معظم مجالسنا لا تخلو من الكلام عن التعدد، الذي يعتبر من القضايا التي تثير جدلاً شديداً بين الرجال والنساء، ثم إن سببه الأساسي هو التطبيق السيئ من الأفراد، المشكلة ليست في التعدد، بل يميل بعض الرجال إلى الزواج بأكثر من واحدة لأسباب متعددة، بعضها شخصي وبعضها عام. وتتباين الأفكار والتصورات بخصوص قضية تعدد الزوجات من الجوانب القانونية والاجتماعية والثقافية. وهناك الكثير من العوامل التي تتدخل بهذا الشأن، منها طبيعة المهنة التي يمارسها الرجل، وطبيعة المهنة التي تمارسها المرأة. فضلاً عن المشكلات التي قد تنتج عن الزواج بأكثر من امرأة، فإن دوافع التعدد كثيرة، فهناك من يبحث عن ذرية تملأ البيت بهجة ومرحاً، وهناك من يرى المستقبل في عيون أبنائه، وثمة من يبحث عن مولود ذكر، أو أن زوجته لا تنجب أصلاً، أو يطمح إلى زوجة ثانية تعمل لتعينه على مصاعب الحياة، أو رغبة بالدخول في عش جديد، والكثير من الناس يقول إن التعدد سببه وجود عيب بالمرأة من عدم إنجاب أو عيوب أخرى، ولكن للأسف هذا المنطق هو الذي أساء للمرأة و للتعدد. إن الحِكَم من التعدد أكثر من ذلك بكثير، فالتعدد حماية وحق للمرأة قبل الرجل، والتعدد هو أن يعيش الرجل حاملاً هم المجتمع ونساء المجتمع لا من أجل شهوته، والتعدد هو أن تفكر بالمرأة سواء مطلقة أو كبيرة أو يتيمة لتحمل همومها ولتساعدها على أن تكون أماً لا أن تُحرم من الأمومة. التعدد هو أن يقضي المسلم والمسلمة على مرض الأنانية والبخل المتفشي في مجتمعاتنا الحالية، وإذا فهمنا التعدد بالأسلوب الصحيح لعرفنا قدر ديننا الذي أراد لنا أن نكون مجتمعاً متماسكاً يفكر كل فرد فيه بالآخر قبل نفسه، كما كان جيل الصحابة والتابعين"رضي الله عنهم"، لقد سألني أحد أصدقائي ماذا تفعل الزوجة الحزينة حينما يتزوج زوجها عليها، وقد خلقها الله مفطورة على الغيرة؟ ولكن هل توجد شريعة تزعم أنها تستطيع تحقيق السعادة الكاملة على الأرض؟ وفيم كان اليوم الآخر إذن؟ ولماذا نتحدث عن تعاسة الزوجات بهذا السبب فحسب؟ ماذا عن تعاسة امرأة قبيحة، مشلولة، مريضة، مكتئبة؟ ماذا عن هؤلاء؟ أقول لهم... التعدد ليس حلاً لمشكلاتنا، بل الحل بوضع برامج اجتماعية تنموية تتيح رفع مستوى المعيشة بما يترك المجال للشباب والفتيات لبناء أسرة قادرة على تحقيق متطلباتها المعيشية. وسيستمر الرجل بطبيعته يفكر في أخرى، وستستمر مخاوف المرأة، وهذه طبيعة الرجل التي خلقه الله، فلماذا ننكر هذه الطبيعة، أنا دائماً أقف بجانب المرأة. ولكن بعض الرجال أساءوا لمبدأ التعدد والسبب في ذلك التربية، والمرأة سبب في هذه التربية أيضاً... والمجتمعات الخليجية حيث"الحرمة"ضعيفة الشخصية، تُعامل معاملة القاصر وتعيش على هامش ضيق من الحياة، فالسلطة المطلقة للرجل الوصي العنيف ذي البطش والقوة والسطوة على المسكينة. كلمة حق في موضوع التّعدد سمعتها من أحد دعاة الإسلام إذ قال:"الإسلام لم يُنشِئ التعدد، وإنما حَدَّده، ولم يأمر بالتعدد على سبيل الوجوب، وإنما رخّص فيه وقيَّدَه. فالله لم يشرع التعدد عبثاً بل شرعه لعباده لحكمة ومصلحة وليس رخصة يُلجأ إليها عند الضرورة أو الحاجة". قال سبحانه وتعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ. يا هؤلاء يجب أن نُقيِّم التعدد تقييماً صحيحاً، والمؤكد أن مجتمعاتنا تحتاج إلى تربية من جديد.پ صالح الريمي - الرياض