نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة الجزائر بمناسبة اليوم الوطني    ترمب: مقاتلات F35 التي ستُباع للسعودية مماثلة لطائرات إسرائيل    إقرار أممي لخطة ترمب ومخاوف من انفلات أمني في قطاع غزة    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من ملك البحرين    منتخب السعودية يُكرم سالم الدوسري    العراق تتفوق على الإمارات ويتأهل إلى الملحق العالمي ل كأس العالم 2026    فرع "البيئة" بالأحساء ينفّذ مبادرة "الأحساء تزرع" بمشاركة 300 طالب    أمانة الشرقية توقّع مذكرة تفاهم لتطوير إدارة مخلفات البناء رقمياً وتعزيز الأتمتة والرصد الآلي    أسبوع ريادي بجامعة الأمير مقرن    الأستاذ أحمد السبعي يقدّم درسًا عمليًا لطلاب الصف الخامس حول الطريقة الصحيحة لأداء الصلاة    أمير تبوك يرعى حفل تخريج 372 متدربًا من برامج البورد السعودي والدبلومات الصحية    أمين الطائف يوقع عقد خصخصة رقابة الحفريات ضمن فعاليات معرض سيتي سكيب العالمي    مُحافظ الطائف يلتقي الرئيس التنفيذي لجمعية مراكز الأحياء بمنطقة مكة المكرمة    ترمب يصطحب ولي العهد في جولة داخل البيت الأبيض بعد استقبال مهيب    ولي العهد يصل إلى البيت الأبيض والرئيس الأميركي في مقدمة مستقبليه    + 500 مليار دولار التجارة البينية بين السعودية وأمريكا آخر 10 أعوام    ريمار العقارية تكشف عن هويتها الجديدة وتستعرض أحدث مشاريعها خلال مشاركتها في "سيتي سكيب الرياض 2025"    جمعية روماتيزم تحصل على الموافقة الأولية للعمل خارج المملكة من مركز الملك سلمان للإغاثة    المنتخب السعودي للتايكوندو يحصد الذهب في بطولة قطر الدولية    مجلس الوزراء: زيارة ولي العهد لأمريكا تأتي لتعزيز العلاقات والشراكة الاستراتيجية    نائب أمير القصيم يطّلع على أبرز الجهود الميدانية والتوعوية لهيئة الأمر بالمعروف في موسم الحج العام الماضي    استخراج حصوة بحجم كرة التنس من مقيم يمني بمستشفى جازان العام    أمير تبوك يستقبل سفير جمهورية بولندا لدى المملكة    التحكيم التجاري خيار استراتيجي لتخفيف العبء على المحاكم الخليجية    صندوق الاستثمارات يعلن ضخ 200 ألف وحدة سكنية و90 ألف غرفة فندقية    يوسف المناعي مع العلا.. تحدٍ جديد ل "مهندس الصعود"    حسن الظن بالله أساس الطمأنينة    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة عسير تقبض على شخصين لترويجهما (7) كيلو جرامات من نبات القات المخدر    القيادة تهنئ رئيس جمهورية لاتفيا بذكرى استقلال بلاده    بنك الخليج الدولي السعودية شريك استراتيجي للبطولة السعودية الدولية للجولف 2025م    مفردات من قلب الجنوب    جامعة الملك سعود تنظم فعالية اليوم العالمي للطلبة الدوليين    مقتل فتاة بهجوم روسي في شرق أوكرانيا    طالب بدعم الأبحاث العلمية.. الشورى يوافق على نظام براءات الاختراع    «الزائر الغامض» يقترب من الأرض    استشراف آفاق مستقبل العالم في أهم القطاعات.. السعودية رائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. هيئة التخصصات الصحية تحتفي بتخريج (12.591) خريجًا وخريجة في ديسمبر المقبل    شيرين رضا تنضم إلى فريق «وننسى اللي كان»    إثراء يعيد رسم المشهد الإبداعي بالسعودية    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم سحر    الجيش السوداني يدخل «بارا» و«أم سيالة»    وصول الطائرة السعودية ال73 لإغاثة الشعب الفلسطيني    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    «التحالف الإسلامي» يطلق برنامجاً لمحاربة تمويل الإرهاب بالنيجر    الزهري الخلقي في أمريكا    التجار النجديون في البحرين    العيش بدهشة مرتين    بحيرة طمية    الجوال يتصدر مسببات حوادث المرور في الباحة    «التخصصي» يعيد بناء شريان أورطي بطُعم من «قلب البقر»    الضمير الأخلاقي أهم مهارات المعالج النفسي    السعودية تعيد كتابة فصول مواجهة السكري    أمير القصيم: محافظة عيون الجواء تشهد نموًا متسارعًا في كافة القطاعات    المرأة روح المجتمع ونبضه    «الإعلام» تودع «أيام الثقافة المصرية» بحضور كبير..    