على رغم أن ولي العهد السعودي الجديد الأمير سلمان عرف بصبره في المصائب وصلابته وقت الشدائد والمحن، إلا أن العاطفة الحنونة في داخل الإنسان سلمان بن عبدالعزيز طالما تجلت في مناسبات عدة، تمر فيها ذكرى حبيب عزيز على قلب الأمير الكبير. ولعل في المثل الحكيم الذي يوصي الإنسان بالوقوف في وجه الرياح كالجبل ، والانحناء للنسيم مثل الورود، تجسيد لشخص الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي عاجلته السنوات الأخيرة بالعديد من المواقف الصعبة، التي ظل فيها صابراً محتسباً، لاسيما رحيل ابنيه فهد وأحمد وأخويه سلطان ونايف، في حين بقي حنانه حاضراً ودموعه قريبة من النزول كلما طرت ذكرى والده المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، أو أخيه الأمير سلطان بن عبدالعزيز. إذ يكاد الأمير سلمان يكون الرجل الوحيد الذي يفقد لمرتين شخصين من عائلته، قريبين إلى قلبه خلال أقل من عام، بعدما فقد ابنيه فهد وأحمد خلال أقل من عام بين 2001 و 2002، عاد ليفقد أخويه سلطان و نايف خلال ثمانية أشهر، هي المدة الفاصلة بين وفاة الأمير سلطان في ال22 من أكتوبر من العام الماضي 2011 ووفاة الأمير نايف في 16 يونيو الجاري. ولعل الصحافيين كانوا شهوداً على موقفين من هذا النوع للأمير سلمان بن عبدالعزيز، ففي الموقف الأول الذي شاهده الآلاف من السعوديين على موقع اليوتيوب يظهر الأمير سلمان في إحدى المؤتمرات وهو يروي قصة عن والده الملك عبدالعزيز -رحمه الله- نقلاً عن أخيه الملك فهد رحمه الله، ويبدأ الأمير سلمان حديثه وسط حضور كبير في مسرح المؤتمر بقوله: «من المواقف الإنسانية المؤثرة للملك عبدالعزيز -رحمه الله- ما ذكره خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- في إحدى خطبه، رويت عن والدي ما كان يقوم به ليلاً بنفسه دون علم الآخرين، من الإحسان للضعفاء والفقراء، خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك من كل عام، ومن بينهم امرأة عجوز من أسرة يعرفها». ويضيف الأمير سلمان نقلاً عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، من أن الملك عبدالعزيز ذهب للمرأة المسنّة المحتاجة للتصدق عليها مساء، يروي الملك عبدالعزيز هذه القصة بقوله: «أعطيتها مبلغاً من المال فأمسكت بي والدنيا ظلام وقالت من أنت؟ فلم أقل شيئاً لأني لا أريد أن تعرفني، فقالت المرأة: أنت عبدالعزيز؟ فقال الملك عبدالعزيز نعم أنا عبدالعزيز». لكن الأمير سلمان وهو يروي هذه القصة توقف عند هذه اللقطة الإنسانية لوالده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ، إذ رفع الأمير سلمان يده محاولاً إخفاء دمعته التي انهمرت وهو يتذكر والده، قبل أن يتوقف لبرهة عن الكلام ثم يحاول أن يتماسك أمام الحضور الذي كان يملأ مدرجات مسرح المناسبة، قبل أن يعود لإكمال قصة المرأة المحتاجة التي ساعدها الملك عبدالعزيز، بقوله: «استقبلت المرأة القبلة، وفتحت جيبها وقالت: قل آمين» ثم دعت المرأة للملك عبدالعزيز أن يفتح له حللاً أو كنوزاً من الأرض، ثم بعد أن اكتشف الزيت أو البترول في السعودية علم الملك عبدالعزيز ما هي حلل الأرض أو كنوز الأرض التي دعت له بها المرأة المسنة، حين تصدق عليها الملك عبدالعزيز. وفي مناسبة أخرى، انهمرت دمعة الأمير سلمان، فبعد نحو سبعة أشهر من مباشرته لعمله الجديد كوزير للدفاع خلفاً لأخيه الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وبينما كان الأمير سلمان في زيارة تفقدية للقوات البرية السعودية في الخوبة التابعة لمدينة جازان في ال 11 من مايو الماضي، لم يتمالك الأمير سلمان نفسه وهو يستمع إلى أبيات شعرية ألقاها الشاعر ناصر بن علي شتوي، يصف فيها الشاعر موقف وفاء الأمير سلمان أثناء مرافقته للأمير سلطان بن عبدالعزيز في مرضه، فذرفت عينا الأمير سلمان أمام أبنائه أفراد القوات البرية في الخوبة بحضور صحافيين سعوديين. وتقول أبيات الشاعر ناصر بن علي شتوي «أنا يا سيدي بستأذنك خلف الضلوع علوم كثير الناس يعلمه وأنا الحين باعممها وقوفك جنب أخوك امرافق مده وهو مهموم يعد أكبر شرف وأكبر وفاء للي تفهمها وجلوسك طول هالمدة وعينك ماهنت النوم توضح خوة بين الخوان الله يسلمها لذا تستاهل المنصب وكفو له وسبع نعوم ونعم ياعيال العود ماقساها ومرحمها»