تعليم عسير يُنفّذ فعالية مجتمعية للتعريف ب (نافس)    ثمان ميداليات ومركزين لتعليم عسير في مسابقة الأولمبياد الوطني للتاريخ    جدة تشهد الملتقى التدريبي لفورمولا1 للمدارس    انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية بالبحرين    ضبط 19710 مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الهلال الأحمر بالقصيم احتفى باليوم العالمي للهلال الاحمر السعودي    أمين الشرقية يصدر قراراً باستحداث «بلدية الدمام»    فيضانات أفغانستان تودي بحياة 200 شخص    تتويجا لتوجيهات ولي العهد.. الدبلوماسية السعودية تنتصر لفلسطين    النهاري والغامدي يزفان محمد    "أمانة حائل" تطرح عددًا من الفرص الاستثمارية    خبيران اقتصاديان ل"الرياض": المناطق اللوجستية لسلاسل إمداد مواد البناء تدعم الطلب    "الصحة العالمية": استمرار محادثات اتفاق لمكافحة الأوبئة    الفياض: نستثمر في التكنولوجيا لمعالجة التحديات الصحية العالمية    عاصفة شمسية تضرب الأرض وتلون السماء    هطول أمطار مصحوبة برياح نشطة على معظم مناطق المملكة    ليندمان: رؤية 2030 حفّزت 60 بعثة أمريكية للعمل بالمملكة    حظر الأظافر والرموش الصناعية بالمطاعم ومتاجر الأغذية    وزير النقل: لا نتدخل في أسعار التذاكر الدولية    أبل تطور النسخ الصوتي بالذكاء الاصطناعي    مايكروسوفت تطلق متجراً لألعاب الهاتف    "الصحة" توضح الوقت المسموح للجلوس أمام الشاشات    نجاح علاج رضيعة صماء بالجينات    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    اليابان تستعد لاستقبال ولي العهد    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يصل إلى الولايات المتحدة للمشاركة في آيسف 2024    الهلال ينهي تحضيراته للحزم    جمعية الرواد الشبابية تنظم دورة "فن التصوير" في جازان    شرطة مكة تقبض على مصريين لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    العطاوي: سنكمل نجاحات غرفة الرياض التجارية ونواكب المرحلة وتطلعات القيادة    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة معالي الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    إنترميلان يكرر إنجاز يوفنتوس التاريخي    موعد مباراة الإتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الاتفاق    سورية: مقتل «داعشي» حاول تفجير نفسه في السويداء    وزير الشؤون الإسلامية يدشن المنصة الدعوية الرقمية في جازان    «سلمان للإغاثة» ينتزع 719 لغماً عبر مشروع "مسام" في اليمن خلال أسبوع    رومارينهو: الخسارة بهذه النتيجة شيء ⁠محزن .. و⁠⁠سعيد بالفترة التي قضيتها في الاتحاد    إيغالو يقود الوحدة بالفوز على الخليج في دوري روشن    ترقب لعودة جيمس مدافع تشيلسي للعب بعد خمسة أشهر من الغياب    رئيس جمهورية المالديف يزور المسجد النبوي    وزير الشؤون الإسلامية يفتتح إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة فيفا    "كنوز السعودية" بوزارة الإعلام تفوز بجائزتي النخلة الذهبية في مهرجان أفلام السعودية    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    رسالة رونالدو بعد فوز النصر على الأخدود    أمطار رعدية على معظم المناطق    الشاعرة الكواري: الذات الأنثوية المتمردة تحتاج إلى دعم وأنا وريثة الصحراء    مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج الدفعة السادسة لطلاب جامعة الأمير مقرن    جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    رَحِيلُ البَدْرِ    مفوض الإفتاء في جازان يشيد بجهود جمعية غيث الصحية    «البعوض» الفتاك    أمير منطقة جازان يلتقي عدداً من ملاك الإبل من مختلف مناطق المملكة ويطّلع على الجهود المبذولة للتعريف بالإبل    رئيس جامعة جازان المكلف ⁧يستقبل مدير عام الإفتاء بالمنطقة    أسماء القصيّر.. رحلة من التميز في العلاج النفسي    دلعيه عشان يدلعك !    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    القيادة تعزي رئيس البرازيل إثر الفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ومفقودين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مملكة النمل»... هذا الشّعر لا يخدم فلسطين
نشر في الحياة يوم 28 - 09 - 2012

في تجربته الروائية الأولى «مملكة النمل»، يخبرنا المخرج التونسي شوقي الماجري أن فلسطين لا تزال محتلة، وأن أهلها لم يتعلموا بعد «فلسفة الاستسلام»، وهم يتوارثون فعل المقاومة من جيل إلى آخر. ويعرض لنا ما يتناهى إلى علمه انه يحدث داخل الأراضي المحتلة، وحجم ما يعانيه الأهالي من دمار وقتل بات خبزاً يومياً. ولكنه يستطرد في عرضه إلى حد المبالغة، مع صور للانتفاضة والرد القاسي من العدو الإسرائيلي.
