لم يكن في وسع آودي الإنتظار أكثر، لا لتطلق آي 8 في مواجهة بي إم ف الفئة 7 ومرسيدس-بنز إس كلاس وجاغوار إكس جاي 8 أو كاديلاك دوفيل وغيرها من منافساتها في قطاع السيارات الفخمة العليا، بل لتُتبعها بفئة ممدودة، مثلما فعلت بي إم ف ومرسيدس-بنز وجاغوار، ومنذ بضع سنوات. ليست الفئات الممدودة أمراً جديداً بين السيارات الفخمة. فالفئة السابعة طولها 4.98 متر وقاعدة عجلاتها 2.93 متوافرة بفئة طويلة 5.12 و3.07، كما هي الحال مع إس كلاس المتاحة بهيكل عادي 5.04 و2.97، أو طويل 5.16 و3.09، وجاغوار إكس جاي 8 5.02 و 2.87، والطويلة 5.15 و3 أمتار. وهو ما فعلته آودي حديثاً مع موديل آي 8 5.03 و2.88 بإطلاق صيغته الطويلة 5.16 و3.01، ولو جاءت متأخّرة بعض الشيء مقارنة بالموديلات السابقة الذكر. هل إنضمت آودي آي 8 إذاً الى نادي ال "أكثر من صيغة" للسيارة الفخمة العليا؟ نعم، لكنها لا تنتمي بعد الى أعلاه... فالفئة السابعة تتوافر لدى بي إم ف في حلّة ثالثة، هي الأطول وتُعرَف ب إل 7 طولها 5.37 متر وقاعدة عجلاتها 3.32 متر، وإس كلاس تتوافر أيضاً في صيغة بولمان الأطول من مختلف منافساتها طولها 6.16 وقاعدة عجلاتها 4.085 متر، ما يعني أن آي 8 الطويلة ليست أطول المتاح في قطاعها، على الأقل مقارنة بمنافستَيها الرئيسيتين، مرسيدس-بنز وبي إم ف. لكن المتر ليس الحجة الوحيدة، ولو كانت هذه السيارات تتنافس أولاً بالمساحة المتاحة للركاب، وفي المقعد الخلفي تحديداً. لا شك في أن مستوى آودي آي 8 التقني لا يقل تقدّماً عن أي من الألمانيتين الأخريين، لكن للأولى حجة مختلفة عن الإثنتين وعن كل ما عداها من السيارات الفخمة، فهي الوحيدة المصنّعة من الألومينيوم من بنيتها الداخلية الى ألواحها الخارجية، وصولاً الى كل عناصر تعليقها أصبح تعليقها من الألومينيوم إبتداء من موديل سنة 2000، إضافة الى توافرها بالدفع الرباعي لتعويض الدفع الأمامي في بعض فئاتها، لدى المقارنة مع الدفع الخلفي في الألمانيتين الأخريين. هنا يُترك المتر جانباً، ولو لم تسقط أهميته تماماً، طالما بقيَ الحجمُ محورَ المنافسة. ثمة حجة أخرى وتعود هذه المرّة الى المفهوم الأساسي للسيارة: المعدن. لا أحد يشتري آي 8 ليحدّق بالألومينيوم، أو ليلمسه، فليس هناك أي فارق مرئياً كان أو حسّياً بين الفولاذ والألومينيوم المحميين كليهما وراء الطلاء. هل هو الوزن الذي يرجّح كفّة آي 8؟ صحيح أن الألومينيوم أخف من الفولاذ، لكن كثرة تجهيزات سيارات هذا القطاع تحصر الفارق بنحو 100 كلغ لدى المقارنة بين آي 8 وإس كلاس بمحرّكات قريبة من بعضها: 1780 كلغ ل إس 430 الخلفية الدفع، و1750 كلغ ل آي 8 كواترو 4.2 ونظام الدفع الرباعي يزيد 70 كلغ على الوزن الصافي. عملياً، يقل وزن فئات موديل آي 8 الذي أطلِقَ في 1994، نحو 100 كلغ عن الفئات الموازية في إس كلاس أُطلِقَ خريف 1998، ونحو 200 كلغ عن الأخرى الموازية في الفئة 7 لدى بي إم ف أطلِقَ في 1994، ما يُشير الى نجاح صانعي الفولاذ في خفض فارق وزنه، خلال أربع سنوات، من نحو 200 الى 100 كلغ لسيارة بهذه الأحجام. هناك أيضاً فارقا الإستهلاك وزيادة إمكانات إعادة إستغلال الألومينيوم في نهاية عمر السيارة. تقدّر آودي معدّل فارق إستهلاك البنزين بتخفيف 100 كلغ بنحو ليتر واحد في المئة كلم. لكن زبون سيارة مثل آي 8، قصيرة كانت أو طويلة، لا يشتريها لتخفيف إستهلاك الوقود إلا لبعض الحاصلين عليها كسيارة شركة، وفي أسواق البنزين النفيس، وقد لا يشتريها حتى لشدة حرصه على البيئة، بل ربما للتعبير عن هذا الحرص إجتماعياً تلازم الحرص والتعبير عن الحرص ليس حتمياً بالضرورة، وحتى تجاه الذات الى حد ما. وهنا لا تعود آي 8 في حاجة الى أطول من فئتها الممدودة هذه، لأن حجّة الألومينيوم الحريص على البيئة قد لا تحتمل "المط والتطويل" حتى الستة أمتار مثلاً، لأنها الحجة تصبح رقيقة كورقة السيجارة التي لا تحتمل الأخذ والرد طويلاً. لعل حجة آي 8 الممدودة هي قبل أي شيء آخر، إتاحة فرصة جديدة لإنعاش الموديل "المعتدل" المبيعات إزاء منافسَيه الأساسيين، ولدى الراغبين بفئات ممدودة تحديداً، للتمتّع بمساحة خلفية رحبة جداً، مع برّاد وتلفزيون وفيديو وطاولة عمل يدوية التحريك أو كهربائية في ظهر مقعد الراكب الأمامي، وتحريك المقعدين الخلفيين كهربائياً، إضافة الى تلبية محرّك الأسطوانات الثماني V، 40 صماماً، 4.2 ليتر، 310 أحصنة والدفع الرباعي الذي يزيد الثبات، خصوصاً مع أجهزة منع الإنزلاق الكبحي والدفعي والوسادات الهوائية الثماني أربع في المقدّم وإثنتان خلفيتان جانبيتان وأخريان تمتدان فوق النوافذ لحماية الرؤوس. أما حجج رشاقة السلوك وديناميكيته الممتعة بفضل خفّة الألومينيوم وثبات الدفع الرباعي، فقد لا تكون الأكثر إقناعاً لسيارة سيجلس معظم مالكيها في المقعد الخلفي، وليس وراء مقودها، وسيطلبون من سائقهم القيادة بتأنّ ونعومة قبل أي إعتبار آخر، لا سيما أن معدّلات أعمار زبائن هذه السيارات تتخطى الأربعينات إجمالاً، ولديها مسؤوليات عائلية ومهنية أو إقتصادية سياسية مهمة.