مسرحية لألفريد فرج على الخشبة القاهرية الكاتب المصري ألفريد فرج، من أشرس المدافعين عن الفصحى في المسرح، وقد شكى في اكثر من مناسبة - وضمن هذه الاعمدة على وجه التخصيص - من اغفال مخرجي وفناني المرحلة لنصوصه وسائر النصوص المصرية والعربية المكتوبة في العقود الماضية، والتي نادراً ما تجد مكانها على خشبة المسرح منذ وقت طويل. ولا شك انه يشعر حالياً بشيء من الرضى، اذ يستعد "المسرح القومي" في مصر لتقديم أحد نصوصه. المسرحية معروفة تحت عنوان "غرام في الازبكية"، الا ان المؤلف طلب تغيير اسمها الى "غرام عطوة ابو مطوة". ينتمي النص الى اتجاه عرف ذروته في الستينات، وما زال مرغوباً في بعض الاقطار العربية الى اليوم، الا وهو الاتجاه البريشتي القائم على التغريب والاسلبة وانتقاد الواقع القائم. استوحى ألفريد فرج فكرة المسرحية عن "أوبرا الشحاذين" للانكليزي جون غاي، وقد سبق لبرتولت بريخت ان اقتبس عن المرجع نفسه مسرحيته الشهيرة "أوبرا القروش الثلاثة"، التي كتب الموسيقي الالماني كورت فايل ألحان اغنياتها. وكان المسرح المصري قدم هذا العمل تحت اسم "ملك الشحاتين". أما "غرام عطوة ابو مطوة" فيتولى اخراجها سعد أردش، ويقوم بدور البطولة فيها يحيى الفخراني الى جانب سحر رامي ومحمد ابو العينين وسعيد صالح ورمزي غيث وحسن العدل... وتدور احداثها حول صراع بين عصابة من "الشحاتين" وأخرى من اللصوص تسعى كل منهما الى الاستيلاء على مصالح الاخرى. رواد الانطباعية اللبنانية في "حديقة الربيع 93" تقليد جديد ترسيه "غاليري بخعازي" في بيروت، مع اطلاقها "حديقة الربيع الاولى 1993" التي تضمنت معرضاً فنياً، ومجموعة لقاءات فنية وأدبية. ويأتي الموعد الجديد وسط مناخات ثقافية تشهد منذ فترة ازدهاراً مدهشاً لظاهرة الصالونات الادبية والحلقات الفنية. أقيمت التظاهرة في "جاب سانتر" الذي يشتمل على قاعة عرض جديدة ومشغل فني لترميم اللوحات، وعلى قاعة للقاءات والندوات، كما يعنى بالنشر الادبي والفني وتنظيم نشاطات ثقافية مختلفة. ورافق المعرض صدور كتاب عن المؤسسة نفسها للشاعر والناقد رياض فاخوري بعنوان "حديقة ضيوف الفن الانطباعي اللبناني - أضواء ووجوه على الماهدين". استضاف المعرض "حديقة الربيع 93" اعمالاً لكل من حبيب سرور، جبران خليل جبران، يوسف الحويك، فيليب موراني، مكاروف فاضل، نجيب بخعازي، قيصر الجميل، صليبا الدويهي، عمر الانسي، رشيد وهبي، مصطفى فروخ، سليم حداد، جورج قرم... والقسم الاكبر من اللوحات المعروضة هو من المجموعة الخاصة بالغاليري. وعقدت مناقشة لكتاب فاخوري، ويتناول تجارب بعض الرواد اللبنانيين الذين يطلق عليهم المؤلف تسمية "الماهدين". يحتوي الكتاب على "بيبليوغرافيا" لداود القرم 1852 - 1930، حبيب سرور 1860 - 1938، قيصر الجميل 1898 - 1958، عمر الانسي 1906 - 1969، مصطفى فرّوخ 1901 - 1957، صليبا الدويهي 1912، رشيد وهبي 1917... وقدمت خلال "ايام الثقافة والفن" على هامش المعرض، سلسلة لقاءات وأمسيات منها: قراءة ممسرحة لثلاثية فؤاد رفقة الشعرية "يوميات حطاب"، "سلة الشيخ درويش"، و "قصائد هندي أحمر"، قام بها جوزف بونصار بمرافقة آلات شرقية، لقاء مع الفنان حليم جرداق الذي استعاد ذكرياته عن قيصر الجميل، "طقوس في المسرح" مع المسرحي شكيب خوري، لقاء مع هاني فروخ الذي تذكر عصر مصطفى فروخ، وأخيراً لقاء مع موزار شاهين حول "لبنان الموسيقى". رافق الامسيات على البيانو