يزعم وزير الدفاع الألماني السابق، كارل – تيودور زو غوتنبرغ – وهو اضطر الى الاستقالة إثر اتهامه بالسرقة الادبية لأطروحة في القانون- أنه ترك المؤسسة العسكرية في أحسن أحوالها وأن عملية الإصلاح على ما يرام. وكان أشرفَ إشرافاً دقيقاً على تحديث الجيش الألماني وتحويله الى جيش مقاتل و «فعال». وبدأ الاصلاح مطلع تموز (يوليو) 2011، ورمى الى جعل الجيش «أصغر حجماً وأكثر مرونة وخفة» وإلى تحسين «تدبيره الاقتصادي». وبدأت «نظرياً» عملية تقليص عديد الجيش من 220 ألف جندي لتبلغ 170 ألفاً في 2017. لكن الإصلاحات هذه أقرب الى ورشة مشكلات منها الى «بيت منظم ومرتب». ووزير الدفاع الفيديرالي الجديد كان أول من نبّه الى نواة المشكلة: التجنيد. ففي كانون الاول (ديسمبر) الماضي، أبلغ وزير الدفاع الالماني الجديد، توماس دي ميزيير، صحيفة «برلينر تسايتونغ» أن ربع المجندين في الجيش يخلعون البزة العسكرية قبل انقضاء 6 اشهر على تجنيدهم. وشطر منهم يجد فرصاً أفضل خارج المؤسسة العسكرية، فيما شطر آخر يخفق في التزام معايير الانتساب. وحال الجيش الألماني من حال ألمانيا، فهو يواجه مشكلة ناجمة عن شيخوخة المجتمع، ويقتصر عدد المتطوعين المتوقع أن ينهوا عام خدمتهم الاول في ختام 2012، على 5 آلاف جندي – العتبة الأدنى لعدد الجنود - عوض 15 ألفاً، وهو العدد المرجو. وفي بلد لا يتجاوز فيه معدل البطالة 8 في المئة، يضطر الجيش الى منافسة القطاع الخاص، والقطاعين الطبي والتقني تحديداً. وبدأت ثكنة لوتجنبيرغ في شلسويغ- هولشتاين بإغلاق أبوابها، وعدد القوات فيها سيقلص من ألف جندي الى بضع مئات هذا الصيف قبل حلّ الفوج مطلع 2013. وإغلاق هذه الثكنة هو حلقة في سلسلة حلقات ترمي الى إغلاق 32 قاعدة عسكرية وثكنة. ووفق الوزارة، عملية تفكيك العتاد ومواقع القواعد العسكرية ماضية والأمور تسير كما خُطِّط لها، لكن الولايات الألمانية تشكو كلفة تفكيك المواقع العسكرية وتأهيلها الباهظة، وهي نحو 1.2 بليون يورو. في صفوف العسكر، تعلو اصوات الاستياء والتململ. فهم يتحملون أوزار عملية اعادة تنظيم الجيش، ولا يعرفون المكان الذي سيلتحقون به إلا في اللحظة الاخيرة، في موسم عودة الاطفال الى مدارسهم. وبعض الجنود يشكو زيادة الأعباء الملقاة على عاتقهم وقلة الموارد، وعدد الجنود ينخفض، في وقت يرتفع عدد مهمات الجيش الذي يشارك في 11 «عملية خارجية» من لبنان الى كوسوفو مروراً بالمشاركة في مهمة بحرية في منطقة القرن الافريقي. ويتوقع أن تواجه المؤسسة العسكرية تحدياً جديداً مع انسحاب القوات الالمانية من أفغانستان. فمنذ نيسان (أبريل)، تحط طائرات النقل من طرازي «ايليوشين» و «أنتونوف» في مزار شريف 5 مرات في الأسبوع، ولا تعود خاوية الوفاض إلى مطار لايبزيغ، لكنها لا تكفي لنقل جميع الجنود الألمان المرابطين في افغانستان وعددهم 4800. فعدد القوات الألمانية هناك لا يستهان به، وهو يحل في المرتبة الثالثة بعد قوات الولاياتالمتحدة وبريطانيا. والجسر الجوي بين ألمانيا وشمال أفغانستان لا يسعه نقل سوى 10 في المئة من الجنود. * مراسل، عن «لو فيغارو» الفرنسية، 11/8/2012، اعداد منال نحاس