في الدول المتقدمة حضارياً، عندما ترى، أو حتى عندما تسمع أصوات سيارة الإسعاف، تفاجأ بأن جميع السيارات اتخذت جانب اليمين بصورة تلقائية، لتتيح الفرصة لسيارة الإسعاف للمرور، وإسعاف المريض. لم أشاهد سيارة «عصلجت»، ورفض صاحبها الانصياع حتى من دون أن يُطلب منه ذلك، الحركة تلقائية وطبيعية وانسيابية وحضارية، يكللها الشعور بالمسؤولية، والواجب الإنساني والمجتمعي، وقد يكون سلوكاً بديهياً لدى البعض أو غير ذلك لدى البعض الآخر، خوفاً من العقوبة التي تسمى عرقلة رجال الإسعاف عن أداء مهامهم. لماذا تذكرت هذا السلوك الرائع اليوم؟ لأنني قرأت في الصحف المحلية عن موقف مؤسف وسلوك غير حضاري قام به أحد المواطنين، إذ صدم سيارة إسعاف، وعندما توقف السائق، نزل من سيارته وانهال عليه ضرباً، ثم فتح مؤخرة السيارة ليرى هل هناك مريض أم لا، في سلوك لا ينم إلا عن جهل وتخلف وسوء تقدير وتعد على حق المريض وحق سائق يقوم بمهام عمله. فبما أن السلوك الحضاري يتأتى من التدريب منذ الصغر، لذا أرجو من وزير التعليم إدراج مادة السلوكيات وآداب الشارع وحدود الحرية الشخصية وآداب البيع والشراء وغيرها باكراً من مرحلة الروضة، على أن يؤديها الأطفال من الجنسين من دون استثناء في مشاهد تدريبية، تدعمها مناهج إلحاقية في مرحلة الابتدائي، على رغم أنني أخشى أن يتم تدريب وتعليم الأطفال الذكور في السلوك الخاص بالقيادة وآدابها تحت حجة أن النساء لدينا ما «يسقن»! وعلى رغم أن النساء يركبن مع السائقين ومع أبنائهن الذكور وقد يسهمن في التذكير والتوعية لحد لما ربنا يفرجها علينا ونسوق سيارتنا بأنفسنا. سبب مشكلاتنا الكثيرة التي نراها ونسمع ونقرأ عنها هو سوء تقديرنا للمواقف وانفعالنا الزائد اللذان يقبع خلفهما الجهل بحقوق الآخرين واللامبالاة بالآداب العامة التي منها آداب الشارع بالطبع. - قام حارس مدرسة بطعن رجل رفض أن يتحرك بسيارته من أمام مجمع المدرسة، وبعد جدال ونقاش وخصام وعناد، بالطبع رفض السائق التحرك، فانهال عليه الحارس المكلّف بحراسة المدرسة وتنظيم حركة السير أمام مدرسته، حتى يتسنى للطالبات الخروج بانسيابية، وهو الآن في حال خطرة في أحد المستشفيات، ولو كان السائق التزم بآداب الشارع، ولو كان الحارس لديه علم بصلاحية الاتصال بالدوريات المرورية، وعدم الخوض مع شخص «مشكلجي»، لكان أفضل لجميع الأطراف. - أطالب وبشدة بتكريم من قام بإنقاذ الفتاة من شابين أجبراها على ركوب سيارتهما تحت التهديد، وأحيي بالفعل ذكاءها، وسرعة بديهتها بالاتصال بالعمليات، وحظها السعيد الذي أوقعها في شخص ذكي فهم الاستغاثة المُبطّنة. التكريم ضروري لهذا الرجل، فمن النادر أن نجد شخصاً بذكائه وفطنته وحسه الإنساني الذي أنقذ الفتاة من الذئاب، هذا بالضبط ما نحتاجه، وهو التدريب على المواقف الصعبة والمفاجئة، ومعرفة الأرقام المهمة، فألف مليون تحية له. [email protected] @s_almashhady