اشتعلت حمى الأسعار في صالات الأفراح والاستراحات مع اقتراب موسم الزفاف الجماعي، الذي يُعد تظاهرة اجتماعية واقتصادية مهمة تتكرر كل عام، كما تعد أيضاً من المواسم الاستثمارية المهمة لأصحاب الاستراحات والصالات، إذ تُحجز بصورة كاملة، موفرةً دخلاً موسمياً خاصاً. ويبدأ حجز صالات الأفراح مبكراً مع بداية العام الهجري، لتوفير فرص وجود صالة مناسبة وبحسب الطلب، إلا أن فترة تحديد موعد الزواج الجماعي، الذي يقع في أسبوعين متتالين، بحسب توزيع القرى الشمالية والشرقية، تعد جرس الانطلاق للبحث عن الصالة التي ستحتضن ليلة العمر، وتتضاعف الأسعار مع بداية تحديد الموعد. وتبدأ أسعار صالات الأفراح، التي تعد من الظواهر الجديدة التي واجهها المجتمع بالرفض والقبول، من ستة آلاف ريال، وتصل إلى 15 ألف ريال، بحسب تجهيزاتها وموقعها، والخدمات التي تقدمها، وتصنيفها لناحية النجوم بين مثيلاتها. وعلى رغم الأسعار المشتعلة، إلا أن فرص إيجاد صالة أفراح في مثل هذا الوقت يبدو أمراً مستحيلاً، لكون الحجوزات غطت الصالات المتوافرة، وهذا ما جعل عارف المحيميد في حيرة وقلق مع اقتراب موعد زفافه بعد أقل من ثلاثة أشهر، ويقول:"بحثت طويلاً عن أي صالة، حتى وإن كانت متواضعة، لكنني دائماً ما اصطدم بعبارة"لا حجوزات"، وهو أمر يزيدني قلقاً وخوفاً". وجاء عدم تخلي المحيميد عن فكرة الصالة بسبب اشتراط زوجته إقامة حفلة زفافها في صالة أفراح. ويقول:"هذه الظاهرة دخيلة على مجتمعنا، ففي السابق كانت حفلة الزفاف تُقام في بيت العريس أو أحد أقاربه، وغالباً ما تُقام في بيت العائلة، وسط الأهل والأقارب وسكان البلدة، وكان العريس لا يكلف نفسه أموالاً لشكليات لا تقدم ولا تؤخر"، مضيفاً"كل هذه الخسائر والديون التي ستتكدس على عاتق العريس لقضاء نصف ساعة فقط داخل الصالة، هو أمر مُحبط ومحزن في الوقت ذاته، ما يخلق تشنجاً قبل الدخول من باب الحياة الزوجية، لكننا نساير الزمن، وهذا ما فرضه علينا، ندفع أكثر من 11 ألف ريال من أجل الشكليات". وأوجد عدم وجود صالات شاغرة للمتزوجين طقوساً دخيلة على عادة الزواج المحلية، كحل وسط من أجل حل الأزمة وعلاجها، إذ جرت العادة أن يجتمع الزوج وزوجته في احتفالية خاصة في منتصف ليلة الخميس، وهي الليلة المفضلة عند شريحة كبيرة من المجتمع، إلا أن اختناقات الحجوزات المتكدسة في صالات الأفراح أوجدت ظاهرة جديدة على السطح. ويكمن الحل في تقديم ليلة الزفاف بأن تُقام في منتصف ليلة الأربعاء، إذ يجتمع العروسان في احتفالية تسمى"ليلة الدخلة"، وتُقام الحفلة المعتادة، التي تتخللها الأهازيج والقصائد الشعبية، وبعد انتهاء الاحتفالية، يفرق بين الزوجين، ويعود كل واحد إلى منزل أهله، حتى تُقام مراسيم الزواج المعتادة، ويلتقي الزوجان مجدداً في منتصف ليلة الخميس، لكن من دون احتفالية ليلة الدخلة. وجاء هذا الحل تحقيقاً للمباهاة وإقامة العرس في صالة فخمة، وتلبية لرغبات الزوجات اللائي يشترطن صالة الأفراح كقرينة للمهر المقدم. وتقول أسماء أحمد:"كثيرات يحلمن بالزواج في صالة أفراح فخمة وسط أضواء خلابة وتنظيم مميز، والحلم الأجمل أن يتحدث المجتمع عن زواجها بأنه الأروع، وهذا ما جعل كثيرات يتمسكن بفكرة صالة الأفراح، ولعل الإعلام يحمل الثقل الأكبر في ترسيخ هذه الفكرة"، مضيفة"الإعلام قدم لنا الزواج الأسطوري في البرامج والمسلسلات، وهو أمر جعل الفتيات يقلدن من دون النظر لتبعات التقليد، ولعل أبرز ما يدعم هذه الظاهرة كون الصالات أصبحت من كماليات الزواج الحديث، وكثيرات يرفضن الزواج التقليدي، ويبحثن عن كل ما هو مميز". وعلى رغم تأثير الزواج الجماعي على عدد الحضور في صالات الأفراح، إلا أن حجوزات الصالات لم تتوقف عند هذا السبب. ويقول عيسى السليم:"تشتت المدعوين بين المتزوجين في الزواجات الجماعية خفف من الزحام الذي كانت تشهده زواجات تقليدية سابقة، والغريب في الأمر أن عائلة تحجز صالة أفراح مجهزة بكامل أدواتها لعدد قد لا يتجاوز 60 شخصاً فقط، وهو أمر فيه من الإسراف الشيء الكثير". وتُقَيم صالات أفراح بالنجوم، تماماً كما هو معمول به في الفنادق، فأعلى التقييم يتم من خلال خمسة نجوم فقط، وأدناها ثلاثة نجوم، ولا يُعرف مصدر التقييم، إلا أن غالبيتها يتم من خلال أصحاب الصالات أنفسهم، كدعاية خاصة لصالاتهم. ودخلت الصالات إلى مرحلة المنافسة والتطوير، فأدخلت عليها النظم العالمية في تنظيم ليلة الزفاف بكل ما تتطلبه من بهرجة، إذ تتحمل صالات إقامة يوم الزواج من دون أن يتكلف العريس أو أسرته أي مجهود غير المال الكثير الذي سيدفعه، الذي لا يقل عن 24 ألف ريال لليلة العمر. وتتوافر صالات بمميزات خاصة ولمسات سحرية، تُضفي على ليلة العمر بريقاً خاصاً وفق كلفة مالية محددة، فأصبح هناك ما يُعرف ب"الدي جي"والليزر، والبخار وفقاعات الصابون والأضواء الخاصة، و"الكوشة"المذهلة وطقوس إدخال العروس وتدريب أقارب العروسين على التحرك وفق مسيرة خاصة، من المتطلبات الرئيسة التي تدخل ضمن قائمة البهرجة، والتميز. ويمكن أن يخسر العريس مال الحجز الذي يُدفع بالكامل، لو أراد تغيير موعد زفافه بعد الحجز، وفق شرط إلزامي تفرضه غالبية الصالات التي يحتج أصحابها بأن الحجز يضيع حجزاً آخر فلذا على العريس تحمل تبعات التأجيل، لذا طالب كثيرون من المتعاملين مع هذه الصالات بتدخل رسمي، تتبناه الجهات المعنية بفرض تسعيرة خاصة تم تحديدها بحسب فخامة الصالة ومستوى خدماتها، مع تحديد الشروط التي تضمن للعريس حقوقه من دون تلاعب.