العازف فريدي حجار. محمد نصرالله : معرض في عمان أقام محمد نصرالله معرضه الرابع في عمان تحت عنوان "فضاء آخر"، ويضم 30 لوحة يواصل عبرها الرسام مغامرته القائمة على الجرأة، والموغلة في مناطق الدهشة والغرابة. ليست لعبة نصرالله خارجية، بل انها تبدو جلية على مستوى القالب الفني كما على مستوى المضمون او الموضوع المختبئ في طيات قماشته وألوانه. وهو، في معرضه الاخير، يؤكد حضوره عبر شخصية مميزة، وتقنيات اسلوبية جديدة. ولعل ما يلفت النظر في تجربة نصرالله، تلك الاستمرارية التي لا تمنعه من تجاوز مكتسبات الامس والتمرد عليها. فهو يسعى الى نقل المشاهد من فضاءات بصرية معاشة ومحددة، الى عوالم متخيلة مسكونة بالقلق والتوتر. مما حدا بالكاتب والناقد المعروف جبرا ابراهيم جبرا الى التوقف عند هذه الخصوصية في سياق تقديمه للفنان برنامج المعرض: "هذا الفنان يحوك كل سنتيمتر من لوحته حياكة محب لما تصنعه يده وتراه عينه الداخلية... والدقة في تفاصيله عارمة بما تطلقه من ايحاءات، فهو واضح وغامض معاً، محب وكاره معاً، هامس وصارخ في وقت واحد... اعماله تذكرنا برعب الانسان وفي الوقت نفسه بقدرته على اختراق الرعب...". سبق لنصرالله ان اقام ثلاثة معارض في عمان وشارك في عدد كبير من المعارض المحلية والعربية والعالمية. رحيل الشاعر السوداني صلاح أحمد ابراهيم فاجأ صلاح أحمد ابراهيم اصدقاءه وقراءه وأحبته في السودان وخارجه، وهم كثر، برحيل مبكر ومفاجئ على أثر مرض ألمّ به، وأخذه على حين غرة. الشاعر من مواليد العام 1933، تخرج من كلية الأداب في جامعة الخرطوم. برز في العمل السياسي الذي كانت حصيلته مجموعة من الكتابات والمقالات السجالية الحادة، اللاذعة والمريرة مع قادة الحزب الشيوعي السوداني. لكن شفافية الشاعر وعذوبته هي التي طغت لاحقاً، حين التجأ من يأس العالم الى القصيدة، مع مجموعته "غابة الابنوس". نشر صلاح ابراهيم عدداً كبيراً من القصائد التي لم تجمع، ويتمتع بجمهور واسع من القراء مغرباً ومشرقاً. آخر مجموعاته بعنوان "غضبة الهبباي"، وهي رياح عاصفة حارة تهب على شرق السودان. للشاعر ايضاً قصيدة طويلة صادرة في كتيب بعنوان "الحاكم والسلطان الجائر" كما انه تكلم في الآونة الاخيرة عن عزمه إصدار ديوان جديد يتضمن قصائده غير المنشورة. ولا شك ان الراحل هو احد ابرز شعراء جيله في السودان والعالم العربي. كان صلاح، الذي يقيم ويعمل في منفاه الباريسي منذ سنوات، باشر التعاون مع "الوسط"، من خلال مقالة دورية، يطل عبرها على قرائه بعد غياب، بأسلوبه الشاعري المعهود، وهو مزيج من العفوية والرهافة، من الصدق والشفافية. والغريب ان حدْس الشاعر جعله يتناول في مقالتيه موضوع الموت: من خلال رثاء صديقه الاديب والفنان السوداني علي الملك الذي غيبته المنية قبل فترة "الوسط" عدد 61، وكان ابراهيم والملك اصدرا معاً مجموعة قصصية مشتركة اوائل الستينات بعنوان "البرجوازية الصغيرة وقصص اخرى"، بدعم وتشجيع من الناقد وأستاذ الادب المصري إحسان عباس. اما مقالته الثانية بعنوان "أربع نظرات لا تنسى" "الوسط" عدد 67، فاستعاد فيها من جملة ما استعاد نظرة الوداع الاخيرة التي ألقتها عليه امه المحتضرة. وما زلنا ننتظر مقالته الثالثة، التي كتبها بموت حقيقي، كأنه بيان تعب واستقالة، اذ انسحب على رؤوس اصابعه دون ان يزعج احداً... تاركاً همسه يردد كالصدى: "النيل وخيرات الارض هنالك/ ومع ذلك/ ومع ذلك".