"قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    سمو ولي العهد يعزي رئيس جمهورية الأوروغواي الشرقية في وفاة رئيس الجمهورية الأسبق    الخلود الصناعي قادم    الأمير عبدالعزيز بن سعد رعى الانطلاقة.. 34 مليار ريال فرصاً استثمارية بمنتدى حائل    "سدايا":11 مطاراً ضمن مبادرة "طريق مكة    ترمب.. الأمريكي المختلف!    ترمب يؤكد التواصل مع الرئيسين لوقف الحرب.. الكرملين يربط لقاء بوتين وزيلينسكي بالتوصل لاتفاقيات    حراك شعبي متصاعد واحتجاجات في عدة مدن.. سحب الثقة من حكومة الوحدة يضع ليبيا في مفترق طرق    في ختام الجولة 32 من دوري روشن.. الأهلي يقسو على الخلود.. والأخدود على شفا الهبوط    شركة الأهلي عبر بيان: يايسله مستمر ولم نفاوض أحدًا    الألماني يايسله يعلن رحيله عن الأهلي    "الداخلية" تحذر من حملات الحج الوهمية    تستهدف طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة .. التعليم: اختبارات «نافس» في 8 مدارس سعودية بالخارج    ترحيل 11.7 ألف مخالف وإحالة 17 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    "تقنيات الجيوماتكس" تعزز السياحة في السعودية    25 موهوبًا سعوديًا يتدربون في فنون المسرح بلندن    انطلاق "عرض سلافا الثلجي" في الرياض    تدشين خدمة الزائرين وضيوف الرحمن بالذكاء الاصطناعي    إطلاق النسخة التجريبية الأكبر لمشروع الذكاء الاصطناعي بالمسجد النبوي    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    لأول مرة.. تشخيص الزهايمر بفحص عينة من الدم    قوة المملكة وعودة سورية    45 طفلاً قتلهم الاحتلال خلال يومين في غزة    انفجار قنبلة بالقرب من مركز للصحة الإنجابية في كاليفورنيا ومقتل شخص    «تنمية شقراء» تُكرّم داعمي البرامج والمشروعات    نتائج الشركات للربع الأول وسط تحولات نوعية في المشهد الاقتصادي    المملكة تجدد رفض تهجير الفلسطينيين والاعتداءات الإسرائيلية على سورية    الذهب يسجل أسوأ أسبوع في ستة أشهر مع انحسار التوترات التجارية    أباتشي الهلال تحتفل باللقب أمام الاتحاد    أخضر الصالات يتجاوز الكويت ودياً    بالاس يقهر السيتي ويتوج بلقبه الأول    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على الخلود    تأكيد ضرورة توحيد الجهود للتغلب على التحديات في المنطقة العربية وإرساء السلام    تضارب في النصر بشأن مصير رونالدو    "شؤون المسجد النبوي" تدشّن "المساعد الذكي الإثرائي"    فرع الشؤون الإسلامية بالشرقية يعلن جاهزيته لتنفيذ خطة الحج    وزارة الداخلية: لا حج بلا تصريح    المملكة.. الثاني عالميًا في «آيسف الكبرى»    مستشفى الملك فهد الجامعي يطلق أربع خدمات صيدلية    591.415 طلبا لأسماء تجارية    تكريم إلهام علي وأخريات في حفل «المرأة في السينما» في كان    حين تلتقي المصالح وتستقر الموازين    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    71 عملية جراحية وقسطرة قلبية لضيوف الرحمن بالمدينة    تعزيز سلامة الغذاء في موسم الحج    إغلاق وضم مدارس بالمجاردة    اختبارات نافس في 8 دول    قمة بغداد: تنديد بالحرب والحصار في غزة وعباس يدعو لنزع