المملكة تواصل توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة    بهدف غريب... ضمك يوقف استفاقة الفتح    «سلمان للإغاثة» يوزّع (3.610) سلال غذائية بإقليمين في باكستان    أمير منطقة القصيم يرعى انطلاق منافسات "باها القصيم تويوتا 2025"    سبب استبعاد سافيتش من لقاء الهلال والشباب    تطبيق الدوام الشتوي في مدارس الرياض ابتداءً من يوم الأحد المقبل    البرلمان العربي و«بارلاتينو» يدعوان إلى محاسبة الاحتلال ودعم إعادة إعمار غزة    الأمم المتحدة: خطر الفظائع الجماعية في السودان مرتفع    اتفاقية تعاون بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية ومجلس الضمان الصحي لتعزيز جودة الرعاية    تركي بن محمد بن فهد يزور محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    وزير الحرس الوطني يستقبل القائم بالأعمال في سفارة أميركا    نائب أمير مكة يستقبل نائب الرئيس الصيني ويبحثان تعزيز التعاون المشترك    فيصل بن فرحان ووزير خارجية أوروغواي يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    " الحمدي" يزور مركز نوفا الصحي بجازان ويشيد بالخدمات النوعية في مجال التغذية العلاجية    رونالدو يترك حلم اللعب مع نجله في النصر إلى قرار اللاعب    3 % ارتفاع الطلب العالمي على الذهب    موجودات المركزي السعودي ترتفع إلى 1.93 تريليون بنهاية سبتمبر    "إثراء" يطلق معرض "صدى المألوف" لاستحضار الذاكرة والحنين للماضي بعدسة الفن المعاصر    90 طالبًا وطالبة من "الجمعيّة الأولى " يتدرّبون على الموسيقى في المركز السعودي بجدة    الديوان الملكي: وفاة الأمير خالد بن محمد بن تركي آل سعود    أمير تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى الدكتور عطية العطوي    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم منتدى المجلس الاستشاري الدولي تحت شعار: "رؤى عالميَّة لمستقبل رائد"    جامعة أمِّ القرى تستعرض تجربتها في ملتقى التَّميُّز المؤسَّسي في التَّعليم الجامعي    إطلاق اسم الأمير خالد الفيصل على مركز الأبحاث ومبنى كلية القانون بجامعة الفيصل    أمير منطقة جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية    مفتي عام المملكة يستقبل أعضاء هيئة كبار العلماء    موعد عودة كانسيلو للمشاركة مع الهلال    تجمع المدينة يطلق أول مختبر للرعاية الأولية في المملكة    لندن تحتضن معرضا مصورا للأميرة البريطانية أليس خلال زيارتها للسعودية عام 1938    دراسة: نقص الأوكسجين يعطل جهاز المناعة ويزيد مخاطر العدوى    حسين بن عايض آل حمد في ذمة الله    سد وادي بيش.. معلم مائي واستراتيجي في جازان    وزير "الشؤون الإسلامية" يُدشِّن مشاريع بأكثر من 74 مليون بمنطقة الباحة    الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة ينمو بمعدل 5.0%    فيرتكس ووزارة الصحة السعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز رعاية مرضى اضطرابات الدم    أكد الدور الاقتصادي للشركات العائلية.. وزير الاستثمار: 3 تريليونات دولار قيمة سوق المال السعودي    منافسات سباقات الحواجز تواصل تألقها في بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    تقنية VAR تتدخل في البطاقات الصفراء الخاطئة    دور قيادي للمملكة في دعم سوريا وتعافي اقتصادها    تكريم الإعلاميين وطلاب الجامعة ومرشدي السياحة في جدة    الثقافة تقبل 10 باحثين ضمن منحة الحرف    وسط تصعيد عسكري وتحذيرات من الرد على أي خرق.. إسرائيل تعلن استئناف وقف النار في غزة    «شرطي» يقتل