في خطوة تعدّ سابقة، اشترى التلفزيون السويدي حقوق عرض المسلسل التركي «كذبة»، لتكون السويد أولى دول الشمال التي تعرض على جمهورها مسلسلاً تركي الإنتاج. وقال مدير مشتريات القناة يوران دانستين: «تأتي خطوتنا هذه التي لا تخلو من تجريب، كنوع من الانفتاح على انتاج تلفزيوني مختلف عما اعتاد المشاهد السويدي رؤيته من مسلسلات معظمها أميركية أو أوروبية». وأضاف: «لنا شرف المبادرة في عرض المسلسل التركي قبل سوانا من الدول الإسكندينافية وشمال أوروبا. ونتوقع أن تحذو حذونا هذه الدول، وقد نتشجع سوياً في تقديم أعمال أخرى، لكنّ هذا يتوقف، على مقدار إعجاب جمهورنا بهذه الدراما». ووصف دانستين المسلسل بأنه «ممتع وقد يكون بين أقوى المسلسلات الدرامية التركية التي أنتجت أخيراً، علماً أن أكثر من 30 دولة تحمست لشرائه قبلنا، مثل اليونان وكازاخستان وفيتنام». المسلسل يدور حول سيدة متزوجة تدعى «ايلين» لديها كل أسباب السعادة: زواج موفق ووضع مالي جيد ونجاح على أكثر من مستوى. كان هذا قبل توديعها زوجها في المطار وقبل سماع خبر سقوط الطائرة التي كان على متنها. أما المفاجأة التي بنى المسلسل عليها حبكته فجاءت مع اكتشافها متأخرة إن زوجها لم يكن بين الركاب لأنه لم يصعد إلى تلك الطائرة أبداً، بل كان متجهاً الى حياة أخرى، لتصل ايلين الى قناعة بأن حياتها الزوجية كلها بُنيت على «كذبة». على صعيد آخر، أنتج التلفزيون النروجي أخيراً مسلسلاً درامياً بعنوان «أخوة»، يدور حول شابين كرديين دخلا الى النروج بطريقة غير شرعية وواجهتهما فيها صعوبات كثيرة، عولجت في أربع حلقات عرضها التلفزيون السويدي. يستعيد «أخوة» موضوع الهجرة من منظور إنساني يتجاوز الكثير من الكليشيهات التي لازمت أعمالاً تلفزيونية أو سينمائية ذات صلة بمشاكل إندماج المهاجر في المجتمعات الغربية. ويسلط العمل الضوء على الظروف القاهرة كمسبب رئيسي يدفع الناس الى الهجرة أولاً ثم يحدد مسؤولية الطرف الثاني، الحاضن المستقبلي للمهاجرين وقصر نظره في التعامل مع مجموعات ليست بالضرورة متوافقة بالكامل مع ثقافته، لكنها تملك القاسم الانساني نفسه. وهذا ما حرص المسلسل على عرضه عبر شخصيتين وجدتا نفسيهما فجأة في ظروف غريبة وفي مناخ مختلف مع أصول تكوينهما الثقافي والأخلاقي، والذي مهد المسلسل حلقته الأولى بأكملها لفهمه. فالشابان جاءا من كردستان العراق، لكنّ أصولهما ليستا منه بل من ايران التي هجرها أهلهما مع ما يقارب من أربعين ألفاً إبان ثورة الخميني أملاً في تحسن الظروف والعودة ثانية الى ديارهم. وبعد ثلاثين عاماً لم يرجع منهم إلا القليل، فيما بقيت الغالبية في العراق وعانت مثل بقية أكراد البلاد من قسوة نظام صدام حسين وكانت عائلة «شاران» من بينها. يتابع المسلسل الظروف القاسية التي عاشت فيها عائلة «شاران» في قرية بائسة قتل فيها أفراد الجيش شقيقه، فقرر الهجرة بصحبة المراهق «مانو» الذي كان بمثابة «الأخ الاصغر» له. لم يُطل المسلسل تفاصيل الوصول الى النروج، بل دخل مباشرة الى المتن الدرامي وعرض كيفية استغلال المهربين للمهاجرين وكيف يدفعونهم أحياناً الى ارتكاب أفعال مخالفة للقانون وكيف يستغل مجرمو النروج ضعف حالهم لأغراضهم الشخصية. وفي المقابل فتحت بقية الحلقات ثغرة في النسيج الدرامي عبر متابعة حياة المراهق «مانو»، وما قدمته من نموذج إيجابي للمهاجر. فالمراهق العفوي المسالم أحب الشعر ومضى الى تعلم اللغة محاولاً الاندماج مع وسطه الجديد... لكنّ ارتباطه «الأخوي» كان يجره الى مواقع ومشاكل أخرى تنغص حياته وتبدد أحلامه الكبيرة من دون أن تلغي، دواخله البسيطة وروحه الإنسانية العميقة. ويأتي عرض هذين العملين في سياق انفتاح ملحوظ لدول اسكندنافيا على منطقتنا والإهتمام بمشاكلها الذي يجد دوماً طريقه الى شاشات تلفزيوناتها، عبر برامج منوعة مثل التغطيات الإخبارية أو الأفلام الوثائقية الى جانب الندوات والحوارات.