حياتنا صنيعة أفكارنا    ورحل صاحب صنائع المعروف    برعاية سمو محافظ الطائف افتتاح متنزه الطائف الوطني وإطلاق 12 كائنًا فطريًّا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في أصول نظرية صدام الحضارات من برنارد لويس إلى هانتنغتون
نشر في الحياة يوم 28 - 09 - 2013

ارتبطت نظرية"صدام الحضارات"باسم المؤرخ الأميركي صامويل هانتنغتون، بعد أن نشر مقاله بهذا العنوان في أوائل التسعينات، ثم طورها في منتصف العقد نفسه في كتاب"صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي". ومنذ هذا التاريخ، ومع الجدل والنقاش الذي أثارته هذه"النظرية"، لم تعد تذكر إلا مرتبطة باسم صامويل هانتنغتون، غير أن قلة قليلة تعلم أن أول من صاغ هذا المفهوم هو المؤرخ اليهودي الديانة البريطاني المولد برنارد لويس 1916، الذي بدأ حياته الأكاديمية في مدرسة لندن للدراسات الشرقية في جامعة لندن، وحصل منها على شهادة الدكتوراه عام 1936، وأوفدته في مهمة علمية لمدة عام إلى الشرق الأوسط، حيث زار مصر وفلسطين وسورية وتركيا، وعاد بعد الجولة ليعمل أستاذاً مساعداً في التاريخ الإسلامي، ولكي يبدأ كتاباته الغزيرة عن الشرق الأوسط وعالم الإسلام والمسلمين، ولكي يصبح، بخاصة بعد هجرته إلى جامعة برنستون في الولايات المتحدة الأميركية، الخبير بعالم الإسلام والشرق الأوسط الذي تستشيره وتستمع إليه الدوائر السياسية في أميركا والغرب عموماً.
غير أن ما يعنينا في هذا المقال هو الدراسة التي نشرها لويس عام 1998 تحت عنوان"جذور الغضب الإسلامي"The roots of Muslim Rage وضمها كتابه الذي صدر عام 2004 From Babel to Dragomans Middle East. في هذه الدراسة صك برنارد لويس تعبير"صدام الحضارات"، غير أننا قبل أن نعرض هذه الدراسة من المفيد أن نشير إلى الدراسة التي نشرها لويس عام 1988 تحت عنوان"الثورة الإسلامية"Islamic Revolution والتي ركز فيها على الثورة الإيرانية واعتبر أن الهدف الأول للأصولية ليس الأعداء الخارجيين ولكن العدو الداخلي، وهو النظم والحكام الذين تخلوا عن الشريعة الإسلامية وتبنوا النظم والقيم الغربية، ولذلك فإنه فقط حين يُخلع الحكام المرتدون عن الإسلام سوف تصبح الحرب ضد المعتدي الأجنبي والنصر عليه ضرورة. ويواصل لويس تفصيله للعلاقة بين الإسلام والغرب بقوله:"تاريخياً، دارت الحرب في المفهوم الإسلامي والمسيحية والتي عرفت بعد ذلك بأوروبا، ثم تجددت في الأزمنة الحديثة بالغرب. وقد تدعم هذا المفهوم بقرون من الصراع والجهاد والحملات الصليبية والغزو وإعادة الغزو الأوروبي للإسلام، فإذا كان المنافس الرئيسي هو المسيحية والعالم الغربي، فإن العدو الرئيسي كان القوة القائدة في العالم، كانت في وقت ما الإمبراطوريات البيزنطية والرومانية، والقوة الإمبريالية في أوروبا، والآن هي الولايات المتحدة، أو كما صورها الخميني"الشيطان الأكبر". ورغم تعدد مصادر التهديد، كان من الأسهل توجيه العداء للغرب باعتباره مصدراً لكل الأخطار التي حلت بالعالم الإسلامي في العصر الحديث والتي قوضت طريقة الحياة الإسلامية. وهكذا، فإن هدف الثورة الإيرانية، ثم بعد ذلك في أماكن أخرى، هو إزاحة التأثيرات الغربية التي فرضت على بلاد المسلمين وشعوبها في عصر السيطرة الأجنبية، واستعادة النظام الإسلامي الحقيقي كما قام في عصر النبي وأصحابه.
