خاضت السلطات السعودية على مدى السنوات الخمس الماضية حرباً صامتة ترافقت مع الحرب المعلنة على الارهاب والفئة الضالة، وتمكنت من الحفاظ على الاداء الطبيعي لصناعتها النفطية خصوصاً والقطاع الاقتصادي عموماً بعدما نجحت في اجهاض العديد من الاعمال التخريبية التي استهدفتهما وخطط لها تنظيم"القاعدة في جزيرة العرب"منذ 12 أيار مايو 2003. وتفيد دراسة أمنية صادرة عن وزارة الداخلية وحصلت عليها"الحياة"، ان القوى الامنية تمكنت من اجهاض 31 عملية ارهابية خلال هذه المدة، كانت تستهدف خصوصاً قطاع النفط وتكرير مشتقاته، كما أنقذت الاقتصاد المحلي من ضربات موجعة كان يمكن ان تضعف الاقتصاد السعودي وتعرقل المشاريع التنموية. وقالت الدراسة، إن العمليات الإرهابية المجهضة التي استهدفت القطاع النفطي بلغت 11 عملية إلى جانب 20 عملية مختلفة خططت لتدمير مرافق اقتصادية. وأشارت إلى أن الاقتصاد السعودي صمد في وجه هذه المخططات على رغم الآثار المباشرة، وذلك بفضل السياسة الاقتصادية والخطط الأمنية الاستباقية التي أحبطت 76 في المئة من العمليات الإرهابية. وأضافت:"رغب الإرهابيون في إظهار قوة الفكر الإرهابي ضد مجتمعهم، فاتجهوا إلى تدمير جزء من البنية التحتية الأساسية في المملكة، إلى جانب استهداف المرافق الاقتصادية كالمنشآت النفطية وغيرها من المشاريع المهمة التي كلفت الدولة أموالاً باهظة، لأن كلفة اعادة بنائها ستكون على حساب مشاريع تنموية أخرى تخدم المواطن والمقيم". ولفتت إلى أن أبرز العمليات الإرهابية المحبطة بين 2003 و2008 لمنشآت نفطية واقتصادية، كانت ضرب المفاصل الاقتصادية في مكةالمكرمة، واستهداف منشآت نفطية في رأس تنورة والدمام وبقيق، وضبط مجموعة خططت لاستهداف منشآت نفطية مهمة في الجبيل، وأخرى خططت لاستهداف أنابيب النفط في الخبر. لماذا المنشآت النفطية؟ وأوضح الباحث في اقتصادات الطاقة الدكتور خالد الخليوي ل"الحياة"أن"تنظيم القاعدة يعتمد هدفين مزدوجين، أحدهما التأثير على إمدادات النفط الى الغرب، وبالتالي جعل الاقتصاد الغربي أسير نقص أهم مادة أولية، والثاني التأثير على الاقتصاد السعودي كون عائدات النفط تشكل 75 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي". وأشار الخليوي إلى أن منابع النفط تتصدر قائمة أهداف"القاعدة"وهي تسعى منذ سنوات للوصول اليها، ويتمثل الخطر الاكبر في الناقلات النفطية التي يعمل عليها أجانب، معظمهم من دول شرق آسيا. ولفت الخليوي إلى أن نجاح الارهابيين في ضرب المنشآت النفطية سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط عالمياً، ويثقل على الاقتصادات العالمية. وأضاف:"حصة المملكة في الإنتاج العالمي كبيرة، فهي تنتج 12 مليون برميل يومياً، وإذا تدنى هذا المستوى أو توقف ولو لفترة قصيرة بسبب أعمال تخريبية، فستحدث هزة للاقتصاد العالمي". واعتبر الباحث ان نجاح الاستراتيجية الأمنية التي رسمتها ونفذتها وزارة الداخلية لحماية القطاع النفطي حرمت"القاعدة"من تحقيق انتصار معنوي، اذ كان التنظيم الارهابي سيبدو وكأنه يتحكم بالاقتصاد العالمي بتهديد إحدى اكبر دعائمه، كما حمت الاقتصاد السعودي بشكل عام عندما حالت دون تعطيل الاستثمارات الاجنبية في تطوير حقول النفط ومنشآته. من جهته، قال رئيس"دار الدراسات الاقتصادية"الدكتور عبدالعزيز الداغستاني ل"الحياة"، أن نجاح السلطات الأمنية السعودية في إحباط عمليات إرهابية كانت تستهدف مواقع نفطية واقتصادية يعد إنجازاً لا يمكن إغفاله، بحيث ان نجاح الارهابيين كان سيحدث آثاراً سلبية على الاقتصادين السعودي والعالمي. واضاف الداغستاني:"ان ما خطط له تنظيم القاعدة وأحبطته الأجهزة الأمنية هو تعطيل الاقتصاد الوطني، وتحجيم قدرته على النهوض، ومواكبة متطلبات المرحلة التنموية التي يمر بها، وضرب القدرة الإنتاجية للاقتصاد السعودي، لأن الاستقرار الأمني كان أحد أهم المرتكزات التي قامت عليها التنمية في المملكة، فالاستقرار الأمني لا ينفصل عن الاستقرار السياسي، ويعد متطلباً أساسياً وضرورياً لخلق مكونات وأسس التنمية المستدامة". وأشار إلى أن الإرهاب لو تمكن من تحقيق أهدافه، كان سيزعزع الثقة بالاقتصاد، بما يؤثر بشكل مباشر على حركة الاستثمار في الداخل، ويؤدي إلى ضعف الاستثمارات الأجنبية الواردة، بل قد يؤدي إلى هجرة الرساميل السعودية، لأن رأس المال يبحث عن الاستقرار، وفي ظل العولمة فإن حركة رأس المال سريعة، وهو ينتقل بمجرد وجود أي خلل في البيئة الاستثمارية" نشر في العدد: 16958 ت.م: 08-09-2009 ص: 2 ط: الرياض عنوان: اجهضت 31 عملية ارهابية موجهة للقطاعين النفطي والاقتصادي . خطط الامن الاستباقية تفشل 76 في المئة من مخططات الفئة الضالة