وزير الحرس الوطني يرعى تخريج الدفعة السادسة من برنامج القيادة والأركان والدفعة الأولى من برنامج الدراسات العسكرية المتقدمة ويدشّن برنامج الحرب    استقرار أسعار النفط    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    ترقية محافظ الفرشة إلى المرتبة الثانية عشر    «إسرائيل» تخطط لاحتلال وتقطيع قطاع غزة إلى ثلاثة أقسام    ترامب يقول إنه "حزين" إزاء الإعلان عن تشخيص إصابة بايدن بالسرطان    بالميراس يوضح حقيقة ضم رونالدو في كأس العالم للأندية    الهلال يُعلن نقل تمبكتي إلى المستشفي    حائل على خارطة الاستثمار.. مزايا تنافسية وفرص حيوية    المملكة 2050.. حين أصبح الحلم واقعاً    عاصمة المستقبل    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    تصعيد في قصف معسكرات النازحين.. الجيش السوداني يسيطر على منطقة «عطرون»    " الموارد": تجربة" أنورت" لتعزيز تجربة ضيوف الرحمن    غرامة 16 ألف ريال لكل متر.. ضبط مواطن لتخزينه حطبًا محليًا    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مجلس إدارة ولاعبي الأهلي    ترأسا اجتماع "مجلس التنسيق" وناقشا أوضاع المنطقة.. وزير الخارجية ونظيره التركي يبحثان تعزيز التعاون    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    الهند.. رفض شراء السجائر لرجل غريب فقتله    أسواق    هيئة الموسيقى توثق الإبداعات السعودية    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    مجلس إدارة مؤسسة «البلاد» يقر الميزانية العمومية    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    أسهمت في خدمة ضيوف الرحمن.. الداخلية: مليون حاج عدد مستفيدي مبادرة طريق مكة    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    أطباء يعيدون كتابة الحمض النووي لإنقاذ رضيع    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    اختتام بطولة غرب المملكة للملاكمة والركل بمشاركة 197 لاعباً ولاعبة وحضور آسيوي بارز    حفل جائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز.. الأربعاء    سعود بن نايف يهنئ الفائزين في «آيسف 2025»    أمير الجوف يُعزي أسرة الجلال    نائب أمير الشرقية يطّلع على برامج «المسؤولية الاجتماعية»    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    جوازات منفذ جديدة عرعر تستقبل حجاج العراق    تحالف متجدد    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    نجوم الرياض وهوكي جدة يتوجان في بطولتي الهوكي للنساء والرجال بالمنطقة الغربية    تتويج الأخدود ببطولة المملكة تحت 15 عاماً "الدرجة الأولى"    الحجي متحدثاً رسمياً للنادي الأهلي    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    مراقبة التنوع الأحيائي بساحل البحر الأحمر    تعليم الطائف يستعرض خطة التحول في منظومة إدارات التعليم مع أكثر من 1700 مدرسة    بوتين: هدفنا من حرب أوكرانيا هو السلام    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة مليون حاج منذ إطلاقها    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الاربعاء المقبل القادم    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم عدداً من الفعاليات التوعوية    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    بتوجيهات من القيادة.. وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    تاسي يغلق مرتفعا للأسبوع الثالث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سورية : ورشة لدفن الجماعات !
نشر في الحياة يوم 25 - 06 - 2013

في تأمل الإعلام العربي المؤيد للثورة في سورية تبدلٌ في أنماط التعامل مع مسألة وجود"النصرة"وأخواتها. قبل ذلك، قلل هذا الإعلام من جسامة ذلك وانضم الى تصريحات الائتلاف المعارض، وقبله المجلس الوطني، في اعتبار"النصرة"فصيلاً من فصائل المعارضة، وليس عائقاً امام إسقاط النظام في دمشق.
تعرض شاشات الإعلام المدافع عن الثورة لتقارير تستهجن سلوكيات الجهاديين لا سيما في حادثة إعدام فتى أمام أهله بتهمة الكفر، كما تعرض لتظاهرات يسيّرها الأهالي ضد الهيئات الشرعية مطالبة بدخول الجيش الحرّ إلى مناطقهم لا سيما في حلب. لم يعد وفق ذلك جائزاً وضع الثوار في معسكر واحد بصفته معسكر الخير ضد الشر الذي يمثله نظام دمشق. ولم يعد وفق ذلك مقبولاً تيئيس الناس لدرجة ترحمهم المبكر على سلطة نظام الأسد في حاراتهم.
يعكس تبدل مِزاجِ ذلك الإعلام تبدلاً في مزاج النظام السياسي الذي يرعاه إزاء ظاهرة باتت تعتبر مسؤولة عن تشويه صورة الثورة، ومسؤولة، على ما يُزعم، عن امتناع الغرب عن تقديم الدعم النوعي المفصلي لهذه الثورة.
فَهمَ المزاج العربي جديّة الولايات المتحدة وحلفائها في الابتعاد عن دعم ما من شأنه أن يضع الغرب و"القاعدة"في خندق واحد. ينتقد معارضو تسليح المعارضة السورية في بريطانيا سعيّ رئيس وزرائهم إلى حشر بلادهم في خيارات تدعم الاصوليات الجهادية بيتر اوبرن في الدايلي تلغراف. الشكوك نفسها تسرّبها الصحافة الفرنسية بما يعرقل، وقد يعطّل، مساعي باريس من أجل تحرك نوعي ضد نظام دمشق.
