عندما بدأ تلفزيون الامارات العربية من ابو ظبي ارساله الملوّن اثر اعلان الاتحاد العام 1972 استعان كما فعل غيره من المحطات التلفزيونية الخليجية بخبرات عربية، لم تقتصر على المجالات الفنية والهندسية، بل تعدتها لتشمل مقدّمي البرامج ومعدّيها. ومن هؤلاء المذيعة العراقية المعروفة ذكرى الصراف التي جاءت برفقة زوجها المخرج التلفزيوني ناظم مجدي الى ابو ظبي حاملة خبرتها السابقة في العمل الاذاعي عبر اذاعة بغداد وتلفزيونها. تقول ذكرى الصراف: في ابو ظبي اختصرت مسافة زمنية هائلة، وحققت حلماً يعتبره معظم المذيعين طموحاً أقصى وهو قراءة نشرة الاخبار على الهواء مباشرة لقد حدث ذلك في اليوم الثاني لالتحاقي بالعمل! ومنذ ذلك اليوم كدت ان اكون متخصصة في قراءة هذه النشرات، على رغم انني لم أعد أميل اليها كثيراً لما تحمله من اخبار اشعر وكأنني محرجة اثناء قراءتها. فنحن بشر وأحلم دائماً بنقل الاخبار الطيبة للناس. وتضيف ذكرى الصراف: في الواقع نحن العرب عاطفيون وانفعاليون وهي تركيبة معقدة وجميلة، لكنها مقلقة. والتقلّبات السياسية والازمات التي نعيشها تترك آثاراًً واضحة في حياتنا وتصرفاتنا. ومن اصعب المواقف بالنسبة لي في حياتي العملية لم يكن لأسباب فنية كما يحدث لأي مذيع في العالم من تلك المواقف كان انطوائي على نفسي واعتزال الناس اثناء حرب الخليج، فقد شعرت بخجل حقيقي مما كان يحدث، ولم أقو على الخروج ومواجهة الناس حتى من خلال الاستديو. وقد اعتكفت في منزلي اتابع التطورات بحرقة. ولا اخفيكم انني تحاشيت الخروج تماماً لأعفي نفسي من مأزق المناقشة او حتى الاحتكاك بالآخرين في هذه الفترة العصيبة وقد شجّعني المسؤولون في المحطة على ذلك. وتابعت المذيعة المعروفة: انا مواطنة عراقية اعيش في الامارات منذ سنوات طويلة وتربطني بشعب الامارات علاقات وطيدة متميزة لم تلطّخها شائبة، ولكن دخول العراق للكويت ترك مرارة شديدة في نفوس الناس. وبعد تحرير الكويت عدت من جديد وأنا في كامل ثقتي بنفسي وبالآخرين. لكنه مأزق حقيقي للمواطن العربي يرخي بظلاله على علاقتنا كعرب مع بعضنا البعض. أتضرّع الى الله ألا يتكرر. عندما نسأل أي مذيع عن طموحه تتقدم نشرة الاخبار اولوياته... ماذا تطمح ذكرى الصراف في مجال عملها؟ تجيب: بدأت بإثبات وجودي عبر البرامج الاجتماعية الدسمة المذاعة على الهواء مباشرة وهي برامج من نوع خاص تستضيف مسؤولين على مستوى رفيع لتثير معهم عدداً من القضايا الحيوية تهم المجتمع وتحظى هذه البرامج باهتمام خاص من المشاهد وتترك له الفرصة للتحاور عبر الهاتف وعلى الهواء مباشرة مع المسؤول الضيف وهذه البرامج اعتبرها امتحاناً حقيقياً لمقدرة الضيف ومقدم البرامج، وأواجه بها شخصياً تحدياً كبيراً مع قدراتي. وهي مساحة لاختيار قدرتنا على التطور. والحقيقة ان تلفزيون دبي بدأ بالإكثار من هذه البرامج. أما عن طموحي التالي فإنه يسعدني ان أتطور في مجال عملي نفسه. وأتابع دراستي للغة الانجليزية لتطوير امكاناتي العملية. لديّ قناعة ذاتية بأن عملي الحالي هو حياتي كلها ولن أتركه لعمل سواه. سألتها "الوسط" إثر ما يتردد عن ضرورة التجديد في اداء المذيعة التلفزيونية بشكلها في حين تحافظ ذكرى الصراف على الحضور التقليدي منذ سنوات. هل يعني ذلك انها غير ميّالة الى التجديد؟ فقالت: لا اعتقد انني مهملة في هذا الجانب بشهادة جمهور التلفزيون فقط. لا يستهويني مسألة انشغال المذيعة بعرض الازياء وملاحقة صيحات الموضة وتسريحات الشعر فنحن جزء لا يتجزأ من المجتمع ونحن تلقائياً في مجتمع حريص على عاداته وتقاليده المستمدة من الشريعة الاسلامية، وعلينا الاحتشام اولاً، والمظهر البسيط ثانياً. وأنا احافظ على الاثنين. غير اني لا اخفي ولعي بالألوان خصوصاً الوان الطبيعة. وأضافت: ان التجديد الذي يحدث في حياتي العملية يتمثل بنضوج الوعي المهني وقدراتي الثقافية واستمراري في المطالعة والقراءة. وقد يستغرب البعض عندما اقول انني لا اشاهد برامجي او برامج الآخرين في التلفزيون الا نادراً، لأنها لا تغني عن كتاب او مجلة. هذه الأيام اولي اهتماماً كبيراً للكتب الطبية وعيون الشعر العربي رغبة مني في سبر اعماق لغتنا العربية الجميلة. وللعلم فإنني لم اقتن بعد طبق الاقمار الصناعية في بيتي. عموما الاعلام في دول الخليج تطور كثيراً والامكانات الفنية والمادية المتوفرة لمحطاتنا جلبت العالم كله الى بيوتنا.