زوجته السابقة وينتحر    أمريكا تؤكد تمسكها بوقف النار    أفراح الصعيدي وبالعمش    كسوف كلي يظلم العالم عام 2027    مختص: «السماك» يزين سماء السعودية ل13 يوماً    "الخدمات الطبية" بوزارة الداخلية تستعرض تجربة صحية متكاملة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم الحج    المرافق العامة مرآة الوعي    مركز التميّز للعيون.. نموذج وطني متكامل    إنزال الناس منازلهم    تدشين موقع الأمير تركي الفيصل.. منصة توثيق ومساحة تواصل    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض    إسرائيل تعلن استئناف وقف النار وحماس تتهم واشنطن بالانحياز    دارفور تتحول إلى مركز نفوذ جديد وسط تصاعد الانقسامات في السودان    أمير جازان يستقبل مواطنا تنازل عن قاتل والده لوجه الله    هيئة الأمر بالمعروف بجازان تفعّل معرض "ولاء" التوعوي بمركز شرطة شمال جازان    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة عمان : دعم الانتفاضة والتكامل الاقتصادي و"الحالة بين العراق والكويت" ... على حالها
نشر في الحياة يوم 02 - 04 - 2001

كادت القمة العربية الدورية الأولى التي عقدت في عمان في 27 و28 من الشهر الماضي ان تشكل منعطفاً في "الحالة بين العراق والكويت" لولا تصلب بغداد واصرارها على كل مطالبها، ورفضها الموافقة على الصيغة النهائية لمشروع قرار في هذه الحالة حظيت بإجماع عربي وكان يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة تبشر بمصالحة شاملة.
في المقابل جددت القمة العربية دعمها للانتفاضة الفلسطينية وأقرت دعمها لموازنة السلطة الوطنية لمدة ستة أشهر الأمر الذي اعتبرته وفود كثيرة بمثابة علامة على تجدد الثقة بالادارة الفلسطينية وتبديد للشكوك التي ظهرت إثر القمة الطارئة في القاهرة وما تبعها من حديث عن آليات يصرفبرها هذا الدعم. ودان البيانالختامي للقمة بشدة العدوان الاسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني قائلاً ان "هذه الممارسات الصهيونية ما زالت تعتبر شكلا من أشكال العنصرية".
وعبر القادة العرب عن استيائهم البالغ من استخدام الولايات المتحدة حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قرار حول حماية الشعب الفلسطيني ورفضوا التبريرات الأميركية مشيرين الى ان هذا الموقف لا ينسجم اطلاقاً مع مسؤوليات الولايات المتحدة بوصفها راعياً لعملية السلام.
وأفرد البيان الختامي حيزاً كبيراً للمسائل الاقتصادية مشدداً على التكامل الاقتصادي العربي واقامة السوق المشتركة في عالم لا يعترف الا بالتكتلات الكبرى. وكان الهم الاقتصادي حاضراً بوضوح في الكلمات التي ألقاها معظم القادة العرب خصوصاً كلمات الملك عبدالله الثاني والرئيس حسني مبارك والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران رئيس الوفد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
وبعيداً عن القرار الذي كان معروفاً قبل القمة لجهة اختيار وزير الخارجية المصري عمرو موسى أميناً عاماً للجامعة العربية خلفاً للدكتور عصمت عبدالمجيد، اقترح الرئيس مبارك تأييد القمة التجديد لكوفي انان أميناً عاماً للأمم المتحدة لولاية ثانية.
ورأى المراقبون ان القمة التي تعذر عليها تحقيق انجاز في ملف "الحالة بين العراق والكويت" نجحت في المقابل في التعبير عن رغبة العرب في تأكيد حضورهم واستعادة تضامنهم وثقلهم. وأعرب عدد من القادة عن أسفهم لأن العراق لم يغتنم الفرصة التي كانت متاحة له. وقال الأمير سلطان بن عبدالعزيز بعد اختتام المؤتمر: "أردنا ان نساعد العراق لكنه أبى ان يساعد نفسه".
