أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج 372 متدربًا من برامج البورد السعودي وعدد من الدبلومات الصحية والطبية غدًا    برعاية سمو محافظ الطائف افتتاح متنزه الطائف الوطني وإطلاق 12 كائنًا فطريًّا    نائب أمير الشرقية يفتتح الملتقى الرابع لجمعية أفلاذ لتنمية الطفل    أمانة القصيم تبرز رؤيتها التنموية في سيتي سكيب العالمي 2025    سوق الأسهم السعودية يغلق متراجعا بشكل طفيف    إعلان الرياض: خارطة طريق نحو مستقبل سياحي مستدام    انطلاق ربع النهائي لبطولة وزارة الداخلية لكرة القدم يوم الأربعاء بمواجهتين قويتين    أمير المنطقة الشرقية يرعى انطلاق مؤتمر ومعرض التوحد الدولي الثاني    آباء تعقد ورشة تطويرية بعنوان "مواردنا الماليّة واقع يتحسّن" بمشاركة مجلس الإدارة ومنسوبي الجمعية    جمعية التنمية الأهلية بأبها تُطلق نادي "ملهمات" بنسخته الخامسة للفتيات لتعزيز مهارات التسويق والإبداع.    رئيس جامعة أمِّ القُرى يحضر حفل افتتاح المؤتمر السَّادس للشَّبكة العربيَّة لضمان الجودة    محترف الأهلي يقترب من المغادرة واجتماعات من أجل مستقبل الفريق    الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات تكشف عن نموٍّ قياسي في البنية التحتية لفعاليات الأعمال بالمملكة    مواجهة مرتقبة في الأحساء.. الصفا يرفع شعار العودة أمام هجر في الجولة الثامنة    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير أذربيجان لدى المملكة    الفتح يستأنف تدريباته ويفتح ملف مواجهة الهلال    القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مواطنًا مخالفًا لنظام البيئة    عدد من القيادات الحكومية يقدمون التعازي باستشهاد العمور    محافظ مرات يقف على استعدادات موسم الشتاء السادس    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الحج والعمرة    82.4% من الأطفال يسيرون على المسار الصحيح للنمو في السعودية خلال 2025م    اليابان ترسل مبعوثا إلى الصين لتهدئة الخلاف بين البلدين    مقتل 3 وإصابة 10 في هجوم صاروخي روسي على خاركيف    منصة "إكس" تطلق نظام "Chat" الجديد    تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين.. ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس كوريا    في حدثٍ تاريخي يقام للمرة الأولى في المملكة.. 26 نوفمبر.. انطلاق الجولة الختامية من بطولة العالم للراليات    ثلاثي روشن يقودون البرتغال لمونديال 2026    يغير اسمه سنوياً للتهرب من نفقة طفله    أمير نجران يُدشِّن مبنى «مدني شرق أبو ثامر»    محمد بن عبدالرحمن يطلع على تقرير «جوازات الرياض»    سرقة مجوهرات في فرنسا ب 1,2 مليون دولار    شاب ينهي حياة أسرته ويوثق جريمته على فيسبوك    «الصحة» تستدعي طبيباً ظهر إعلامياً بتصريحات مخالفة    «زاتكا» تُحبط تهريب «الإمفيتامين» و«الشبو»    انطلاق النسخة الرابعة من فعالية "بلاك هات" في الرياض ديسمبر المقبل بمشاركة دولية واسعة    قبيل زيارة محمد بن سلمان التاريخية للولايات المتحدة.. ترمب: ولي العهد الحليف الأقوى لواشنطن    في ملتقى نظمه مركز الملك عبدالعزيز.. نائب وزير الخارجية: المملكة تدعم الجهود الأممية لترسيخ الحوار    «طال عمره».. مسرحية سعودية بموسم الرياض    كلمات وموسيقي    فيصل بن مشعل: جامعة القصيم رافد معرفي تنموي    14 ألف مستفيد من برنامج «تحصين وأمان» بمكة    تدهور أوضاع النازحين بشكل حاد.. غارات جوية إسرائيلية تستهدف خان يونس    التسامح.. سكينة تزهر في القلب وتشرق على الملامح    التعاون مع رجال الأمن في الحرم ضرورة    "الشؤون الإسلامية" تفتتح دورة علمية في المالديف    مختصون يحذرون من خطر مقاومة المضادات الحيوية    أمير الشمالية يطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري    جامعة