بلينكن يحذر من اتساع الصراع    بعد 24 ساعة من اختفائها.. مقتل نائب رئيس مالاوي في تحطم طائرة    الأردن ترحب بقرار مجلس الأمن الدولي اعتماد الاقتراح الجديد لوقف إطلاق النار بقطاع غزة    موعد مباراة السعودية والأردن اليوم    وزير الخارجية يشارك في جلسة التواصل الوزارية لمجموعة بريكس    بيع تذكرة تدريب رونالدو مع البرتغال مقابل 858 دولار    ولي العهد يستقبل ولي عهد الكويت في جدة    المظالم ومدن يوقعان اتفاقية للربط الرقمي    أكثر من 15 ألف مستفيد من حملة "سلمان للإغاثة" لتحصين الأطفال ضد مرض الحصبة في اليمن    ضيوف خادم الحرمين للحجّ يوثقون "رحلة الحج" بهواتفهم ويبثّونها لذويهم    وفدٌ مجلس الشورى يقوم بزيارة إلى الهيئة الملكية بالجبيل    صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين يستعد لاستقبال الحجاج    فاطمة الغامدي تحصل على الماجستير في العلاقات العامة بتقدير ممتاز    الذهب يفقد بريقه والنفط فوق 80 دولاراً    اليوم.. التفويج "الأكبر" للحجاج من المدينة لمكة    جمعية تكامل الصحية تقيم مركزاً لاستقبال ضيوف الرحمن بالرياض    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة منيره بنت محمد بن تركي بن عبد العزيز    المملكة ترحب بتبنّي مجلس الأمن الدولي الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة    ارتفاع أسعار النفط إلى 81.63 دولارا للبرميل عند التسوية    «أبل» تستعد لإبهار العالم بتحديثات كبيرة في مؤتمر المطورين    الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار على مكة وجازان وعسير والباحة    بدء منع دخول المركبات غير المصرحة للمشاعر المقدسة    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية في المشاعر    صّيف في الباحة تراها أروق    حمزة إدريس مساعداً إدارياً في الاتحاد    "الصحة": ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحديات الحج    اللامي ل«عكاظ»: ناظر سيعيد العميد لطريق البطولات    إلزام الجهات الحكومية بإضافة خدماتها في «توكلنا»    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    هل يصبح عمرو دياب منبوذاً ويواجه مصير ويل سميث ؟    أمن الحج.. خط أحمر    تعزيز بناء الجدارات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بغرفة الشرقية    الرئيس التنفيذي للمساحة الجيولوجية يناقش التعاون الجيولوجي في كازاخسان    بأمر خادم الحرمين: استضافة 1000 حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة استثنائياً    «الدفاع المدني»: تجنبوا الزحام وراعوا كبار السن في المسجد الحرام    لميس الحديدي تخطت السرطان بعيداً عن الأضواء    توفير الوقت والجهد    غزة.. مشاهد موت ودمار في «النصيرات»    أمير المدينة يوجه باستمرار العمل خلال أيام إجازة عيد الأضحى    وزير الداخلية يتفقد عددًا من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    نائب أمير مكة اطلع على المشاريع وخطط التشغيل.. المشاعر المقدسة.. جاهزية عالية لاستقبال ضيوف الرحمن    للمعلومية    مريضات السكري والحمل    استثمار الوقت في الأنشطة الصيفية    " نبتة خارقة" تحارب تلوث الهواء    أندية المدينة.. ما هي خططك للموسم القادم ؟    "نادي نيوم" يتعاقد مع البرازيلي رومارينيو    وزير الداخلية يتفقد عدداً من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    الحج.. أمن ونجاح    الرئيس المتهم!    لماذا يشعر المتبرعون بالسعادة ؟!    البذخ يحتاج لسخافة !    ساحة المحاورة تحتاج إلى ضبط    للمرة الأولى.. «هيئة النقل» تدشّن مركز التحكم لمتابعة مركبات النقل العام في مكة والمشاعر    الدفاع المدني يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل "لا حج بلا تصريح" بجدة    عرض عسكري يعزز أمن الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيشان يتوارثون المقاومة
نشر في الحياة يوم 06 - 02 - 1995

على رغم المقاومة المستمرة والعنيفة التي تنظمها شعوب القوقاز المسلمة منذ 400 سنة ضد السيطرة الروسية، ما زالت القوى الغربية كما كانت في الماضي، تعتبر أن أراضي الجماعات المسلمة في شمال القوقاز هي جزء لا يتجزأ من روسيا، وذلك بخلاف مواقف هذه القوى من جمهوريات آسيا الوسطى الاسلامية التي اعترفت باستقلالها عن "الامبراطورية السوفياتية".
