نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    رئيس بلدية محافظة صبيا يُجري جولة ميدانية لمتابعة مشاريع التنمية والخدمات    اينيجو مارتينيز صخرة دفاع النصر الجديدة    القادسية يختتم جولته التحضيرية في المملكة المتحدة بتعادل سلبي مع نوتنغهام فورست    الخليج يضم العمري من الاتحاد    جامعة الملك فيصل تعلن تفتح التسجيل الالكتروني في البرامج المدفوعة    الروبوتات التفاعلية تخدم زوار ومشاركي مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم بمكة المكرمة    إنهاء معاناة مقيمة عشرينية باستئصال ورم وعائي نادر من فكها في الخرج    رفض عربي وعالمي لخطة إسرائيل بالاستيلاء على غزة    تحذير أممي من المجاعة وسوء التغذية في الفاشر    اكتشاف قطع فخارية وأدوات حجرية تعود إلى 50 ألف سنة في القرينة بالرياض    الأمم المتحدة ترحب باتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    أمطار رعدية غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق بالمملكة    روسيا تدين توسيع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها في قطاع غزة    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 7.9% خلال يونيو 2025    الجزائر تدين المخططات الإسرائيلية لإعادة احتلال قطاع غزة    فريق بصمة الصحي التطوعي يطلق فعالية «اﻻﺳﺒﻮع اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺮﺿﺎﻋﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ» بجازان    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    السعودية تحصد لقبها الثاني في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    السفير الصيني: 52 شركة صينية تشارك في معرض الصقور    جامعة الباحة تعلن استحداث القبول للدراسات العليا    بعد ضم مدافع برشلونة.. النصر يسعى لحسم صفقة كومان    يوتيوبر مغربي يحصل على حقوق نقل دوري روشن    الطريق إلى شرق أوسط مزدهر    إيران تضبط 20 مشتبهاً بالتجسس لصالح الموساد    المملكة تعزي في ضحايا انفجار مخلفات الذخائر.. لبنان.. توترات أمنية والجيش يحذر    آل طارش والعبدلي يزفون سامي    الشمراني عريساً    «المنافذ الجمركية»: تسجيل 1626 حالة ضبط خلال أسبوع    قبل قمة بوتين وترمب.. زيلينسكي يحذر من استبعاد أوكرانيا    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    تطور المدفوعات الإلكترونية.. السعودية.. تسريع التحول الرقمي والشمول المالي    عزنا بطبعنا    العصرانية وحركة العصر الجديد    «التواصل» السلاح السري للأندية    فدوى عابد تنتهي من «برشامة» وتدخل «السلم والتعبان»    مدل بيست تختتم حفلات الصيف في جدة والرياض    نجاح استمطار السحب لأول مرة في الرياض    دعم إعادة التمويل العقاري    أخضر ناشئي اليد يتأهل لثمن نهائي بطولة العالم    ممرضة مزيفة تعالج 4000 مريض دون ترخيص    هيئة الصحة تستهدف وقايتهم من مخاطر السقوط.. 4 منشآت صديقة لكبار السن مع خطة للتوسع    أسعار النفط تحت وطأة شائعات السلام وحرب التعريفات    الغاز الطبيعي يشهد تحولات عالمية    المملكة تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش    «موانئ» تحقق ارتفاعًا بنسبة 12.01% في مُناولة الحاويات خلال يوليو 2025    خطيب المسجد الحرام: تعاونوا على مرضاة الله فهي غاية السعادة    إمام المسجد النبوي: الأمن من الخوف سكينة تغمر الحياة    إكرام الضيف خلق أصيل    تهنئة سنغافورة بذكرى اليوم الوطني    استمرار الدعم الإغاثي السعودي في سوريا والأردن    محافظ خميس مشيط يتفقد مركز الرعايه الصحية بالصناعية القديمة    فريق النجوم التطوعي ينفذ مبادرة صناعة الصابون لنزيلات دار رعاية الفتيات بجازان    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع الدستور بين «نعم عبدالحليم» و «لا صباح»
نشر في الحياة يوم 15 - 12 - 2012

من أمام المقر الموقت لسفارة المحلة الكبرى في الحديقة العامة الصغيرة على رصيف مسجد عمر بن عبدالعزيز المواجه لقصر الاتحادية، جلست مجموعات من الشباب في ساعة مبكرة من صباح أمس وقد انهمكت في نشاطها اليومي. منهم من أخذ مقشة وبدأ ينظف ما تبقى من الرصيف أمام مقر سفارة المحلة التي أعلنت استقلالها الأسبوع الماضي في إشارة رمزية إلى الاعتراض على الدستور والإعلان الدستوري ومن يقف وراءهما، ومنهم من عاد لتوه من مهمة شراء ساندويتشات فول وفلافل من محل قريب خارج مربع «الاتحادية» المحاصرة بالأسلاك الشائكة والسياج الحديد. آخرون انغمسوا في متابعة ما يحدث في العالم الخارجي من خلال هواتفهم الخليوية وكومبيوتراتهم المحمولة وجرائدهم اليومية.
وعلى الجانب الآخر حيث قصر الاتحادية، وقف جنود من الحرس الجمهوري في مهامهم التأمينية على خلفية بألوان زاهية تنضح بالحياة والحركة والمشاغبة. فعلى رغم الجهود العاتية التي بذلها محبو الجماعة يوم «مجزرة الاتحادية» وتفرغ العشرات منهم أثناء فعاليات المجزرة لطمس رسوم الغرافيتي المعارضة للرئيس محمد مرسي وجماعته وحزبه ودستورهما، إلا أن الرسوم الزاهية عادت مجدداً إلى جدران القصر.
