة الرعاية في منازل مستفيدي القصيم الصحي    جدة تشهد بطولتي العالم للبلياردو والماسترز للسنوكر يوليو وأغسطس 2025    وداعًا يا أمير التنمية والإزدهار    انخفاض الذهب بعد محادثات إيجابية بين الصين وأمريكا    "الأرصاد": أمطار غزيرة ورياح شديدة على منطقة الباحة    إنقاذ مريضة تسعينية من بتر الطرف السفلي    الجيش الهندي يعلن عن "أول ليلة هادئة" في كشمير    الناصر: أرامكو أثبتت قوة أدائها وأرباحها ر    اليوم..القمر يظهر بحجم أصغر في سماء السعودية لتزامنه مع نقطة الأوج    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى    رياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة وأمطار على الجنوب    استشهاد 16 فلسطينيًا    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة ينهي تحضيراته ل "آيسف 2025"    حاجة ماليزية تعبر عن سعادتها بالقدوم لأداء فريضة الحج    40 مليون عملية إلكترونية لمنصة "أبشر" في أبريل 2025    عبدالعزيز بن سعود يرعى حفل تخريج 1935 طالبًا من كلية الملك فهد الأمنية    في الجولة 33 بدوري يلو.. 9 مواجهات في توقيت واحد.. النجمة للصعود رسمياً ل"روشن".. والعين لتجنب الهبوط    سورلوث مهاجم أتلتيكو يتفوق على ميسي ورونالدو    تحضيرًا لجولتي الحسم في تصفيات مونديال2026.. الشرقية تجهز الأخضر لمواجهتي البحرين وأستراليا    ديوانية الأطباء تكرم البحرينية بثينة عجلان    عودة «عصابة حمادة وتوتو» بعد 43 عامًا    أمريكية وابنها يحصلان على الماجستير في اليوم نفسه    الهروب إلى الخيال..    السعودية تقود المشهد من حافة الحرب إلى طاولة التهدئة    "اعتدال" و"تليجرام" يزيلان 16 مليون مادة متطرفة في 3 أشهر    بعد 50 عامًا في المدار… سقوط مركبة سوفيتية فاشلة    بتنظيم من وزارة الشؤون الإسلامية.. اختتام تصفيات أكبر مسابقة قرآنية دولية في البلقان    انطلق بمشاركة 100 كادر عربي وأوربي.. أمين الرياض: «منتدى المدن» يعزز جودة الحياة ويقدم حلولاً مشتركة للتحديات    أسرة الجهني تحتفي بزواج عمّار    91 % نسبة رضا المستفيدين عن أداء الموظفين بديوان المظالم    المملكة تواصل ريادتها الطبية والإنسانية    نادي القادسية يتوّج بكأس وزارة الرياضة لكرة الماء    القادسية يحسم لقب الدوري الممتاز لكرة القدم تحت 17 عامًا    لوران بلان: الاتحاد لا يخشى أحدًا!    جراحة روبوتية لإنقاذ طفل مصاب بفشل كبدي بالرياض    الأمير سعود بن نهار يطلع على الخدمات المقدمة للحجاج في مطار الطائف    الحصار الإسرائيلي يحرم مستشفيات غزة من توفير الغذاء للمرضى    أمير منطقة تبوك يرعى بعد غد حفل تخريج متدربي ومتدربات المنشات التدريبية    السعودية تقود جهود السلام كأول دولة ترسل مبعوثا إلى الهند وباكستان    الأمير ناصر بن محمد يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه نائبًا لأمير منطقة جازان بالمرتبة الممتازة    تخريج الدفعة ال 19 من طلاب جامعة تبوك الأربعاء المقبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارضة السورية ورحلة العودة إلى «الأرض»
نشر في الحياة يوم 22 - 02 - 2013

لو أن المعارضة السياسية السورية، كانت مبدعة، وديناميكية، وحرة من الداخل بما يكفي، لحسمت أمرها في هذه الأيام، واتخذت قراراً تاريخياً بالعودة إلى الداخل، والاندماج مع قوى الثورة، والتفاوض مع النظام وداعميه الإقليميين والدوليين، ومع داعمي الثورة السورية ذاتها، من ذلك الموقع العالي، بدل مساومة النظام، أو استجداء دعم هذه القوة أو تلك.
إن من يتابع أحداث الثورة السورية عن كثب، سيلاحظ أنها اليوم تكتنف سياقين اثنين، تجري أحداث الأول في الداخل، وعناوينه العريضة: العمل العسكري ضد قوات النظام، والتقدم التدريجي وفق استراتيجية عفوية، شائعة في حروب التحرير الشعبية، هي البؤر المتعددة، والقضم المتوالي لقوى الخصم حتى انهيارها كما «الباب المنخور»، وفق النظرية الشهيرة لماوتسي تونغ.
وينشط الثاني سياسياً خارج البلاد، وعناوينه عجز عن اختراق الجدار الذي فرضته إيران وروسيا لحماية النظام دولياً، والإحباط من موقف الدول الإقليمية والدولية الداعمة للثورة، والذي أقل ما يقال فيه، إنه دعم محدود، يبقي على رمقها، لكنه لا يكفي لإنجاز الحسم المأمول.
لقد أصبحت فاعلية ممثلي الثورة السياسيين في أدنى مستوياتها، بعد أن تباعدت الشقَّة كثيراً بينها وبين قوى الداخل. فمعارضة الخارج لم تصبح فقط ذات تأثير محدود جداً في قوى الداخل، بل إنها لم تعد تعرف فعلياً ما يجري هناك، وهو ما وجدته القوى الداعمة، سبباً وذريعة لإهمالها، والبحث بين قوى الداخل عمن تضع يدها بيده، أو لنفض تلك اليد، من القضية السورية برمتها.
