يعمل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على التئام شمل قادة الأمة العربية ووحدة الصف وتوحيد الكلمة لمواجهة ما يبرز من تحديات للأمة وقضاياها على الصعد كافة. واضطلعت المملكة العربية السعودية عبر تاريخها بدور توفيقي رائد الهدف منه التضامن العربي والإسلامي ووحدة الصف وكرست كل جهودها من أجل أن تلتقي إمكانات هذه الشعوب وقدراتها وتتبلور حول مصالحها العليا. وسار قادة المملكة على هذا المنهج عبر مراحل هذه الدولة منذ أن أسسها ودعم أركانها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله وسيبقى هذا النهج ان شاء الله على مختلف الأصعدة لخدمة دين الله وإعلاء شأن المسلمين أينما كانوا. ونهض خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بدور مميز وكبير على جميع الساحات مجسداً بثاقب بصره المنطلقات الإسلامية والأخلاقية لهذه البلاد التي تؤيد وحدة العمل الجماعي وأهميته في توحيد جهود الأمة وجمع شتاتها وتعزيز مواقفها إزاء التحديات والأخطار التي تواجهها. وكان لنهج المملكة العربية السعودية سياسة حكيمة وثابتة في إقامة علاقات متوازنة مع كل الأشقاء دورها الواضح والفاعل في القيام بدور الوسيط المخلص والنزيه لحل الخلافات وتسوية المشكلات التي تقع بين بعض الدول العربية إيماناً من المملكة بتوحيد الكلمة ورأب الصدع وتكريس الجهود لبناء حاضر الأمة العربية ومستقبل وتوحيد الهدف لتحقيق ما تصبو إليه من رفعة ومجد. ويقول الملك عبدالله في هذا السياق:"إننا نرتبط بأشقائنا العرب بروابط اللسان والتاريخ والمصير وسوف نحرص دوماً على تبني قضاياهم العادلة مدافعين عن حقوقهم المشروعة خاصة حقوق أشقائنا الفلسطينيين آملين ان يتمكن العرب بالعزيمة الصادقة من الخروج من ليل الفرقة إلى صبح الوفاق فلا عزة في هذا العصر بلا قوة ولا قوة بلا وحدة". وواصلت المملكة العربية السعودية نهجها في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وأولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز القضية الفلسطينية اهتماماً مميزاً سعياً منه لإيجاد حل عادل يعيد الحق الفلسطيني إلى أصحابه، ويمكن أبناء الشعب الفلسطيني من العودة إلى أرضهم والعيش بحرية في ظل سلام واستقرار دائمين. ومن هذا المنطلق قدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تصوراً عملياً للتسوية الشاملة والعادلة في الشرق الأوسط، وهو مشروع عرف في ما بعد بمشروع السلام العربي بعد أن تبناه وأقره مؤتمر القمة العربي الذي عقد في بيروت في 27-3-2002. وتهدف مبادرة الملك عبدالله للسلام التي تبناها القادة العرب إلى أن تعيد إسرائيل النظر في سياساتها وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي والانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من حزيران يونيو 1967 والأراضي التي ما زالت محتلة فى جنوبلبنان. وحل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ الرابع من يونيو 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدسالشرقية. وفي هذا الخصوص يقول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الكلمة التي ألقاها في القمة العربية في بيروت عام 2002:"إن العرب عندما قرروا قبول السلام خياراً استراتيجياً لم يفعلوا ذلك عن عجز مهلك أو ضعف قاتل وإن إسرائيل تسرف في الخطأ إذا تصورت أنها تستطيع أن تفرض سلاماً ظالماً على العرب بقوة السلاح، ولقد دخلنا العملية السلمية بعيون مفتوحة وعقول واعية ولم نقبل أبداً ولا نقبل الآن أن تتحول هذه العملية إلى التزام غير مشروط يفرضه طرف على الآخر". ووجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله الدعوة لأشقائه قادة الشعب الفلسطيني لعقد لقاء عاجل في رحاب بيت الله الحرام في مكةالمكرمة لبحث أمور الخلاف بينهم بكل حيادية ومن دون تدخل من أي طرف، والوصول إلى حلول عاجلة لما يجري على الساحة الفلسطينية. واستجاب القادة الفلسطينيون لهذه الدعوة وعقد كل من فخامة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ورئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية اجتماعات في قصر الضيافة في مكةالمكرمة، بحضور عدد من المسؤولين في حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين. وتوجوا تلك الاجتماعات باتفاق مكة الذي أعلن في حضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قصر الصفا بجوار بيت الله الحرام في العشرين من شهر محرم 1428 ه . كما أعلنت صيغة تكليف الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية لإسماعيل هنية برئاسة مجلس الوزراء الفلسطيني وذلك تتويجاً للقاء التاريخي. وشكلت حكومة الوحدة الفلسطينية في 25 صفر 1428ه الموافق 15 آذار مارس 2007. ومن الوضع في فلسطين إلى لبنان الشقيق فعندما حدث الاعتداء الإسرائيلي السافر على بيروت وعلى الجنوباللبناني في شهر حزيران يوليو 2006 دانت المملكة