تعليم جازان يودِع مكافآت الطلاب والطالبات لشهر ديسمبر 2025م    جمعية أدبي الطائف تقيم أمسية أدبية منوعة احتفاء بيوم اللغة العربية العالمي    البرلمان الجزائري يصوّت على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي    اندلاع حريق بموقع صناعي في تولا الروسية    الذهب يتجاوز 4500 دولار للأونصة    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ 2003    أمير تبوك يواسي في وفاة الشيخ أحمد الخريصي    نائب أمير تبوك يؤدي صلاة الميت على الشيخ أحمد الخريصي    جمع 31 نوعاً من النباتات البرية المحلية.. السعودية تسجل رقماً قياساً في «غينيس» ب «مخزون البذور»    نائب أمير الشرقية يهنئ مدير تعليم الأحساء    أمير الباحة يطلع على مستجدات مشروعات المياه    روسيا تشن هجوماً جوياً على كييف    كاتس يكرس سياسة الأمر الواقع.. وحماس تؤكد أنه انتهاك فاضح.. إسرائيل باقية في غزة وتتوسع في الضفة    مصرع رئيس الأركان العامة للجيش الليبي في حادث تحطم طائرة بتركيا    الإدارة الذاتية: استمرار التوتر تهديد لاتفاق الشرع وعبدي.. ارتفاع قتلى قصف «قسد» في حلب    سلطان عُمان يستعرض مع ابن فرحان المستجدات الإقليمية والدولية    جدة تستضيف نهائيات «نخبة» آسيا    نخبة آسيا.. بن زيما يقود الاتحاد لتجاوز ناساف    الجولة 13 بدوري يلو.. الأنوار يستقبل الباطن والبكيرية يواجه العربي    سلطان عُمان يستقبل سمو وزير الخارجية    موجز    إحباط تهريب 131 كلغم من القات    دلالات تاريخية    «الجوازات» تستعرض إصدارات هوية المقيم    فلكية جدة: النجوم أكثر لمعاناً في فصل الشتاء    أقر القواعد الموحدة لتمكين ذوي الإعاقة بالخليج.. مجلس الوزراء: الموافقة على قواعد ومعايير أسماء المرافق العامة    اطلع على سير العمل في محكمة التنفيذ.. رئيس ديوان المظالم: تفعيل المبادرات الابتكارية في مفاصل «التنفيذ الإداري»    رعى «جائزة مدن للتميز»..الخريف: الصناعة السعودية ترتكز على الابتكار والاستثمارات النوعية    جامعة نورة تُنظِّم ملتقى «تعليم اللُّغة العربية» في الذكاء الاصطناعي    «الخوص والسعفيات».. تعزز ملامح الهوية المحلية    مشروعات «الشمالية» في جناح «واحة الأمن»    روح وريان    خربشات فكر    بين الكتب والخبز    مسجد القبلتين.. شاهد على التاريخ    استعراض إجراءات حماية عقارات الدولة أمام أمير الشمالية    «الشؤون الدينية» تعزز رسالة الحرمين    «فايزر» تعلن وفاة مريض بعد تلقيه دواء لعلاج سيولة الدم في تجربة    المنظار الأنفي.. تطور علاجي في استئصال الأورام    في عامه ال100 أبو الشعوف يواصل الزراعة    3095 شخصا تعرضوا للاختناق ثلثهم في مكة    ساخا أبرد بقعة على الأرض    جدة تستضيف نهائيات دوري أبطال آسيا للنخبة 2026    الجولة 13 بدوري يلو.. الأنوار يستقبل الباطن والبكيرية يواجه العربي    كرات ثلج تحطم رقم Guinness    القيسي يناقش التراث الشفهي بثلوثية الحميد    الضحك يعزز صحة القلب والمناعة    المشروبات الساخنة خطر صامت    نجاح أول عملية للعمود الفقري بتقنية OLIF    التضامن الإنساني من القيم إلى صناعة الاستقرار    فلتعل التحية إجلالا وإكبارا لرجال الأمن البواسل    أمير المنطقة الشرقية يستقبل سفير جمهورية باكستان الإسلامية لدى المملكة    أمير الجوف يرأس اجتماع اللجنة العليا لدعم تنفيذ المشاريع والخدمات للربع الثالث 2025    كونتي بعد التتويج: تجربتنا في السعودية رائعة.. ومدينة نابولي سعيدة بهذا اللقب    «نسك حج» المنصة الرسمية لحجاج برنامج الحج المباشر    الكلام    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان الدكتور محمد بن حسن أبو راسين    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