سلاح حماس    كيف ترسم الصحة السكانية مستقبل المملكة    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 100 صحفي وإعلامي    رحيل الصحافي أسامة السباعي    وزير الصحة يكرم تجمع الرياض الصحي الأول نظير إنجازاته في الابتكار والجاهزية    أكثر من 6000 حاجاً يتلقون الخدمات الصحية بمدينة الحجاج بمركز الشقيق خلال يومين    جمعية نماء تنفذ برنامجًا شبابيًا توعويًا في بيت الثقافة بجازان    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كردستان قامت... والعراق يواصل الانقسام
نشر في الحياة يوم 27 - 08 - 2014

التطورات والاضطرابات مستمرة، في الدول التي شملها «الربيع العربي» حتى الآن، وهي المعروفة بين المغرب العربي والمشرق العربي، وأبرز ما يميّزها، خلال الأسابيع والأيام الأخيرة، ظهور قوة «داعش» بين العراق وسورية، وحتى داخل الحدود اللبنانية في عرسال، مع ردود الفعل التي رافقتها، بالضربات العسكرية الجوية الأميركية، ومساندة القوات الكردية، بكل الطرق الممكنة حتى تستكمل دولة كردستان تكوينها الواضح، في هذه المرحلة، فتضع يدها على مصادر النفط، وإنتاجه وتسويقه، وتمضي في بناء مؤسساتها الذاتية، بينما العراق، الدولة العربية الكبرى، يجري شلّها وتفكيكها إلى دويلات صغيرة هزيلة باسم الصراع الطائفي أو المذهبي، تسهيلاً للميليشيات المسلحة، في غياب القوى الأمنية النظامية، حتى تتحكم بالمناطق واحدة بعد الأخرى فتطرد الأقليات الدينية، ولا وازع وطنياً أو إقليمياً أو دولياً، يمنع مخطط الزعزعة والتدمير والتقسيم الجاري تنفيذه.
هذه الوقائع العربية التي صارت معروفة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تتسارع دلالاتها بين فترة وأخرى على غرار ما حصل ويحصل في غزة، بين السلطتين الفلسطينية والإسرائيلية، أو ما لا يزال يجري في سورية من مآس بشرية وسياسية، وما هو دائم الأزمات والعقد في لبنان- علماً أن الاحتجاجات الصارخة التي حصلت ضد اضطهاد الأقليات الدينية في العراق، لم تكن كافية للتدخل العسكري الجوي الأميركي، إلاّ بعد ظاهرتين اثنتين مهمتين:
الأولى تكتل القيادات السياسية الشيعية العراقية ضد حكومة نوري المالكي تمهيداً لإسقاطها بعد انتخاب فؤاد معصوم رئيساً للجمهورية خلفاً لجلال طالباني وتكليف حيدر العبادي خلفاً للمالكي الذي تحكم بالسلطة منذ عام 2006 موحّداً في ولاءاته الانتهازية بين الدعمين الإيراني والأميركي وسكوت الجيران الخليجيين عن الأخطار التي يمثلها، حكمة منهم، في السعي للمحافظة على عروبة العراق، وانتظاراً لتبدلات لم تتضح كفاية بعد.
والثانية ولها وزنها في التحرك العسكري الأميركي، نتجت من توجّه بابا الفاتيكان، إلى مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة على الأخص ومناشدة الرئيس باراك أوباما التدخل لإنقاذ الأقليات المسيحية من اضطهاد «داعش»- كما أفادت الأنباء. ومغزى تجاوب الرئيس أوباما مع البابا فرانسوا، يكمن في الاعتبارات الانتخابية الأميركية الداخلية حيث يمثل الناخبون الكاثوليك أكثر من ربع المواطنين ذوي الحق بالاقتراع، وهذه حقيقة أكيدة منذ عهد الرئيس الأميركي الأسبق جون كنيدي، وربما كانت من أسباب اغتياله.
