ما أن يصدر قرار رسمي، أو تشكل لجنة، أو يعقد مؤتمر، أو غيره من الأحداث، حتى تسارع أجهزة الإعلام السعودية، سواء المطبوعة أو المرئية أو المسموعة إلى القيام باستطلاع لآراء المواطنين المعنيين، أو غيرهم، حول هذا القرار أو ذاك، ثم تطالعنا تلك الأجهزة لاحقاً بنتيجة ذلك الاستطلاع بالإجماع التام على الإشادة المطلقة، أو التأييد الكامل لذلك القرار، من دون أن نسمع ملاحظة أو تحفظاً، أو حتى امتناعاً من نسبة، حتى ولو كانت قليلة، لإسباع نوع من الصدقية على ذلك الاستطلاع، فكيف بالمعارضة أو المخالفة؟! هذا شيء طبيعي يحدث في أرقى المجتمعات التي يسودها الوعي، ولعل غياب المؤسسات أو الأجهزة المعنية بإجراء ذلك الاستطلاع أو التي تقوم بقياس اتجاهات الرأي العام قد فسح المجال واسعاً لقيام مؤسساتنا الإعلامية بهذا الدور، ما يعطي صورة مغايرة تماماً للواقع الحقيقي لآراء المواطنين، ولذلك نتمنى من هؤلاء الذين يتصدون لإجراء تلك الاستطلاعات أن يتحروا الدقة في عرض تلك الآراء، والموضوعية وعدم الانحياز إلى الجهة التي أصدرت القرار. إن الحاجة ماسة إلى وجود مؤسسات قياس اتجاهات الرأي العام في المملكة، سواء بقيام مؤسسات وطنية، أو التعاون مع مؤسسات دولية محايدة، وذات سمعة طيبة، لمعالجة هذا الخلل وسد هذه الفجوة، التي ستكون نتيجتها وخيمة على المدى القريب والبعيد. عبدالله بن عبدالرحمن الماجد - الرياض