لقطات ومشاهد قد تكون مؤثرة في منتصف القرن الماضي، أو لجمهور غربي بعيد لم يسمع بعد بما يدور في فلسطين. أسئلة عدّة يطرحها «مملكة النمل» حول وضع فلسطين في المقاربة السينمائية خصوصاً من الجيل الحديث. بمَ تخدم مثلاً كل تلك المشاهد الدموية القضية الفلسطينية؟ علماً أن نشرات الأخبار اليومية ومنذ عشرات السنين، تعرض أبشع من ذلك بكثير. هل السينما هي نقل الواقع كما هو، أو غوص في تفاصيل لا يعرفها المشاهد، أو البحث عن حكايات جديدة؟
والأهم من ذلك، أن أي عمل يمكن أن يُنجز اليوم بعد كلّ ما قدمه مخرجو الداخل الفلسطيني أمثال إيليا سليمان وميشيل خليفة ومن سبقهم ولحقهم، خصوصاً أن أياً من هؤلاء لم يتعاط مع القضية بلغة خطابية ساذجة، بل بصورة سينمائية أسرت المشاهد، وحملت معها أفكاراً عدّة تخدم القضية، إنما بصورة غير مباشرة.
من كتب الأساطير
يتناول «مملكة النمل» قصة عائلة فلسطينية تناضل من جيل إلى آخر فوق الأرض وتحتها من أجل البقاء. جليلة (صبا مبارك) الشابة التي أحبت وتزوجت المناضل طارق (منذر رياحنة) وحملت في مملكة تحت الأرض، يحرسها جدها الملقب «أبو نمل» (جميل عواد)، وهو شخصية تبدو طالعة من كتب الأساطير. وعالم أبو نمل الافتراضي عبارة عن أرض جميلة تحت أرض فلسطين، من دون حواجز، فيها مياه ودهاليز حيث الحب والحياة الجديدة، كما أنها تشكل أيضاً مأوى آمناً للمناضلين وجهادهم للبقاء، تماماً كما ينظم النمل صفوفه من أجل البقاء.
غرق الماجري في مستنقع الخطابة، فأتخم العمل بجمل لا مكان لها، ولغة استفزازية تحريضية انتهى مفعولها منذ سنين خصوصاً في أعمال تعالج قضايا شائكة. ومن هنا» تميّز» العمل بالانفعالات المبالغ فيها والمواقف التي لا تفعل أكثر من أنها تثير عواطف المشاهد وتلعب على أحاسيسه، وهي طريقة باتت معتمدة لجذب الجمهور. وما فعله عادل إمام بعد غياب نحو 30 سنة عن الدراما خير دليل على ذلك، إذ عاد بفكرة عاطفية مركبة تظهر سذاجة العدو، وشجاعة الفلسطيني، مع إكثاره من الشعارات لتسمير المشاهد الهش أمام الشاشة.
