المملكة تشارك في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأراضي الرطبة "رامسار"    أمير جازان من الدائر: البن ثروة وطنية والدعم مستمر    وزارة الرياضة تعلن تخصيص أول ثلاثة أندية رياضية بالسعودية عبر الطرح العام    الأمم المتحدة لا تعرف عدد شحنات المساعدات في غزة    سقوط طائرة ركاب في شرق روسيا.. ولا ناجين    "سلام" توقّع اتفاقية مع وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات السورية    إيزاك يبلغ نيوكاسل برغبته في استكشاف خيارات أخرى    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل آل خالد بمحافظة الدائر    هيئة الأدب تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من معرض المدينة المنورة للكتاب2025    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    الإبراهيم يجتمع مع وزيرة التخطيط والتنمية في جمهورية إثيوبيا    وزير الخارجية يُجري اتصالًا هاتفيًا بوزير خارجية إريتريا    أوتافيو في حيرة بين القادسية وأوتافيو    "الإحصاء" تنشر الرقم القياسي لتكاليف البناء في المملكة لشهر يونيو 2025    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    رسميًا.. فيرمينو ينضم إلى السد القطري    دول ومنظمات إسلامية وعربية تدين مصادقة الكنيست على فرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    أعيان صبيا يهنئون رئيس البلدية الجديد ويناقشون سبل التنمية    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    برعاية أمير الباحة تنظيم مسابقة الدرمحي لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية    أبوظبي تفتتح قريبًا أحد أكبر تجمعات التجارب الثقافية بالعالم    انطلاق فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن    رخصة "موثوق" لعبت دورا كبيرا في حماية السوق من الإعلانات الاحتيالية    اجواء شديدة الحرارة على معظم مناطق المملكة مع رياح مثيرة للاتربة    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    موجز    ابتكارات واستثمارات في"قمة البروبتك".. السعودية ترسم مستقبل التقنيات العقارية    توجه رئاسي لحصر القوة بيد الدولة.. غضب على «حزب الله» في الداخل اللبناني    فرنبخشة يتغلب على الاتحاد برباعية في أولى وديات معسكر البرتغال    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    الشهري ينال الماجستير بامتياز    بين ضغوط ترمب ومواقف متصلبة.. محادثات بين موسكو وكييف في إسطنبول    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    328.2 مليار ريال استثمارات الأجانب    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    أكدت تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.. "الموارد البشرية": تطوير برنامج الرعاية الاجتماعية المنزلية    «سلمان للإغاثة» يوزّع (840) حقيبة إيوائية في منطقتين بإقليم جامو وكشمير في باكستان    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    أواصر راسخة    القيادة تعزي رئيس بنغلاديش    "الشعفي" يُرزق بمولودته الأولى "سما"    تركي آل الشيخ يعلن فعاليات رياضية عالمية ضخمة في موسم الرياض المقبل    «سوار الأمان».. حلول ذكية في المسجد الحرام    أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    تقنية تحسن عمى الألوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحل في الانتخابات لا في الاعتصام
نشر في الحياة يوم 05 - 12 - 2011

جاء الخروج الكبير الاثنين الماضي لعموم الشعب في أول انتخابات حرة في مصر منذ «ثورة» 23 تموز (يوليو)، كجردل ماء هائل صب على الحريق المشتعل في ميدان التحرير.
قبل ذلك بيوم كانت كاميرات التلفزيون كلها مصوبة على الميدان. حديث حول تأجيل الانتخابات، أجواء غائمة في سماء مصر، البورصة تنهار، القلق يجتاح العرب، الشباب يصرخون بحماسة شديدة على الفضائيات أنهم ضد الجميع، ضد الجيش، ضد الأحزاب، ضد «الإخوان»، ومع الثورة. هم حماة الثورة، ولكن من هم؟ وما هي الثورة؟ خلال أقل من 24 ساعة تحولت كاميرات التلفزيون من الميدان وشبابه إلى المصري البسيط الذي قدم تعريفه الأفضل للثورة، إنها ورقة كبيرة الحجم عليها بضع وعشرون قائمة انتخابية وعشرات الأسماء وعليه أن يختار من بينهم من يراه الأفضل لقيادة مصر، تعريفه للثورة سريع وملموس، إنها «انتخابات حرة».
بالطبع هذا التعريف يمكن ترجمته وتطبيقه، بينما اختفت تعريفات ثوار التحرير. في الأزمنة السابقة كان «الإخوان المسلمون» الذين بدوا أنهم الأحرص على الانتخابات، ذلك أنهم الموعودون بالنصر فيها، يرفعون شعار «الإسلام هو الحل» كان عليهم أن يرفعوا في أزمة ميدان التحرير شعار «الانتخابات هي الحل» ولكن لا بد أن أصابهم ارتباك يومها، فكل المعلقين كانوا «يبشرون» أن «الإخوان» خسروا الانتخابات يوم خسروا ميدان التحرير، ولكن من الواضح أن للمواطن مصري رأياً آخر توقعه استطلاع للرأي أجراه «مركز استطلاعات غالوب في أبو ظبي» ظهر فيه أن 85 في المئة من المصريين يرون أن استمرار التظاهرات أمر سيء ويريدون اهتماماً أكثر بالاقتصاد (يمكن الاطلاع على تفاصيل الاستطلاع ونتائج أخرى مثيرة في موقع فورين بولسي).
هذا الرأي تأكد بخروج نسبة غير مسبوقة من المصريين، بل بنسبة لا تصدق أن يخرج 70 في المئة منهم للمشاركة في الانتخابات، ليس هذا وعياً فقط وإنما رسالة منهم إلى ميدان التحرير أن لا حل غير الانتخابات (حان الوقت أن يقتنع الليبيون بذلك وهم يفتحون ملفاتهم القديمة من الفيديرالية وتوزيع الثروة وهي ملفات لا تحل بالاعتصامات وتخزين السلاح بل بالانتخابات).