الحالة بين العراق والكويت
منذ قمة القاهرة انشغل الزعماء العرب في البحث عن صيغة توفيقية لفتح ثغرة في جدار الحالة بين العراق والكويت، وجاء وزراء الخارجية العرب قبيل المؤتمر الى عمان للاتفاق على خطوط عريضة يمكن أن تؤدي الى ارضاء جميع الأطراف، وقضى الزعماء العرب ووزراء خارجياتهم جل مناقشاتهم وحواراتهم التي استمرت الى ما بعد الفجر من دون التوصل الى نتيجة فانتهت القمة وبقيت الحالة بين العراق والكويت على حالها، فكانوا كلما اقتربوا من الوفاق عاندت الأطراف في الصياغة. والغريب في الأمر ان الحالة بين العراق والكويت دخلت جدول الأعمال لكنها بقيت خارج قاعة القمة التي اجتمع فيها الزعماء ولم تطرح للمناقشة في الجلسات الرسمية انما بقي الحوار فيها يضيق ويتسع حسب المكان فشكلت اللجان الثلاثية والخماسية والسداسية التي اجرت الوساطات بين الوفدين العراقي والكويت، ويقول احد اعضاء لجنة صياغة البيان الختامي المنبثقة عن وزراء الخارجية: "شهدنا تهدئة من جميع الأطراف وابتعدت الوفود عن المناقشات الحادة... وكدنا في اكثر من مرة ان نصل الى الصيغة التوفيقية".
وبعد موافقة 16 دولة على صيغة متوازنة طرحت أمام الوفدين العراقي والكويتي لكن الوفد العراقي رفضها وتنص على الآتي:
- التأكيد على احترام واستقلال الكويت وضمان أمنها ووحدة أراضيها وكذلك العراق.
- دعوة العراق الى إتمام الالتزامات الواردة في قرارات مجلس الأمن لايجاد حل سريع لمشكلة الأسرى والمفقودين الكويتيين.
- المطالبة بانهاء المشاكل العالقة في شأن اسلحة الدمار الشامل.
- المطالبة برفع العقوبات المفروضة على العراق.
- اتخاذ الترتيبات لاستئناف الرحلات الجوية التجارية الى العراق وعدم الاعتراف بمناطق الحظر الجوي.
- الدعوة للتعاون في ما يتعلق بما قدمه العراق في شأن المفقودين العراقيين.
وأبلغ الوفد الكويتي ان أي تغيير على هذا النص سيجعله ينسحب من القمة، وبقي الوفد العراقي يصر على الرفض، وفي صباح اليوم الثاني للقمة اضطر العاهل الأردني الى تأجيل الجلسة الصباحية لمدة ساعتين لافساح المجال أمام لجنة سداسية باجراء الاتصالات لكن من دون جدوى، وفيما ناشد وزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي العراق قبول الصيغة المطروحة اعتبر الوفد العراقي انها لم تلب طموحاته. وحمل وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف الكويت مسؤولية عدم توصل القمة الى قرار توفيقي، والملاحظ ان الخلاف في نهاية الأمر اقتصر على أمر شكلي حيث رفض العراق الفقرة التي تقول "يؤكد المؤتمر على ضرورة احترام سيادة الكويت وامنها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية... ويطلب من العراق تأكيد التزامه بسيادة الكويت".
ويقول الصحاف في تبريره لرفض هذه الصيغة "نحن اعلنا التزامنا... ونعتبر موضوع الكويت منتهياً وقد وافقنا على قرار مجلس الأمن 833، لكن الكويت لا تحترم سيادة العراق ومن أراضيها تخرج الطائرات الأميركية والبريطانية للاعتداء على الأراضي العراقية".
ويبدو ان العراق خسر كثيراً في عدم موافقته كونه الطرف الأكثر تضرراً من الحالة السائدة، لكن المسؤولين الأردنيين يعتقدون بأن التوافق أصبح أقرب من أي وقت مضى، شريطة التزام الطرفين عدم التصعيد، وهذه المهمة أصبحت في عهدة رئيس القمة العربية العاهل الأردني.