الإمام عبدالرحمن تعزز الوعي بداء السكري    تجمع الرياض الأول يستعرض منجزاته في رعاية وسلامة المرضى    رئاسة أمن الدولة وجامعة القصيم تحتفيان بتخريج الدفعة الأولى من طلبة الماجستير بسجن المباحث العامة ببريدة    أمير القصيم يرعى حفل تخريج حفظة كتاب الله بمحافظة الرس    رئيس فنلندا يحذر من طول أمد حرب أوكرانيا    هل يرضخ عسكر السودان للمفاوضات    تجمع الشرقية الصحي يطلق حملة "سكرك موزون"    تركي بن طلال حين تتوج الإنسانية بجائزة عالمية    مفتي عام المملكة يستقبل رئيس جهاز الإرشاد والتوجيه بوزارة الحرس الوطني    قاعة مرايا بمحافظة العُلا… أكبر مبنى في العالم مغطى بالمرايا    هنأت ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده.. القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول التغير في المقاربة الدولية للثورة والنظام
نشر في الحياة يوم 04 - 01 - 2014

نشرت مجلة"لندن لمراجعة الكتب"في عددها الأخير، بتاريخ 19 كانون الأول ديسمبر الماضي، مقالاً بقلم سايمور هيرش يتساءل فيه عن هوية الطرف المجرم الذي ارتكب مجزرة الكيماوي في ريف دمشق في آب أغسطس 2013. وهيرش صحافي أميركي مستقل يكتب في"النيويوركر"، وحائز على جائزة"بوليتزر"، وله باع طويل في التحقيقات الميدانية منذ أيام الحرب الأميركية على فيتنام، وكان له دور في الكشف عن فضائح سجن أبو غريب في العراق.
يفند هيرش في مقاله التصريحات الإعلامية التي صدرت عن البيت الأبيض والخارجية الأميركية ويحلل، بالاعتماد كعادته على مصادر لا يسميها، التقارير المخابراتية التي تم استخدامها/إهمالها عمداً بقصد الوصول إلى رواية معينة لهذه الجريمة الفظيعة. لا يبرئ المقال النظام، ولكنه يفكك الآليات والدلائل التي وظفت بغرض تثبيت الاتهام عليه. كما أنه لا يتهم المعارضة المسلحة إلا أنه يشير إلى أنها غير مستبعدة.
الرسالة التي يبعث بها هذا المقال، الذي تم الاحتفاء به في الأوساط الفكرية الغربية، ليست فريدةً من نوعها، بل باتت جزءاً من ظاهرة منتشرة. ففي أيلول سبتمبر 2013 وصف المفكر السلوفيني سلافوي جيجاك، في مقال منشور في"الغارديان"البريطانية، الصراع في سورية بأنه"صراع زائف"كون أطرافه العنفية تسير على النهج ذاته من دون تغيير إيجابي ينعكس على الناس والمنطقة. افتتاحيات"ديرشبيغل"،"الواشنطن بوست"، و"النيويورك تايمز"تتساءل، في حين تتحدث"الإيكونوميست"ذات الميول الليبرالية اليمينية، في أخد أعدادها الأخيرة، عن"الحقيقة المزعجة"في سورية. حتى نعوم تشومسكي، المفكر اليساري المناصر لقضايا الشعوب، أبدى في مداخلات عدة تخوفه على المستقبل السوري، بسبب تغييب النضال من أجل الديموقراطية، بخاصة في ظل التدخلات الإقليمية والدولية.
بالتوازي مع هذا التغير في مقاربة المشهد السوري على منابر موجهة إلى نخب فكرية أو قراء جادين، نجد تراجعاً ملحوظاً للتغطية الإعلامية على المستوى الإخباري المرئي الموجه إلى عموم الناس في الغرب. وإن حدث وعادت سورية لتأخذ موقعاً في الشاشة فعلى شاكلة الهجوم على معلولا وخطف الراهبات، أو الصورة الفوتوغرافية، التي اختارتها مجلة"التايم"الأميركية: معارضة مسلحة راديكالية"تفتخر"بذبح جندي من الجيش السوري النظامي. يدلنا ما سبق على تغير عميق في مقاربة الشأن السوري، يمكن تلمس ملامحه في الرأي العام الغربي الذي عارض التدخل العسكري في سورية، وفي الاستقطاب الواسع حول سورية إقليمياً ودولياً، وعلى مستوى الشعوب والأنظمة. لا ينفع قبالة هذا التغير اتهام الجميع بالتآمر على"الشعب"، أو شتم الكتاب والإعلان عن الإحباط بكتاباتهم، أو الحديث عن أنهم يساوون بين الجلاد والضحية. عوضاً عن هذه الردود، التي لا تقدم ولا تؤخر على مستوى الأعراف الدولية، لا بد من النظر بتمعن للواقع السوري الأليم، ومواجهة الأسباب التي أدت إلى تغير المقاربة.
