روسيا تسقط 50 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    عسير.. وجهة سياحة أولى للسعوديين والمقيمين    "الغذاء " تعلق تعيين جهة تقويم مطابقة لعدم التزامها بالأنظمة    الثلاثاء المقبل.. رفع نسبة استقطاع التقاعد للموظفين الجدد    سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرّج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    في جولة الحسم الأخيرة بدور المجموعات لمونديال الأندية.. الهلال يسعى للتأهل أمام باتشوكا    في ربع نهائي الكأس الذهبية.. الأخضر يواصل تحضيراته لمواجهة نظيره المكسيكي    النصر يفسخ عقد مدربه الإيطالي بيولي    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    بحضور مسؤولين وقناصل.. آل عيد وآل الشاعر يحتفلون بعقد قران سلمان    طقس حار و غبار على معظم مناطق المملكة    الجوازات: جاهزية تامة لاستقبال المعتمرين    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    ما يسوي بصلة… مع الاعتذار للبصل    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    مؤتمر صحفي يكشف ملامح نسخة تحدي البقاء لأيتام المملكة    الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين تنهي استبدال كسوة الكعبة    «الظبي الجفول».. رمز الصحراء وملهم الشعراء    الإبداع السعودي يتجلى في «سيلفريدجز» بلندن    الهلال يصل ناشفيل وكوليبالي يحذر باتشوكا    اعتماد روزنامة الموسم الرياضي لرابطة الهواة    المملكة حضور دولي ودبلوماسية مؤثرة    مهندس الرؤية وطموحات تعانق السماء    القطاع غير الربحي في رؤية 2030    صوت الحكمة    صيف المملكة 2025.. نهضة ثقافية في كل زاوية    بكين تحذّر من تصاعد توترات التجارة العالمية    الجوعى يقتلون في غزة.. 94 شهيداً    مرور العام    جبر الخواطر.. عطاءٌ خفيّ وأثرٌ لا يُنسى    توقيف قائد «داعش» في لبنان    رخصة القيادة وأهميتها    دورتموند يكسب أولسان ويتصدر مجموعته بمونديال الأندية    «الشورى» يطالب بخفض تذاكر طيران كبار السن والمرابطين    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل البريطاني    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    وزير البلديات والإسكان يتفقد مشاريع استثمارية نوعية في الشرقية    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    رئيس جامعة أم القرى يترأس الجلسة العاشرة لمجلس الجامعة للعام الجامعي 1446ه    بنفيكا يكسب البايرن ويتأهلان لثمن نهائي مونديال الأندية    النفط يتراجع بعد يوم من التصعيد وإنهاء الحرب    أمير الجوف يبحث تحديات المشروعات والخدمات    أقوى كاميرا تكتشف الكون    انحسار السحب يهدد المناخ    الجوز.. حبة واحدة تحمي قلبك    الميتوكوندريا مفتاح علاج الورم الميلانيني    استشارية: 40% من حالات تأخر الإنجاب سببها الزوج    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«واديْ الصُراخ» كيف يمكن نظاماً يهدر سورية أن يستعيد الجولان؟
نشر في الحياة يوم 10 - 06 - 2012

الشمس دخلت بيتنا من مجدل شمس. مَجْدَلُنا التي كنا نشاهدُ من حافّة ما تبقى من سورية بعد حزيران 67.. من ذروة «وادي الصراخ».
في مثل هذا اليوم من حزيران احتُلَّت الهضبة. ومن حافةٍ تبّقت لنا هنا... ومن هناك من «مَجْدَلْ شَمْسْ» صار الصراخ وصلاً وتواصلاً عَامَاً تلو عام فامتلأ الوادي بالصراخ فسمّيناه «وادي الصراخ». ثمَّ صرخت «امرأة» أنجبت طفلتها وصرخت الطفلة فطار اسمها «رندا» نحونا عبر وادي الصراخ.
من النافذة ظهرت «رندا مداح» اختلط ضوؤها بضوء يوم مشمس من 2012.
شاهدتُ ابتسامتها بلا عدسة مقربة./ غبطةٌ جديدةٌ تَنْحَتُني./ «مَجْدَلْ شمس» تدنو. رندا مجدل شمس. النحاتة السورية.
يا إلهي كيف يمكن ألَّا أُصَوِرَ هذهِ اللقطة!/ كيف ستغفر لي السينما؟
كيف نُصَوِّرُ حقيقة الزمن الداخلي في لقطة عامّة... من دون أن نشرحها باللقطة التالية؟ كيف تكون اللقطة سيدةَ نفسها؟
تاركوفسكي صار تاركوفسكي لأنه صور الزمن الشخصي في الزمن الكليّْ في اللقطة نفسها. هزَّ حقل القمح في «المرآة» حين اقترب الرجلُ في الحقلِ. كانت المرأة تُشاهِده من مؤخرة عنقها. وكنا نُشاهد حقيقةً أعمق حرَّكَتْ حقل القمح... فَهَسْهَسْ.
