تجمع تقديرات مختلفة على ان خطط التنمية في منطقة الخليج ستبقى في خلال السنوات العشر المقبلة مرهونة الى حد بعيد بالنمو في القطاع النفطي، على رغم الجهود الواسعة التي تبذلها دول المنطقة لتنويع مصادر الدخل لديها، وتقليص الاعتماد على النفط، وزيادة الانتاج الصناعي، وتحقيق معدلات افضل من الاكتفاء الغذائي، كما حصل في السعودية التي نجحت في زيادة انتاجها، من بعض انواع الحبوب، كالقمح، وبلغت امكاناتها التصديرية في الموسم الماضي حوالي مليوني طن. وتؤكد هذه التقديرات ان النمو النفطي في دول الخليج سيكون مرهوناً، الى حد بعيد، بتحقيق اكتشافات جديدة، وتطوير التقنيات المستخدمة في الاستخراج والمعالجة، اضافة الى توسيع قاعدة التصنيع للافادة من ضخامة القيمة المضافة التي يمكن ان تحققها عمليات التصنيع، الامر الذي يعني الحاجة الى استثمارات جديدة، والى تقنيات اكثر تقدماً. ويصل حجم الاستثمارات التي ستحتاجها دول الخليج العربي في السنوات العشر المقبلة الي ما بين 60 و75 مليار دولار يتم توظيفها في عمليات التنقيب والاستخراج وزيادة فعاليات وسائل المعالجة والتصنيع. وتحتل المملكة العربية السعودية صدارة الدول الاكثر انفاقاً على قطاعها النفطي في السنوات الخمس المقبلة لرفع انتاجها من 5،8 الى 5،10 ملايين برميل يومياً، ويصل حجم هذا الانفاق الى حوالي 35 مليار دولار، بحسب تقديرات اميركية رسمية، في حين يصل حجم الانفاق المتوقع في دولة الامارات العربية المتحدة الى 18 مليار دولار، و8 مليارات دولار في سلطنة عمان و5 مليارات في قطر. اما القطاع النفطي في اليمن فمن المتوقع ان يحقق انفاقاً يصل الى 5 مليارات دولار لرفع الانتاج الى اكثر من مليون برميل يومياً 250 الف برميل حالياً. اما الكويت، فقد تحتاج الى انفاق يتراوح بين 8،14 مليار دولار لاعادة انتاجها النفطي الى مستوياته السابقة 2 مليون برميل من دون ان يكون مؤكداً اذا كانت قادرة على تحقيقه في السنتين المقبلتين، وقد تكون العودة الى معدل 5،1 مليون برميل يومياً اكثر واقعية، وهي تتوافق مع التقديرات الحكومية في الكويت. واللافت في موضوع خطط تنمية القطاعات النفطية في دول الخليج ان الشركات العالمية بدأت التحضير للحصول على ما تعتقده، "حصة مناسبة" في العقود الجديدة. وعكست جولة هنسون مور، نائب وزير الطاقة الاميركية في دول الخليج، ثم كثافة الوفود الفرنسية والانكليزية الى المنطقة وعلى اعلى المستويات، رغبة اكيدة بالحصول على عقود جديدة، على رغم التفاوت القائم بين حجم هذه الدول او محاولات الافادة من نتائج حرب الخليج كفرصة للخروج من حالة الركود العالمية. وتبدو الشركات الاميركية، استناداً الى تقديرات مختلفة، الاكثر تفاؤلاً في امكان الحصول على حصص مناسبة لما تعتقده النجاح الذي حققته في مجال التقنيات المتقدمة، والوزن السياسي الذي تتمتع به الولاياتالمتحدة بعد حرب الخليج، اضافة الى التواجد القديم لها في المنطقة. ويقدر الاميركيون بان حصة شركاتهم في العقود المقبلة ستكون بحدود 35 مليار دولار، مع امكان تفاوت هذه الحصص بين دولة واخرى. اما الفرنسيون فيسعون الى المحافظة على حصتهم القديمة 6 في المئة من حجم السوق في المرحلة الاولى، للانطلاق منها الى تعزيز مواقعهم الجديدة، وتحاول الشركات الفرنسية الافادة من مشاركة باريس الواسعة في عمليات "عاصفة الصحراء" ومن التقدم التكنولوجي الذي استطاعت تحقيقه في مجال التقنيات المتقدمة. وقد اظهر الفرنسيون استعداداً اوسع للدخول في صيغ مشاركة جديدة، وهي صيغ يمكن ان توفر شروطاً افضل للمنافسة في وجه الشركات الاميركية والبريطانية. ويركز الفرنسيون جهوداً خاصة على المشروعات القائمة في ابو ظبي وقطر. في حين ان السوق السعودية تبدو اكثر صعوبة بسبب حدة المنافسة، وصيغ المشاركة التي يفرضها السعوديون. بالمقابل، تبدو المشاركة البريطانية اكثر ميلاً الى الافادة من الحضور البريطاني القوي في دول الخليج، ومن النجاحات التي حققتها في عمليات التنقيب والاستخراج في بحر الشمال، اضافة الى امكان الافادة من العقود التي قد تحصل عليها شركات دولية تساهم فيها المؤسسات البريطانية. ان المنافسة على "كعكة" العقود الجديدة في الخليج مرشحة للاحتدام. وقد يدخلها متسابقون جدد، الا ان الاوفر حظاً سيكون بالتأكيد القادر على تقديم عروض افضل.