هل يؤدي اعتقال واستجواب تاجر الاسلحة السوري منذر الكسار في مدريد الى فتح ملف تفجير طائرة "البانام" الاميركية فوق لوكربي في كانون الاول ديسمبر 1988 مجدداً تمهيداً لتوجيه الاتهامات الى "جهات وأطراف اخرى" بالتورط في هذه العملية وعدم الاكتفاء بتوجيه الإتهام الى ليبيا؟ هذا السؤال طرح الكثيرون في عواصم عربية وغربية بعد اقدام السلطات الاسبانية على اعتقال منذر الكسار 46 سنة يوم 3 حزيران يونيو الجاري في مطار مدريد "في اطار تحقيق حول نشاطات ارهابية وتزوير وثائق وحيازة اسلحة". ولدى اعتقاله كان الكسار يحمل جواز سفر ارجنتينياً. واعتقل معه شخصان كانا برفقته هما نبيل دسوقي سوري يحمل الجنسية الاسبانية وجمال ادغاردو بطحيش ويحمل جواز سفر تشيلياً. وبعد اعتقاله قام رجال الشرطة الاسبانية بتفتيش منزل الكسار الفخم في ماريبا وممتلكات اخرى له ولأشخاص آخرين لهم علاقة به، فتم العثور على جوازي سفر مزورين وأسلحة وأجهزة بث واتصال لاسلكي بعيدة المدى وأجهزة تلسكوب وسيارات عدة باهظة الثمن تحمل لوحات مزورة ومجوهرات ووثائق مختلفة يجري درسها وتحليلها. ومنذر الكسار رجل غامض ومثير للجدل. فقد وجهت وسائل الاعلام في دول عدة اتهامات مختلفة اليه: فهو متهم بأنه تاجر مخدرات وأسلحة ينشط في اوروبا وأميركا اللاتينية والشرق الاوسط، وهو متهم باقامة علاقات مع ابو العباس زعيم جبهة التحرير الفلسطينية، وأحمد جبريل زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة. وهو متهم بالتورط في فضيحة ايران - غيت مع اوليفر نورث وبلعب دور الوسيط في عملية تسليم شحنة اسلحة كبيرة من شركة بريطانية الى ثوار الكونترا في نيكاراغوا. وهو متهم بلعب دور خفي في الافراج عن بعض الرهائن الفرنسيين الذين كانوا محتجزين في لبنان. وهو متهم بأن له علاقة بتفجير السفارة الاسرائيلية في بوينس ايرس في آذار مارس الماضي. وهو متهم بالتورط في عملية مشبوهة "لغسل اموال المخدرات" مع سيدة تربطها صلة نسب بالرئيس الارجنتيني كارلوس منعم هي أميرة جمعة. وفي ايار مايو الماضي طلب قاض ارجنتيني من الانتربول اعتقال الكسار "لأنه حصل على جواز سفر ارجنتيني بسرعة وفي ظروف مشبوهة". وفي عددها الصادر بتاريخ 27 نيسان ابريل الماضي اتهمت مجلة "تايم" الاميركية منذر الكسار بأنه ساعد مجموعة احمد جبريل على وضع الحقيبة الملأى بالمتفجرات في طائرة البانام الاميركية التي انفجرت فوق لوكربي في اسكوتلندا في كانون الاول ديسمبر 1988 مما ادى الى مقتل 270 شخصاً. وذكرت "تايم" ان جبريل اقنع الكسار بالتعاون معه خلال عشاء في مطعم باريسي خريف 1988، وأشارت الى ان الكسار لعب "لعبة مزدوجة" اذ تعاون مع جبريل لكنه ابلغ جهات اميركية بالأمر. وأشارت "تايم" الى ان الكسار اقام علاقات مع مجموعة سرية اميركية مرتبطة بأجهزة اميركية رسمية تاجرت بالمخدرات والسلاح بهدف التغلغل في صفوف "منظمات ارهابية" والعمل على تأمين الافراج عن الرهائن الاميركيين في لبنان. وقد نفى الكسار كل هذه الاتهامات الموجهة اليه ولم يعترف الا بشيء واحد وهو انه تاجر سلاح. لكن الامر الاكيد، كما ذكرته ل "الوسط" مصادر غربية وثيقة الاطلاع، هو ان الكسار تعاون مع عدد من اجهزة المخابرات الغربية في السنوات القليلة الماضية، وان دولاً عدة تطالب به "للتحقيق معه"، ومنها الولاياتالمتحدة وكندا والارجنتين ودول اوروبية اخرى. وكان الكسار منع من الاقامة في اسبانيا في الفترة بين 1987 و1990 لقيامه بنشاطات "تهدد الأمن الداخلي الاسباني ومصالح اسبانيا مع دول اخرى". وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية ان الكسار أمضى فترة في سجون بريطانيا والمانيا وايطاليا لمتاجرته بالمخدرات. ونعود الى السؤال الاساسي: هل ان اعتقال الكسار يمهد لاعادة فتح ملف طائرة لوكربي وتوجيه اتهامات الى "جهات وأطراف اخرى" بالتورط في هذه العملية اضافة الى ليبيا؟ الشرطة الاسبانية أوضحت ان اعتقال الكسار "ليس مرتبطاً" بتفجير الطائرة الاميركية وانه نتيجة تحقيقات قامت بها اسبانيا. وزير الخارجية السوري فاروق الشرع حرص في عمان على نفي اية علاقة لسورية بالكسار وأكد ان "ربط اسم سورية بهذا الشخص أمر غير مقبول وعمل يكشف نيات شريرة. ولا اعتراض لسورية على تقديمه الى المحاكمة". لكن مصادر اميركية وبريطانية ابلغت "الوسط" ان ملف التحقيق في تفجير الطائرة الاميركية فوق لوكربي "لا يزال مفتوحاً ولم يغلق" وانه اذا ظهرت ادلة جديدة ملموسة "تدين اطرافاً اخرى غير المتهمين الليبيين" فان واشنطن ولندن ستتخذان الاجراءات اللازمة "لملاحقة ومعاقبة" هذه الاطراف. غير ان هذه المصادر امتنعت عن القول اذا كان استجواب الكسار يمكن ان يلقي اضواء جديدة على قضية لوكربي، في انتظار ما سوف تعلنه السلطات الاسبانية بهذا الشأن.