أدركت المعارضة السورية نفسها أن نجاح مسعاها المضاد لنظام الأسد لا يمكن أن يصل إلى خواتيم ناجعة من دون رعاية المجتمع الدولي ومزاجه. فسورية بنظامها وموقعها ومعارضتها، لا تشبه أي حالة من حالات الربيع العربي. والمعارضة السورية أضحت تعرف أن شهاداتها، المُنْتَجة محلياً، لمحض الشرعية لأي معارض، طالما أنه معارض لبشار الأسد، لا يمكن الاعتراف بها ولا يمكن تسويقها في دوائر العالم. كل المداولات الداخلية الحالية للمعارضة تتركز على ترتيب البيت بما يتلاءم مع معايير الأسواق الخارجية. المهمة صعبة، عصيّة، مستحيلة أحياناً، لكنها شرط حاسم صارم لتدويل سياق التغيير.
في روحية ذلك تراجع الدور القطري المتّهم بترويجه للجماعات الجهادية والمنشّط للخيارات الاخوانية. في روحية ذلك أيضاً، انتعاش الدور السعودي على طريق التلاقي ما بين ما يرومه العرب وما يريده العالم. وعلى رغم أن رؤى الرياض قد تختلف عن رؤى واشنطن، فإن المقاربة السعودية، التي تتشاور مع الأوروبيين وتتسق مع تطور النقاش لديهم، تنشدُ تعبيد المشترك ورصف خريطة طريق يلتقي فوقها العرب مع ضفتي الأطلسي.
عامل الوقت وحده يدفع العواصم الى ترشيق حركتها وتنشيط حراكها. لم تعد اسرائيل متمتعة بهذه المقتلة في سورية التي تُبعد الخصوم عنها، وتمنح طرف الأعين غيرها، بل أضحت تجاهر بفقدان الصبر إزاء العبث على جبهتها الشمالية. أوروبا المهجوسة بانفلات الأمور على الضفاف المواجهة لها، تُفرج مبدئياً، وبخجل، عن خيار التسليح، فيما ديبلوماسيوها يحجّون صوب واشنطن يطرقون بابها الأصم حتى إشعار آخر.
تتحوّل أميركا عدوة الشعوب العربية في رومانسية عجيبة إلى مُنقذه لتلك الشعوب الثائرة التي تكاد تخطب ودّها من أجل التفاتة تقلب الأمور، أو هكذا يخيّل. في الولايات المتحدة من يجزم أن واشنطن وإن ناورت في التلويح باحتمالات الإفراج عن خيارات تسليح المعارضة، فإن الإدارة لن تتورط في نزاع، يبدو أشد تعقيداً وأكثر فتكاً من السوابق الأفغانية والعراقية. الأمر الذي يمقته السياسيون في البيت الأبيض لا يحبذه العسكريون في البنتاغون أيضاً.
في المقابل، هناك أصوات في واشنطن أبرزها السناتور جون ماكين تنادي بعصبيه بالتدخل في سورية بصفته مصلحة أميركية عليا. لكن صدى تلك الأصوات يضيع في فناء عناد أوباما في أمر تمرير ولايته الثانية من دون الانزلاق إلى ما سعى للخروج منه في ولايته الأولى.
لا تتحمل الولايات المتحدة، التي تتمسك بموقعها العالمي الاول بغض النظر عن مزاج رئيسها، الاستقالة من دور أساسي في الأزمة السورية. لكن إدارة هذا الدور تتم بتأنٍ مضجر وفق مدرسة سيّد الديبلوماسية جون كيري. وطالما الوقت يسمح بذلك، فإن واشنطن ليست مستاءة من تحوّل الميدان السوري الى محرقة نادرة للقضاء على الإسلاميين الجهاديين من سنّة وشيعة. بل يمكن الاستئناس بتلك الواقعة السوريالية في تقاتل الجهاديين من المذهبين.
في أروقة القرار الأميركي، لا سيما في المؤسسات الأمنية، من يرى أن مشاركة"حزب الله"في إضعاف الجهادية السنيّة لن تؤدي إلى صعود الخيارات الجهادية التي تشرف عليها طهران في المنطقة، بل، على العكس، ستفضي - أو هكذا يؤمل - إلى إنهائها وإلهائها وتصدُع مشروعية وجودها الذي تسوّقه منذ عقود يكفي مقارنة موقع"حزب الله"عند العرب ما بين تحرير جنوب لبنان عام 2000 و"تحرير"القصير عام 2013.
والخبث كل الخبث في ما يُثار عن أن اتفاقاً روسياً-أميركياً قد أُبرم ضمنا حول كل ذلك. للدولتين مصلحة في إضعاف حركة"الجماعات"لمصلحة أنساق منظّمة متمأسسة يسهلُ إدارة العالم معها. موسكو بدأت تُظهر ضيقاً من خيارات الأسد الذي"أدار ظهره لكل اصلاح"وفق بوتين. في ذلك اقتراب من رؤى واشنطن في تحجيم دور الأسد المقبل في حال استحالة القرار أو القدرة على استبعاده. أما حديث التسليح الذي يشتعل ويخبو، فما هو إلا ثرثرة إعلامية، وقد يجوز أن تصبح عملانية كذلك الضجيج في هذا الشأن في الأردن، هدفها الأساسي ما أفرجت عنه باريس: التوازن من أجل"جنيف". فمن دون هذا التوازن العسكري لا حلّ سياسياً لأزمة، استسلم العالم، أن لا حلّ لها إلا بالسياسة.
* صحافي وكاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.