ويتساءل لويس عن مصادر الغضب والثورة الإسلامية، وعنده أن الكتابات والخطب الثورية تكشف عن فرضين: الأول هو الإحساس بالانحلال المتنامي، وبخاصة بين الفئات المتعلمة، وخصوصاً الذين تلقوا تعليماً في الغرب، ولكن ما هو أكثر إهانة من التراخي في مراعاة المعايير الرئيسية وأسلوب الحياة الإسلامية وأصبح متاحاً ومستهلكاً في شكل علني، الطعام والشراب المحرمين إسلامياً، وعرض دور السينما والتلفزيون ما هو غير أخلاقي وغير مهذب. أما الفرضية الثانية، فهي شيوع العادات والبضائع الغربية الاستهلاكية وما خلقته عملية التغريب من فجوة كبيرة بين الغني والفقير وجعلتها أكثر وضوحاً وفي شكل جعل النخبة المستغربة والغالبية غير المستغربة تعيشان في عوالم مختلفة وتهميش الولاءات التي جمعتهما معاً من قبل. ومثل هذا التباين هو الذي أثار وأشعل حالة الاغتراب والغضب التي دمرت النظام بأكمله في ايران وعكست آثارها على بلدان أخرى مثل مصر.
بعد هذا التقديم للثورة الإسلامية ودوافعها وأهدافها يتقدم هانتنغتون لكي يؤصل للغضب الإسلامي ويتعرف إلى أصله في تاريخ الحضارة الإسلامية حيث كان العالم الإسلامي في ذروة قوته، ويرى نفسه كمركز الحقيقة والتنوير، محوطاً ببرابرة كفار سوف يتمدنون ويتنورون في الوقت المناسب"ولكن كانت ثمة اختلافات حاسمة بين مجموعات غير المؤمنين، فالبرابرة في الشرق والجنوب كانوا مشركين ووثنيين لا يمثلون أي تهديد أو منافسة خطرة على الإسلام. أما في الشمال والغرب، فعلى النقيض، وقد تعرف المسلمون منذ تاريخ مبكر على منافس حقيقي تمثّل في ديانة عالمية منافسة وحضارة متميزة تلتهمها هذه الديانة، وعلى إمبراطورية وإن كانت أصغر كثيراً، إلا أنها لم تكن أقل طموحاً في دعاويها وآمالها. كان هذا هو الكيان المعروف لنفسه وللآخرين بالمسيحية، وهو التعبير الذي كان مرادفاً لأوروبا، واستمر الصراع بين هذين النطاقين المتنافسين قرابة أربعة عشر قرناً، وقد بدأ يتقدم في القرن السابع واستمر تقريباً حتى هذا اليوم، وتكوّن من سلسلة طويلة من الهجمات والهجمات المضادة أو الجهاد والحملات الصليبية والغزوات والرد عليها.
وإذا كان هذا هو رصد هانتنغتون للعلاقة بين الإسلام والمسيحية، كما تجسدت في أوروبا، فماذا عن أميركا؟ وكيف انتقلت مشاعر الغضب الإسلامي إليها؟ يقول هانتنغتون إن في بلاد الإسلام لم يكن شيء ملحوظ يُعرف عن أميركا، وفي البداية أثارت الرحلات الاستكشافية بعض الاهتمام، وكتب أول رؤية عن اكتشاف العالم الجديد جغرافي تركي في القرن السادس عشر تحت عنوان"تاريخ الهند الغربية"، ولكن مع هذا ضعف الاهتمام ولم يذكر شيء كثير عن أميركا في اللغة التركية أو العربية أو اللغات الإسلامية الأخرى حتى وقت متأخر نسبياً، وحتى الوجود الأميركي الصغير ولكن المتنامي في الأراضي الإسلامية في القرن التاسع عشر في صورة تجار وقناصل وإرساليات ومدرسين، لم يثر إلا فضولاً قليلاً، ولم يذكر غالباً في الأدب الإسلامي أو صحف ذلك الوقت. ولكن جاءت الحرب العالمية الثانية وصناعة البترول وتطورات ما بعد الحرب ومجيء كثيرين من الأميركيين إلى الأراضي الإسلامية، كما جاء عدد متزايد من المسلمين إلى أميركا أولاً كطلاب ثم كمدرسين أو رجال أعمال أو زوار وبعد ذلك كمهاجرين، كما عرضت السينما، وبعد ذلك التلفزيون، طريقة الحياة الأميركية أمام ملايين لا تحصى، كان اسم أميركا من قبل غير معروف لهم ولا يعني شيئاً. وبعد الحرب الثانية مباشرة وحين ضعفت تقريباً المنافسة الغربية، وقبل أن تظهر المنافسة اليابانية، وصلت المنتجات والسلع الأميركية إلى مناطق نائية خالقة أذواقاً جديدة وتطلعات.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.