القضية الفلسطينية
لم يختلف الحال على الشعب الفلسطيني كثيراً بين قمتي القاهرة وعمان، فالأولى جاءت اثر انتفاضة الأقصى وخاطبت الشارع العربي بالعاطفة والحماسة لكنها أعطت السلطة الوطنية الفلسطينية الأمل بتقديم مليار دولار من خلال انشاء صندوقين لدعم الأقصى والشعب الفلسطيني، وجاءت قمة عمان لتضع آليات ايصال الدعم المادي الذي تأخر وصوله أكثر من 3 أشهر، فجاء القرار بتخصيص 40 مليون دولار شهرياً وعلى مدى ستة أشهر لتأمين ودعم ميزانية السلطة الفلسطينية لتغطية النفقات وخصوصاً رواتب الموظفين، ووضعت أملاً صعب المنال بترحيبها بخطوة العراق تخصيص مبلغ مليار يورو لدعم الشعب الفلسطيني وهو يمثل حصة 4 ملايين فلسطيني من صادرات النفط العراقية لمدة عام بالتساوي مع المواطن العراقي، وخصص منها 300 مليون لدعم أسر الشهداء والجرحى وأصحاب البيوت المهدمة وتوزع ال700 مليون يورو الباقية على 12 شهراً.
ويقول وزير خارجية العراق ان بلاده وضعت الترتيبات النهائية من عقود مع الشركات العالمية بعد زيارة فاروق القدومي لبغداد، وارسلت العقود للأمم المتحدة التي أحالتها الى لجنة العقوبات لكن واشنطن ولندن لا تزالان تعيقان ايصال هذه المساعدات.
ومن جانبه رحب وزير التعاون الدولي في السلطة الفلسطينية نبيل شعث بموافقة القمة لكنه قال "يبقى الأمر مرهوناً بالولايات المتحدة التي لا بد ستعطل هذه المساعدات". وفي الوقت نفسه يعتقد شعث ان القمة خرجت بنتائج ايجابية تلبي طموح القيادة الفلسطينية لكن الأمور تؤخذ بخواتمها، وهنا يبدي شعث تشاؤمه من التنفيذ الفوري.
سورية والسلطة الفلسطينية
وبين القضايا التي استأثرت باهتمام المشاركين في المؤتمر، خصوصاً خارج قاعة الاجتماعات، كانت العلاقة السورية - الفلسطينية. ويمكن القول ان قمة عمان شكلت فرصة لكسر الجليد بين القيادتين السورية والفلسطينية واعادة اطلاق الحوار وقدر من التنسيق بين الجانبين. وكان اللقاء الذي عقد بين الرئيس بشار الأسد والرئيس ياسر عرفات تكريساً لرغبة الطرفين في فتح صفحة جديدة في العلاقات.
وأكدت مصادر فلسطينية ل"الوسط" ان اجواء اللقاء كانت مريحة وتميزت بالصراحة والرغبة في تجاوز الماضي. وتوقع ان يزور الرئيس الفلسطيني دمشق قريباً لاستكمال المحادثات مع الرئيس السوري.
مصدر فلسطيني آخر أكد قيام "مناخ جديد" بين السلطة الوطنية الفلسطينية وسورية لكنه دعا الى "عدم الافراط في التفاؤل على رغم وجود النوايا الطيبة" مشيراً الى الاختلاف في أوضاع الجانبين الذي يحول دون "التلازم" في المسارين. وقال: "علينا ان نعترف بوجود اختلاف في الأوضاع وأحياناً اختلاف في القراءة. فنحن نعيش تحت القصف اليومي والتدمير في حين ان سورية دولة مستقرة وقادرة على التعايش طويلاً مع الظروف الحالية التي تواجهها".