الظاهرة الثالثة التي لا يمكن فصلها عن هاتين الظاهرتين تتمثل بالانتخابات الرئاسية التركية الحديثة وفوز رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان برئاسة الجمهورية خلفاً للرئيس عبد الله غل على أساس برنامج حزبي إسلامي معتدل هو حزب العدالة والتنمية، يوفق- كما وفق خلال حكمه الأخير- بين الإطلالة التركية على العالم الخارجي رغبة في الانضمام للاتحاد الأوروبي، ونفوذ الجيش التركي المحافظ على ولائه لجمهورية أتاتورك والنزعات العلمانية المنطوية عليها، علاوة على التوازن المطلوب داخلياً بين العلويين والأكراد، وكل فئة منهم تمثل ربع عدد المواطنين مبدئياً، وبقية الاتجاهات الفكرية والحزبية التي يضمها المجتمع التركي، مع الأخذ في الاعتبار عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي، واتفاقيتها العسكرية الاستراتيجية مع إسرائيل، وحرصها على دوام الازدهار والنمّو الاقتصادي من خلال علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية. وهذه الظاهرة الثالثة، التي تواجهها ظاهرة السياسة الإيرانية، ومخططاتها الإقليمية والدولية، تجعل الأوضاع العراقية، في بغداد، وتكريت والبصرة، بشكل عام، عرضة لأصداء العلاقات الإيرانية مع الغرب- بالنسبة إلى الملف النووي طبعاً- أو مع دول الجوار العربية، في مجلس التعاون الخليجي، حيث تحذّر العواصم الخليجية من الأطماع الإيرانية في التسلط المتزايد، والدليل الأكبر على سياسة طهران هذه رفضها البحث في حقوق الإمارات العربية المتحدة بالجزر الثلاث: أبو موسى التابعة لإمارة الشارقة، وطنب الكبرى وطنب الصغرى التابعتان لإمارة رأس الخيمة، وهذه الجزر العربية ستبقى مانعاً لأي تطبيع سليم بين طهران ودول الخليج العربية.
اتضح مما جرى في العراق وتركيا وغزة، أن الزعزعة الكيانية المصيرية للدول العربية والإسلامية لا تزال في منتصف الطريق لا أبعد، وأن كل خطوة في سبيل تفكيك الدول ووحداتها الداخلية جاهزة للتنفيذ بعد الخطوات السابقة.
وفي هذا المجال لا بد من طرح سؤالين:
الأول إلى متى سيبقى العرب والمسلمون لاهين عما يحيط بهم، خائفين من مواجهة الواقع التاريخي الأسوأ المطل عليهم، ومنتظرين الدعم الدولي في حماية استقرارهم، وهو دعم غير ثابت ولا يطمئن على الإطلاق، إذ إن أعضاء جامعة الدول العربية، (عدا دول مجلس التعاون، والمغرب والجزائر، ولا يجوز نسيان جزر القمر وجيبوتي)، تعيش هذه الأخطار التدميرية الشاملة، التي لا يكفي القول إن الغرب ومعه إسرائيل، يقفان وراءها، بل يتحتم على أهل الحكم والرأي الخروج من المأزق الذي وقعوا فيه، لمواجهة العالم الخارجي بالأفكار العربية والإسلامية السمحاء.
والثاني: هل يدرك العالم الخارجي وفي طليعته أعضاء مجلس الأمن الدولي، وأوروبا والشرق الأقصى أن ما يسمّى الآن «داعش» أو سواها من المنظمات السابقة لها، والتي ستنضم إليها، سيتسع خطرها وتطرفها، إذا كان العالم الخارجي يهمل الأسباب العميقة التي تمهد لازدياد قوتها، ولا يلجأ إلى أنواع جديدة من الحوار تؤدي إلى اعتراف الدول الكبرى بحقوق الدول الصغرى فتزول مشاعر القهر والظلم والانتقام التي تتسبب في الظواهر المتطرفة، وهي ظواهر تستخدمها الجهات الدولية عموماً وفقاً لمصالحها وأهدافها مهما تسببت ألاعيب الديبلوماسية في الإساءة إلى الدول والأفراد.
ومرة أخرى لا بد من القول أيضاً:
هل يظن قادة الدول الكبرى أن الخطر الإرهابي أو الثوري أو الانتقامي سيظل بعيداً عنها إذا لم تصحح نظرتها لشؤون العالم النامي؟
ثم أخيراً لا آخراً... لا بد من الوقوف أمام تاريخ العراق للتساؤل:
هل يسعى التسلط العسكري الحزبي في المنطقة لمحو أسماء عراقية كبيرة في الأدب والفن والسياسة هي من أصل كردي وكان لأصحابها دور بارز في تطور العراق منذ عشرات السنين، وأبعد وأقدم من ذلك. أن للزمان دورات تتعاقب ويتحتم أن تعود من خلالها القيم والمبادئ والقواعد الصالحة لإقامة الأنظمة السياسية الثابتة.
* كاتب لبناني مقيم في باريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.