بشدة تلك العمليات العسكرية وحذرت المجتمع الدولي من خطورة الوضع في المنطقة وانزلاقه نحو أجواء حرب ودائرة عنف جديدة من الصعب التنبؤ بنتائجها، خصوصاً في ظل التراخي الدولي في التعاطي مع السياسات الإسرائيلية، ودعت المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته الشرعية والإنسانية لإيقاف العدوان الإسرائيلي السافر وحماية الشعب اللبناني الشقيق وبنيته التحتية ودعم جهود الحكومة اللبنانية الشرعية للحفاظ على لبنان وصون سيادته وبسط سلطته على كامل ترابه الوطني. وبادرت المملكة وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الاتصال بالمجتمع الدولي وسعت من خلال علاقاتها مع الولاياتالمتحدة ودول العالم الأخرى ومن خلال الأممالمتحدة إلى رفع ما وقع على لبنان، وتمّ التوصل إلى وقف الغارات الإسرائيلية البشعة على العاصمة اللبنانية والهجوم البري على الجنوباللبناني. وتندرج الزيارة التي قام بها ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى فرنسا في الفترة من 19 إلى 22-7- 2006 ولقاؤه الرئيس الفرنسي جاك شيراك في إطار مساعي المملكة للتوصل إلى حل في الشرق الأوسط لوقف الهجوم الإسرائيلي نظراً إلى الدور الكبير الذي تضطلع به فرنسا في هذا المجال. وفي إطار الجهود الحثيثة للمملكة العربية السعودية لوقف الاعتداء الإسرائيلي أوفد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وزير الخارجية سعود الفيصل والأمين العام لمجلس الأمن الوطني بندر بن سلطان إلى الولاياتالمتحدة وأبلغا الرئيس الأميركي جورج بوش بوجهة النظر السعودية حول النتائج الخطيرة التي تترتب على استمرار العدوان الإسرائيلي التي لا يمكن لأحد أن يتنبأ بعواقبها إذا خرجت الأمور عن السيطرة. ولم تكتف المملكة العربية السعودية بالتحرك السياسي، بل شعرت بالمأساة الإنسانية التي خلّفها العدوان الإسرائيلي على لبنان. ومن هذا المنطلق وجّه الملك عبدالله الدعوة لحملة تبرعات شعبية. كما وجّه بإيداع وديعة قدرها بليون دولار في المصرف اللبناني المركزي دعما للاقتصاد اللبناني. واستجابة لنداء دولة رئيس وزراء لبنان فؤاد السنيورة وجّه خادم الحرمين الشريفين بتحويل 50 مليون دولار بشكل فوري ليكون تحت تصرف رئيس الوزراء اللبناني لصرفه على الاحتياجات الإغاثية العاجلة، إضافة إلى تخصيصه منحة قدرها 500 مليون دولار للشعب اللبناني لتكون نواة صندوق عربي دولي لإعمار لبنان. وفي الشأن العراقي أكدت المملكة العربية السعودية على الدوام حرصها على مؤازرة كل الجهود الرامية إلى تحقيق وحدة العراق وطناً وشعباً والحفاظ على استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه وسلامته الإقليمية والنأي به عن كل أشكال التدخل الخارجي وتشجيع المصالحة الوطنية. ومن هذا المنطلق حرصت المملكة على المشاركة في جميع المؤتمرات الإقليمية والدولية الخاصة بالعراق وآخرها:"اجتماع العقد الدولي من أجل العراق"الذي عقد في مقر الأممالمتحدة في نيويورك 16 آذار مارس 2007 وأكدت المملكة خلاله حرصها على مؤازرة كل الجهود الرامية إلى تحقيق وحدة العراق وطناً وشعباً والحفاظ على استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه وسلامته الإقليمية والنأي به عن كل أشكال التدخل الخارجي وتشجيع المصالحة الوطنية. وتؤكد المملكة أن تحقيق أهداف التحالف الدولي مع العراق تستوجب التعامل مع الوضع العام في العراق بشمولية وبأبعاده الرئيسية الثلاثة بشكل متوازن من دون تغليب بعد على الآخر والتي يشكل البعد الأمني الذي يستلزم القضاء على جميع مصادر العنف والميليشيات المسلحة من دون تفريق أو تمييز والبعد السياسي بتحقيق الوحدة الوطنية بين جميع مكونات وفئات الشعب العراقي الشقيق على أساس المساواة والتكافؤ بين الجميع في الحقوق والواجبات والبعد السيادي بالمحافظة على استقلال وسيادة وحدة أراضي وسلامة العراق الإقليمية. وللمملكة العربية السعودية إسهاماتها الواضحة والملموسة في الساحة الدولية لنصرة القضايا العربية والإسلامية عبر الدفاع عن مبادئ الأمن والسلام والعدل وصيانة حقوق الإنسان ونبذ العنف والتمييز العنصري وعملها الدؤوب لمكافحة الإرهاب والجريمة طبقاً لما جاء به الدين الإسلامي الحنيف الذي اتخذت منه المملكة منهجاً في سياساتها الداخلية والخارجية، إضافة إلى جهودها في تعزيز دور المنظمات العالمية والدعوة إلى تحقيق التعاون الدولي من أجل النهوض بالمجتمعات النامية ومساعدتها على الحصول على متطلباتها الأساسية لتحقيق نمائها واستقرارها. وعلى الصعيد الإسلامي، تبرز الدعوة التي وجّهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى قادة الأمة الإسلامية لعقد قمة إسلامية"استثنائية"في مكةالمكرمة وعقدت برئاسته في مكةالمكرمة وتبنى قادة الأمة الإسلامية بلاغ مكة وبرنامج العمل العشري لمواجهة تحديات الأمة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين.