الدولار يرتفع قبيل نشر بيانات التضخم الأمريكية    الأمين العام للأمم المتحدة يأمل أن تلتزم بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    بروكسل تعد القاهرة بمساعدات بقيمة 4 مليارات يورو خلال أول قمة أوروبية – مصرية    لشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير    اللواء المربع: «التحول التقني» جعل خدمات الأحوال المدنية أقرب من أي وقت    نائب أمير نجران يتسلم تقريرًا عن مشاريع الأمانة    بعد غياب عامين .. جيسوس يقود النصر لرقم مميز    محافظ الطائف يلتقي مدير الدفاع المدني اللواء القحطاني    أمانة تبوك تنفذ فرضية للاستجابة والتعافي من مخاطر السيول استعدادًا لموسم الأمطار    وزير الشؤون الإسلامية يشيد بالأمر الملكي بتعيين الشيخ صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة    بناء على ما عرضه ولي العهد أمر ملكي بتعيين الشيخ صالح الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    «السوق المالية» تسجل نمواً في الأصول المدارة ب1.2 تريليون ريال    حراك دولي مكثف لتثبيت اتفاق غزة    أمير القصيم يشيد بجهود «دمي»    البكيرية تدشّن حملة التوعية بسرطان الثدي    المملكة تُخفف معاناة الشعوب    تكليف العنزي مديراً للإعلام ومتحدثاً لوزارة الشؤون الإسلامية    "الإحالات الطبية" ينفذ خمسة آلاف إخلاء سنويًا ويُنقذ 30 ألف حياة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يرسم الابتسامة على وجه ثلاثينية بالحمل والولادة بعد عقم استمر 12 عاماً    مستشفى رفحاء يحصل على اعتماد "سباهي"    استحداث فئات للقطاع غير الربحي ..الصغير: 5 محاور و6 مسارات لجائزة المحتوى المحلي    رئيس وزراء مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    السعودية إلى كأس العالم    في الجولة الثالثة من «يوروبا ليغ».. أستون فيلا لمواصلة الانتصارات.. واختبار أول لدايش مع نوتينغهام أستون فيلا لمواصلة الانتصارات.. واختبار أول لدايش مع نوتينغهام    في الجولة السادسة من دوري روشن.. كلاسيكو مثير بين الاتحاد والهلال.. والنصر والأهلي في ضيافة الحزم والنجمة    ملك مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    خلال مؤتمر وزراء «منظمة التعاون».. الفضلي: السعودية تتبنى حلولاً متكاملة لإدارة المياه    أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    آل حلوّل والضليمي يزفون داؤود    المرور: الانحراف المفاجئ أبرز مسببات الحوادث    زوجة الجفري في ذمة الله    اللواء الدكتور صالح المربع يرأس الاجتماع السنوي لقيادات الأحوال المدنية    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ علي عبدالله الأحمد الجابر الصباح    برنامج ثقافي سعودي- فرنسي يمتد حتى 2030.. 