ولا شك في أن الجغرافيا هي منبع مآسي شعوب جبال القوقاز التي تبز بارتفاعها ارتفاع جبال الألب الشهيرة، ذلك أنها تفصل قارة أوروبا عن آسيا وتقع على حدود العالمين الاسلامي والارثوذكسي.
والشيشان شأنهم شأن الشركس والأنغوش والداغستانيين يعيشون في مجتمع تسيطر عليه التقاليد القبلية في اطار جبلي معزول يتيح استمرارها وتوارثها. ويسود اعتقاد أسطوري ان أصلهم عربي واعتقاد آخر أنهم أتراك لكن الفرضيتين تحتاجان الى اثباتات غير متوافرة بما فيه الكفاية.
ويعتنق الشيشان الدين الاسلامي منذ حوالي 4 قرون، وقد تم ذلك على أيدي دعاة اسلاميين جاؤوا من داغستان المجاورة. وتنتشر بينهم الطرق الصوفية النقشبندية وهي الغالبة. كما تنتشر القادرية في صفوف قلة من الذين يعتمدون المذهب الاسلامي الشافعي بخلاف الشركس الذين يدينون للمذهب الحنفي المنتشر في تركيا.
شكل الاسلام عنصر توحيد مهم لهذه الشعوب التي انتفضت على الروس قبل 4 قرون بقيادة رجال دين كانوا يشنون حروباً دموية على الجيوش الروسية. ولعل أهم هذه الحروب تلك التي بدأت في العام 1785 وانتهت عام 1791م بقيادة الشيخ منصور. في هذه الحرب تحالف الشيشان والداغستانيون والشركس وتمكنوا من هزيمة جيوش الملكة كاترين الثانية التي لم تقهر في معركة واحدة من قبل.
لكن الانتصار كان موقتاً اذ حدثت تطورات اقليمية لم تكن لمصلحتهم، فقد هزم العثمانيون أمام الروس في البحر الأسود 1791 وانضمت مملكة جيورجيا المتمردة طواعية الى روسيا عام 1801، وسيطر الروس بسهولة على آذربيجان. كل ذلك حرم الجبليين من قواعد ارتكاز لاستقلالهم وسمح للروس بمحاصرتهم من أجل خنقهم لكنهم لم يستسلموا واستمروا في المقاومة حتى العام 1856.
وعندما أصابهم الضعف انتهجت روسيا القيصرية سياسة تصفية منهجية ضد كل فئة على حدة. فبدأ الجيش الروسي بتصفية الشركس الذين طردوا الى أراضي الامبراطورية العثمانية المجاورة ولم يبق منهم على أرضهم الأصلية سوى عدد محدود يسبح في بحرٍ من الأكثرية الروسية والقوقازية.
أما الشيشان فاعتبروا الأكثر صلابة وحباً للحرية. وتفيد الروايات المتواترة من تاريخ روسيا القيصرية ان الجنرال آرمولوف وعد القيصر بأن "لا تغمض له عين طالما وجد شيشاني واحد على قيد الحياة" لأن هذا الشعب المطبوع بعقلية الاستقلال يمكن أن يتحول الى مثال حتى لرعايا القيصر المقربين.
الإمام شامل
وعلى رغم الحملات المتتالية التي جندها آرمولوف ضد الشيشان فإنه لم يفلح في الوفاء بالوعد الذي قطعه للقيصر. ذلك ان الشيشان انحازوا بأكثريتهم الى أحد الدعاة المتمردين في داغستان ويدعى الامام شامل. وهو شخصية تاريخية محبوبة لدى شعوب القوقاز الاسلامية بسبب نهجه الاصلاحي وقضائه على النظام الاقطاعي واستخدامه الاسلام وسيلة لتحرير العبيد.
