يطلبونها قصراً من البلور، وربما تكون مستوحاة من حكايات ألف ليلة وليلة، أو سحابة بيضاء ممطرة تزاحم شلالات تحتضن مقعدين ذهبيين، وأحياناً طائر بجع ساحراً يخترق أرض الأحلام، بهذه الأفكار الغريبة التي يستوحيها مصممو الأفراح من رغبات العرسان في"كوشة"ليلة العمر، التي يجب أن تكون حديث المدعوين في تفردها وغرابتها، وربما إثارتها. وتشهد مواسم الأعراس في كل عام ظهور أفكار غريبة من مبتكري"الكوش"، الذين وجدوا فيها"وجهة استثمارية مغرية"، لكونها"تجذب مستهلكين لا يبالون بالأسعار المرتفعة التي تفرضها الفكرة وتنفيذها". وتجاوز سعر أغلى"كوشة أفراح"في السوق المحلية أكثر من 35 ألف ريال، فيما يفضل آخرون كوشة بمواصفات أقل، قد تصل في الحد الأدنى لألفي ريال. وكلها تدور في خانة التميز والتفرد والإبهار، وفيما يعتبرها البعض بأنها"مهمة جداً وضرورية، ولا تجري مراسم الزفاف إلا بها"، يراها آخرون"بهرجة غريبة، وفخراً مبالغاً فيه، وتُحمّل العريس تكاليف إضافية هو أحوج ما يكون إليها". ويصف ناصر البطيان المتزوج منذ 12عاماً هذه الظاهرة ب?"الغريبة والدخيلة على المجتمع"، ويقول:"جرت مراسم زفافي فوق كرسيين عريضين، وخلفي صورة كبيرة للمسجدين الحرام والنبوي، وسارت الأمور بكل سهولة ويسر، وما زال الناس يذكرون حفلة زواجي، ولم أكلف نفسي ما يفعله متزوجون الآن من دفع أموال كثيرة من أجل الجلوس في غابة خيالية، أو داخل مقطورة باخرة، أو داخل عالم البحار، فكل هذا زيف لا قيمة له". ويستدرك"من عدم الإنصاف أن لا أذكر أن لتلك الأجواء إثارة وجمالاً، إلا أنها تُحمّل العريس أموالاً ترهقه فيما بعد، والرابح الأكبر محال الزينة والورود والكوش، وأنا شخصياً رأيت أفكاراً غريبة جداً، كان أغربها زواج في مدينة جدة، اختار فيه الزوجان أن يقيما زفافهما داخل إحدى الصالات بديكورات مستوحاة من أجواء مصاصي الدماء والتوابيت، ثم تتحول هذه الأجواء فيما بعد إلى ثلج وجمال". ويرى محمد شبيب، الذي يدير محلاً للزينة، في الانتقادات التي توجه لمحال الكوش والزينة، بأنه"أمر غير منصف، فغالبية من يعملون فيها من الأيادي الشابة الوطنية، مع مساعدة أجنبية"، مضيفاً"من ينكر أهمية الكوشة فهو لا ينقل الحقيقة، فعلى مر تاريخ الزواجات المحلية، كانت الكوشة حاضرة، ففي القديم كانت البهرجة أكثر في إحياء ليلة العمر". ويقر شبيب أن"محالاً تتعمد رفع أسعارها لإظهار أن ما لديها يفوق المحال الأخرى، لكن العريس يجب أن يكون أكثر دراية بهذا الأمر، ولا يبالغ في اختيار الأسعار، ونحن قبل أن نُطلع العريس على ما لدينا من كوش، نقابله ونأخذ معلومات عنه، وعن الألوان التي يحبها، وعن تاريخه، حتى نحلل جميع ذلك، ونختار له ما يناسبه، وإذا لم يقتنع باختيارنا نجعله سيد الاختيار، ودائماً ما يثق زبائننا بما نختار". وتميل اختيارات غالبية الشبان حالياً إلى البساطة، إلى جانب إدخال عامل المفاجأة، ويذكر شبيب"نهتم بفرش طاولات المدعوين، كي نشركها في كوشة العروسين، ومن الأفكار التي أعجب بها الكثيرون، أننا مددنا أسلاكاً كهربائية متصلة بقابس بالقرب من طاولة العروسين، ومتصلة بقطع من النيون عند كل طاولة، وحين يضغط العروسان"زر الترحيب"، كما أطلقنا عليه، تضيء عبارة"نحن سعيدان بحضوركم ليلتنا"، وهي فكرة غريبة بعض الشيء". وتوقع أن تحمل الزواجات المقبلة"تطورات أكبر في عالم إعداد ليلة العمر، فمنظمو الحفلة لم نستحدثهم نحن، بل هم موجودون في الدول العربية والأوروبية، وهناك شركات ومؤسسات خاصة بهذا العمل، إلا أن مجتمعنا لا يزال لا يثق بنا كمنظمين، لخصوصية الزواج في مجتمعنا".