ماذا بعد الانتخابات؟
للأسف مزيد من الانتخابات، فمصر بلد هائل وتجربته الديموقراطية شوّهت وهي شحيحة لأن الدولة السابقة لم تستثمر في تطوير أدوات الانتخاب لتتم في يوم واحد أو اثنين، فهي كانت «مُريّحة» الشعب المصري بطبخ النتائج، والنكتة المصرية التي انطلقت في طوابير الانتظار لخمس ساعات «يرحم أيام مبارك، كان يخلينا ننتخب ونحن في بيوتنا» تعبر عن ذلك.
ولكن، لعل في هذا التأخير خيراً، فنتائج الجولة الأولى كشفت إلى أي اتجاه تمضي مصر. فوز كاسح للإخوان وحزبهم «الحرية والعدالة»، وهو سيتعزز أكثر في الجولات المقبلة ذلك أنها ستجري في الريف، حيث يتمتعون بوجود أفضل. الأسابيع المقبلة ستعطيهم فرصة للتوافق مع الأحزاب الليبرالية استعداداً للمهمة الأصعب، تشكيل حكومة دائمة ووضع الدستور. المفاجأة التي أتوقعها أن الاستقطاب لن يكون بين «الإخوان» وتلك الأحزاب الليبرالية، إذ أن ثمة طرحاً عصرياً يجمعهم كتحرير الاقتصاد والحريات العامة والحقوق. سيكون الاستقطاب مع الأحزاب السلفية التي إن فازت بنسبة محترمة فستحمل كعادتها سلمها بالعرض وتمضي وسط الجموع تطرح قضايا بعيدة عن أولويات الناخب، وقد بدت تلك الحدة بينهما في أثناء الانتخابات وفي دوائر عدة بتبادل الاتهامات والتجاوزات. مشكلة الإخوان مع السلفيين لا أتوقع لها حلاً، سيكونون صداعاً لهم ومشروعاً مفتوحاً لصراعات تمتد من البرلمان إلى المساجد.
بعيداً عن هذه المشكلة التي لا حل لها، يمكن ل«الإخوان» الاستفادة من أسابيع الانتخاب المقبلة بإرسال رسائل تطمينية إلى جيرانهم دول الاستقرار العربي والغرب والعكس صحيح، فمصر ستبقى مهمة وقريبة من المملكة والخليج بغض النظر عمن يحكمها، وسنوات الانقطاع الطويلة بين «الإخوان» وتلك الدول والغرب تحتاج إلى جهد مشترك لردمها.
ولكن، هل يمكن فعل شيء حيال القضية الأهم للمواطن المصري، الاقتصاد؟ إتمام الجولة الانتخابية وحدها بسلام أعطى جرعة ثقة عالية للبورصة المصرية فارتفعت بشكل قياسي، ولكن من غير حكومة منتخبة ومستقرة ومتصالحة داخلياً سيكون من الصعب توقع معجزات سريعة.
هناك مهمتان صعبتان أمام «الإخوان» تبدوان متعارضتين، فهم في حاجة إلى التعاون مع الجيش وحكومة كمال الجنزوري «الموقتة» للتواصل وطمأنة المملكة ودول الخليج والولايات المتحدة والغرب باستمرار بعض من الدعم الاقتصادي الذي كان للمملكة الصدارة فيه منذ سقوط مبارك حرصاً منها على استقرار مصر، ولكن هذا التحالف مع الجيش والجنزوري سيغضب شباب الثورة الباحث عن سبب للعودة إلى ميدان التحرير. مهمة صعبة مثل عملية قلب مفتوح لرجل عجوز، فعلى رغم إلحاح «الإخوان» أنهم براء من إشعال ثورة الشباب الأخيرة، فإن تظاهرتهم قبل جمعتين لإسقاط ورقة الثوابت الدستورية (ورقة نائب رئيس الوزراء السلمي) هي التي فتحت كوة على جهنم اشتعلت في اليوم التالي. لذلك يجب أن يحسبوا هم والجيش خطواتهم جيداً، فهم أمام ستة أشهر طويلة جداً ريثما يتم التحول الديموقراطي في منتصف 2012.
تغيير الموضوع فكرة جيدة، ليس بطريقة «جمعة إنقاذ الأقصى» فهذه كانت فكرة غير موفقة وبدت رخيصة، وهي التظاهرة التي حاولوا بها لفت الانتباه بعيداً عن ميدان التحرير قبل الانتخابات بأيام ولم تفلح. الاقتصاد والمعيشة هما الموضوع الذي يشغل جل المصريين، فليكثروا من الحديث حول الاقتصاد، وليقل حديثهم عن الهوية والدين، لينظمواً مثلاً مؤتمراً إقليمياً عن الفرص الاستثمارية بمصر، بدعم من المنتدى الاقتصادي العالمي أو بنك التنمية الإسلامي يحضره رجال الدولة وخبراء الاقتصاد المصريون مع قيادات من دول الخليج والعالم، وتركيا وأردوغان بالطبع فهذا وقته، ويكون عنوانه «نحو مليون وظيفة في مصر» هل مليون وظيفة كافية؟ لا أعرف، ولكن، بالتأكيد، هذه الفكرة أفضل من المؤتمر الشعبي الإسلامي الذي كان يعقده الشيخ حسن الترابي في الخرطوم بعدما استتب الأمر لثورة الإنقاذ الإسلامية هناك.
* كاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.