الهيليوكبتر من خارج وأعلى الكادر هي من حرّك القمح داخله فكان شِعْرٌ.
الهليوكوبتر زمنٌ داخل صورة سورية الجديدة. زمنٌ بلا شِعْر... إلّا ما يرفّ في روح ضحاياها.
رندا تأتي من وادي الصراخ. من صوتِها على السكايب. من «تشاتات» عن الفن. ومن مرحبات عبرها إلى «ياسرخنجر» في سجون إسرائيل ومن «ياسر بيسلم عليك» ومن «وئام وصلته رسالتك» ومن «محمود محمود ومن وائل طربيه» ومن وَهْمِ أنَّ الصوتَ هو اللقاء الأبديّ بيننا... بعد النَكْسَة.
رندا تعبر شمس اللقطة العامة وتضحك. اللقطة تضحك في قلبي.
في اللقطة التالية تكون رندا هنا على الصوفا نتفرج عليها أنا ونعمى.
مَجْدَلْ شمس على الصوفا... تتفرجُ علينا./ هي ونحن «الأرض المَلمُوسَة». ما تبقى من «الأرض الممسوحة» وفق «جون بيرغر» الذي عَرَّفَ العالم برندا «الأرض الممسوحة» وفْقَ «بيرجر» وصفٌ لمكان... قد تم عزله وطرحه أرضاً... كل شيء فيه ممسوح تماماً ولم يتبقَ سوى سطح الأرض الملموسة.
شاهد «بيرغر» أعمال رندا في رام الله فكتب «هناك قوة ما في هذا العمل الفنيّ لم أرها في ما عداه. إنها تطالب بأحقيتها في الأرض التي تقف عليها. وهي قد جعلت من ساحة القتل ما بين المتفرجين المذعورين والضحايا المعذبين ساحةً مُقدسة.
هذا العمل تنبأ بما يجري اليوم في قطاع غزة».
النكسة
كان عمري 13 عاماً. لم يكن لدينا تلفزيون ولا راديو. ولأنني كنت الأسرع والأكثر مراهقةً فقد ركضتُ كلَّ الخامس من حزيران من بيتنا إلى بيت خالتي... أتنفس من بابهم المفتوح صوت «عادل خياطة» يعلن إسقاط 44 طائرة معادية... فأعود بسرعة قصوى. أقذف بالطيارين الأسرى على باب منزلنا. وأصرخ «44» ... «هه».
بين بيتنا وبيت خالتي كان ثمة مبنى هو «المشفى العسكري». جفّتْ مَرَاهِمُهُ في الثمانينات فَغَدا «فرع أمن» في شجرة أمنٍ متوحشة، جذرها في القبو وفرعها صراخ.
كان صراخ المعتقلين ينحت نفسه في مناماتنا فنزحنا من البيت. من وادي الصراخ.
الجولان
بعد 39 عاماً. في حزيران 2006 كان اللقاء الأول بالجولان. عرضت أفلامنا في مجدل شمس. كان أهلنا في الصالة هناك وكنا على الهاتف. رنّ... فكان الصوت صادماً ومربكاً «أنها لحظة استثنائية جداً... بعد كلّ هذا الانقطاع الطويل نحن الآن في حالة انفعالية ووجدانية عالية جداً»، قال عمر أميرالاي. / وقلت: «يمكن القول إننا نرى الصوت... إنها حقيقية رغم كونها حكاية». / لحكاية هنا. رندا هنا./ كان لقاؤنا عاطفياً ومربكاً... انتفى في بدئه الكلام. / تفتح رندا جزدانها... هدايانا من «ياسر خنجر» في إقامته الجبرية.
دفتران من صنع الشاعر. مُمَخْمَلانِ بأخضر من علم الاستقلال ومن مار جرجس الأقليات./ على الغلافين اسمي واسم نُعمى خَرَّزَهُما ياسر باللغة المسمارية.
ياسر الآن في الإقامة الجبريّة. النظام السوري أجبره. هذا ليس «المؤامرة».
إنَّه الحكاية: ولد ياسر خنجر في مجدل شمس. ورفض الهويّة الإسرائيليّة وقاوم فسجن سبعة أعوام ونصف عام وتحرر وترجم للعالم لوحةً مسمارية لم تكن قد ترجمت بعد. وبين سجن وآخر طار في الحريّة والحب و «رندا». في حزيران 2011 خرج من اللوح المسماري نحو الشريط... فاعتقله الإسرائيليون.