... وبان "العقيد"
نشر في الحياة يوم 26 - 02 - 2011

ما يحدث في ليبيا من قصف للمحتجين على نظام العقيد القذافي، هو خارج نطاق القرن ال"21"، وخارج تصور العقل البشري، خصوصاً مع انتشار وسائل الإعلام الجديد التي تنقل كل شيء، ولأي مكان، وفي أي وقت، إذ أظهرت الصور التي ترشح من ليبيا عن مدى وحشية هذا النظام، خصوصاً بعد الخطاب الذي ألقاه العقيد القذافي، وهدد فيه الشعب الليبي وشبههم بالجرذان والمرتزقة، وهو ما ينم عن شخصيته المهزوزة التي عرفناها منذ اعتلائه السلطة منذ أيلول سبتمبر من عام 1969. وكذلك سبقه ابنه سيف الإسلام، الذي كان يعتبره الغرب المعتدل في النظام الليبي، بخطاب تهديد بحرب أهلية في ليبيا، وكأنه يقول إما نحن أو الطوفان.
لقد أظهر نظام العقيد القذافي، وبعد 42 عاماً من حكمه لليبيا، مدى إفلاسه، وهشاشته، ووحشيته، والدليل هو لجوؤه للقوة العسكرية المفرطة في أول رد فعل على المظاهرات السلمية، وقصفه المناطق المدنية بالطائرات، إذ تمرد عدد من الطيارين ولجؤوا إلى مالطة رافضين المشاركة في قتل أهلهم، ومظهرين مدى هشاشة النظام الذي كان يعتقد أن هؤلاء العسكريين سوف ينفذون أوامره بشكل مطلق، ومن دون وازع ضمير.
منذ الثورة التونسية وبعدها الثورة المصرية، والعقيد القذافي يعيش في قلق، إذ كان يطلق التصريحات المضادة للواقع، سواء في تونس أو في مصر، مبدياً معارضته لما حصل في هذين البلدين، إذ يعرف مدى إفلاس نظامه، من خلال لجانه الشعبية التي لا يعرف أحد كيف تدير أعمال البلد، التي يمكن أن يغيرها في أي لحظة كمفهوم وكنظام ومن دون مقدمات، ما يدل على أن هذه اللجان هي أحد مشاريعه المفلسة التي هي في حقيقة الأمر مليشيات لن يجدها حين يحتاجها.
يبدو أن العقيد القذافي، عندما سمح للأفارقة بالإقامة والعمل في ليبيا، كان يعدهم كمرتزقة، لقمع أي تحرك أو انتفاضة يقوم بها الشعب الليبي، ولذلك استقدمهم، وكأنه حاسب لهذا اليوم الذي سوف يحتاج لهؤلاء المرتزقة الأفارقة، وسمح لهم بالعيش في ليبيا، وساواهم بالشعب الليبي، مبذراً لثروات هذا الشعب، الذي لا حول له ولا قوة، على مغامراته المجنونة، وأفكاره غير الواقعية، ولكن لن تفيده المرتزقة أو خطبه غير الواقعية، بالبقاء للشعب الليبي.
يعتقد الكثير من المراقبين والمحللين، أن الانتفاضة الليبية سوف تستمر بعد القمع الشنيع لها، وسوف يتولى الشعب الليبي إدارة شؤونه، خصوصاً، بعد مشاهدة رد الفعل الأحمق والوحشية من العقيد القذافي، إذ تبين مدى فقدانه للتوازن، أثناء إلقائه خطابه الأول، والدليل أنه بعد تشبيهه للشعب الليبي المنتفض بالجرذان والمؤجرين، عاد ليقول لهم، إنه سوف يلبي مطالبهم بتغيير الدستور، وعمل الإصلاحات التي يريدونها، كما أن رد فعل ابن العقيد سيف الإسلام كان أيضاً سيئاً، إذ التهديد والوعيد للشعب الليبي، ما يزيد من عزلة وضعف النظام.