همجية النظام مستمرة في نهجها، بؤس المعارضة المبهرجة إعلامياً على حاله، الاستعصاء العنفي صار أمراً واقعاً، فيما لا يزال مصير غالبية قطاعات الشعب في عهدة حملة السلاح، أما العبث والقتل المجاني فعنوان رئيسي للمشهد. إذاً ما الذي تغير؟
الحقيقة الأليمة تقول إن هناك ازدياداً فظيعاً في أعداد الضحايا، مع تعميم للخراب والتشرد والتفكك الاجتماعي، لكن التطرف في صفوف المعارضة المسلحة هو ما يثير حفيظة المجتمع الدولي. فقد نما واستفحل هذا التطرف، بغض النظر عن كل التبريرات التي يتم تسويقها، وسط تصفيق علني له من قبل قطاعات واسعة من المعارضة التي اعتبرته"جزءاً من الثورة"، وتصفيق ضمني له من قبل النظام. وهكذا غدا تطرف المعارضة المسلحة، شئنا أم أبينا، لاعباً بارزاً همش الحقوق والحريات في معادلة الصراع، متحولاً إلى ضمانة لبقاء النظام على المدى المنظور، واقع يضع كل من دعم وشجع وتغاضى عن هذا التطرف، من حيث يدري أو لا يدري، في حلف غير مباشر مع النظام! ومع التنويه إلى أن المنظومة الدولية تفضل التعامل مع بنىً واضحة المعالم نسبياً كالنظام، وبأنها مسكونة برهاب"القاعدة"والتطرف الإسلاموي في منطقة معقدة ديمغرافياً وجيوسياسياً وجود اسرائيل مثلاً، فليس من المفاجئ أن نقرأ حيثيات التغير الأخير.
يلخص مقال"باتريك كوكبورن"في"الإندبندنت"البريطانية هذه التطورات، مؤكداً عطالة معظم أطياف المعارضة التي ظلت تسعى هذيانياً وراء استنساخ النموذج الليبي، من دون تطوير أية بدائل، وعلى هاجس الغرب المتمثل في دحر القوى المتطرفة المحسوبة على"القاعدة"بخاصة في الشمال السوري. لا بد من وضع كل ذلك في سياق تعليق المساعدات الغربية غير الفتاكة، وتشكيل"الجبهة الإسلامية"على حساب تهميش"الجيش الحر"، والاتفاق النووي الإيراني-الغربي، وتفكيك ترسانة الأسلحة الكيماوية، صفقات يناقشها ميكائيل ويس في مقال له، مشيراً إلى تحالف ضمني مصلحي وغير معلن بين الغرب والنظام، حيث يعطى فيه الأخير ضوءاً أخضر لتأمين طرق نقل الترسانة إلى ميناء اللاذقية، مع ضرورة الحفاظ على توازن الرعب والقتل العبثي. لكن القضية لا تمثل تحالفاً ضمنياً، بقدر ما تمثل تعديلاً في سلم الأولويات في ضوء التجاذبات الإقليمية والدولية. النظام، كما هي الحال في كثير من أطراف المعارضة السياسية والمسلحة، هو دمية في يد طرف إقليمي ودولي، ومجرد أداة مجرمة لتدمير بلد اسمه سورية، وتحطيم الإنسان السوري.
للتغير في مقاربة المشهد السوري دولياً دلالة عميقة وأليمة. ولا يمكن استيعاب هذه الدلالة عبر اتخاذ أو التحسر على عدم اتخاذ مواقف إرضائية للغرب أو الشرق. بل على العكس تماماً، لا بد من مراجعة عميقة وصريحة وشجاعة حول حصاد الأزمة المستمرة، مع اتخاذ خلاص وكرامة المدني السوري، الذي بات هدفاً لأطراف عنفية حاقدة تختلف ربما فقط بمستوى التسليح، بوصلةً للتقييم، وغايةً لأي حل.
أخيراً، لعله من النافل التوكيد على أن أي حل يحافظ على ما تبقى من أمل في الحياة، على الأرض السورية، يعني ضمناً تقديم تنازلات من كل السوريين، وكلما تأخر الوصول إلى مثل هذا الحل كانت التنازلات أكثر ألماً وكلفة.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.