«رندا»... تروي حكايةً تشبه منحوتاتها. وتشبه شخوصاً مَقْلوبةً ترتطم أعناقُها بالأرض مُعلقةً بغيمة لم تُنه شهيقها بعد. كعلامة تعجبٍ عجيبة! / كان في سالف الزمان وادٍ يَصِلُ سورية بالجولان.
كان قَدْ أُقفل منذ 44 عاماً في حزيرانْ.
فجأة فُتِحت الأقفال... ومن الحافة التي لا يمرّ من بوابتها إلا الصراخ ... انهمروا كالصراخ في وادي الصراخ. يفرّون من ذاكرةِ النكبةِ والنكسةِ نحو فلسطين والجولان.
وهنا في بطن هذا الوادي صرخوا في المجاز. / «الشعب يريد تحرير فلسطين»...
قطع الشبان الشريط فصفق المجدليون وعانقوهم عناق الحبيب للحبيب.
أدرك الإسرائيليون أن عابري الحدود يتامى العاطفة والوهم ونشرتي أخبار. فبدأوا باصطيادهم./ «كنّا نشعر أن النظام أرسلهم للتهلكة. ونشعر بمهزلة المواجهة بين «الشعب يريد تحرير فلسطين» و «الشعب يريد إسقاط النظام». كان ثمة من يعبث بالأرواح ليؤلف شعبين متضادين كلاهما شهيد. فالنظام يريد تحرير فلسطين الآن... فجأةً في حزيران./ رأينا الجنود يقتلونهم ببرود./ لم يُصْغِ ياسر الى السياسة. انحاز الى المقدس الحياة. / واجه الجنود فاعْتُقِل من جديد وسجن بتهمة الاعتداء على الجيش الاسرائيلي./ ثمّ أفرج عنه شرط «الإقامة الجبرية»./ بانتظارالمحكمة./ (كانت الشمس تضرب الزجاج وتنحتُ رندا فتحكي الحكاية).
حكايةَ ياسر في إقامته الجبرية. وهوسه بالسريانية والمسمارية. والدكتوراه التي تنتظره في ألمانيا. / ياسر الآن وحيد في بيت وحيد ومحتل في هضبة الجولان المحتلّة. على الطاولة ديوانه «سؤال على حافة القيامة»./ كنت شاهدت ياسر في الصور منكوش الشعر وضَّاح المُحيّا عريض المنكبين والصدر. منتصب القامة.
(كانت الشمس تدنو من المغيب فتضيء رندا بالناري)./ الهضبة ساحره، تقول رندا./ أمسك بالهاتف لاستعادة الجولان... فيرنُّ ن ن ن. هنالك في فراغٍ عجيب.
هل تتخيلون الصوت؟ صوت رنين هاتف في بيت منعزل في هضبة الجولان! غريب!
أحسستُ أنني أنا المنزل، أسمع الرنين في جوفي./ لم يجب ياسر.
«الهاتف بعيد عنه. بَسّ سوف يأتي» قالت رندا كمن يطلب الصبر.
رندا تخبرنا... أن حلقةً معدنية إلكترونية تطوق كاحله... وتشير إلى تجاوزه البيت.
الشاعر رهينة... في طوق إلكتروني على مذهب سمكةٍ أو طائرٍ في برامج «ناشيونال جيوغرافي»./ رنَّ الجَرَسُ من جديد. رنِّ ورنَّ ورنَّ... وارتفعت السماعة./ «مرحباً ياسر» قلت... وانتظرت صوتاً عريض المنكبين... فجاء «أهلاً... مين؟»/ جاء نحيلاً مائياً ونارياً ووادعاً./ «أنا أسامة محمد»... « أهلااااااااان أسامة». / الشوق صورةٌ يؤلفها الشوق... ليغادر الإقامة الإجبارية في اللحظة.
حررتُ الهضبَةَ... فسلمت الهاتف لرندا.
كان مكبر الصوت مفتوحاً «كِيفِك حبيبتي» قال ياسر لرندا «بْحِبِّكْ حبيبتي كتير»، « ومشتقلِك كتير». صوته جرحني. كأنه الجولان. ماء ونار وعاطفة وحبّ... وشعر وشاعِر مأسور في حلقة إلكترونية/ ذكية ومتوحشة وتقيس الأمتار./ «لا يستطيع ياسر تخطي العتبة» تقول رندا، «عِندنا بلكونه صغيرة فاوضْنَاهُم لنخرج إليها ورفضوا. نحن نشتهي كاسة متّه هناك... لكن الحلقة عمياء».
