صرحت نائب المحافظ للتدريب التقني للبنات الدكتورة منيرة العلولا، أنه تم توقيع اتفاق مشروع مصنع الملابس والتجهيزات العسكرية مع وزارة الدفاع بالمؤسسة العامة للصناعات الحربية بالمنطقة الغربية، تتولى فيه عاملات سعوديات خياطة الثياب العسكرية. وجاء الخبر في عنوان اسمه: (المرأة تساهم بالدفاع عن وطنها بالخيط والإبرة). هل سيغير هذا التصريح من شعور أصغر جندي حتى أكبر ضابط في وزارة الدفاع، وهو يعرف أن مواطنات بلاده هن من يقمن بخياطة بدلهم العسكرية بدءاً من خط الفانيلة حتى البدلة والبريهة والقبعة والبنطلون؟ هل سيفكر الجندي بأن من خاط هذه الثياب هو أرملة أو مطلقة أو عاملة تعين نفسها وأولادها أو زوجها على تكاليف الحياة؟ هل سيفكر هذا الجندي بأن هذا الخيط الذي نسج فانيلته وبدلته والإبرة التي دقت بريهته، تكفي هؤلاء النساء شر السؤال ومزالق الحياة العسيرة أو تجارة في الحرام؟ فارق كبير بين خطة يتبناها هذا الخبر وأخبار تكشف عن غياب الخطط، ففي خبر أعلنته مسؤولة القسم النسائي بأمانة الرياض، تبيّن أن «هناك ألف سيدة في مدينة الرياض فقط تفترش الأرض وتبيع في البسطات»، كما تبيّن في تلك الدعوة التنموية الشهيرة عجزها عن تأمين فرص عمل كريمة للعاطلات من كل الدرجات، فقالت لهن قولتها الشهيرة على طريقة «كلوا بسكوت واشتغلوا خدامات»، وكأن الخدمة في البيوت تحتاج إلى جهود المخططين والتنمويين. فارق كبير بين من يخطط لتأمين فرص العمل لنساء محتاجات، وبين من يتركهن لقارعة الطريق يتسولن أو يبعن سلعاً رخيصة مكاسبها أقل من أخطارها. النساء اللاتي بلا شهادات تركن هائمات في الطرق حين غاب التخطيط عنهن وعن توفير مهن تناسبهن، لا تحتاج إلى تدريب طويل، مثل معامل تنظيف الثياب ومصانع الخياطة ومتاجر طبخ الطعام، وعلى الدولة أن تؤمنها أو تشرف عليها وتلزم بها التجار والمستثمرين، فهذا حق يؤخذ من أغنيائهم ويعطى لفقرائهم. الفشل الذي عاق التخطيط لعمل نساء بلا مهارات ولا شهادات، أسفر عن فشل أكبر منه في التخطيط لصاحبات التخصص والمهارة، فهؤلاء خريجات الكليات المتوسطة بقين 18 عاماً ينتظرن وظيفة، وخريجات الجامعات مرت عليهن عقود ينتظرن وظيفة، وحين آمنّ أن شهادة البكالوريوس لا تؤمن وظيفة انخرطن في دراسة الماجستير، لكن حاملات الماجسيتر وفي تخصصات نادرة، أعلنّ أيضاً أن حتى هذه الدرجة العليا لم تنقذهن من البطالة. هذا كله ولا يزال لدينا 100 ألف مبتعث ومبتعثة في الخارج لم يدخلوا حلبة المنافسة بعد، فمن يتحمل بقاء نساء مؤهلات في بيوتهن في زمن يتضخم كل يوم معاشه وترتفع فيه الأسعار. والسؤال الذي يليه أين تقع وزارة التخطيط من كل هذا «التخبيط»! [email protected]