هذا في الوقت الذي تتفاقم فيه مشكلات الداخل بسبب غياب القيادة والرؤية السياسية عن الميدان الثوري، فلا صوت هناك سوى صوت السلاح، وتتأزم أحوال السكان المدنيين، الذين عدموا أي وسيلة أو أداة، لإدارة مناطقهم وخدماتهم بطريقة مناسبة، بخاصة في المناطق المحررة، التي يعيش فيها نحو عشرة ملايين سوري، يشكلون الحاضنة الاجتماعية للثورة، ويؤدي تردى أوضاعهم إلى انخفاض مناعة الثورة عموماً في شكل كبير.
إن عودة الساسة وحضورهم بين المقاتلين، سيضع حداً للمعضلة الأخلاقية التي يروج لها النظام وبعض قوى الثورة، حول رفاهية السياسي وشقاء الثائر، وسيرفع وجود السياسيين تحت أعين أبناء الشعب، تهمة المتاجرة في دهاليز السياسة، وسيساهم حضورهم في عقلنة السلاح، وسيتولون بالتدريج أمور الخدمات والإدارة المدنية، مما سيحرر كتائب الثوار من هذا العبء الذي لا يدخل في صلب اختصاصه ومهامها، وسيجعلها أكثر تفرغاً وقدرةً على ملاحقة أهدافها العسكرية في إطار حرب التحرير الشعبية.
وفي الداخل أيضاً، ثمة فرصة لتلاقي قوى المعارضة وتوحدها، التي ستواجه خطراً واحداً، بينما تتفرق وتتوزع في الخارج، بتعدد مصادر الدعم وتفرق مصالح الداعمين.
وعلى الصعيد الخارجي، سيؤدي ذلك إلى استعادة السوريين زمام قضيتهم، بعد أن أصبحت كل مفاتيحها بأيدٍ خارجية، وسيعيد وجود القادة السياسيين على الأرض السورية، النظر إلى تلك الأرض، بعد أن فقد الحدث السوري، جاذبيته الإعلامية بفعل التكرار والاعتياد.
من الناحية الإجرائية، يبدو الوقت مناسباً جداً أيضاً، إذ يسيطر الجيش الحر على مساحات شاسعة من الأرض، ويبدو الشمال السوري بأسره، قاب قوسين او أدنى من التحرر التام، وصار لدى كتائب الجيش الحر ما يكفي من الخبرة والإمكانيات لتأمين السياسيين والدفاع عنهم، كما تتوافر كل شروط التواصل والاتصال مع العالم الخارجي عبر شبكات الانترنت والهواتف الفضائية، التي طوّرها الثوار كثيراً في السنتين الفائتتين، وبخاصة الإعلاميين منهم.
وبالطبع، ستكون لمثل هذه الخطوة مخاطرها ومحاذيرها، وأولها أن تتحول إلى عملية سطو سياسي على تضحيات الثوار، ومحاولة لتعويض الفشل في الخارج، وأيضاً، قد تصادف هذه الخطوة عدم ترحيب، وربما ممانعة من بعض قادة التشكيلات العسكرية، الذين سيعتبرون ذلك منافسة لهم في قطاعاتهم ومناطق نفوذهم، وبلا أدنى شك أيضاً، ستنظر القوى الإسلامية الجهادية، بعدم الرضا، لحضور النخبة السياسية، التي تعدُّ بغالبيتها من اليساريين والديموقراطيين، أو من تسمّيهم ب «العلمانيين»، وتعتبرهم من بين خصومها، بوصفهم «الآخر» أيديولوجياً.
وأيضاً قد يترتب على مثل هذه الخطوة، تراجع في الدعم الخارجي للثورة، بخاصة إذا فسّرت القوى الإقليمية والدولية المرتبطة بها، خطوة من هذا النوع، على أنها نكران وتجاهل لإرادة تلك القوى ومصالحها، وستحاول الضغط على المعارضة السياسية للإبقاء عليها في حقل سيطرتها ونفوذها.
ويقع العبء الأكبر في حلّ هذه المعضلات على المعارضة السياسية وحدها، وهو اختبار عملي وجدي لمدى «سياسية» عناصرها، فالسياسي الذي لا يستطيع مدَّ جسور التواصل مع قوى الأمر الواقع، ويفشل في التكيف معها، ثم إعادة تكييفها بطريقة غير مباشرة، لا يستحق لقب أو صفة سياسي. وفي الحقيقة تزخر المعارضة السورية بمنتحلي هذه الصفة، من غير الموهوبين، وغير المؤهلين، لقيادة المجتمع أو تمثيله، وتتيح هذه المناسبة الفرصة لاختبارهم وغربلتهم، وصولاً إلى نخبة يعوّل عليها في التقدم بخطى واثقة إلى سدّة الحكم والسلطة، في مرحلة ما بعد سقوط النظام، على نحو ما جرى في البلاد قبيل حقبة الاستقلال الأول وأثناءها.
وفي مطلق الأحوال، وسواء كان هذا المقترح، بالعودة الى العمل من الداخل، بدل العمل مع الداخل، صائباً أو غير صائب، فإن الحاجة ملحّة جداً اليوم، لكسر جمود المعارضة السياسية السورية، وإلى تجاوز نفسها، على صعيد الرؤى والسياسات، وعلى صعيد الأفراد والهيئات، لمواكبة التحولات الدراماتيكية على أرض الواقع، التي لا يبدو أن أحداً يلاحظها بجدية.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.