وعلى رغم ان الجانبين تجاوزا ما شهدته اجتماعات وزراء الخارجية التي سبقت القمة فإن ما حصل أكد حضور "الهواجس والحساسيات" في العلاقات بين الطرفين. فاثر دعوة وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الى قيام تلازم بين المسارات السورية واللبنانية والفلسطينية اعترض الجانب الفلسطيني ممثلاً برئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير السيد فاروق القدومي مشيراً الى اختلاف الأوضاع والظروف. وعلى رغم العلاقة الطيبة التي تربط بين "الفاروقين" بفعل معارضته اتفاق أوسلو حصل تلاسن حاد بين الجانبين انتهى بدخول لبنان طرفاً ثالثاً فيه. فبعد اتهامات وجهها الشرع الى القدومي رد الأخير رافضاً ان يعامل الجانب الفلسطيني، بفعل التلازم المقترح، على غرار ما تعامل سورية الجانب اللبناني قائلاً: "ان لبنان يجهل ما يجري ويدور".
ورأى المراقبون في التلاسن الذي حصل دليلاً على تخوف الجانب الفلسطيني من أن يؤدي التلازم الثلاثي الى "وضع القرار في يد دمشق" معيدين الى الأذهان ان عرفات عارض دائماً ان تكون لسورية الكلمة الأخيرة في الموضوع الفلسطيني وترجم ذلك بتشديده على "القرار المستقل" ومنذ أيام وجود منظمة التحرير في بيروت.
ورأت مصادر ديبلوماسية ان عودة الحوار بين القيادتين الفلسطينية والسورية أمر جيد لكنها تخوفت من أن تؤدي اي عودة الى المفاوضات أو مقدماتها الى "تهديد المناخات الجديدة". ولاحظت ان كلمة الرئيس الأسد أمام القمة أكدت تمسك سورية بثوابت يصعب على الجانب الفلسطيني التمسك بها حرفياً لأنها تؤدي الى اغلاق باب التفاوض نهائياً. وأشارت الى ان كلمة الأسد تضمنت عملياً انتقاداً لدعاة اعطاء حكومة ارييل شارون فرصة ولمن يراهنون على تغيير الأشخاص في اسرائيل. واعتبرت ان ما انتهت اليه القمة لجهة الحديث عن تلازم المسارين السوري واللبناني وترابطهما مع المسار الفلسطيني هو صيغة مرنة ستكون معرضة للامتحان في الشهور المقبلة.
المصالح أولاً
ويسجل الكثيرون من المراقبين ان القمة العربية في عمان وضعت لبنة جديدة ومهمة لاطلاق حالة عربية جديدة قائمة على المصالح الاقتصادية للدول العربية بهدف انشاء تكتل اقتصادي عربي يعوض حال فقدان الوزن التي مرت بها البلدان العربية خلال الخمسين عاماً الماضية، لذا جاءت اغلب كلمات الزعماء والوفود العربية لتضع ثقلها في القضايا الاقتصادية مثلما حاول الأردن كبلد مضيف التركيز على توجيه الاهتمام الى المصالح الاقتصادية العربية كونها قضايا غير مختلف عليها من حيث المبادئ العامة وقد أفرد البيان الختامي عشرة بنود للقضايا الاقتصادية حيث أولوا اهتماماً خاصاً لموضوع التكامل الاقتصادي العربي وتفعيله بما يحقق الربط بين المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.
وأعرب القادة العرب عن تقديرهم لسير خطوات العمل في تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وأثنوا على ما تم انجازه وقرروا الازالة الفورية للقيود غير الجمركية، الادارية والفنية والمالية والنقدية واخضاع كافة الرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل للتخفيض التدريجي المتفق عليه ومعاملة السلع العربية معاملة السلع الوطنية، ودراسة ادماج تجارة الخدمات في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى واقامة اتحاد جمركي عربي وتكليف المجلس الاقتصادي بمتابعة ذلك.
ويبدو ان القرار الأهم في الجانب الاقتصادي هو موافقة الزعماء العرب على اقتراح الرئيس حسني مبارك عقد المؤتمر الاقتصادي الأول في القاهرة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل بمشاركة حكومات الدول العربية والقطاع الخاص العربي والأجنبي والمؤسسات الاقتصادية الاقليمية والدولية وتكليف الأمين العام للجامعة اتخاذ الخطوات اللازمة لإنجاح المؤتمر.
