هي خاوية على عروشها، أو تكاد تبدو كذلك في أحيان عدة، فعلى رغم"التغني"الطويل بها سابقاً، و"معايرة"الجيران بها، باعتبار أنها العنصر الفصل في كل جدل حول أفضلية المسابقة، إلا أن حكاية الجماهير في مدرجات الدوري السعودي كتبت الموسم المنصرم فصلاً جديداً من"الصد والهجران"، فلم يعد يرى سوى زُرقة مقاعدها الخاوية، وبعد أن كانت الرقم الصعب في المنطقة، ها هي المدرجات السعودية تسجل رقماً متواضعاً لا يعكس التعداد السكاني الكبير للمدن التي تحتضن تلك المباريات. السعودية التي يقدر سكانها بنحو 28 مليون نسمة، تعجز ملاعبها هذا الموسم عن كسر حاجز ال28 ألف مشجع لمباراة واحدة، وهو الرقم الذي جمعه قطبا جدة الأهلي والاتحاد في ملعب الشرائع بمكةالمكرمة، بل إن المسألة تزداد سوءاً إذا ما علمنا أنه بعد 182 مباراة في دوري زين للمحترفين السعودي، لم يتجاوز عدد الحضور للمباراة الواحدة حاجز ال20 ألفاً، سوى في أربع مناسبات، جميعها احتضنتها"حفرة الشرائع"في مكةالمكرمة، وكان الاتحاد طرفاً فيها، بإستثناء واحدة مصيرية لبطل الدوري الفتح أمام الأهلي في الأحساء. متوسط الحضور الجماهيري الذي بلغ 3544 مشجعاً لكل مباراة، يؤكد ضعف الحضور الجماهيري هذا الموسم، خصوصاً في ظل تزايد التعداد السكاني الكبير الذي تعيشه السعودية. كما كشف إعلان الحضور الجماهيري أثناء كل مباراة معاناة الأندية الغنية جماهيرياً قبل غيرها، وأصبحت الشاشة الداخلية لملعب المباراة كابوساً يلاحق البعض وهاجساً لآخر، إذ إن العاصمة السعودية الرياض التي يفوق عدد سكانها 6 ملايين نسمة، سجلت ملاعبها أعلى حضور هذا الموسم في الدوري، في مواجهة"دربي العاصمة"بين الهلال والنصر، لكن مجمل الحضور لم يزد على 18437 مشجعاً. وإذا ما انتقلنا شرقاً وإلى مدينة الدمام تحديداً التي يسكنها أكثر من مليون شخص، وبغض النظر عن المدن القريبة منها، فإن أعلى حضور سجله ملعب الأمير محمد بن فهد هذا الموسم بلغ 9740 مشجعاً في مواجهة فريق المدينة الاتفاق أمام الهلال. مدينة الخرج والبالغ عدد سكانها قرابة ال400 ألف، سجل ملعبها أقل نسبة حضور جماهيري هذا الموسم، إذ لم يحضر مباراة فريقها الشعلة أمام الفيصلي سوى 60 مشجعاً فقط، و77 في مباراة الفريق أمام نجران، وعلى رغم أنها من أصغر المدن مقارنة بغيرها من المدن التي تلعب أنديتها في دوري زين للمحترفين، إلا أن هذا الرقم يعد كافياً في أوروبا لملء مدرج كبير بآلاف المشجعين، كما هي الحال في ألمانيا على سبيل المثال، إذ إن مدينة دورتموند التي يقطنها قرابة ال579 ألف نسمة، يسجل ملعب فريقها بروسيا دورتموند أرقاماً قياسية على مستوى العالم، بمتوسط حضور يبلغ 80521 مشجعاً، الأمر كذلك ينطبق على فريق مدينة غيلسنكيرشن الألمانية التي يقل عدد سكانها عن مدينة الخرج السعودية، إذ يبلغ 256 ألف نسمة، وفق آخر إحصاء عام 2011، في الوقت الذي يصل به معدل حضور فريق المدينة شالكه إلى 61 ألف مشجع، بزيادة ثلاثة أصفار عن فريق الشعلة، كذلك الحال في إنكلترا، إذ إن مدينة نيوكاسل التي يسكنها 300 ألف نسمة فقط، يصل متوسط الحضور لفريق المدينة"نيوكاسل"إلى 50 ألف مشجع. هذا الفارق الكبير في معدلات الحضور يترك مساحة واسعة للتساؤل حول سبب هذا الغياب"المريب"للجماهير السعودية عن المدرجات، وما إذا كان ذلك مرتبطاً بتراجع مستويات الفرق وضعف المنافسة في المسابقة المحلية، أو بسوء التنظيم داخل الملاعب الحاضنة للمباريات والفشل الذريع في التسويق، أم هناك أمور أخرى استعصى على المسؤولين إدراكها، الأكيد هو أن اللوحة الداخلية للملاعب كشفت لنا معاناة المدرجات من جفاء الجماهير السعودية تجاهها. خاوية على عروشها ! المصيبيح: