"قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    سمو ولي العهد يعزي رئيس جمهورية الأوروغواي الشرقية في وفاة رئيس الجمهورية الأسبق    أمير حائل: منتدى الاستثمار يشكل منصة حيوية لتسويق الفرص وتعزيز ثقة المستثمرين    "الأرصاد" يستعرض مع 48 جهة الاستعدادات المبكرة لموسم الحج    غوتيريش يدعو لوقف النار.. مشروع إسباني لإنهاء الحصار الإنساني على غزة    يبدأ زيارة رسمية لمصر.. رئيس الشورى: العلاقات بين الرياض والقاهرة تنطلق من رؤى مشتركة    الكرملين يربط لقاء بوتين وزيلينسكي بالتوصل لاتفاقيات    تعرف على تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الخلود في دوري روشن    "الداخلية" تحذّر من حملات الحج الوهمية والمكاتب غير المرخصة والإعلانات الوهمية والمضللة    السباعي في ذمة الله.. الدوسري: غادرنا صوت من أصوات الإعلام السعودي    هيئة الأفلام تعلن إنشاء "إستوديوهات جاكس للأفلام" للإنتاج العالمي في الرياض    إطلاق النسخة التجريبية الأكبر لمشروع الذكاء الاصطناعي بالمسجد النبوي    الثقل السياسي للمملكة    نتائج الشركات للربع الأول وسط تحولات نوعية في المشهد الاقتصادي    الأهلي برباعية يجتاز الخلود    أباتشي الهلال تحتفل باللقب أمام الاتحاد    أخضر الصالات يتجاوز الكويت ودياً    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على الخلود    المملكة تجدد رفض تهجير الفلسطينيين والاعتداءات الإسرائيلية على سورية    الذهب يسجل أسوأ أسبوع في ستة أشهر مع انحسار التوترات التجارية    «تنمية شقراء» تُكرّم داعمي البرامج والمشروعات    قوة المملكة وعودة سورية    45 طفلاً قتلهم الاحتلال خلال يومين في غزة    بتوجيهات من القيادة.. وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    "جوازات الوديعة" تستقبل أولى رحلات حجاج اليمن    تأكيد ضرورة توحيد الجهود للتغلب على التحديات في المنطقة العربية وإرساء السلام    المملكة.. الثاني عالميًا في «آيسف الكبرى»    يايسله يُعلن اقتراب رحيله عن الأهلي    "شؤون المسجد النبوي" تدشّن "المساعد الذكي الإثرائي"    فرع الشؤون الإسلامية بالشرقية يعلن جاهزيته لتنفيذ خطة الحج    تضارب في النصر بشأن مصير رونالدو    مستشفى الملك فهد الجامعي يطلق أربع خدمات صيدلية    440 مليار ريال استثمارات مدن    591.415 طلبا لأسماء تجارية    تاسي يغلق مرتفعا للأسبوع الثالث    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    القبض على مقيمين بجدة لترويجهم (1.6) كجم من (الشبو)    حين تلتقي المصالح وتستقر الموازين    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    "الفيصل للبحوث" يناقش دور المملكة في المنظومات الإقليمية    110 آلاف حكم في القضايا العامة    71 عملية جراحية وقسطرة قلبية لضيوف الرحمن بالمدينة    تايكوندو النصر والرياض يتقاسمان ذهب السيدات    تجدد توترات ليبيا بعد اقتحام مقر الحكومة    التراث السعودي في المراسم الملكية: هوية ثقافية راسخة وقوة ناعمة عالمية    فلمبان يوثق مسيرة الفن السعودي    اختبارات نافس في 8 دول    إغلاق وضم مدارس بالمجاردة    كيف ترسم الصحة السكانية مستقبل المملكة    "أنعش قلبي".. نادي الشرق بالدلم يطلق مبادرة رياضية بمشاركة مشاة من مختلف المناطق    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 100 صحفي وإعلامي    وزير الصحة يكرم تجمع الرياض الصحي الأول نظير إنجازاته في الابتكار والجاهزية    أكثر من 6000 حاجاً يتلقون الخدمات الصحية بمدينة الحجاج بمركز الشقيق خلال يومين    جمعية نماء تنفذ برنامجًا شبابيًا توعويًا في بيت الثقافة بجازان    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رداً على ياسين الحاج صالح . أهل الشعارات الكثيرة...