اعلان عمان
وعلاوة على البيان الختامي اصدر القادة العرب اعلان عمان الذي انطلق من تأكيد التفاعل الحضاري بين الثقافات والحضارات ونبذ كافة اشكال التفرقة والعنصرية والدفاع عن حقوق المواطنين وعلى رأسها حقوق الانسان العربي، ووجد الزعماء العرب في "اعلان عمان" مخرجاً من الحرج التي وقعوا فيه بعد المناقشات العقيمة حول الحالة بين العراق والكويت، فافردوا بنداً في الاعلان القريب من القضايا الانسانية جاء على شكل "رجاء" يدعو الى رفع العقوبات عن العراق والتعامل مع المسائل الانسانية المتعلقة بالأسرى والمفقودين الكويتيين والمفقودين العراقيين وغيرهم انطلاقاً من مبادئ تراثنا القومي والديني والانساني.
الرئاسة الأردنية
بعد انتظام عقد القمم العربية الدورية خرجت رئاسة القمة العربية من يد مصر لتبدأ الدول العربية في تداول "الرئاسة" سنوياً وباستلام العاهل الأردني لها تكون أمامه الفرصة متاحة سنة كاملة لتحقيق انجاز يمكن ان يسجل له، الأمر الذي يضعه وبلاده على محك الاختبار لقدراته وعلاقاته وديبلوماسيته في تليين المواقف واختراق الحواجز، فكان اول تكليف له من القمة بقيادة المشاورات لتقريب وجهات النظر بين العراق والكويت، وفي الجانب الآخر فإن هذه "الرئاسة" تضع على الأردن وقيادته التزامات سياسية عربية لا مجال للخروج عنها خصوصاً في مسألة التعامل مع اسرائيل وبالتحديد الآن في ظل وجود ارييل شارون في رئاسة الحكومة، فكل خطوة أو لقاء باتجاه اسرائيل سيكون محسوباً على الأردن بصفته رئيس القمة العربية، وهذا قد يؤدي الى تأخير ارسال السفير الأردني الى تل أبيب والذي يمتنع الأردن عن ارساله الى مكان عمله منذ اندلاع انتفاضة الأقصى وبالتالي تقليص مساحات الالتقاء بالقيادات الاسرائيلية والاقتراب أكثر من العرب والقيام بحملة علاقات عامة لمصلحة العرب لدى الولايات المتحدة وأوروبا ولعب دور أكبر من التوفيق في القضايا الخلافية وبخاصة في قضية لوكربي والصحراء الغربية وجزر الامارات العربية المحتلة والقضايا السودانية الداخلية ورفع العقوبات عن ليبيا والسودان.
اختيار بيروت
وفاجأ رئيس دولة الامارات العربية الشيخ زايد آل نهيان الزعماء العرب بتنازله عن دور بلاده لاستضافة القمة العربية الثانية حسب سياسة الحروف الابجدية التي أقرها الزعماء العرب، ويبدو ان الشيخ زايد أراد توجيه رسالة دعم ومساندة للجمهورية اللبنانية ليضعها في دائرة الحدث السياسي خلال السنة المقبلة وتأكيد حقها في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي مطالبها وفي انسحاب اسرائيل حتى حدودها الدولية بما فيها مزارع شبعا خصوصاً ان الشيخ زايد تبنى مشروع ازالة الالغام التي خلفها الاحتلال الاسرائيلي في جنوب لبنان، وهو ما اعتبره الرئيس اللبناني اميل لحود شرف عظيم لبلاده ودعماً من العرب في مواجهة الاحتلال.
يبقى السؤال عما بعد القمة. هل تأخذ المقررات طريقها الى التنفيذ ام يطول الانتظار؟ وهل تندفع المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي أبعد مما هي عليه اليوم؟ وهل يدفع شارون المنطقة الى ما هو اخطر من الوضع الحالي؟ وماذا عن الولايات المتحدة ودورها وماذا سيفعل العرب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.