50 مليون يورو لدعم مشروع «مركز بومبيدو»    «السمحانية».. جمال المكان وروح التاريخ    السينما.. ذاكرة حضارية    عرض مسرحية «المايسترو» مطلع نوفمبر    بيع 3 صقور ب 399 ألفاً في «المزاد»    «التجارة»: 59% نمو سجلات الألعاب الإلكترونية    نتنياهو يؤكد العمل مع واشنطن لتحقيق السلام.. ونائب ترمب: مهمة نزع سلاح «حماس» صعبة    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    أجريت إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. نجاح عملية عيب خلقي في القلب لطفلة فلسطينية    بالونات مجهولة تثير مخاوف الأمريكيين    ترمب يعلن إلغاء الاجتماع مع بوتين: «لم أشعر بالراحة»    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    نادي الساحل يكرم حملة التطعيم    78 % ارتفاع عقارات مجاورة لمترو الرياض    339 مبتعثا يدرسون الأمن السيبراني بأمريكا    50% من سعوديات القطاع الخاص بالرياض    التراث يحفّز الاستثمار ويقود ازدهار المتاحف    الفوزان مفتيا للمملكة    النصر ينتصر على غوا الهندي ويعزز صدارته للمجموعة الرابعة بدوري أبطال آسيا 2    غداً .. انطلاق بطولة كأس العرب للهجن 2025 في وادي رم بمشاركة السعودية    نائب أمير منطقة الرياض يرعى حفل جائزة الاستدامة المالية    محافظ الأحساء يرعى توقيع اتفاقيات إستراتيجية لجمعية زهرة    أمير حائل يستعرض خطط وبرامج جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة    محمد بن عبدالعزيز يشيد بمنجزات «محكمة إدارية جازان»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يكتب مثقَّف مشغول بالفلسفة في مجلَّة اسمها «الحجّ والعُمْرة»؟
نشر في الحياة يوم 07 - 11 - 2011

رأستُ تحرير مجلّة الحجّ والعمرة ما بين عاميْ 1423-1426ه، وأصبحتِ المجلَّة معها حديثة الشَّكل، شهريّة الصّدور، وكان ما يشغلني، آنذاك، أن ننحو بالمجلَّة منحًى ثقافيًّا إنسانيًّا يتَّخذ مِنْ شعيرة الحجّ حقلاً متميِّزًا للتّعبير عنْ هذه الشّعيرة المقدَّسة ففي الحجّ استشعار للأمانة التي ألقاها الله –سبحانه وتعالى- على الإنسان المسلم، منذ أنْ أسكن إبراهيم –عليه السّلام- مِنْ ذرّيّته عند البيت الحرام، وتلك الأمانة هي التّوحيد الخالص لله مِنْ كلّ ما يشوب الإشراك به، وفي ذلك معنًى تتجلَّى فيه إنسانيَّة الإنسان الذي لا يَعْنُو ولا يَخْضع لغير الله.
كان ما يُهمّني في مجلّة الحجّ والعُمْرة أن نأخُذ بها حيث المعاني الإنسانيّة التي ما انفكَّتْ مصاحبة لتلك الشّعيرة المقدَّسة، وما تنطوي عليه مِنْ رموز عميقة تكشَّفتْ لطائفة مِنْ ذوي البصيرة مِنَ الحُجَّاج، منهم الأدباء، ومنهم العلماء، ومنهم الفلاسفة والمتصوِّفة. وكنتُ أتملَّى تلك الأحاسيس التي تُفْصِح عنها كُتُب الرَّحَّالين ساعة نزولهم في تلك الأراضي المقدَّسة، واستبان لي، آنذاك، أنَّ مِنَ الضّروريّ أن نفتح كُوَّة على تلك المعاني الخفيَّة التي اشتملتْ عليها تلك الشَّعيرة.
فاتحْتُ كوكبة مِنَ المثقَّفين العرب في أمر المجلَّة، وزيَّنْتُ لهم الكتابة فيها، وأذْكر، ويَذْكر معي زميلي عبد الله الطَّيَّاريّ –مدير تحرير المجلَّة في تلك المدّة- أنّ ملامح الدَّهَش والاستغراب كانتْ تُطِلّ مِنْ أعيُنهم، فكيف يكتب مثقَّف يشتغل في الفلسفة أو النَّقد الأدبيّ الحديث أو في الرِّواية في مجلَّة اسمها «الحجّ والعُمْرة»؟! هكذا كانوا يقولون!
