انتهى يوم حافل بالتهاني والمباركات، وزعت خلاله شهادات الشكر والتقدير وكرمت الخريجات، وعلى رغم الفرحة التي اعتلت وجوه الخريجات إلا أنها لم تكتمل، فكانت عبارة عن فرحة خالطها الألم والحزن على المستقبل الوظيفي الذي حلمن به وهن على مقاعد الدراسة، وظهرت علامات التساؤل والحيرة إلى أين؟ هذا ما رددته الخريجات مع انتهاء الحفلة. وأكدت الطالبات خلال ذلك اليوم أنهن في حاجة للتكريم الأكبر، وهو الحصول على وظيفة تناسب طموحاتهن وتساعدهن في تطوير ذواتهن، وتعالت أصوات بعضهن استغراباً لعدم حصولهن على ما يطمحن إليه، على رغم تفوقهن وحصولهن على مراتب الشرف، ومع ذلك تحصل زميلاتهن الأقل تفوقاً منهن على ما يردنه بسبب الواسطة. تكمن مشكلة وضحى العتيبي الحاصلة على مرتبة الشرف الأولى من قسم علم النفس في عدم وجود وظيفة"على رغم فرحتي بتخرجي بتفوق إلا أن هذه الفرحة ستزول بعد ساعات ليبدأ التفكير في هم الوظيفة"، وتساءلت بحرقة:"هل يعقل أن نقارن بمن لم يحصلن على المعدل لتوافر الواسطة لديهن". وتجد وفاء أحمد خريجة كلية الصيدلة أن الواسطة هي العقبة التي تقف أمام طموح وفرحة الخريجات، خصوصاً المتفوقات، وتقول:"أخذت وقتاً طويلاً حتى توظفت، على رغم وجود فتيات توظفن مباشرة بسبب الواسطة". مؤكدة أن الحلم بالوظيفة أثناء الدراسة ومخالفته للواقع بعد التخرج هو ما يعكر فرحة التخرج. وعلى رغم أن تخصص رعاية الأسنان في كلية العلوم الطبية التطبيقية مطلوب في سوق العمل إلا أن هوازن الشريف لا تزال تنتظر فرصتها في الوظيفة:"على رغم قلة عدد المتخرجات من تخصصي واحتياج سوق العمل لهذا التخصص، إلا أنني لم أجد وظيفة"، مرجعة اختيارها لهذا القسم إلى ندرة عدد الخريجات واحتياج السوق،"هذا ما جعلني أتفاجأ بعد تخرجي، وأصبح الكل يطلب خبرة على رغم حرصي على حضوري المؤتمرات الطبية". تقول هتاف العمار الحاصلة على مرتبة الشرف الثانية من قسم علم نفس:"لا تنتهي حاجاتنا بالتخرج إنما نحن في حاجة إلى احتياجات نفسية ومادية"، مضيفة:"لم أجد وظيفة تناسب تخصصي على رغم أهميته، وهذا ما يبطل أي فرحة أخرى حتى وإن كانت التفوق، فحاجتنا إلى وظائف مناسبة لقدراتنا وتخصصاتنا من أجل تطوير أنفسنا"، وتنتقد العمار المراكز الخاصة في طريقة التوظيف قائلة:"هذه المراكز تقبل المتقدمات على الوظائف لثلاثة أشهر فترة التدريب فقط، ثم تبدأ في البحث عن غيرهن بلا مقابل"، لم تجد العمار بداً من أن تعمل اختصاصية تدريب وتوظيف،"لا أعلم لهذه الوظيفة أي علاقة بدراستي ولكن هذا ما وجدته في سوق العمل". فيما ترى غادة الغامدي الحاصلة على مرتبة الشرف الثانية من قسم علم النفس، أن فرحة التخرج يخالطها ألم وجود العراقيل الكبيرة،"أصبحت الواسطة هذه الأيام تغني عن المعدل المرتفع وعن الشخصية المناسبة، بحثت كثيراً ولكن العراقيل كانت أكبر". وتساءلت:"لماذا نشعر أنه يجب ألا يتعدى عدد الحاصلات على الدكتوراه أصابع اليد الواحدة". وأكدت أن فرحة التخرج تتلاشى سريعا،"عندما تفكر في عدم وجود ربط بين تخصصات الجامعة ومتطلبات سوق العمل، فما معنى الاحتفال بالتخرج؟". أما مشاعل الجشي الحاصلة على بكالوريوس إدارة أعمال فحصلت مباشرة على وظيفة في أحد المصارف، تقول:"الوظيفة كانت طموحي وفيها أستطيع تطوير ذاتي، وحصلت عليها مباشرة"، موضحة، أن عدم حصول الخريجة على وظيفة حتى لو كانت بسيطة تساعدها في تطوير ذاتها والبحث عن الأفضل،"إلا أن ما يلاحظ هو العكس لذلك نجد الحزن في يوم التخرج على رغم حلاوته". لم تشعر بيان الحواس الحاصلة على مرتبة الشرف الثانية في قسم التغذية والاقتصاد منزلي بتفوقها عن غيرها، تقول:"على رغم فرحة التخرج إلا أن حقنا مهضوم في الوظائف والدراسات العليا، على رغم مرتبة الشرف إلا أننا نجد أنفسنا كغيرنا من غير المتفوقات". وطالبت الكليات بتوفير فرص عمل لخريجاتها،"يفترض من أي كلية توفير وظائف لخريجاتها على الأقل 70 في المئة"، مشيرة إلى أن تجمعها هي وصديقاتها في حفلة التخرج لم يكن سوى تبادل همومهن بعد التخرج،"المستشفيات لا تريدنا لأننا درسنا باللغة العربية وليس لدينا تدريب صحي، والمدارس لا تريدنا لأننا غير تربويات، والمدارس الأهلية توظفنا في غير تخصصاتنا، هذه مشكلتنا التي نناقشها في يوم تخرجنا". أما تغريد عبدالمغيث طالبة في كلية الزراعة فتقول:"أساتذتنا هم من دفعنا للإكمال في التخصص، مؤكدين أهميته في سوق العمل، ولكننا نفاجأ بعدد قليل من الخريجات هن اللاتي حصلن على وظائف". وترى نجلاء الزامل الحاصلة على مرتبة الشرف الثانية من قسم إدارة أعمال، أن عدم وجود وظائف مناسبة للتخصصات المختلفة في المعاهد الخاصة من أكبر ما يعوق الفتيات، تقول:"وجدت وظيفة ولكن لم تناسب تخصصي، فالوظائف المتاحة في سوق العمل لا تناسب دراستنا، خصوصاً القطاع الخاص بيئة العمل فيه لا تناسب ما درسناه وتحد من تطوير أنفسنا، فالمعاهد الخاصة تهدف إلى تخريج الطالبات المنتسبات إليها بسهولة وراحة، وهذا ما يعوق تطوير أنفسنا عكس القطاع الحكومي".