قبل ان يتم الاسبوع دورته حسم نادي نيوكاسل يونايتد الانكليزي معركة خلافة مدربه كيفن كيغان وتعاقد مع المدرب الاسكوتلندي كيني دالغليش 45 عاماً لقاء مليون جنيه استرليني في السنة في صفقة هي الأغلى بين المدربين في انكلترا وهكذا خلف دالغليش كيغان مدرباً في نيوكاسيل كما سبق ان خلفه لاعباً في ليفربول... ويواجه دالغليش التحدي الأكبر في حياته إذ يترتب عليه ان يحقق ثلاثية لم يسبق لمدرب في انكلترا ان حققها وهي احراز الدوري مع ثلاثة اندية: ليفربول وبلاكبيرن ونيوكاسل. واذا نجح في مهمته فانه سيضيف الى انجازاته الخارقة، لاعباً ومدرباً، انجازاً فريداً من نوعه. وقد أشاد دالغليش بعد توقيع العقد مع نيوكاسل بسلفه كيغان وبالخدمات الجلَّى التي اسداها للنادي وأضاف انه سيكون موضع ترحيب وحفاوة من قبلي في أي وقت، ولم ينس دالغليش ان يذكِّر بأنه شرَّف توقيعه مع ليفربول وبلاكبيرن وسيبذل كل ما في وسعه ليحقق احلام نيوكاسل. الاستقالة - الزلزال وكان لاستقالة كيفن كيغان المفاجِئة وقع الزلزال فاحتلت مساحات واسعة في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة على حد سواء. وقد أصيب مشجعو الفريق بصدمة قاسية لأنهم يحبون كيغان ويعرفون حق المعرفة ما له من أياد بيضاء على النادي الذي انقذه من الهبوط الى الدرجة الثالثة وقاده الى مصاف فرق الطليعة في الدرجة الممتازة وكاد يحرز اللقب في العام الماضي لولا كبوته قبل نهاية الدوري. وشهرة كيغان لا تقتصر على براعته في التدريب، فهو من أشهر اللاعبين الذين انجبتهم انكلترا، وسجله حافل بالانجازات التي تشهد بعلو كعبه إذ احرز الكرة الذهبية التي تمنح لأفضل لاعب في اوروبا مرتين وتألق في فريق ليفربول الانكليزي وفريق هامبورغ الالماني كما تألق في صفوف المنتخب الوطني الانكليزي. وقرار الاستقالة كما جاء على لسان كيفن كيغان في مؤتمر صحافي عقده لهذه الغاية كان واضحاً كل الوضوح: "انه قراري وقراري وحدي، لقد تقدَّمت باستقالتي في نهاية الموسم الماضي لكن الادارة اقنعتني بالبقاء، واعتقد انني صعدت بالفريق الى أقصى ما يمكنني، وان الوقت حان للاستقالة بما فيه مصلحة الجميع". لكنه لم يروِ غليل المتعطشين الى معرفة الحقيقة، والاستقالة لا تزال حتى اشعار آخر لغزاً يلفه الغموض لأن الدوافع الحقيقية الكامنة وراءها لم تعرف بعد، وقد لا تعرف، علماً ان ادارة النادي اطلقت يد كيغان في التعاقد مع مجموعة من نجوم الكرة وقد بلغ مجموع ما انفقه خلال السنوات الخمس الأخيرة 60 مليون جنيه استرليني كانت حصة ألن شيرر وحده منها 15 مليون جنيه حوالى 25 مليون دولار في ما يعتبر أغلى صفقة لشراء لاعب كرة قدم حتى الآن. ترى هل كان كيغان يعني حقيقة ما ذكره في استقالته؟ ام انه ذكر ذلك للتمويه ولتحويل الانظار عن أمور لا يرغب في الكشف عنها؟ ان نيوكاسل يحتل حالياً المركز الخامس في الدوري بفارق خمس نقاط عن ليفربول المتصدر ولديه مباراة مؤجلة، ما يعني انه ما زال منافساً جدياً على احراز اللقب، كيف لا وهو يملك قوة ضاربة قوامها ألن شيرر وليس فرديناند والفرنسي دافيد جينولا والكولومبي فاوستينو اسبريا والبلجيكي فيليب ألبير ودافيد باتي وبيتر بيردسلي؟ وهذه القوة الضاربة تجعل فرق الطليعة تحسب له ألف حساب. صحيح انه تعثر مراراً هذا الموسم وخسر مباريات كانت مضمونة أو شبه مضمونة. ولكن مَن من فرق الطليعة باستثناء فريق ويمبلدون لم يلق ما لقيه نيوكاسل بدءاً بمانشستر يونايتد حامل اللقبين الدوري والكأس مروراً بأرسنال وانتهاء بليفربول؟ وفي كأس الاتحاد الاوروبي بلغ نيوكاسل الدور ربع النهائي في حين خرج ارسنال واستون فيلا، اما ليفربول فانه بدوره بلغ الدور ربع النهائي في كأس الكؤوس وحذا حذوه مانشستر يونايتد في كأس الابطال. مما تقدم يتبين لنا ان الحصيلة العامة لنتائج نيوكاسل هذا الموسم ليست سيئة الى الحد الذي يدفع بكيغان الى الاستقالة. ومن الممكن اذا أولى خط الدفاع في فريقه مزيداً من العناية ان يحقق اللقب المحلي او اللقب الاوروبي او كليهما معاً، فلماذا استقال إذن؟ ان استقالة كيفن كيغان من نيوكاسل شبيهة باستقالة كيني دالغليش من ليفربول في العام 1991 والفريق في صدارة الدوري وسيبقى شأنها شأن تلك الاستقالة علامة استفهام تصعب الاجابة عنها. بورصة الترشيحات وفور استقالة كيغان بدأت بورصة الترشيحات تتداول اسماء المدربين المحتملين لخلافة كيغان وقفزت الى الواجهة اسماء الهولندي يوهان كرويف والانكليزي بوبي روبسون والويلزي جون توشاك والاسكوتلندي كيني دالغليش. في بداية الأمر خيِّل الى الكثيرين ان كرويف مدرب برشلونة السابق هو البديل المناسب كونه عاطلاً عن العمل وكونه يتمتع بشهرة اسطورية لاعباً ومدرباً. إلا ان كرويف بدَّد كل الاحتمالات عندما أعلن عن عدم رغبته في تدريب نيوكاسل. أما روبسون مدرب برشلونة الحالي الذي يواجه بعض المتاعب مع مشجعي ناديه ومع النجم البرازيلي رونالدو، فانه لم يبدِ استعداده للتخلي عن تدريب برشلونة والانتقال الى نيوكاسل، ولم تصدر عن جو توشاك الذي ينتهي عقده مع ديبورتيفو كورونا الاسباني في نهاية هذا الموسم أية اشارة توحي بأنه قد يحل محل كيغان. ويتركز الاهتمام حالياً على كيني دالغليش بصفته المدرب المثالي لخلافة كيغان وثمة مؤشرات تدل الى ان الصفقة ليست مستبعدة اذ ذكر هنري ونتر في جريدة ديلي تلغراف ان دالغليش سيقوم بتدريب نيوكاسل اذا طلب منه السير جون هول رئيس النادي، ولن يحول تعاقده جزئياً مع رينجرز الاسكوتلندي دون ذلك. ولمَّح الى ان دالغليش جاهز لتولي المهمة وقيادة نيوكاسل الى تحقيق ما يتطلع اليه والواقع ان دالغليش حقق لفريق ليفربول لاعباً ومدرباً انجازات خارقة نذكر منها على سبيل المثال فقط انه في السنة الأولى التي تولى فيها تدريب ليفربول أحرز له الدوري والكأس وعندما انتقل الى تدريب بلاكبيرن وهو ناد متواضع قفز به الى مستوى فرق الطليعة وتوّج انجازاته عندما أحرز له كأس الدوري في العام 1995. وقد يكون دالغليش وحده في هذا الظرف قادراً على تجسيد احلام نيوكاسل بالتربع على قمة الدوري لما يتمتع به من كفاءات وللعلاقة الوطيدة التي تربطه بألن شيرر نجم الفريق الذي سبق ان دربه في بلاكبيرن اضافة الى صلاته الطيبة بدافيد باتي وتيري ماكدرموت ومارك لورنسون ناهيك بأنه عمل مع بيتر بردسلي ومن شأن ذلك ان يسهل مهمته من جهة، اضافة الى الشحنة المعنوية الهائلة التي سيمد بها الفريق من جهة ثانية. أما وقد تم اختيار دالغليش مدرباً لنيو كاسل خلفاً لكيغان فالسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو هل ينجح في مواجهة التحدي الكبير؟ وهل يحقق احلام ناديه الجديد فيدخل التاريخ هذه المرة من باب الثلاثية النادرة؟