رسوم تخيل أصحابها أن وجوه الرئيس السابق محمد حسني مبارك ووزير الدفاع السابق المشير حسين طنطاوي والرئيس الحالي مرسي كينونة واحدة تحت شعار «اللي كلف ما ماتش (لم يمت)». وكتابات تؤكد أن «الدستور المسلوق باطل» وأخرى تشير إلى أن «الثورة مستمرة» لأن كاتبيها «ثوار أحرار هانكمل المشوار».
وعلى بعد نحو كيلومتر، كانت العقيدة الثورية مختلفة تماماً. فالمحتشدون عند مسجد رابعة العدوية في حي مدينة نصر القريب من قصر الاتحادية اعتبروا أن الثورة أنهت مهمتها وذلك بتسلم جماعتهم «الإخوان المسلمين» مقاليد الحكم. وهو ما يعني أن هذه المرحلة الأخيرة لن تحتاج إلى ثوار، بل ربما يطرأ تغيير على مسماهم الوظيفي بحسب الحاجة.
وعقب صلاة الجمعة التي تم الحشد لها بالعدد والعتاد كعادة «الإخوان»، جلجلت هتافات «شهداء أبرار هنكمل المشوار». وبالطبع فإن المشوار الحالي هو الاستفتاء على الدستور «المسلوق» في المرحة الأولى اليوم لأنه «دستور الاستقرار والأمان والسلام»، والأهم من ذلك هو الدستور الذي سيعلن بعد الموافقة عليه عودة الإسلام إلى مصر وهي العودة التي هتفوا من أجلها واعدين متوعدين «راجع راجع يا إسلام».
ويبدو أن حماسة الهتافات وحيوية الفعاليات جعلت الأمور تختلط عليهم بعض الشيء، إذ ظهر هتاف غريب أثار تشكك المارة وفجر تعجب السكان الذين باتوا يعرفون أن شارعهم تحول إلى المقر الرسمي لمحبي الجماعة وأنصارها ومريديها وأن الشوارع الجانبية صارت موقفاً للباصات السياحية التي تقلهم إلى مقرهم في أيام الحشد.
هتاف: «يا حسيني يا بطل دمك يحرر وطن» بدا وكأنه خارج السياق. فالشهيد المصور الصحافي الحسيني أبو ضيف الذي قتل في أحداث الاتحادية كان معارضاً عتياً ل «الإخوان»، كما أن ما يتردد بين زملائه وأصدقائه أن أنصار الرئيس الذين قدموا لمناصرته عنداً في متظاهري الاتحادية، هم الذين قتلوه، فكيف يهتفون له؟
سكان «فايسبوك» والمارة على «تويتر» تعجبوا أيضاً من صورة لامرأة وضعها محبون للجماعة على «فايسبوك» وهي تحمل ورقة الاستفتاء ومصوت عليها بلا. وبعد بحث سريع وتقص سهل، اتضح أن الصورة لممثلة أفلام إباحية، وأن برنامج «فوتوشوب» أتاح للمحبين والمريدين للإخوان أن يجعلوها تمسك بورقة التصويت بلا، في لمحة تؤكد الفكر الذي يحاول بعضهم في تيارات الإسلام السياسي الترويج له، والذي تمثل من قبل في تنويهات إلى أن الممثلة «عبير صبري تقود تظاهرة التحرير» أو تأكيد رموز تابعين لهذا التيار بأن «ليلى علوي كادت تخرج من إحدى خيام التحرير وهي حامل» (الفنانة ليلى علوي لم تشارك في تظاهرات التحرير) أو أن «الكفار» و «الزنادقة» و «أعداء الإسلام» هم الذين سيصوتون بلا.
وفي المقابل، تفتق ذهن أحد المنتمين إلى هذا التيار الأخير المهدد بالشي في نيران جهنم جزاء «لا» الشريرة عن دعوة عنكوتية كتب فيها: «رجاء تجهيز رموز إسلام سياسي وشيوخ مساجد ودعاة تكفيريين على وجه السرعة، وذلك لأنهم بعد التصويت بنعم سينتقلون جميعاً إلى جنة الخلد وستخلو مواقعهم».
وفي السياق نفسه، انتشر تحذير آخر ولكن معكوساً، فعبدالحليم حافظ الذي صدح صوته ب «نعم» في أغنية «نعم يا حبيبي نعم» مات، في حين أن صباح حين التزمت ب «لا» في أغنيتها الشهيرة «لأه» ما زالت على قيد الحياة.
وعلى قيد الحياة أيضاً، ورغم الصفيح الساخن الذي تجلس عليه القاهرة، ما زالت جلسات «الحوار الوطني» تصارع المنطق ونواميس الطبيعة. وسيتذكر التاريخ أنه بينما كان المصريون مجبرين على التصويت المتسرع على دستور «مسلوق» كتبه فصيل واحد رغم أنف الجميع وعكس ثقافة تيار واحد رغم إرادة الباقين، كانت جلسات «الحوار الوطني» بين الرئيس ورموز وطنية وسياسية تمثل في غالبيتها تيارات متحالفة ومتضامنة مع التيار الذي يمثله الرئيس تتناقش في بنود الدستور المثيرة للجدال والمراد تعديلها بعد التصويت عليها ب «نعم» من أجل الجنة والاستقرار!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.