أمير القصيم يرعى حفل تخريج حفظة كتاب الله بمحافظة الرس    سيتي سكيب 2025 في الرياض.. نظرة شاملة    زيارة ولي العهد إلى واشنطن.. رسائل الشراكة وقوة التموضع السعودي    السعودية والجزائر.. «كلاسيكو نادر» وتاريخ عمره نصف قرن    بدون رونالدو.. البرتغال تخطف بطاقة المونديال    انطلاق دورة المدربين الدولية بجدة    أمير المنطقة الشرقية يترأس اجتماع مجلس إدارة جمعية البر الثالث    رئاسة أمن الدولة وجامعة القصيم تحتفيان بتخريج الدفعة الأولى من طلبة الماجستير بسجن المباحث العامة ببريدة    استدعاء طبيب ظهر إعلامياً بتصريحات مخالفة    إصدار أول إرشادات عالمية لإدارة السكري خلال الحمل    نجاح تثبيت كسر مفتوح بتقنية إليزاروف    دنيا أبو طالب تتوّج بأول ذهبية سعودية في فئة النساء بدورة ألعاب التضامن الإسلامي    ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ 2/2    عودة سوريا: تكريس أمريكي للدور التركي    المبعوث الأميركي: حرب السودان.. أكبر أزمة إنسانية في العالم    رئيس فنلندا يحذر من طول أمد حرب أوكرانيا    الدكتور السبيّل: ملتقى التسامح يأتي انسجامًا مع اهتمام القيادة بقيمة التسامح    متطوعو التراث العالمي باليونسكو في واحة الأحساء    سوق الموسم    طهران: توقف التخصيب لا يلغي الحق النووي    موقف التعاون من عرض الهلال لضم سلطان مندش    الرخصة الآسيوية ل96 مدربا    جامعة الباحة تتوج ببطولة كرة القدم المصغرة .. وطالبات جامعة دار الحكمة يحققن لقب الريشة الطائرة    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس كوريا    سلوك المعتمرين والرصانة    نائب أمير مكة يرأس اجتماعًا مع الجهات المعنية لمتابعة جاهزية منظومة الحج    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالله الشثري    منصة "نت زيرو" تحصد المركز الأول في فئة التكنولوجيا الخضراء    تركي بن طلال حين تتوج الإنسانية بجائزة عالمية    وزير النقل يفتتح مجمع أجيليتي اللوجستي لخدمة سلاسل الإمداد    مفتي عام المملكة يستقبل رئيس جهاز الإرشاد والتوجيه بوزارة الحرس الوطني    تحت إشراف وزارة الطاقة.. السعودية للكهرباء" تنظم ملتقى الموردين 2025 ضمن جهود التوطين والمحتوى المحلي    أمير المنطقة الشرقية يترأس اجتماع المحافظين ويؤكد على الاهتمام بخدمة المواطنين والمقيمين وتلبية احتياجاتهم    مجلس الشورى يحيل عددا من الموضوعات إلى جلسات المجلس في اجتماعه ال6    أوكساچون توقع اتفاقية تأجير أرض لتطوير منشأة لإنتاج وتوزيع الغازات الصناعية بقيمة 600 مليون ريال    ابتدائية مصعب بن عمير تنفّذ ورشة "بحث الدرس" ضمن برامج التطوير المهني القائم على المدرسة    "الشؤون الإسلامية" تفتتح التصفيات النهائية لمسابقة حفظ القرآن الكريم بالنيبال    قاعة مرايا بمحافظة العُلا… أكبر مبنى في العالم مغطى بالمرايا    وفد أعمال سعودي يزور إسطنبول لتعزيز الشراكة الاقتصادية نهاية نوفمبر    الكويت ترحب بتوقيع اتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو    الحرف اليدوية في المملكة.. اقتصاد يتشكل بيد المبدعين    مشروع قرار أمريكي لوقف النار.. مجلس سلام.. وقوة استقرار دولية بغزة    إسرائيل تبني جداراً يتخطى الخط الأزرق جنوبي لبنان    تعزيز النمو الحضري المُستدام.. 145 شركة تتقدم لمشروع قطار القدية    آل الكاف وآل سجيني يحتفلون بزواج علي    الدحيلان عميداً لتقنية الأحساء    ضوابط موحدة لتسوير الأراضي بالرياض    «جيدانة».. وجهة استثمارية وسياحية فاخرة    هنأت ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده.. القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    القيادة تعزي رئيس جمهورية العراق في وفاة شقيقه    علماء روس يبتكرون جزيئات تبطئ الشيخوخة    طبيبة أمريكية تحذر من إيصالات التسوق والفواتير    مختصون في الصحة يحذرون من خطر مقاومة المضادات الحيوية    شتاء درب زبيدة ينطلق بمحمية الإمام تركي    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل وزير الشؤون الدينية في بنغلاديش    مكانة الكلمة وخطورتها    إنسانيةٌ تتوَّج... وقيادة تحسن الاختيار: العالم يكرّم الأمير تركي بن طلال    الشريك الأدبي قريبا مساحة بين الأدب والفن في لقاء مع الفنانة التشكيلية مريم بوخمسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية رجل صنع ملحمته ثم عاشها
نشر في الحياة يوم 01 - 06 - 2010

هل تريدون أن تنصتوا لفصل من حكاية رجل يصنع ملحمته ومن ثم يعيشها؟ أو بعض من تفاصيل رجل استطاع أن يزيل البرزخ القائم بين الحلم وركاكة الواقع ليسير به حتى مشارف مدن مسورة بمادة الأسطورة، محققاً بهذا كلَّ شروط القصيدة الكلاسيكية والشاعر الفارس الذي يرصف قصائدة بمادة النبل وأخلاقيات الفطرة الصحراوية.
أي من النوافذ هنا سأشرعها لكم باتجاه إطلالة قد توجز المشهد لكن قد تتفلت منها تفاصيله. لربما اختار نجم سعدي أن أكون مطوقة بهذا المناخ، وهذه الفضاءات، أن أولد وحولي على مرمى النظر أحرف ومفردات، ويتبرعم الوعي على الجدران التي ترصف فيها الكتب من الأرض حتى السقف، ونكهة الأمسيات التي كان يقضيها أبي وأمي تحت شجرة ياسمين في الحديقة المنزلية، وهما منهمكان في مراجعة كتاب، حيث والدي يقرأ وأمي تدون، أو أبي يقرأ وأمي تراجع، وفي المستودعات الخلفية للمنزل تعبق رائحة الورق بقوة حيث مؤلفات الوالد، وأعداد صحيفة"الجزيرة"عندما كانت مجلة، من جميع هذا تتشرب أصابعي القداسة والتقدير للفعل كتب.
في المنزل حيث كان المتنبي، يشارك أبي تربيتنا، فيهدر الوالد - أطال الله في عمره - بأبيات للمتنبي أحياناً معنفاً: إن أنت أكرمت الكريم ملكته/وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا، وأحياناً عاتباً، فيقول: كل له من زمانه ما تعودا/وعادة سيف الدولة الطعن في العدا. أو مستحثاً الهمم: لولا المشقة لساد الناس كلهم /فالجود يفقر والإقدام قتال.
أذكر أبي حين تعكس إحدى صفحات الذاكرة مشهده وهو يتلو علينا أبيات قصيدة له نشرت على صفحات صحيفة، أو قد يطلب من أحدنا قراءتها، أو قد يقرأ علينا إحدى معاركه الصحافية، سواء حول الجذور الفصحى للشعر الشعبي أو تلك التي كان يجيشها ضد الشعر الحديث، أو أي من القضايا التي تبناها الوالد - أمدَّ الله في عمره - ودافع عنها دفاع الدارع البطل المنتكب أخلاقيات الفروسية. اغترفت فلسطين سنيناً من عمره ومازال الوجع العربي يعاوده كشجن لا شفاء منه، فداحة الظلم كانت تستنهض كل نخوته العربية، المأساة التي التهمت أعمار أجيال عربية كاملة، القضية التي تخالط سنينهم فتقصي عنها السكينة والطمأنينة. وبين علم فلسطين الذي يلتهب في مكتبته وشارع في مدينة غزة سمي بشارع عبدالله بن خميس سيكون بين هذا وذاك تلك الفتاة الكنعانية ذات الجذور اليافاوية التي اقترن بها وأنجبت له عدداً من أبنائه.
قد نتشارك في إطلالة ثالثة عندما يلوح طباخ التمر المتجهم في نجد فكان الوالد ينتجع الطائف عندما كانت الطائف مصطافاً للدولة، وبين نجد والحجاز هناك مجاز وهناك أودية وجبال، وموروث تاريخي، ومع مطالع الفجر تتحرك السيارات باتجاه الطائف ونعالج المسافة بصندوق الحكايات وسير وأشعار وقصص يقول في كتاب المجاز:"طرّز أديمَ الجزيرة جبال تخللت سهولها وسهوبها، وأغوارها وأنجادها، وتلونت بألوان أجزائها الطبيعية... فهي جدد بيض وحمر مختلف ألوانها، وغرابيب سود... وهي أعلام يقتدى بها، وحصون يلوذون بها عند الملمات، وأكناف تقيهم الحر والبرد، ومستودعات للمياه، ومنابت للعضاه، وأشجار المراعي المعمرة... عُرفت كل قبيلة بجبلها أو جبالها، وحفلت أشعارهم بذكرها، والتغني بها... وأضيفت أيامهم ووقائعهم إليها، فتغنت طيء بجبليها أجا وسلمى، وعبس بجبلها قطن، وجهينة برضوى، وتميم باليمامة والعرمة، وهذيل بكبكب، وسليم بشرورى. وكل قبيلة بجبالها ولربما كانت مواطن حب، وملاعب صبى، ومدارج عواطف... ولربما أثارت ذكريات غريب وحنين إلف، ووجْد متشوق...".
ذلك المقطع جزء يحظى به من يرافقه داخل السيارة، عندما يشير إلى كل جبل أو علم نمر به، فيسرد أخباره ووقائعه ومن عاش حوله ومن خلده في أمثال وقصائد، في تلك الرحلة سيشعر من يرافقه أنه بحضرة بعثة جغرافية كاملة، وليس رجلاً واحداً يقلب أضابير الذاكرة سهلاً تلو جبل وتلعة تلو وادٍ.
* ورقة قدمتها في حفلة تكريم والدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.