ما فعله الماجري (مواليد 1961) الذي يتحضر لكتابة فيلم تاريخي يستحضر تونس في القرن التاسع عشر، يُشبه إلى حد كبير إنما بطريقة أرقى قليلاً، ما فعله إمام، ولكن الاثنين غرقا في فخ السطحية. فالمقاربة السينمائية لقضية فلسطين في القرن الواحد والعشرين، عليها مراعاة التطور الثقافي والاجتماعي والسياسي والحضاري لأي مشكلة، ومعالجتها بمفردات وصور ومشاهد جديدة، من دون اللجوء إلى لغة تحاكي الغرائز. مفردات تبدو معها المعالجة السينمائية للعلاقة الصدامية بين الجلاد والضحية بحاجة إلى العمق والتركيز، خصوصاً أنها غير سطحية وبات عمرها عشرات السنين، ولا تتمثل المواجهة بينهما فقط في معتقل أو تظاهرة، بل هي أسلوب حياة يومي.
ينتمي الفيلم إلى المدرسة الشاعرية، وهو أسلوب بات بالتأكيد مملاً لما فيه من شعارات. كما أنه يخلو من العقدة الدرامية، وإطالته (مدته ساعتان) كانت في غير محلها. كما يعاني السيناريو العديد من الهفوات، أهمها السطحية والسذاجة والتفكك واللغة الخطابية المباشرة والمبالغة في أداء بعض المشاهد من قبل الممثلين. فمثلاً هل مقاومة الضحية للجلاد يجب أن تكون دائماً بالصراخ والعنفوان، والتذكير بأن هذه الأرض للفلسطينيين، وأن الإسرائيليين اغتصبوها؟ وهل تصوير الأطفال يرشقون حجارة على العدو، هو مشهد مبتكر؟
الطريق الأسهل
سلك الماجري الذي أخرج أعمالاً ممتازة للتلفزيون، الطريق الأسهل إلى فلسطين، صوّر يومياتها ببطء شديد، وعرض مجازرها وأعراسها جنباً إلى جنب. ويبدو أن المخرج التونسي تناسى أنه يخرج فيلماً روائياً سينمائياً، فأطال بعض المشاهد، فسار الفيلم بإيقاع بطيء على غرار المسلسلات التلفزيونية، علماً أن السينما هي اختصار الوقت، وقول ما نريده في أقصر مدّة زمنية.
نجحت أفلام إيليا سليمان وأمثاله من المخرجين، لأن أعمالهم لم تتطرق إلى فلسطين بصورة مباشرة، بل اختاروا حكايات لم ترو بعد عن هذا البلد ومشاكله. قالوا ما يريدونه بلغة مشبعة بالإشارات والرموز مبتعدين عن الخطاب المباشر وهذا الخطاب تحديداً هو ما أضعف «مملكة النمل».
أظهر الفيلم الجندي الإسرائيلي مثلاً، على أنه ساذج وسطحي، بينما الواقع غير ذلك، فهو مقتنع بما يفعله، ومدرّب على قتل الفلسطيني بأعصاب باردة. ومع هذا فإن من الإيجابيات التي تسجل للفيلم أنه لم يُظهر انتماء المقاومين أو ديانتهم. بيد أن الأخطاء الجوهرية التي وقع فيها الفيلم، أغفلتنا عن جمال صورة الفيلم، وروعة المواقع المنتقاة للتصوير بين سورية ومصر وتونس.
دخل الماجري السينما من بوابة الأفلام القصيرة. أنتج ثمانية بين تونس وبولونيا، غير أنّ شهرته الكبرى بناها في عالم التلفزيون من خلال عدد من الأعمال التي نالت شهرة واسعة وحصد عنها جوائز أبرزها «ايمي آوورد» التي نالها عن مسلسله «الاجتياح» الذي أخرجه عام 2007.
بات واجباً على كل من يريد العمل على القضية الفلسطينية سينمائياً، الابتعاد عن تصوير الفلسطيني على أنه ضحية، والعمل على إنسانيته وإنجازاته، والبحث في تفاصيل حياته ونبشها. فمن قال أن أطفال فلسطين ولدوا ليموتوا وهم يرشقون الحجارة، في مشهد سينمائي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.