ما أن اقتربت من طفلها تقبله حتى قالت: "ابني لديه حرارة". ولكي تتأكد من حدسها استعملت ميزان الحرارة، فكان الجواب مطابقاً مع حدس الأم، فالصغير مصاب بارتفاع الحرارة. والأمهات غالباً ما يتعرفن على وجود الحمى عند أطفالهن بمجرد لمسهم أو تقبيلهم. ان حرارة الجسم في حال الصحة تبقى ثابتة ضمن حدود ضيقة، على رغم تبدل حرارة الوسط الخارجي، وحرارة البدن تبقى ثابتة بفضل جهاز ينظم الحرارة موجود في قاع الدماغ، وبالتحديد في منطقة تعرف بالسرير تحت البصري، فعندما يكون الطقس بارداً، يصدر الجهاز المذكور أعلاه أوامره لإحداث "رجفات" في العضلات لانتاج المزيد من الحرارة. أما إذا كان الطقس حاراً، فإنه يقوم بالإيعاز الى الأعضاء المسؤولة عن آلية التعرف لكي تخفف من حرارة الجسم. ولكن إذا استمرت الحرارة على ارتفاعها فهذا يشير الى أن مرضاً ما ألم بالجسم. إن الحرارة التي تدور في فلك 38 درجة خلال بضعة أيام لدى طفل يتمتع بحالة عامة جيدة، لا يجب أن تثير القلق. في المقابل فإن ارتفاع الحرارة لدى الطفل الرضيع تعتبر خطراً عليه لعدم نضوج المركز المنظم للحرارة عنده. ما هي أسباب الحمى عند الطفل؟ تعتبر الأمراض الالتهابية الفيروسية والجرثومية من أهم الأسباب المؤدية للحمى عند الطفل، وان النوبات العرضية العابرة لارتفاع الحرارة تعود الى الاصابة بالفيروس التي تشفى من تلقاء نفسها، ولهذا لا حاجة لاعطاء الطفل المضادات الحيوية لانها لا تؤثر على الفيروسات لا من قريب ولا من بعيد. ولكن يجب ألا يغيب عن البال ان هناك حمى مجهولة السبب، أي لا يمكن التعرف على أصلها وفصلها. ان الحمى هي وسيلة دفاعية يعمل الجسم من خلالها على مناهضة الانتانات التي يتعرض لها، والعامل المثير للالتهاب لا يعمل مباشرة، بل يحرض على إفراز عوامل داخلية مثيرة للحرارة، وهذه العوامل تقوم بدورها بإثارة الكريات البيض التي يزداد نشاطها فترتفع قدرتها على انتاج الأجسام المضادة التي تعمل بقوة لدحر العدوان الميكروبي واجهاضه. ما هي أخطار الحمى على الطفل؟ ان الحمى تؤدي عند الطفل الى الأضرار الآتية: التجفاف الذي يعتبر من أهم الاخطار، ويرجع سبب حدوثه الى زيادة التعرق وضياع السوائل والأملاح. الاختلاجات التي تشاهد بكثرة خصوصاً عند الاطفال الذين يتراوح أعمارهم بين 6 اشهر و5 سنوات. وهذه الاختلاجات كثيراً ما تثير هلع الأهل. زيادة ضربات القلب وزيادة سرعة التنفس. الفتور والإعياء والانزعاج من الضياء. ما العمل لمواجهة الحمى؟ عندما تقترب حرارة الطفل من 38 درجة مئوية أو تتجاوزها، يجب عدم الانتظار، واتخاذ التدابير الملائمة لإعادة الحرارة الى حدها الطبيعي. وهناك تدابير فيزيائية واخرى دوائية لخفض حرارة الطفل. من التدابير الفيزيائية، عدم المبالغة في تغطية الصغير، واستعمال الكمامات الباردة، أو تغطيس الطفل في حمام من الماء الفاتر تكون درجة حرارته أقل بدرجتين من درجة حرارة الطفل. لكن يجب الحذر كل الحذر من "تبريد" الطفل بسرعة، فهذا له مخاطره غير المحمودة على الطفل. أما الوسائل الدوائية فكثيرة مثل اعطاء الأسبيرين أو الباراسيتامول اذا استمرت الحرارة عند الطفل على عنادها ولم تنخفض حتى مستواها الطبيعي اضافة الى تراجع وزن الطفل، فهنا يجب ادخاله المستشفى بلا تقاعس. ان الحمى عند الطفل تبدو مخيفة لحظة حدوثها، والأهل كثيراً ما يهابونها خوفاً من عواقبها، إلا انها قلما تحدث أذى عنده. والمهم في الموضوع هو ان نضع في أذهاننا ان الحمى تعتبر المؤشر العملي على وجود المرض، فالحرارة تساعد كثيراً في مراقبة المرض وتطوره وبالتالي تقدير نجاح الخطوات المتخذة في شأنه