نشر في الحياة يوم 14 - 12 - 2010

يأخذ الكاتب ياسين الحاج صالح على الأحزاب المصرية المعارضة رفعها شعار الحل الجاهز التام:"الإسلام هو الحل، الديموقراطية هي الحل..."، ويرى أن شعاراتها خلاصية ولا تتجاوز التعريف بهويتها، كأنه يريدها أن تعالج عن بعد - بعيداً عن القرار والعمل والناس - مريضاً محبوساً. المريض هو المجتمع الذي يحكمه مستبدون، والأدوات الطبية هي السياسات العامة والقوانين. فكيف ستعمل إذا كانت أحزاب هذه الشعارات مقيدة ومكبلة، وأحياناً محكومة بالإعدام؟ يذكّر رأيه بمقلوب القول الشهير:"النظرية رمادية وشجرة الحياة خضراء"، والمقلوب هو أن الشعار أخضر فيما الحياة رمادية وتستعصي على الحل السحري الموعود.
لكن الشعارات لا تعد بمدن الطوبى، لا سيما أن وراءها نظريات في الحكم الإسلامي وفي الحكم الديموقراطي تملأ المكتبات. طبعاً الواقع سيباغت أصحاب النظرية بمشاكل لا حصر لها، والسلطان المثال المصري مثلاً يحرم على الديموقراطيين والإسلاميين العمل والتأثير والقرار ومواءمة النظرية مع الحياة، ولا يمكن تعلم السباحة في الزنزانة، أو الرمل أو على الورق.
نعم، أصحاب الشعارات جميعاً لديهم مراجع وتاريخ من"الوصفات الطبية"والحلول والنظريات والأدوية والعقاقير القانونية والتشريعية. فالأحزاب الإسلامية التي تطرح شعارها لا تردد تميمة وإنما تقترح عنوان حضارة كبيرة"فالإسلام قرآن وسنة وفقه وأحكام تعالج من اصغر الصغائر حتى موضوع الاستقلال الوطني، يتفرع عنها إرث كبير من التشريعات الفقهية بالقياس والإجماع استمر حتى القرن العشرين وزوال الخلافة العثمانية حاكماً بين الناس. والديموقراطيون الذين يطرحون شعار"الديموقراطية هي الحل"لديهم إرث وطيف واسعان من التطبيقات الديموقراطية المعاصرة تبدأ من بريطانيا ولا تنتهي بالهند، تتوسع فيها مفاهيم وقوانين تتغير حسب الجغرافيا والتقاليد والتجربة السياسية"أنواع الاقتراع، من مباشر أو غير مباشر، الجداول الانتخابية، حدود الدعاية الانتخابية، عقوبات التزوير، صفات المرشح، الرشوة الانتخابية، مدة الدورة الانتخابية، الحياة البرلمانية والدستورية... وهي لا تتطور إلا بالتجربة والتجربة محرمة عربياً على الاثنين.