لقد نسي العقيد القذافي أنه ابن من أبناء الشعب الليبي، وإلا كيف له أن يشبههم بالفئران والجرذان والمؤجرين، ويهدد بتطهير البلد منهم، والطلب من الشعب الليبي الانقضاض عليهم، لكن بحسب ما نرى ونشاهد من رد الفعل الشعبي الليبي، والإقليمي والدولي، لن يقوم الشعب الليبي بالانقضاض على نفسه، تلبية لدعوة العقيد، الذي لم يترك له صديق في هذا العالم، والذي أظهرت الأحداث مدى جنونه وعدم واقعيته، فأين الجماهير المؤيدة له؟ وأين الأفكار التي كان ينادي فيها على مدى 42 عاماً؟ وأين مشاريعه في ليبيا البلد الغني بالبترول؟
يبدو أن النظام الليبي هو في اتجاه التفكك، إذ أعلن عدد من الوزراء استقالاتهم، كوزيري الداخلية والعدل، وعدد من السفراء والمسؤولين في الخارج، خصوصاً البعثة الليبية في الأمم المتحدة، ما يزيد من احتمالات السقوط السريع للنظام، إذ أسهمت ردود الفعل العربية والدولية المنددة بالقمع والوحشية التي يتعامل بها النظام مع شعبه، في زيادة الضغوط والهشاشة في تماسك هذا النظام، ما يدل على أن السقوط مسألة وقت بالنسبة له.
لقد قال العقيد في خطابه الأول على الأحداث، إنه ليس رئيس جمهورية، وإلا لقدم استقالته فوراً للجماهير، ولكن هو قائد، وهذا تناقض آخر من كلام العقيد، إذ لا يمكن للقائد أن يحمل السلاح على شعبه، ولا يمكن للقائد أن يوصل بلده لهذا الوضع الذي أوصله القذافي لشعبه، فالجميع يذكر ديغول، بطل تحرير فرنسا، كيف تنحى واستقال عندما قامت مظاهرات الطلاب في باريس عام 1968، وحافظ على بلده، وهو بطل التحرير من الاحتلال النازي، وكذلك نيلسون مانديلا الذي نجح في أول انتخابات وبعدها آثر الابتعاد عن العمل الحكومي، وكذلك غاندي، كل هؤلاء وغيرهم بقوا قادة لشعوبهم، محترمين، مقدرين، وسجلوا أسماءهم في صفحات التاريخ.
إن ردود الفعل العربية والدولية سيكون لها تأثير كبير على الأوضاع في ليبيا، خصوصاً قرار مجلس الأمن الدولي الذي شجب العنف في ليبيا من النظام، وحمّل كل من يرتكب العنف في حق مواطن ليبي المسؤولية، وكذلك تعليق جامعة الدول العربية لعضوية ليبيا في الكثير من المؤسسات والأمانات فيها.
إن البلد الذي أنجبت عمر المختار، والذي أصبح رمزاً لكفاح المستعمر، ونموذجاً يُحتذى به في ليبيا والعالم العربي، سيجتاز هذه المحنة، ولن ينجر إلى حرب أهلية، يتمناها العقيد وابنه، فالشعب الليبي واعٍ ومدرك للأخطار التي تحيط به، ويبحث عن الاستقرار والعيش الكريم، بعد أن عاش عشرات السنوات في ظل مغامرات العقيد المجنونة، وأفكاره الخيالية، وكتابه الذي تبين أنه أحمر وليس أخضر.
لقد ألقى الرؤساء السابقون، زين العابدين بن علي رئيس تونس، وحسني مبارك رئيس مصر، ثلاثة خطابات قبل أن يتنحوا عن السلطة، لكن في حال العقيد القذافي هل يصل إلى الخطاب الثالث؟... الأيام المقبلة سوف تكشف ذلك.
القائد هو من يخدم الشعب وليس من يقتلهم.
* أكاديمي سعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.