ولعل شامل طبع المقاومة الشيشانية والاسلامية عموماً في القوقاز خلال القرن التاسع عشر. واستطاع أن يصمد حتى النهاية في مواجهة الروس. وتفيد الروايات التاريخية ان المعركة الأخيرة التي خاضها كانت في حاجز جبلي في داغستان عام 1859 حيث كان متحصناً مع 500 من أنصاره في حين كان الجيش الروسي يحاصره ب 40 ألف جندي، الأمر الذي اضطره الى الاستسلام.
لم يرض الشيشان باستسلام شامل، فواصلوا المقاومة وأصيبوا بخسائر فادحة يقودهم الباي سنغور. لكن هذه المقاومة كلفتهم غالياً إذ لم يبق منهم سوى 40 ألفاً.
ولم تكن الهزيمة تعني سيطرة الروس على مناطقهم سيطرة نهائية إذ كانوا على الدوام يقاومون، الأمر الذي حمل السلطات الروسية في العهدين القيصري والشيوعي على الاحتفاظ دائماً بإدارة عسكرية في أراضيهم.
مع انطلاقة الثورة البولشفية عام 1917 دخلت المقاومة الشيشانية عهداً آخر. ففي العام 1918 اتحدوا مع الداغستانيين والانغوش وأسسوا جمهورية فيديرالية في الجبال المقيمين فيها. وبما ان الجيش الروسي الأبيض كان يسيطر على أراضيهم فقد قاتلوا هذا الجيش الذي كان يقوده الجنرال دينكين. وكان هذا يقول انه يريد الحفاظ على روسيا موحدة ما يعني انه يريد مواصلة سياسة الضم الروسية لأراضيهم. ولعل البلاشفة كانوا أكثر ذكاء من الروس البيض فوعدوا الشيشان بجمهورية مستقلة مستفيدين من قتالهم للروس البيض.
وتمكن البلاشفة من السيطرة على جمهوريات ارمينيا وجورجيا وآذربيجان خلال أسابيع واتجهوا للسيطرة على الشيشان لكنهم لم يفلحوا إلا بعد تجنيد مئات الآلاف من الجيش الأحمر في العام 1921. وهنا ايضاً لم يتم القضاء على مقاومة الشيشان الذين واصلوا الانتفاضات في الأعوام 1924 - 1928 - 1936. وظل البلاشفة يتهيبونهم الى درجة أنهم رفضوا تجنيدهم في القتال ضد النازيين في الحرب العالمية الثانية. لكن الشيشان بادروا الى تشكيل فرقة عسكرية على حسابهم لقتال النازيين إلا أن هذه الخطوة لم تغفر لهم فاتهمهم الجيش الأحمر بالعمالة للنازيين علماً ان هؤلاء لم يصلوا يوماً الى أراضيهم.
ستالين
وبادر ستالين، مسلحاً بانتصاره على النازيين في الحرب العالمية الثانية الى انتهاج سياسة تصفوية للقوميات المستقلة، ولاحت الفرصة لتصفية الشيشان الذين تعرضوا لتهجير شامل من دون استثناء وخربت مدنهم وقراهم لئلا يعودوا اليها. حصل ذلك في فصل الشتاء حيث عمد الجيش الأحمر الى حشر شعب كامل في قطارات ووسائل نقل أخرى مسافة 7 آلاف كلم الى أراضي كازاخستان القصية والباردة فمات نصف الشعب الشيشاني على الطريق وألغيت الجمهوريات المستقلة في القوقاز.
كان على الشعب الشيشاني أو ما بقي منه أن ينتظر موت ستالين كي يتمكن من العودة الى أرضه تدريجاً في العام ما بين 1956 و1960. لكن رجوعهم لم يكن نهاية المطاف، فقد ظلوا مصدراً للشكوك تسيطر على مناطقهم قوات الشرطة ويتعرضون للقمع حتى العام 1990.
في العام 1991 أعلن الشيشان استقلالهم فلم يرق الأمر للروس الذين اتهموا رئيس الجمهورية الشيشانية جوهر دوداييف بأنه زعيم "عصابة مافيا". في حين تنشر وسائل الاعلام الغربية أخباراً عدة عن ولاء المافيا الشيشانية لموسكو. لكن المدهش في هذا المجال هو أن الروس القياصرة والبلاشفة، واليوم جماعة بوريس يلتسن لم يعثروا يوماً على حجة "مقنعة" لاخضاع الشيشان غير القول انهم "جماعة من المتمردين"، أي الرافضين الخضوع للسيطرة الروسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.