الإسلام يتكيف مع الديموقراطية، وعلماء المسلمين وفقهاؤهم يقبلون بكل ما هو إنساني أعداؤهم يقولون إنهم لا يقبلون سوى بعمليات الديموقراطية الإجرائية والديموقراطية ليست سوى وسيلة إجرائية لتحقيق غاية هي العدالة! شرط عدم التعارض مع القطعي من النصوص، كأن يقترع المجتمع على تغيير وجهة الحج والاستعاضة عنها بالسياحة الدينية إلى سيناء بدلاً من مكة المكرمة، كما دعا مثقف مصري علماني"غيور"على اقتصاد بلده! تصور، غريمي القارئ، أن تدعو فرنسا مواطنيها إلى الاكتفاء بالسياحة إلى برج ايفل"النتيجة هي استاكوزا محروقة؟
والديموقراطية قابلة للتعايش مع الإسلام أيضاً، بل قابلة للتعايش مع الأديان جميعاً، ما دامت الأكثرية تعترف بحقوق الأقلية كما يفترض في مبادئها. أشهر فقهاء العصر، مثل القرضاوي والبوطي والغنوشي، باتوا ينادون بالديموقراطية لاختيار أكفاء الناس لقيادة مصالحهم، بل إن مفكراً إسلامياً مثل المسيري لا يمانع في العلمانية الجزئية العلمانية الأخلاقية أو العلمانية الإنسانية، ويذهب فقهاء قدماء إلى أن الصابئة والمجوس والهندوس أصحاب كتاب. اللادينيون والمثليون لن يكون لهم مكان في الدولة الإسلامية، وسيمارسون"عباداتهم"في بيوتهم ؟، فالديموقراطية والإسلامية لا تتدخلان في الشؤون الخاصة تشريعياً. عليهم ان يستتروا كما يستتر الآن الديموقراطيون والإسلاميون؟.
لكن وحدها العلمانية العربية تعرّف نفسها بدلالة عدوها الدين، والدين هنا هو الإسلام، فاليهودية والمسيحية دينان علمانيان، وكلاهما دين فردي. العلمانية العربية تذكر بالطرفة القائلة إن علمانياً وإسلامياً حكم عليهما بالإعدام ولما سأل الجلاد عن رغبة الإسلامي الأخيرة طلب إلغاء الإعدام الصادر بحقه. أما العلماني فكانت رغبته الأخيرة هي أن يُعدم الإسلامي!
السلطة العربية العلمانية في ثلاث أو أربع دول عربية، هي التي تشرف على علاج المجتمع المريض وحلّ مشاكله وأمراضه، وتعرف بمجساتها وأجهزتها الضخمة مرضه وتعالج مسألة واحدة فقط وهي منع شفاء المريض وعزل أعضاء الجسد عن بعضها كي لا يتداعى إلى السهر والحمى، وتسرق أعضاءه ودمه ودموعه وابتسامته. السلطة العربية تقول: الزعيم هو الحل. والزعيم مهما بلغت عظمته الفكرية لن يحلّ محل الأيديولوجيا وهو يلجأ إلى العصا والجزرة لحل المشكلة.
لقد بتنا نعرف أصحاب الشعارات الثلاثة، والعلمانيون هم أسعد الجميع بينهم، وان كانت لهم معاناة فهي من بقايا آثار السلطة الاجتماعية الهامسة والمندثرة العرف التي تتقوض بفعل العولمة، فمعلوم أن الزعيم في أربع دول عربية على الأقل يدعي الإسلامية في المناسبات وعند الأزمات، ويتقنع بالديموقراطية دائماً لكن الصحيح انه علماني ورع! يفصل بين نفسه وبين الشعب فصلاً تاماً.
الطريف في هذا الأمر كله أن الاستبداد العربي الحاكم نفسه لا يرفع سوى الشعارات الإنسانية، المساواة، الديموقراطية، الوحدة، الحرية، الإيمان.... انه يرفع كل الشعارات بكرم فائض وليس مثل المعارضة ممن يكتفون بشعار واحد!
نحن نعيش في بلاد شعارات"المعارضة المحرومة المطرودة المنبوذة التي لا تملك من أمرها شيئاً، ترفع شعارها حتى تعرّف بنفسها وببضاعتها وتضع قدمها على اول السلم، والاستبداد الذي يملك السلطة المطلقة يرفع الشعارات الطنانة للتغطية على جرائمه والتسويف والتأميل، فيما هو مشغول بأمر واحد وحيد أوحد هو منع تحويل بذرة الشعار إلى شجرة مثمرة.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.