وكنتُ أتحدَّث إليهم عنْ رحلات الحجّ، وعنْ العلماء المجاورين في مكَّة المكرَّمة في تاريخنا القديم، وأجْلُو لهم شيئًا مِنْ تلك النَّفحات التي اشتغل بها أهل النَّظر والذَّوق مِنَ الفلاسفة والمتصوِّفة، أحدِّثهم عنْ ابن عربيّ المتصوِّف، وابن جبير الأندلسيّ، وأُذَكِّرهم بموقع الحجّ في الثَّقافة العربيَّة الإسلاميَّة. كيف اتَّخذ محمّد حسين هيكل مِنَ الحجّ إلى البيت العتيق ذريعة إلى النَّظر والبحث في معنَى النَّهضة، بعد أنْ أنفق طَرَفًا مِنْ عمره يدْعو إلى ثقافة الأنوار في أوربّا، ويُقَدِّم جان جاك روسّو إلى القارئ العربيّ. وكيف بذل هيكل جهدًا شاقًّا حين أعلَى مِنْ شأن القوميَّة المصريَّة، وكان، في تلك الحقبة، يسير في ركاب أستاذ الجيل أحمد لطفي السَّيِّد، ثمّ ما لبث داعية جان جاك روسّو في الثّقافة العربيّة، أنْ ظَهَرَ على شيْء ممَّا يُخَبِّئه الحجّ مِنْ أسرار، وعرف، بعْد لأْيٍ، أنَّ طريق النَّهضة والتَّقدُّم يبدأ مِنْ مكّة المكرَّمة، فثمَّة يمتلئ الشّعور بمعنى الأُمَّة الواحدة، وثمَّة تمتاز الأُمَّة الإسلاميَّة مِنْ سواها.
وأذكر أنَّني كنتُ أتحدَّث إلى غير مثقَّف ومفكِّر عنْ عليّ شريعتي، وهو فيلسوف إيرانيّ ذو بال، وأخصّ بالذِّكْر كتابه «الحجّ الفريضة الخامسة»، وفيه يستعلن الحجّ عالَمًا تتكدَّس فيه الرّموز، وعرفَتْ تلك الرُّموز ذلك العقل التَّأويليّ المذهل الذي تشبَّع به عليّ شريعتي، وأدركْتُ كم كان الحجّ فسيحًا، وكم كان الحجّ واسعًا، وكان الحجّ متنوِّعًا.
كانتْ مجلَّة الحجّ والعمرة إبَّان رئاستي لتحريرها مجلًى لأقلام جمهرة مِنْ ألمع المفكِّرين والأدباء العرب والمسلمين، ويصعب عليَّ، الآنَ، أنْ أسرد تلك الأسماء التي كان لها سهم عظيم في الارتقاء برسالة تلك المجلَّة، لكنَّني كنتُ حريصًا على أنْ تُفْسَح المجلَّة لكلّ الأفكار، ولكلّ أشكال الكتابة التي انطوَى عليها الحجّ. وخرجْنا بأسماء نعتزّ باستكتابها: حسن حنفي، ورضوان السَّيِّد، وجمال الغيطانيّ، ويوسف القعيد، والرّوائيّ الليبيّ أحمد الفقيه، والسَّيِّد ولد أباه، والمفكِّر المغربيّ سعيد بن سعيد العلويّ، وتركي الحمد، وزكي الميلاد، وحسن الصَّفَّار، وعبد الهادي التَّازيّ، وقاسم عبده قاسم، وطارق البشريّ، وتركي الرَّبيعو، وخالد زيادة، وسعيد السَّريحيّ، وأنور عبد الملك، والأديب السَّاحل العاجيّ آدم بمبا... وجمهرة كبيرة مِنَ المفكِّرين الذين ينتمون إلى مشارب أدبيَّة ونزعات فكريَّة مختلفة، أدركوا رسالة الحجّ وثقافته ورموزه وقضاياه، وكانت المجلَّة بهم ذات رسالة عالميَّة، فيها الأدب والفكر والفلسفة والفنّ، وعرف القارئ أيّ عالم فسيح انطوَى عليه الحجّ، هذه الرِّحلة الدِّينيَّة العُظْمَى وما يَسْتَكِنّ فيها مِنْ ألوان الشَّوق والتَّوق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.