أرقام الحضور اجتهادات ... وسنكشفها قريباً رفض المتحدث الرسمي في رابطة الدوري السعودي للمحترفين أحمد المصيبيح الأرقام المنشورة الخاصة بمعدلات الحضور الجماهيري في دوري زين، واعداً بنشر الأرقام الصحيحة في القريب العاجل، مؤكداً في الوقت ذاته أن الرابطة لا تتحمل هذا الغياب الكبير عن مدرجات الملاعب. وأكد المصيبيح أن أرقام الحضور الجماهيري تعتبر اجتهادات من بعض المواقع وقال:"أحترم الأرقام الصادرة من موقع إحصاءات الدوري السعودي، لا أود التحدث عن صحتها، لأن لديهم طريقتهم الخاصة في رصد هذه الأرقام، هي جهة غير رسمية، لذا لا نستطيع أن نعتد بها"وتابع:"هنالك أرقام رسمية ستقوم الرابطة بواسطة المدير التسويقي بدر الشمري بإعلانها في الأيام المقبلة، إضافة إلى جلب شركات متخصصة تعمل في هذا الجانب لإجراء إحصاءات دقيقة المواسم المقبلة". وعن رضاهم في"الرابطة"عن الحضور الجماهيري الموسم الماضي بعيداً عن الأرقام المنشورة، قال:"إطلاقاً، الحضور لم يرضِ أحداً، تراجع بشكل كبير، أعتقد بأن لصدارة الفتح دوراً في ذلك، إذ أسهمت في إحباط مشجعي الأندية الكبيرة، إضافة إلى تراجع مستويات عدد من الأندية الجماهيرية، الاتحاد على سبيل المثال، على رغم أنه الأعلى حضوراً، إلا أنه يمر بأسوأ مواسمه، قس على ذلك لو كان الاتحاد في وضعه الطبيعي". ويبدو أن السؤال حول التذاكر الإلكترونية ومتى رؤيتها في الملاعب السعودية أصبح يشكل كابوساً للرابطة، هكذا يوحي رد فعل المتحدث الرسمي للرابطة على أقل تقدير"لا أحبذ هذا السؤال... التذاكر الإلكترونية ستشاهدونها مستقبلاً"، وأضاف:"أصبحت جزءاً من شروط الاتحاد الآسيوي، والرابطة في صدد إسناد هذه المهمة إلى بعض الشركات المتخصصة للقيام بدورها في هذا الجانب". واعتبر المصيبيح أن أسعار تذاكر المباريات تعتبر مناسبة، رافضاً أن يكون لها دور في تراجع معدلات الحضور، وقال:"قياساً بالوضع الاجتماعي في السعودية، لا أعتقد أبداً بأن لأسعار التذاكر أي دور في هذا التراجع. نحن على ثقة تامة بأن سعر التذكرة لم يكن عائقاً يوماً ما أمام الجماهير". ونفى المصبيح أن يكون الدوري السعودي يفتقر إلى المهارة التسويقية، أو أن يكون هنالك أي تقصير من الرابطة في هذا الجانب، وقال:"هناك أدوار كبيرة تقوم بها الشركة الراعية والمسوقة"صلة"التي تؤدي دورها على أكمل وجه، وللرابطة بعض الأدوار التسويقية المحددة"وتابع:"نقوم في تسويق دوريين زين، وركاء، هذا العمل يحتاج فقط إلى تعاون من الأندية، بعضها ما زال لديه قصور في ثقافة الاستثمار والتسويق، نحتاج إلى هذا التعاون لترجمة هذه الجهود، ولا أعتقد بأن هناك أي تقصير في هذا الجانب". وبغض النظر عما يقدم في الملاعب العالمية، إلا أن المشجع في السعودية يفتقر إلى أبسط الخدمات ووسائل الترفيه، إضافة إلى اشتكاء الكثيرين من نوعية الغذاء المقدم في الاستادات الرياضية، يعلق المصيبيح:"هي مسؤولية مشتركة، الرئاسة العامة لرعاية الشباب قامت بعمل مشروع"تحسين بيئة الملاعب"قطعنا شوطاً كبيراً في هذا الجانب، ملعب الأمير عبدالله الفيصل في جدة سيكون جاهزاً رمضان المقبل، بجميع المواصفات المطلوبة، كذلك استاد الأمير فيصل بن فهد بالرياض، المشروع قائم، ولكن نحتاج إلى دعم واهتمام أكبر". واختتم المصيبيح:"الرابطة هي جزء من منظومة العمل الرياضي، وهذا التعاون الكبير بينها وبين الأندية والاتحاد السعودي والإعلام أثمر هذا النجاح، ويكفينا خطاب الإشادة الأخير الذي وصل الرابطة من أحمد عيد، أتمنى أن العمل الاحترافي الذي تقدمه الرابطة يطبق في جميع الأندية السعودية، وأن تكون هناك رعاية لجميع البطولات، حتى تصبح لدينا أرضية خصبة للجانب الاستثماري".