«أما للهوى نهي عليك ولا أمرُ». أخي ياسر. نحن أيضاً أقَمْنا في حلقةٍ مُكَهربة. «جاني حبيبي أبو الحَلَقَهْ» وطوق سورية. بحلقة «أمنية» كبيره تلد سلالتها وسلاسلها. ترنُّ واحِدَتُها بالأخرى... الفساد بالأمن بالخوف بالموت بالحياة. بالمخيلة باللغة. لغة سجنت اللغة في طوقها. فشوهتها. ومغنطت حتّى التخاطب اليومي بالخوف والمذلة. صار الجولان لغةً يُؤبْجِدُها ويَحْتَكِرُها النِظامْ... يُقفلها ويفتحها متى شاء. / في آذار حَطمَ السوريون حلقةَ المذلّة فهجموا على تظاهرات الحريّة.
في حزيران فتح النظام حلقة الجولان فهجم المتظاهرون نحو الحدود.
كانت تظاهرة الحدود الوحيدةَ التي ينقلها التلفزيون السوري على الهواء.
والتلفزيون الإسرائيلي نقلها على الهواء المحتّل. كان المذيع الرسمي ينحني على أنه مراسل حربيٌّ يتدارك الرصاص.
وراح يطلق آثام اللغة:
«أصبح لدينا هناك ثلاثة شهداء» «لِنُسَطّرَ للعدّو الغاشم» «تقديم القوافل» «ثرى الوطن» «ثلاثة أحدهما طفل»
في هذا المهرجان تنافست جملتان واحدة للناطق الإسرائيلي «أدرعي» وهي قمة النذالة «كانوا يحاولون الاحتكاك بجنودنا».
والجملة المدهشة التي أطلقها المذيع السوري: « هنالك قناصون يتسترون بزيّ مدني» ؟/ ما سرّ الجملة هذه ؟.. هل سيتنصل الإسرائيليون من القتل ويلصقونه بعصاباتٍ مسلحة./ هل تأتي الجملة من الهواء مباشرةً. / (مسكين عادِل خيَّاطة )
في عبوره وادي الصراخ أصيب الشاب «زرادشت وانلي «على حدود النكسة وعاد حياً. زرادشت الكردي سيُقتل في دمشق بعد أيام في « جمعة أسرى الحريّة» وسينهمر الرز على نعشهِ من شُرُفاتِ «ركن الدين».
الأكراد السوريون أيضاً حُبسوا في حزامٍ غاشمٍ من العروبة المتعصبة.
مكانٌ يبكي
مكان يبكي عنوان نَصّ «برغر» عن رندا.. وفيه « كلمة (قطاع غزة) أصبحت مبللة بالدم، قذائف تنهمر ليلاً ونهاراً، ومدافع وحمم يطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي» «...بيوت من دون ماء و كهرباء، ونقصٌ في الأطباء والأدوية. والمجزرة جاءت بعد أشهر طويلة من حصار شديد «.
(هبطَ الليل على النافذه وفي سوادها انعكس التلفزيون .) في التلفزيون كانت حمص وكان دمار . «كلمة حمص أصبحت مبللةً بالدم، قذائف تنهمر ليل نهار، شظايا وقنابل ومدافع وحمم يطلقها الجيش ... والمجزرة جاءت بعد أشهر طويلة من حصار شديد» ما هو الزمن الداخلي في هذه اللقطة العامة لحمص المدمره ؟ ما هي حقيقتها الفنيّة ؟ أصمتُ... فأسمع التنفس . تنفس الصورة . فجأة أسمع تنفسها. أشعر أن صديقتي «ماء الفضّة» تجلسُ الآن على عتبة مُهدمَة و تتنفس في الصورة بين قذيفة هاون وأخرى . الأخرى أصابت الزمن فابتسم السينمائي «باسل شحاده» واستشهد. الزمن باقة خزامى مُجَفّفَه على كيس نايلون يغلف شبابهُ. وزهرة رمّان تشاركهُ تراب حمص ال- باسل.
«نحنُ الزمن « تكتب رُلا ./ باسل شهيد الطائفة السينمائية./ سيقول أحدٌ في مؤسسة السينما « شو بدّو بحمص ؟ لو لم يذهب لما قُتِلْ «وسيهزُّ سينمائيون رؤوسَهم وضميرَهُم حِكْمَةً. أما باسل فسيصرخ في الزمن. لو لم تُقْتَل حمص لما ذهبتُ فيها.
في العتمة كانت حمص من التلفزيون تضيء رندا فأشاهد دمعةٌ تهبط إلى خدّها. دمعةَ الجولان. كيف يمكن نظاماً يهدر سورية كما يفعل أن يستعيد الجولان ؟
ياسر الآن في زنزانة إسرائيلية. يقرع حديد الزنزانة. زنزانة «مازن درويش» و«يحيى شربجي» ... وسورية.
سورية الأرض الممسوحة بالمجزرة. مكانٌ يبكي. وادي الصراخ.
* سينمائي سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.